الرياضات الفردية «فخر تونس» تعاني التهميش

ما كان لتونس أن تتذوق طعم التتويج الأوليمبي لولا الرياضات الفردية التي أثبتت في كل مرة قدرتها على رفع راية البلاد عالياً في أكبر المحافل الدولية، رغم نقص الدعم والتمويل، مقارنة باللعبات الجماعية؛ وعلى رأسها كرة القدم.
ومن الأشياء التي يفخر بها أي تونسي في السنوات الأخيرة المستويات الرائعة التي تقدمها أيقونة التنس العربي والأفريقي أُنس جابر، حيث أصبحت من بين أشهر اللاعبات في العالم بفضل تصنيفها المتقدم.
وقال محمد غنام، رئيس «الاتحاد التونسي للتايكوندو»، لـ«رويترز»: «دائماً ما كانت الرياضات الفردية القاطرة التي تقود التألق التونسي وأحد أهم أسباب النجاحات والإنجازات رغم ضعف الدعم المادي المخصص لها».
وتصدَّر لاعب التايكوندو التونسي محمد خليل الجندوبي تصنيف الاتحاد الدولي للعبة الخاص بأفضل لاعبي التايكوندو في العالم في أواخر 2022، في إنجاز لا سابق له في تاريخ الرياضة العربية والأفريقية.
ويدين الجندوبي بالفضل للعام الرائع الذي قدّمه بعد سلسلة من التتويجات العربية والأفريقية، إضافة إلى حصده ميدالية برونزية في بطولة العالم بالمكسيك. وأضاف غنام أن «الاتحاد التونسي للتايكوندو» يعاني نقص التمويل واقتصاره على فئة الكبار، ما ينتج عنه ضعف المشاركات في مختلف التظاهرات الرياضية الدولية. وأوضح أن الاتحاد التونسي ركّز في استراتيجية عمله على تهيئة الأجواء للفئات الصغرى لصناعة أبطال المستقبل، مشيراً إلى أن الاتحاد عانى من ديون، العام الماضي، ليضمن مشاركة الفئات السنّية الصغيرة والمتوسطة في بطولة عالمية.
وقال غنام: «تُوّجنا بميداليتين في الصنفين دون تحضيرات». وتألقت الرياضات الفردية التونسية عام 2022، وتصدَّر المشهد عدد كبير من الرياضيين؛ أبرزهم غفران بالخير، وأيمن باشا (رفع الأثقال)، ومروى العمري (مصارعة)، حيث تمكّن الثلاثي من التتويج بالذهب في الألعاب المتوسطية بمدينة وهران التي حصدت فيها تونس المركز العاشر بعد حصيلة تمثلت في 6 ذهبيات و8 فضيات و13 برونزية.
وقال رئيس «الاتحاد التونسي للتايكوندو»: «لم نجد راعياً للجندوبي، وهذا أمر محيِّر لأبطال تونسيين حققوا نتائج مبهرة لكنهم ما زالوا يواجهون التهميش واللامبالاة».
وحققت تونس المركز الأول في عدة بطولات، حيث أكد الثنائي‭ ‬روعة التليلي ووليد كتيلة أنهما من السفراء فوق العادة للرياضة‭ ‬التونسية في منافسات ذوي الاحتياجات الخاصة.
واعتبر الإعلامي الرياضي توفيق قاسم أن الرياضات الفردية في تونس «تواجه سياسة تهميش واضحة من قِبل السلطات المختصة»، رغم أنها تؤكد، في كل مرة، تألقها ونجاحها.
وأضاف: «علم تونس رُفع في أكبر التظاهرات الرياضية بفضل الرياضة الفردية، وفي مرات كثيرة يجهل المتابعون أسماء الفائزين؛ لأنهم غير محظوظين إعلامياً».
وشدّد على أن الرياضيين من «ذوي الهمم» أصبحوا علامة فارقة في الرياضة التونسية بما حققوه من إنجازات وتتويجات عالمية في 2022.
وتحدّث مراد الصحراوي، البطل السابق في الملاكمة، عن تجربته الصعبة في هذه الرياضة، واصفاً ما تعرَّض له من «جحود من السلطات».
ونجح رياضيون في اختصاصات فردية متنوعة في قطف ثمار الجهد والتعب لسنوات طويلة من أجل تحقيق الألقاب والميداليات التي صنعت التألق وأدخلت الفرحة في قلوب محبّي الرياضة في تونس.
وقال الملاكم السابق الصحراوي إن الأبطال في الرياضات الفردية «حقوقهم مهضومة، إلا قلة قليلة منهم حصلوا على الدعم».
وذكر أنه في 2005 أمضى عقداً مع وزارة الرياضة التونسية على مبلغ 30 ألف دينار (10 آلاف دولار) «لكنه لم يحصل سوى على 20 ألف دينار بعد مماطلة».
ولم يتسنَّ لـ«رويترز» على الفور الوصول لمسؤولي وزارة الرياضة التونسية للتعليق.
وبيّن أن الملاكمة رياضة خطيرة، ويمكن أن تنتهي مسيرة الرياضي في مباراة واحدة، وفي المقابل لا توجد عناية بالملاكم، لا أثناء المنافسات ولا بعدها، «بل الشيء الأكثر قسوة هو نسيانه وتركه مصيره عند الاعتزال لأي سبب كان».