انقلابيو اليمن يفرضون دفع 20 % من الموارد لمصلحة سلالة زعيمهم

وسط اتساع رقعة الفقر وتوقف الرواتب وأزمة غاز الطهي

طفل يمني مصاب بسوء التغذية في مركز علاج بمنطقة الخوخة جنوبي محافظة الحديدة غرب اليمن (أ.ف.ب)
طفل يمني مصاب بسوء التغذية في مركز علاج بمنطقة الخوخة جنوبي محافظة الحديدة غرب اليمن (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يفرضون دفع 20 % من الموارد لمصلحة سلالة زعيمهم

طفل يمني مصاب بسوء التغذية في مركز علاج بمنطقة الخوخة جنوبي محافظة الحديدة غرب اليمن (أ.ف.ب)
طفل يمني مصاب بسوء التغذية في مركز علاج بمنطقة الخوخة جنوبي محافظة الحديدة غرب اليمن (أ.ف.ب)

فيما يعيش أكثر من 21 مليون يمني على المساعدات حيث تتهددهم المجاعة بسبب الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية، يستقبل اليمنيون شهر رمضان في مناطق سيطرة الانقلاب وسط ظروف بالغة السوء، زاد من قتامتها انعدام غاز الطهي، واستمرار قطع المرتبات، وفرض الميليشيات 20 في المائة من عائدات الألبان والأسماك وبيض الدجاج والمعادن والأحجار لمصلحة المنتمين إلى السلالة الحوثية.
ووفق ما يقوله سكان في مناطق سيطرة الانقلابيين لـ«الشرق الأوسط»، فإن الناس تعيش في ظل وضع مأساوي؛ لأنهم لا يتسلمون رواتب منذ 7 أعوام، كما أن الجبايات المضاعفة التي تفرض على الأنشطة التجارية جعلت الكثير من المحلات تسرح جزءاً من العاملين، إلى جانب تدني القدرة الشرائية إلى مستويات غير معهودة، باستثناء العاملين مع الانقلابيين أو مشرفيهم.
ويذكر سليم، وهو صاحب محل للديكورات، أن مندوبي ضرائب الانقلابيين فرضوا عليه مبلغاً يفوق رأس ماله، وأنه طلب منهم إعطاءه المبلغ والتنازل لهم عن المحل، مشيراً إلى أنه اضطر إلى تسريح 4 من الأشخاص كانوا يعملون لديه بشكل دائم، وعند الحصول على عمل يذهب لإحضار مساعدين بالأجر اليومي، مع تأكيده أنه يفكر جدياً في الهجرة والعمل في أي بلد آخر؛ لأن البقاء في مناطق سيطرة الحوثيين بات من المستحيل.
أما يحيى، وهو رب أسرة مكونة من 6 أفراد، فيقول إن حجم المعاناة التي تعيشها الأسر هناك يصعب تصورها، فأسعار السلع تضاعفت والرواتب متوقفة، وحتى نصف الراتب الذي اعتاد الموظفون الحصول عليه في رمضان من كل عام، لم يعلن عنه هذه المرة، ويذكر أن غالبية عظمى من الأسر تخلت خلال السنوات الأخيرة عن كثير من الطقوس والعادات المرتبطة بشهر رمضان والاستعداد لاستقباله، وحتى الوجبات أصبح كثير من الأسر لا يتمكن سوى من توفير وجبة واحدة.
وفيما حذر برنامج الغذاء العالمي من أنه سيضطر لخفض الحصص الغذائية التي تصرف شهرياً للمستفيدين وغالبيتهم في مناطق سيطرة الانقلابيين، أقدم هؤلاء على رفع أسعار أسطوانة غاز الطبخ من 6 آلاف ريال إلى 7600 ريال، في ظل انعدام هذه المادة وبيعها في السوق السوداء بمبلغ 11 ألف ريال للأسطوانة (الدولار يساوي نحو 550 ريالاً).
رافق ذلك، وفق مصادر تجارية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، توقف شبه تام للأنشطة التجارية، ومضاعفة الجبايات المفروضة على تلك الأنشطة، وذكرت المصادر أن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل إن ما تسمى بهيئة الزكاة عممت على كافة الوحدات الإدارية بتحصيل نسبة 20‎ في المائة عن الألبان وبيض الدجاج والأسماك والأحجار والمعادن وحتى العسل، تحت مسمى «زكاة الركاز».
التعميم الخاص بهذه الجباية التي سبق وأن رفضها غالبية كبيرة من اليمنيين عندما ذهب الانقلابيون لإصدار تشريع بهذا الخصوص، حدد المستفيدين منها، وقال إنها ستوزع على أسر سلالة الحوثي والفقراء منهم، واليتامى وغيرهم، في ممارسة عنصرية لم تعرفها البلاد منذ الإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمالها.
هذا التعميم دفع سفير الانقلابيين السابق لدى سوريا نائف القانص إلى انتقاده بشدة، وقال إنه «تشريع طائفي يؤسس للتمييز العرقي»، مطالباً بدولة مدنية تضمن لكل يمني المساواة في الحقوق والواجبات والعيش الكريم والمنافسة في العلم والتقدم والإنتاج، وليس في العرق والنسب.
وفي رده على استغراب قيادي حوثي من نقده، أكد القانص في منشوره على مواقع التواصل الاجتماعي أن الأموال ينبغي أن توظف للمشاريع والتعليم والصحة وكل ما ينفع الناس ليستفيد منها الجميع، وليس لفئة معينة. وقال إن الزكاة للفقراء والمساكين والغارمين والعاملين عليها، ولا يوجد دليل بتحريمها على سلالة الحوثي، وتحدى القيادي الحوثي أن يأتي بنص من القرآن يجيز أن تمنح هذه السلالة الخُمس.
وعلى عكس محاولة الميليشيات تضليل الرأي العام بشأن هذا التشريع العنصري بالقول إنه كان موجوداً قبل الانقلاب على الشرعية، أكدت مصادر حكومية أن قانون الزكاة الصادر عام 1999، بيّن في المادة (20) أن زكاة الرّكاز والمعادن هي الخمس، وليس ربع العشر كما في الذهب والفضة، حيث تصرف في مصارفها الثمانية المعروفة، ولائحتها التنفيذية هي نفس لائحة الزكاة. وقالت المصادر إن الخمس الذي أدخله الانقلابيون الحوثيون لم يُذكر في القانون اليمني أصلاً، وهو يتحدث عما يؤخذ من الغنائم وسائر ثروات البلاد ابتداء من صيد البحر وانتهاء بالبترول والمعادن، ولا علاقة له بمصارف الزكاة.
وخلافاً لهذه الممارسات، أعلنت شركة الغاز في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وصول 92 ألف أسطوانة من مادة الغاز المنزلي لمعالجة الاختناق والأزمة في السوق المحلية في محافظات عدن وتعز وحضرموت.
وذكرت الشركة في بلاغ رسمي أن 40 ألف أسطوانة وصلت إلى عدن، ونحو 25 ألف أسطوانة ذهبت إلى حضرموت، و27 ألف أسطوانة وصلت لمحافظة تعز.
وأعادت الشركة أسباب الاختناق على الغاز المنزلي إلى إيقاف إنتاج وتصدير النفط الخام نتيجة الهجمات التي شنتها ميليشيات الحوثي على موانئ التصدير، وأكدت أن انفراجة قريبة ستشهدها جميع المحافظات على الرغم من التحديات الناتجة عن توقف حقول النفط عن الإنتاج جراء التهديدات الحوثية الإرهابية على المنشآت الاقتصادية النفطية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.