الائتلاف السوري يجدد الثقة بهيئته الرئاسية ويمنحها فرصة لبلورة مشاريعها

النظام الأساسي يتضمن خللاً في تحديد ولاية الهيئتين الرئاسية والسياسية بـ6 أشهر فقط

الائتلاف السوري يجدد الثقة بهيئته الرئاسية ويمنحها فرصة لبلورة مشاريعها
TT

الائتلاف السوري يجدد الثقة بهيئته الرئاسية ويمنحها فرصة لبلورة مشاريعها

الائتلاف السوري يجدد الثقة بهيئته الرئاسية ويمنحها فرصة لبلورة مشاريعها

جدّدت الهيئة العامة للائتلاف السوري المعارض وبعد اجتماعات ماراثونية في مدينة إسطنبول التركية على مدار 3 أيام، الثقة بالهيئة الرئاسية السابقة من منطلق إعطائها فرصة لبلورة المشاريع التي انطلقت بتنفيذها قبل 6 أشهر، فيما اقتصرت التغييرات على الهيئة السياسية التي تبدّل نحو نصف أعضائها دفعا باتجاه فريق عمل موحد لضمان إنتاجية أكبر في عمل الائتلاف. وانتهت الانتخابات التي بدأت مساء يوم الأحد، في ساعات صباح يوم الاثنين، مكرسة خالد خوجة رئيسا للائتلاف لدورة ثانية، محمد يحيى مكتبي أمينا عاما ونغم غادري وهشام مروة ومصطفى أوسو نوابا للرئيس.
وحصل الخوجة على 59 صوتًا فيما حصل منافسه الوحيد موفق نيربية على 38 صوتًا. كما تم انتخاب الهيئة السياسية للائتلاف البالغ عددها 19 عضوا، وضمّت كلاً من: أنس العبدة، صلاح درويش، فؤاد عليكو، موفق نيربية، عبد الأحد صطيفو، نذير الحكيم، رياض الحسن، سهير الأتاسي، محمد جوجة، محمد قداح، نصر الحريري، واصل الشمالي، هيثم رحمة، حسان الهاشمي، خطيب بدلة، بدر جاموس، أحمد تيناوي، هادي البحرة، فايز سارة.
وقال عضو الهيئة السياسية بدر جاموس لـ«الشرق الأوسط» بأنّه كان هناك «جو عام في الهيئة العامة مؤيد لمبدأ وجوب إعطاء الهيئة الرئاسية السابقة فرصة لبلورة عملها، لاقتناع معظم الأعضاء بأن النظام الأساسي يتضمن خللا في المادة التي تحدد ولاية الهيئتين الرئاسية والسياسية، بـ6 أشهر فقط»، لافتا إلى أن «نتائج الانتخابات بيّنت أن ما لم ننجح بتحقيقه من خلال تعديل هذه المادة لعدم إمكانية تأمين ثلثي أصوات أعضاء الهيئة العامة، حققناه بعملية الانتخاب التي سمحت للهيئة السابقة إعادة الدفع بمشاريعها إلى الأمام لتحقيق الإنجازات المطلوبة».
واعتبر جاموس أن الهيئة السياسية التي أفرزتها الانتخابات «هي الأفضل على الإطلاق باعتبار أنّها تمثل بحقيقة نبض الهيئة العامة، ما سيعطي دعما أكبر للهيئة الرئاسية في عملها». وأضاف: «أما بما يتعلق بالأولويات التي سنعمل عليها في الولاية الجديدة، فلعل أبرزها زيادة التواصل مع القواعد في الداخل السوري وترسيخ العمل معهم من خلال المنطقة الآمنة التي ندفع باتجاه إنشائها قريبا». وشدّد جاموس على أن «عمل الحكومة المؤقتة والائتلاف من الداخل وبالتحديد من خلال هذه المنطقة سيعطي زخما أكبر لعمل قوى المعارضة باتجاه تحقيق الهدف المرجو بإسقاط النظام».
وعن الموقف الذي اتخذته الهيئة العامة من الطروحات التي تقدم بها أخيرا المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، أوضح جاموس أن «مفتاح الحل ليس بيد دي ميستورا ولا حتى بيد مجلس الأمن الذي بات معطلا»، لافتا إلى أن الائتلاف «ملتزم بقراره السير بالعملية السياسية، لكن لا شك أن لدينا خيارات أخرى ومنها العمل مع شبابنا وأهلنا بالداخل لإجبار النظام على العودة إلى طاولة المفاوضات». وأضاف: «وبالمحصلة، فإن غياب أفق الحل السياسي لا يعني رضوخنا للحل الاستسلامي... فنحن ومنذ انطلاق الثورة في العام 2011 قررنا استبدال النظام الديكتاتوري بنظام ديمقراطي وسنبقى سائرين في هذا الاتجاه».
وكانت الهيئة العامة أصدرت خلال اجتماع دورتها الـ23 في إسطنبول بيانا وضّحت فيه موقفها من طروحات دي ميستورا الأخيرة وبالتحديد دعوته لإنشاء مجموعات عمل تؤسس للحل السياسي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم