«يورانيوم القذافي» يعود للواجهة ويجدد المخاوف

بعد إعلان «الطاقة الذرية» اختفاء 2.5 طن من الخام جنوب البلاد

الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (أرشيفية من «رويترز»)
الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (أرشيفية من «رويترز»)
TT

«يورانيوم القذافي» يعود للواجهة ويجدد المخاوف

الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (أرشيفية من «رويترز»)
الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (أرشيفية من «رويترز»)

بعد قرابة 20 عاماً على تخلي الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عن برنامجه السري للأسلحة النووية، تجددت المخاوف مرة ثانية في أوساط الليبيين، بعد إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن اختفاء 10 أسطوانات تحتوي على ما يقرب من 2.5 طن من خام اليورانيوم الطبيعي، كانت مخزونة بأحد المواقع في ليبيا».
وتنوعت ردود فعل قطاعات ليبية عديدة بين «تشكيك واتهامات» حول ما أعلنته الوكالة الدولية؛ بين من يرى «وجود أطراف خارجية تريد فرض مزيد من الضغوط والهيمنة على البلاد»، وآخرون «جددوا الإدانة للنظام السابق»، لكن الدكتور نوري الدروقي، الباحث الليبي في مجال التلوث البيئي والإشعاعي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الكميات من خام اليورانيوم المعروف بـ(الكعكة الصفراء) موجودة في الصحراء الليبية، منذ أيام القذافي، وبعلم من هيئة الطاقة الذرية، وبمراقبة منها».
وكانت وكالة «رويترز» للأنباء نقلت في بيان (الأربعاء)، أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي، قال إن «مفتشي الوكالة اكتشفوا خلال عملية تفتيش (الثلاثاء) أن 10 أسطوانات تحوي قرابة 2.5 طن من اليورانيوم الطبيعي كانت قد أعلنت (ليبيا) أنها مخزنة في أحد المواقع بالبلاد، ليست موجودة فيه».
واعتبر سليمان البيوضي، المرشح الرئاسي الليبي، أن الحديث عن اختفاء يورانيوم من ليبيا، «هراء»، ورأى أن «الهدف الاستراتيجي هو البحث عن مبرر لأميركا لدخول ليبيا بقوتها؛ أسوة بغيرها من الدول، من بينها روسيا». ومضى البيوضي يقول في تصريح له: «ما سيحدث استباق لسيناريو الخسارة الغربية في أوكرانيا، وتمهيد للحرب الكبرى على أرض ليبيا بين الكبار». وتخلى القذافي عن برنامجه السري للأسلحة النووية في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2003. وأقر خبراء من الوكالة التابعة للأمم المتحدة والولايات المتحدة آنذاك بتفكيك البرنامج بالكامل.
يأتي ذلك في ظل تقارير عديدة تحدثت عن وجود مستودع مخزون به 6.4 طن من خام اليورانيوم في صحراء مدينة سبها (جنوب ليبيا) دون حراسة كافية - حتى الآن - بالنظر إلى الانقسام السياسي والأمني الذي أعقب سقوط القذافي.
غير أن الدروقي، الباحث الليبي في مجال التلوث البيئي والإشعاعي، أضاف أن «الأخبار المتداولة حول فقدان كميات من اليورانيوم، ليست رسمية - حتى الآن - وجميعها متداولة دون تأكيد من أي الأطراف».
وأضاف الدروقي لـ«الشرق الأوسط» أن مخزون اليورانيوم المخزن بالصحراء «عليه حراسات، ومراقَب بـالأقمار الصناعية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وفيما عبر عن اعتقاده «بصعوبة اختراق هذه المخازن من أي قوة تحتل البلاد حالياً»، رأى الدروقي أن الوكالة الدولية «من المؤكد لديها صور تم التقاطها، لمن قاموا بمثل هذه الأعمال، وسيتم التحقيق من ذلك في الأيام المقبلة».
وقال الدروقي إن «كميات اليورانيوم المخزّنة معروفة من أيام القذافي، وحتى الآن، وسبق وقدمنا مقترحات للحكومات الليبية المتعاقبة بأن يتم بيعها في السوق العالمية، لعدم حاجة البلاد إليها، وذلك بعد انتهاء المشروع النووي الليبي، وتسليم كافة التجهيزات آنذاك».
وسعت «الشرق الأوسط» إلى الاتصال بمكتب رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، دون رد، لكن مسؤولاً أمنياً قال إن الأجهزة الأمنية بغرب ليبيا تبحث الأمر، محملاً «بعض الجهات الأمنية المسيطرة على الجنوب مسؤولية اختراق موقع تخزين اليورانيوم».
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2020، زار وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أحد المواقع في مدينة سبها، المخزّن فيها خام اليورانيوم، وأعلن حينها أنه أجرى قياسات إشعاعية في المنطقة، حسب بيان إدارة التوجيه المعنوي بمنطقة سبها العسكرية التابعة لـ«الجيش الوطني»، وذلك قبل أن يلتقي الوفد الدولي المشير خليفة حفتر في مكتبه بمقر القيادة العامة ببنغازي.
وتفاعل ليبيون بشكل واسع مع خبر اختفاء اليورانيوم، وطرح المواطن عبد السلام الصويعي تساؤلاً، وقال: «لماذا تركت هذه الأطنان مخزنة في بلد يعاني من الفوضى والانفلات الأمني وسيطرة الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية المتطرفة والمجرمين طوال السنوات الماضية؟». وانتهى إلى أن «هناك أمراً ما يدبر لليبيا من قبل الغرب وأميركا»، وهو الاعتقاد الذي يساور كثيراً من رواد التواصل الاجتماعي، وبعض المصادر التي تجنبت التعليق على عملية اختفاء اليورانيوم.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.