حصار تجويعي على «الهامة وقدسيا».. النظام السوري يفرض نموذج «اليرموك 2»

إعلام «حزب الله» تحدث عن سياسة «القضم التدريجي» في الزبداني

حصار تجويعي على «الهامة وقدسيا».. النظام السوري يفرض نموذج «اليرموك 2»
TT

حصار تجويعي على «الهامة وقدسيا».. النظام السوري يفرض نموذج «اليرموك 2»

حصار تجويعي على «الهامة وقدسيا».. النظام السوري يفرض نموذج «اليرموك 2»

تقبع بلدة الهامة الواقعة في الريف الشرقي للعاصمة السورية دمشق، تحت الحصار الخانق الذي يفرضه النظام عليها لليوم الثالث عشر على التوالي، وهو حصار تجويعي بات ينذر بكارثة إنسانية، بعدما أغلقت الأفران أبوابها وتوقفت عن العمل نهائيًا بسبب منع النظام دخول مواد الطحين والمحروقات إليها. كما أقفلت المحال التجارية بسبب نفاد المواد الغذائية الأساسية فيها، مثل الأرز والسكر والبرغل. فضلا عن النقص الكبير في الأدوية والمواد الطبية في الصيدليات التي أغلقت بمعظمها. هذا الحال انسحب أيضًا على بلدة قدسيا القريبة من الهامة، بسبب إقفال القوات النظامية كل الطرق المؤدية إلى هاتين البلدتين، ومنع الناس من الدخول إليهما والخروج منهما بشكل كامل، ما وضع الأهالي والسكان في حالة يأس شديدة شبيهة بما حلّ بسكان مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق.
واستباقًا لما هو أسوأ، حذّر عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني من «كارثة إنسانية، إذا ما طال الحصار لأيام إضافية، لأن الناس في بلدتي الهامة وقديسا فقدوا كل المواد الأولية ووسائل العيش، وأولها رغيف الخبر والماء والدواء»، مؤكدًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يزيد من الوضع الضاغط وجود آلاف النازحين في هاتين البلدتين بما يزيد عن سكان أهلها، بسبب المعارك التي كانت تحصل في مناطق الريف الشرقي للعاصمة». وأوضح أن «البلدتين تقعان تحت السيطرة الكاملة للجيش الحر، وكان هناك هدنة مع النظام مدتها شهر واحد، لكن مع انتهاء الهدنة قبل أسبوعين تقريبًا لم يعد النظام إلى التصعيد العسكري، بل فضّل الحصار المطبق من أجل تجويع السكان وإجبارهم على الاستسلام، ووضع الجيش الحر أمام خيار قتل المدنيين جوعًا أو الانسحاب من البلدتين». ورأى أن «أهمية الهامة هو أنها منطقة مرتفعة نسبيًا، وتشكل حلقة الوصل بين أحياء تشرين وجوبر والقابون داخل دمشق، التي تشكّل الخاصرة الرخوة للنظام داخل العاصمة، والتي تبقى مناطق توتر واشتباكات دائمة». ولا يرى الداراني إمكانية «لمحاولة النظام شنّ هجوم عسكري على الهامة وقديسا لسببين؛ الأول أن أي هجوم واسع سيضعف جبهاته داخل العاصمة، لا سيما في أحياء جوبر والقدم والتضامن، والثاني أن الأولوية الآن بالنسبة للنظام هي معركة الزبداني التي يعجز عن تحقيق أي تقدم فيها، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدها منذ بدء المعركة منذ نحو الشهر حتى الآن».
وعلى الرغم من عدم حصول أي تبدّل في المعطيات على الأرض، تبقى معركة الزبداني التي بدأت قبل شهر، هدفًا استراتيجيًا لقوات النظام السوري وميليشيا «الدفاع الوطني» الموالية لها ومقاتلي «حزب الله» الذين خاضوا أمس اشتباكات عنيفة مع مسلحي المعارضة والفصائل الإسلامية المتحصنين داخل مدينة الزبداني، وسط غطاء جوي وغارات كثيفة شنها الطيران الحربي، مترافقة مع قصف مدفعي وصاروخي على المدينة. إلا أن النظام والقوى الموالية له لم يحقق أي اختراق، علمًا أن وسائل إعلام «حزب الله» تحدثت عما سمته «اعتماد الجيش السوري والمقاومة سياسة القضم التدريجي في الزبداني، التي تجبر المسلحين على التراجع والتقهقر أمام الضربات المحكمة والمدروسة».
وليس بعيدًا عن العاصمة وأطرافها، كانت بلدة عربين في غوطة دمشق الشرقية، هدفًا للطيران النظام الذي شنّ أمس أربع غارات عليها من دون ورود معلومات عن سقوط ضحايا. في وقت قتل فيه ثلاثة عناصر من الفصائل الإسلامية خلال اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في محيط مدينة داريا في الغوطة الغربية، بالتزامن مع قصف قوات النظام لمواقع في منطقة داريا ومعضمية الشام في غوطة دمشق الغربية.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.