مثقفان كويتيان يتحدثان عن الآثار الثقافية للغزو

سليمان آرتي.. الفنان الذي نجا من الموت يروي قصته لأول مرة

الغزو العراقي للكويت، د. سليمان آرتي
الغزو العراقي للكويت، د. سليمان آرتي
TT

مثقفان كويتيان يتحدثان عن الآثار الثقافية للغزو

الغزو العراقي للكويت، د. سليمان آرتي
الغزو العراقي للكويت، د. سليمان آرتي

رغم مرور 25 عامًا على الغزو العراقي للكويت، يمتلك الدكتور سليمان آرتي، عضو المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي يترأسه وزير الإعلام، والعميد المساعد للمعهد العالي للفنون المسرحية ورئيس قسم التلفزيون، ذاكرة طرية عن أحداث الغزو، فهناك قصص لم تروَ، وحكايات طمرت مع أصحابها تحت التراب. ولسليمان قصة عجيبة، حيث حكم عليه بالإعدام رميًا بالرصاص في الساحة العامة، ولكنّه أفلت من الموت بأعجوبة. وهو هنا يروي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف حكايته مع الموت، بعد صمت استمر ربع قرن من الزمان.
يقول: «في ذلك الوقت كان عمري نحو 18 سنة، وكنا نجد صعوبة بالغة في التكيف مع الاحتلال. لكن ما كان يؤرقنا هو السكان الكويتيون الذين تقطعت بهم السبل ولم يتمكنوا من مغادرة البلاد. هؤلاء كانوا ضحايا الأحكام العرفية التي طبقتها قوات الاحتلال العراقية، وكانوا فريسة النزق والتسلط الذي كان يمارسه الجنود القساة الغلاظ، ولكنهم أيضًا كانوا يواجهون وضعًا إنسانيًا مأساويًا يتمثل في انعدام قدرتهم على تحمل تكاليف المعيشة وتوفير لقمة الغذاء والدواء كما هو معلوم، فإن سلطات الاحتلال التي استولت على كامل أراضي الكويت بعد يومين فقط من الاحتلال، أعلنت في يوم 9 أغسطس (آب) ضم الكويت إلى العراق، وألغت جميع مظاهر السيادة الكويتية، كالحكومة، والوزارات، والعملة الوطنية. بل إنها اعتبرت الكويت محافظة عراقية تحمل الرقم 19 كما هو معروف».
ويضيف: «وبالتالي وجد السكان المحليون أنفسهم غير قادرين على التصرف بمدخراتهم وودائعهم المالية في البنوك، التي تعرضت هي الأخرى للنهب. ولم يكن لديهم القدرة على توفير الأموال لضمان لقمة العيش أو ثمن الدواء. وبالتالي عملنا ضمن خلية مكونة من شباب كويتيين، مهمتها تهريب الأموال الكويتية من الخارج، ومن السعودية تحديدًا حيث كانت تقيم الحكومة الشرعية هناك، وتحويلها في الكويت إلى عملة عراقية، ثم توزيعها على الأسر المحتاجة من أجل توفير متطلبات معيشتها. هذا العمل على بساطته، كان عملاً خطيرًا، فمجرد التعامل مع الحكومة الشرعية يؤدي بصاحبه للموت، فضلاً عن تداول العملة الوطنية، أو تكوين لجان للتضامن الأهلي. لكن ما كان يدفعنا أننا رأينا بأعيننا الكويتيين يضطرون لبيع مقتنياتهم وأجهزة منازلهم وبينها أجهزة التكييف من أجل شراء الخبز أو توفير الدواء. العملية كانت معقدة. وتحتاج إلى مغامرات متكررة. فواحدة من المغامرات تكمن في جلب الأموال من الخارج. أما المغامرات التالية فتتمثل في توفير تجار عراقيين لديهم الرغبة في تخطي قوانين الاحتلال وتصريف تلك العملات إلى دنانير عراقية. وتم الحصول على هؤلاء التجار الذين كانوا يحققون أرباحًا طائلة نتيجة هذه العملية، فالدينار الكويتي كان يجري تصريفه بعشرة دنانير عراقية، وهو أقل من نصف القيمة الفعلية له. وما يدفع أولئك التجار أنهم كانوا واثقين كل الثقة بعودة الكويت، والاستفادة من مخزونهم من الدنانير الكويتية».
ويكمل قائلاً: «كانت مجموعة من الشباب الكويتيين تتولى التعرف على العائلات المحتاجة، ثم تقوم بتوزيع الدنانير العراقية على منازلها، وغالبًا ما كنا نواجه مشاهد إنسانية رائعة، فالكثير من العائلات كانوا يرفضون تلقي المساعدات، ويوصون بتحويلها إلى عائلات أخرى أكثر حاجة. بل إن ما كان يدهشنا أن العائلات التي تقطعت بها السبل ولم تعد قادرة على توفير احتياجاتها كانت تؤثر عائلات أخرى بتلك المبالغ الزهيدة. فقد كشفت تلك الأزمة على معدن الكويتيين النفيس».

* لكن كيف تم القبض عليكم؟
يجيب سليمان: «قبل الغزو أهداني والدي سيارة حديثة، وكانت تحتوي على جيب سري في حقيبتها الخلفية. وكنا نخفي تلك الأموال في المخبأ السري. ولم يكن رجال التفتيش في الحواجز يكتشفون شيئا. إلا أن ذات يوم كنا ننقل أموالا لأسر تقطن في منطقة العميرية، (خلف حديقة الحيوان) وكان بحوزتي عشرة آلاف دينار عراقي، وفوجئنا بوجود ضابط برتبة نقيب من الحرس الجمهوري العراقي، وكان على ما يبدو كمينا أعد لنا، فأوقفني الضابط المذكور، وأمرني مباشرة بفتح حقيبة السيارة، ثم مد يده ليفتح المخبأ السري ويستخرج الأموال. جرى اعتقالي على الفور وقادوني إلى مخفر الفروانية، وهناك جرى تعذيبي بشكل قاس ومهين، ثم نقلوني إلى ضابط كبير في المخفر الذي طلب منهم إبقائي لصباح اليوم التالي ثم اقتيادي إلى الساحة الخارجية وإعدامي. وهذه العقوبة الفورية كانت رائجة آنذاك، فالكثير من الشباب الكويتيين أعدموا بشكل فوري أو بعد سجنهم لأيام في الشوارع، والكثير منهم اقتيد أسيرا للعراق، واختفت أخبارهم منذ غيابهم. وقد شاهدتُ بعيني عددًا من الشباب الذين تم اختطافهم من الشوارع أو من البيوت إلى السجون والإعدام».
يضيف: «بالنسبة لي، كان ذلك الحكم صاعقًا، فقد مرّ كلمح البصر شريط حياتي ورأيت نفسي مغادرًا تاركًا أمي وأبي يواجهان المجهول.. فلم يمر علي موقف أصعب من ذلك الموقف. خاصة أنني في قبضة رجال لا يوجد للرحمة في قلوبهم موقع.
بعد ذلك تم اقتيادي إلى الزنزانة بانتظار إعدامي في اليوم التالي. لكن حدثًا وقع في المساء قبل ساعات من إعدامي، أعطاني عمرًا جديدًا. عصر ذلك اليوم، تم القبض على مجموعة من المقيمين الفلسطينيين الذين استولوا على محل أثاث لتاجر كويتي كانوا يعملون فيه، وألقت قوة عراقية القبض عليهم بعد أن شاهدوهم ينقلون الأثاث المسروق. وأودعوهم السجن وكانوا معي في الزنزانة، لكن التاجر الكويتي تدخل سريعًا لإسقاط حقه، ولحسن الحظ فقد تغيرت نوبة الحراسة في السجن، وطلب مأمور المخفر الجديد من التاجر الكويتي الذهاب للزنزانة وأخذ العمال الذين سرقوا محله، فدخل برفقة الحارس وأخذ ينظر في الموقوفين ويستخرج عماله من بينهم، ولكني كنت أشير له بعيني بين الرجاء والخوف، ففهم ما أريد وأشار لي بالخروج باعتباري أحد عماله. وهكذا أرجعوا علينا بطاقاتنا المدنية وأفرجوا عنا، وحين رأيت نفسي خارج مخفر الفروانية أطلقت ساقي للريح هاربا مسافة تفصل بين الفروانية والروضة، في مشوار امتد بي من الفجر حتى الظهر.
وبالطبع كان يتعين علي الاختفاء والتنكر والبحث عن مأوى جديد. وظلّ الوضع هكذا حتى بدأ القصف الجوي في فجر 16 يناير (كانون الثاني) 1991. حتى التحرير في 26 فبراير (شباط) 1991. لم أتمكن من إخبار عائلتي بقصة القبض علي والحكم بإعدامي إلا بعد التحرير، وذلك رغبة في تخفيف التوتر الحاد الذي كانوا يرزحون تحته».

* الآثار الفكرية للغزو
في تقييمه لظروف الأيام الصعبة التي قضاها تحت الاحتلال، يقول الدكتور سليمان آرتي: «تعلمت أن المقاومة ليست حصرًا في حمل السلاح، فالعدد الأكبر من الخلايا التي نشطت كشبكات للمقاومة الكويتية لم تحمل السلاح، ولكنها أدت دورًا رئيسيًا في الحفاظ على حياة السكان المحليين وإمدادهم بالغذاء والدواء والمال، وتوفير متطلبات العيش لهم. وأهم ما تعلمناه من تجربة الغزو، أننا وجدنا أنفسنا أبناء طينة واحدة، ذات روح متماسكة، وجدنا أنفسنا متضامنين، شاعت بيننا الروح الوطنية من دون تذويق أو تصنع أو تلوين. وجد الكويتيون أنفسهم خارج الجرد الفئوي، وخارج التصنيف الاجتماعي، وخارج القيد الطائفي والقبلي والطبقي».
ويضيف بحسرة: «بعد الغزو ربما فقدنا جانبا من تلك الروح، لكن تجربة التفجير الآثم الذي ضرب جامع الإمام الصادق في الصوابر في 26 يونيو (حزيران) الماضي أعاد لتلك الروح وهجها من جديد».
وعن الآثار الفكرية للغزو، يقول: «أصيب جيلنا بالإحباط من كل شيء له علاقة بالقومية العربية، كما كفر الكثيرون بالأفكار المثالية التي كانت تقوم على اعتبار العرب شريحة فكرية وعاطفية واحدة، وانهار كل تيار فكري كان يحتضن العروبة والقومية، بل نمت اتجاهات تنزع نحو (الأمركة) والذوبان في الثقافة الغربية أعقبت الفترة التي تلت التحرير، حتى توازن الأمر بعد مدة ليست قصيرة». ويتحسر على الوضع الثقافي في الكويت بقوله: «ليس هناك في الكويت تيار فني أو ثقافي أرّخ لتجربة الغزو»، ولم يظهر تيار حاضن لكل الإبداعات الأدبية لفترة ما بعد الغزو، ولم تكن هناك جهة تستوعب كل المشاعر المختلطة لمحاولة إعادة صياغتها في تيار فني أو ثقافي متكامل، ولم تفرز التجربة عن تجمع أو روابط عنيت برصد الحالة الإبداعية التي تأثرت بتجربة الغزو. وبالنسبة للمسرح الكويتي، فهو الآخر برأي سليمان آرتي لم يستفد مطلقًا من تجربة الغزو لا فنيًا ولا فكريًا، ولا منهجيًا، يقول: «بعد الحرب العالمية الثانية برزت تيارات فنية وفكرية جبارة في أوروبا، من بينها ما سمي بالمنهج العبثي والذي أنتج (المسرح العبثي)، وكان أول ظهور لهذه التجربة المسرحية التي عرفت بمسرح العبث في العام 1953 على يد صمويل بيكيت (1906 - 1989)، وكانت أولى مسرحياته في هذا الجانب مسرحية (في انتظار غودو)، وقد كان المنهج العبثي ونتاجه المسرح العبثي ناجما عن التأثير الكبير الذي أنتجته ظروف الحروب العالمية الثانية، حين قررت مجموعة من المفكرين والمثقفين الأوروبيين (أن جميع النتائج التي نجمت عن تلك الحروب هي سلبية لأنها خلقت نفسية سيطر عليها انعدام الثقة في الآخرين فكان انعزال الإنسان الأوروبي وفرديته، هذا ناهيكم عن الويلات والدمار المادي الذي طال أوروبا كلها)».
كذلك نجمت عن تلك الفترة ما عرف بالمسرح الملحمي على يد الأديب الألماني برتولت بريخت (1898 - 1956)، وصاغ تجربة حديثة في المسرح تقوم على اعتبار أن المضمون أهم من الشكل، والحقيقة أهم من المجاز. وكانت هذه الحركة المسرحية ضمن نشاط التوعية السياسية الماركسية، من أعمال بريخت مسرحية «بعل»، ومسرحية «طبول في الليل»، وعدد كبير من المسرحيات الأخرى.



«المغفلون»... رواية فرنسية عن قسوة الخذلان وهوان المشاعر

«المغفلون»... رواية فرنسية عن قسوة الخذلان وهوان المشاعر
TT

«المغفلون»... رواية فرنسية عن قسوة الخذلان وهوان المشاعر

«المغفلون»... رواية فرنسية عن قسوة الخذلان وهوان المشاعر

عن دار «العربي» للنشر في القاهرة، صدرت طبعة جديدة من رواية «المغفلون» للكاتب الفرنسي إريك نويوف، ترجمة لطفي السيد منصور. ويشير المترجم في تقديمه لها إلى أنه في أحد حوارات ميلان كونديرا الذي يعدِّد فيه أشكال الرواية في القرن الثامن عشر، أكد أن «رواية الرسائل»، التي تعتمد في بنيتها على الرسالة، أتاحت حرية شكلية كبيرة للغاية لأن الرسالة يمكنها استيعاب كل شيء بشكل طبيعي جداً مثل التأملات والاعترافات والذكريات والتحليلات السياسية والأدبية. ويعتقد المترجم أنه من أجل هذه الحرية واستيعاب موجة غضب الراوي الذي سُرقت منه حبيبته وذاكرته الغاضبة المرتبكة، اختار المؤلف شكل الرسالة ليبني عليها معمار روايته.

وتعد الرواية رسالة طويلة يوجهها بطلها الراوي الشاب ذو الأعوام الثلاثين ويعمل في وكالة للدعاية والإعلان، إلى الرجل الذي سرق حبيبته المثيرة والمتقلبة «مود» والذي قابله في أثناء قضاء الأخير عطلة في جزيرة قبالة مدينة روما. في البداية لم يكشف الرجل عن هويته الحقيقية لكن فيما بعد اكتشف أنه سيباستيان بروكينجر (كاتب أمريكي شهير، منسحب من الحياة العامة و قرر الاختفاء من العالم والإقامة في غابة ليعيش حياة وديعة بعيدة عن صخب الشهرة).

تبدو القصة العامة هنا مجرد حيلة فنية استخدمها المؤلف ليطرح وجهة نظره وتساؤلاته حول العالم وهل نعيش عصراً يتآمر علينا، وكيف أصبحت الحياة بمثابة شريط لا نمثل فيه سوى لقطة مما لا يمكّننا ولا يمكّن الآخرين من التأمل فيها وفهمها. والرواية إجمالاً قصيرة، كُتبت برشاقة وتكثيف، تتخللها أقوال مأثورة فاتنة ومخيِّبة للآمال، كما تختلط فيها المشاعر باللامبالاة، في إيقاع سردي لاهث حاد اللهجة، يتسم أحياناً بالتشنج والعصبية؛ فتأتي الأحداث في غير ترتيبها ولكن حسب صعود وهبوط الحالة النفسية للراوي وذاكرته وما يتوارد إليها.

نجح الكاتب في اختيار وظائف شخصياته؛ فالحبيب يعمل في الدعاية والإعلان، تلك المهنة التي تعرض كل شيء وتبيع كل شيء حتى الشيء وضده، وتُقنعك بأن تشتري ما لا تحتاج إليه. والحبيبة التي سُرقت منه تعمل في تسويق العقارات، وهو مجال مشابه يقوم على مبدأ البيع بأي طريقة. أما الكاتب الأمريكي الغني، فقد استطاع بحكم مهنته أن يبهر «مود» بماله وممتلكاته وهالته الملغزة، هو أيضاً يستلهم مهنة البيع أو التسويق حتى يُغري الفتاة بشراء رجل عجوز وترك شاب ثلاثيني.

وإريك نويوف، كاتب وصحفي فرنسي وُلد 1956، بدأ مشواره الأدبي 1980 وكتب نحو 20 عملاً أدبياً منها هذه الرواية التي نُشرت للمرة الأولى في 2001 و فازت بالجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية.

ومن أجواء الرواية نقرأ:

«عندما أفكر ثانيةً في مود أتذكر شارع ميزيير، أرى سيارتها الصغيرة في جراج السكان بملصقها الأصفر على الزجاج الأمامي وساعتها التي كانت تؤخِّرها ساعةً كل صيف. أفكر في الأطفال الذين لم نلدهم والذين كانوا سيلعبون في حديقة لوكسمبورغ القريبة جداً. مود، لو سمحتِ توقفي عن النظر من فوق كتف سيباستيان، أعرفك... اتركينا لو سمحتِ، نحن في جلسة تقتصر على الرجال فقط. سيحكي لكِ سيباستيان كل هذا بالتفصيل بمجرد الانتهاء منها. قلْ لها يا سيباستيان، فلتذهبي لتُنزِّهي الكلب العجوز الذي ينام عند قدميكِ وأنتِ تكتبين على الآلة الكاتبة.

أعرف أنكَ ولدتَ يا عزيزي عام 1929، شيء من هذا القبيل. تلاعبت بكل سجلاتك في مدرسة الليسيه التي كنت ترتادها. رفض المدير أن يزوِّدنا بأي معلومات تخصك، سجلك العسكري أيضاً يتعذر الوصول إليه على نحو غامض. احترق المكتب الذي كان يحويه، لم يعد هناك أي أثر لملفك الجامعي. نشرت أولى قصصك في صحيفة الطلبة، فيما كنت بالكاد في العشرين من العمر، قصة عن الانتحار وعن سمك القراميط. في فترة ما كنت تعمل على مركب يُبحر في عرض الكاريبي، كانت الكبائن ممتلئة بالمتقاعدين الذين يرتدون شورتات قصيرة ولا يغادر نصفهم حافة المرسى. كان من المفترض أن تكون المرشد الخاص بهم، هناك لغز ما في ذلك في رأيي، من الواضح جداً أنك تمسكت بهذه الوظيفة لتحقق بسببها نتائج جيدة في سيرتك الذاتية».