«سد النهضة»: إثيوبيا تلمّح إلى «حل ودّي»... ومصر تعتبر القضية «أولوية»

مصر تعرض على وفد بريطاني برئاسة سيمون ماستارد مدير إدارة أفريقيا تطورات ملف «سد النهضة» (وزارة الخارجية المصرية)
مصر تعرض على وفد بريطاني برئاسة سيمون ماستارد مدير إدارة أفريقيا تطورات ملف «سد النهضة» (وزارة الخارجية المصرية)
TT

«سد النهضة»: إثيوبيا تلمّح إلى «حل ودّي»... ومصر تعتبر القضية «أولوية»

مصر تعرض على وفد بريطاني برئاسة سيمون ماستارد مدير إدارة أفريقيا تطورات ملف «سد النهضة» (وزارة الخارجية المصرية)
مصر تعرض على وفد بريطاني برئاسة سيمون ماستارد مدير إدارة أفريقيا تطورات ملف «سد النهضة» (وزارة الخارجية المصرية)

فيما شددت مصر على ما تمثله قضية «سد النهضة» الإثيوبي من «أولوية وجودية» تمس حياة الشعب المصري بأكمله، قالت أديس أبابا، اليوم الخميس، إن «الحل الودي» بين مصر والسودان وإثيوبيا ممكن إذا توافر «حسن النية» في المفاوضات المجمدة منذ أبريل (نيسان) 2021.
وتخشى مصر من تأثر حصتها في مياه النيل، بسبب السد الذي تقيمه إثيوبيا منذ عام 2011 على الرافد الرئيسي للنهر. وتطالب القاهرة، ومعها الخرطوم، باتفاق قانوني مُلزم ينظّم عمليتي ملء السد ةوتشغيله، بينما تدفع أديس أبابا بإنشاء السد «الكهرومائي» بداعي حقّها في التنمية عبر استغلال مواردها المائية.
ورفضت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان الخميس، تصريحات لوزير الخارجية المصري سامح شكري، قبل يومين، بشأن ملف «سد النهضة»، ووصفتها بأنها «غير مسؤولة»، وتنطوي على «تهديد».
وقالت الخارجية الإثيوبية إن ما اعتبرته «تهديد» شكري بأن كل الخيارات مفتوحة للتعامل مع الملف، يشكل «خرقاً صارخاً» لميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وينتهك اتفاقية إعلان المبادئ بشأن السد. وطالبت القاهرة بـ«أن تكف عن تصريحاتها غير القانونية» بشأن السد، مشيرة إلى أن «الحل الودي ممكن إذا توافر حسن النية في المفاوضات».
ودعت الخارجية الإثيوبية للتوصل إلى حل «تفاوضي» للقضية، مؤكدة التزام أديس أبابا بالتوصل «لتسوية في مصلحة الجميع».
ومع استعداد إثيوبيا لملء رابع لخزان سد النهضة، خلال موسم الأمطار المقبل، صعّدت القاهرة لهجتها؛ في محاولة للضغط على أديس أبابا، للتراجع عن اتخاذ أي «إجراءات أحادية» قبل إبرام اتفاق.
وتصف تصريحات رسمية مصرية النزاع مع إثيوبيا بـ«القضية الوجودية»، خصوصاً مع اعتماد مصر بأكثر من 97 في المائة على مياه النيل. ووفق وزير الخارجية سامح شكري، فإن بلاده «لها الحق في الدفاع عن مقدرات ومصالح شعبها». وبينما رأى شكري أن مواقف بلاده «منضبطة وتراعي الاعتبارات والعلاقات»، قال في تصريحات تلفزيونية، الاثنين الماضي: «تظل كل البدائل متاحة... ومصر لها قدراتها وعلاقاتها الخارجية ولها إمكاناتها».
واكتفى الوزير بالقول إن «كل الخيارات مفتوحة»، رافضاً «الدخول في إطار تحديد إجراءات بعينها»، على حد قوله، مشيراً إلى أن «هذا ما يخدم المصلحة المصرية بأن تظل جميع البدائل متاحة».
وخلال جولة مشاورات ثنائية عقدت بين مصر وبريطانيا حول الموضوعات الأفريقية بمقر وزارة الخارجية في القاهرة، برئاسة السفير محمد البدري، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، والسفير سيمون ماستارد، مدير إدارة أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية، استعرضت مصر رؤيتها إزاء قضية «سد النهضة» وما تشهده المفاوضات من حالة من الجمود في الوقت الحالي.
وأكد الجانب المصري، في بيان، «ما تمثله قضية سد النهضة من أولوية وجودية تمس حياة الشعب المصري بأكمله».
كما تناولت المناقشات بين الجانبين سبل تعزيز التعاون في القارة الأفريقية، والاهتمام الخاص الذي توليه مصر لاحتياجات القارة. كما تم عرض الرؤية البريطانية للتطورات المتلاحقة ومستجدات الأوضاع الأمنية، لا سيما على صعيد مكافحة الإرهاب، والعمل على تحقيق الاستقرار في القارة. وتناول الجانبان أيضاً سبل إقامة تعاون ثلاثي في أفريقيا في المجالات محلّ الاهتمام المشترك.


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

العالم العربي كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي «سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع خلال الفترة القادمة في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

«معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

تسعى إثيوبيا إلى «انتفاضة بحثية علمية» تخدم موقفها في نزاعها المائي مع مصر، التي نجحت في فرض حضور دولي مبني على «نشر معلومات مغايرة للحقيقة»، بحسب وزير المياه والطاقة الإثيوبي هبتامو إيتافا. وتتنازع إثيوبيا مع كل من مصر والسودان، بسبب «سد النهضة»، الذي تبنيه على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توترات مع دولتي المصب. وتقول القاهرة إن السد، الذي يقام منذ 2011، وقارب على الانتهاء بنحو 90 في المائة، يهدد «حقوقها» في مياه النهر الدولي، مطالبةً بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة».

محمد عبده حسنين (القاهرة)

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»
TT

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حمّلت مصر مجدداً «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، إن «التصرفات الأحادية الإثيوبية تتسبب في تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر، وارتباك في منظومة إدارة السدود».

واستعرض سويلم، خلال لقائه عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، رؤية مصر للتعامل مع قضية «سد النهضة»، وتاريخ المفاوضات، ونقاط الاختلاف مع إثيوبيا، مع «إبراز أوجه التعنت الإثيوبي خلال العملية التفاوضية، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية».

سويلم يلتقي عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج (وزارة الري المصرية)

وفشلت آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي دون التوصل لاتفاق.

وقال الوزير المصري إن «دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالى 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يصل حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - داخل حوض نهر النيل أو غيره من الأحواض بهذه الدول - إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تصل حصة مصر من المياه إلى 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعتمد عليها مصر بنسبة 98 في المائة لتوفير مواردها المائية».

وحذر خبراء مصريون من عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» يضمن حقوق دولتي المصب، وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطورة عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة لا تتوقف عند ما يثيره السد من مخاوف، إذ إنه قد يتحول لسابقة تدفع دولاً أخرى من دول المصب إلى إنشاء سدود دون اتفاقيات ودون التشاور مع دولتي المصب».

وأكد شراقي أن «النهج الإثيوبي في بناء سد النهضة في كل مراحله ينطوي على قدر كبير من التخبط وعدم الوضوح، ففي الوقت الراهن مثلاً لا نعرف متى تعمل توربينات توليد الكهرباء ومتى تتوقف». وحسب شراقي، فإن «الممارسات الإثيوبية بشأن سد النهضة تعمق الخلافات بين دول حوض النيل وتتسبب في توترات».

وتحرص مصر، وفق وزير الري، على دعم جهود التنمية المستدامة في دول حوض النيل بتنفيذ «العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول مثل مشروعات تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بالمناطق النائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار لكافة المشروعات».

وزير الموارد المائية والري المصري يلقي كلمة عن التحديات المائية لبلاده (وزارة الري المصرية)

ويرى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب أن «استمرار السياسات الإثيوبية الأحادية يزيد مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للصراع، خصوصاً مع ازدياد متطلبات التنمية بالعديد من دول الحوض»، وحسب تصريحات عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «لا يمكن إدارة ملف المياه بين دول حوض النيل دون اتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

بدورها، أشارت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إلى خلاف آخر بين مصر وإثيوبيا يتعلق بما يعرف بـ«اتفاقية عنتيبي»، وهي الاتفاقية التي أبرمت عام 2010، وتعارضها مصر والسودان، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتي المصب.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية أحدثت شرخاً في العلاقات بين دول المنابع والمصب، وهو ما سيؤدي إلى عرقلة أي جهود تنموية أو مشروعات مائية بدول حوض النيل، لأن الشرط الأساسي للمؤسسات الدولية المانحة هو وجود توافق وإجماع بين دول الحوض حول هذه المشروعات».

ووفق الطويل، فإن «السياسات الإثيوبية الإقليمية في مجملها تؤثر سلباً على العلاقات بين دول حوض النيل».