المكلا تحت سيطرة {القاعدة} منذ 4 أشهر.. ومقاتلون من حضرموت يستعدون لطردهم

معاناة جماعية جراء التضييق على الحريات.. والمجلس الأهلي الحضرمي ينشر شرطة مسلحة لحماية المواطنين والأملاك

المجلس الأهلي الحضرمي في أحد مؤتمراته الصحافية  التي يطلع فيها الصحافيين على آخر تطورات الوضع بالمدينة («الشرق الأوسط»)
المجلس الأهلي الحضرمي في أحد مؤتمراته الصحافية التي يطلع فيها الصحافيين على آخر تطورات الوضع بالمدينة («الشرق الأوسط»)
TT

المكلا تحت سيطرة {القاعدة} منذ 4 أشهر.. ومقاتلون من حضرموت يستعدون لطردهم

المجلس الأهلي الحضرمي في أحد مؤتمراته الصحافية  التي يطلع فيها الصحافيين على آخر تطورات الوضع بالمدينة («الشرق الأوسط»)
المجلس الأهلي الحضرمي في أحد مؤتمراته الصحافية التي يطلع فيها الصحافيين على آخر تطورات الوضع بالمدينة («الشرق الأوسط»)

تستمر معاناة المواطنين بمدينة المكلا جنوب اليمن، والبالغ عددهم قرابة 600 ألف نسمة، في ظل سيطرة تنظيم القاعدة المتطرف على المدينة منذ 4 أشهر، ومقدار التضييق في الحريات التي تمارسه مؤسساته الدينية على المواطنين بدعوى تطبيق شرع الله، إضافة لتوقف بعض مؤسسات الدولة، وتعليق العمل فيها، إضافة لضعف حاد في الخدمات من توفير الطاقة الكهربائية، وتصريف النفايات التي تتكدس ما بين الحين والآخر في الشوارع والأحياء، وضعف النشاط الاقتصادي لعاصمة التجار الحضارم، الذي سببه نقص السيولة المالية لدى المواطنين، خصوصا أن أغلبيتهم من موظفي الدولة، والذين لم يستطيعوا تسلم رواتبهم في ظل توقف فرع البنك المركزي بالمدينة، وتدميره من الداخل، بعد ما تم نهبه من قبل تنظيم القاعدة في أبريل (نيسان) الماضي.
كما أن عشرات الأسر الساكنة بالمدينة، قد نزحت نحو الأرياف، هربًا من نقص الخدمات بالمدينة، وخوفًا من احتمالية نشوب صراع مسلح بين الحكومة اليمنية وتنظيم القاعدة المتطرف، خصوصًا بعد تعيين اللواء الركن عبد الرحيم عتيق قائدًا للمنطقة العسكرية الثانية بالمكلا، خلفًا للواء الركن محسن الشاعري، ويسعى اللواء الركن عتيق الذي يقيم الآن بمدينة سيئون، التي تبعد عن مدينة المكلا نحو 320 كيلومترا شمالاً، يسعى إلى تجميع مقاتلين من أبناء قبائل محافظة حضرموت، وتدريبهم، برعاية دول خليجية للاستعداد لدخول المكلا، وتخليصها من سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي، وطرد جميع المتطرفين منها.
ورغم ما يعانيه المواطنون فإن المجلس الأهلي الحضرمي، الذي يضم نخبا من علماء ومشايخ الدين والقبيلة، والنخب الاجتماعية والسياسية بالمدينة، استطاع من تخفيف وطء فقدان سيطرة الدولة على المدينة، واستطاع تسيير بعض أمورها التي تتلامس بشكل مباشر مع حياة المواطنين، فحاول خلال الأربعة الأشهر الماضية من سيطرة «القاعدة» توفير المشتقات النفطية الضرورية لتسيير حركة النقل داخل المدينة، إضافة لبعض المديريات والقرى المحيطة بالمدينة، كما وفر مادتي الديزل والمازوت التي تحتاجها مولدات الكهرباء لتوليد الطاقة الكهربائية للمدينة، رغم إجراءات التقشف في استخدام المشتقات، حتى تكفي أطول فترة ممكنه، مسببة بذلك انقطاعات في التيار الكهربائي تصل حتى 12 ساعة يوميًا، إضافة للإشراف على بعض عمليات الصيانة والإصلاح لشبكة الكهرباء، والماء المتهالكتين أصلاً بالمدينة، كما تحاول حل مشكلة توفير أسطوانات الغاز المنزلي للمواطنين، التي تكاد تكون معدومة بشكل كامل، إلا من السوق السوداء، بثلاثة أضعاف الثمن الأصلي.
كما يحاول المجلس الأهلي الحضرمي أيضًا إنعاش الحركة التجارية بالمدينة، وتجديد الحركة الملاحية الرابطة بين المدينة وما خلف البحار؛ عبر إعادة تشغيل ميناء المكلا، في ظل توقف مطارها الدولي، بسبب الحظر الجوي المفروض من التحالف العربي، وتوقف العمل بالمطار نتيجة لسيطرة «القاعدة» عليه.
ويقول المسؤول الإعلامي بمؤسسة موانئ البحر العربي مروان اليزيدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ميناء المكلا مستعد الآن بشكل كامل تقريبًا لاستقبال أي سفن تجارية، أو إغاثية تقصده، كما أن الميناء على موعد هذا الشهر مع أكبر سفينة حاويات في تاريخ الميناء، بسعة 500 حاوية تقريبًا، تحوي مواد غذائية واستهلاكية لتجار محليين، وإن النشاط الملاحي الآن على أوجه في الميناء هذه الأيام، فرصيف الميناء وحوضه مزدحمان بالسفن التجارية، وناقلات المشتقات النفطية».
ورغم النجاحات التي استطاع تحقيقها المجلس الأهلي الحضرمي في تسيير بعض أمور المواطنين بالمدينة، فإنه لم يستطع انتزاع السلطة القضائية، والتشريعية، والعسكرية من يد «القاعدة»، وظلت «القاعدة» هي المسيطرة عسكريًا وأمنيًا، وتحكم وتفصل في قضايا الناس عبر مؤسساتها الدينية، بما يتوافق مع فكرهم المتشدد، فتنفذ «القاعدة» الحدود الشرعية علنًا على المواطنين بعد محاكمتهم بشكل سري، في ظل غياب لمدى مصداقية هذه الأحكام، وحقيقة الأدلة المتوفرة.
ورغم أن هناك محاولة للمجلس الأهلي الحضرمي في إنشاء شرطة مسلحة تجوب شوارع المكلا، وتوفر الحماية لأملاك الناس، ومحاولة الفصل في بعض القضايا البسيطة؛ فإن سلطتها في الشارع لا تتعدى سلطة «القاعدة» وسيطرتها، فما يفرض من «القاعدة» يطبق على الجميع، دون استطاعة المجلس التدخل وتغيير شيء.
ورغم محاولة الجهات المحلية بالمدينة تطبيع الحياة اليومية للمواطنين، فإن هناك مشاكل لها جذور مركزية، فسيطرة ميليشيات الحوثي والرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح على العاصمة اليمنية صنعاء بالكامل؛ قد عطل سير الدراسة في عموم مدارس محافظات الجهورية، تحت ذريعة وجوب توقف جميع مدارس الجمهورية بسبب قتال اللجان الشعبية والجيش اليمني للدواعش والتكفيريين كما يقول الانقلابين الحوثين، رغم أن هناك مناطق لم تصل إليها ميليشياتهم الانقلابية، كمحافظة المهرة، وحضرموت جنوب اليمن.
ومع ازدياد دعاوى المواطنين على الانقلابين في استكمال السنة الدراسية الجارية على أقل تقدير، أصدرت وزارة التربية والتعليم اليمنية بصنعاء قرارًا يقضي بعمل امتحانات مكملة للعام الدراسي الجاري، أواخر شهر أغسطس (آب) الحالي، في المدن التي لا تشهد نزاعات مسلحة، ولا قصفا جويا من قبل التحالف العربي.
كذلك تعاني حضرموت، وجامعتها في المكلا من إيقاف الدراسة فيها، بسبب محاولة تدخل تنظيم القاعدة المتطرف في سير العملية التعليمية داخل الحرم الجامعي، تحت ذريعة الاختلاط داخل القاعات الدراسية والحرم الجامعي بين الجنسين، ومحاولة فرض بعض المحاضرات والنصوص لفكرهم المتطرف، وهو الأمر الذي رفضته إدارة جامعة حضرموت، واختارت إيقاف الدارسة على أن تشارك التنظيم الإرهابي في نشر فكره المتطرف بين الشباب الجامعي.
كما تعاني مدن وقرى ساحل حضرموت من انتشار واسع وكبير للسلاح، والتجول به في الشوارع، والأماكن العامة، وحتى داخل الدوائر والمؤسسات الحكومية، الأمر الذي تسبب بوقوع حوادث إطلاق نار، وتهديد بالسلاح، وحتى محاولات اختطاف لمواطنين بزي «القاعدة»، ليتبين فيما بعد أنها إثر خلافات شخصية قائمة بين أفراد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.