بلغ مانشستر سيتي الإنجليزي الدور ربع النهائي من «دوري أبطال أوروبا» للمرة السادسة على التوالي، لكن خماسية المهاجم النرويجي العملاق إرلينغ هالاند التي مزّقت شِباك لايبزيغ الألماني، خلال فوز فريقه الساحق 7-0، وجّهت رسالة شديدة اللهجة إلى منافسي الفريق الإنجليزي في البطولة القارّية، هذا الموسم.
وكان مدرّب سيتي الإسباني جوسيب غوارديولا قد اعترف بأن عهده على رأس الجهاز الفني لمانشستر سيتي سيُحكَم عليه من خلال تتويجه بـ«دوري الأبطال» من عدمه، رغم سيطرة فريقه على لقب «الدوري الإنجليزي الممتاز» من خلال إحرازه 4 مرات في السنوات الـ5 الأخيرة.
فبعد 7 سنوات من وصوله من بايرن ميونيخ الألماني، لا يزال المدرب الكتالوني يلهث وراء إحراز لقبه القارّي الثالث، بعد أن نجح بقيادة برشلونة إلى اللقب مرتين عامي 2009 و2011، علماً بأنه بلغ النهائي مرة واحدة مع سيتي عندما خسر أمام تشيلسي عام 2021.
لهذا السبب لم يتوانَ مجلس إدارة مانشستر سيتي المملوك إماراتياً عن دفع مبالغ طائلة للحصول على خدمات الهدّاف النرويجي قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني، الصيف الماضي، مقابل صفقة قُدّرت بـ61 مليون يورو، بالإضافة إلى ملايين أخرى جرى دفعها لوسطاء ووكلاء اللاعب، ومن بينهم والده.
نجح هالاند في تدوين اسمه بأحرف ذهبية في 36 مباراة فقط خاضها مع سيتي من خلال تسجيله 39 هدفاً في مختلف المسابقات منذ مطلع الموسم الحالي. وتابع حصد الأرقام القياسية الواحد تلو الآخر، وآخِرها في «دوري الأبطال» من خلال خماسيته في مرمى لايبزيغ، فبات ثالث لاعب يسجل 5 أهداف في مباراة واحدة بـ«دوري أبطال أوروبا»، بعد البرازيلي لويس أدريانو مع شاختار دونيتسك الأوكراني في أكتوبر 2014، والأرجنتيني ليونيل ميسي مع برشلونة الإسباني في مارس 2012. وضرب «الإعصار» هالاند مفتتحاً الخماسية في الدقيقة 22 من ركلة جزاء، ثم توالت أهدافه في الدقائق 24 و45 و54 و57، وأضاف الألماني إيلكاي غوندوغان في الدقيقة (49)، والبلجيكي كيفن دي بروين (90) الهدفين الأخرين ليتأهل سيتي على حساب لايبزيغ بفوزه 8-1 في مجموع المباراتين.
ومن خلال هذا الإنجاز بات هالاند، البالغ من العمر 22 عاماً، أصغر لاعب يجتاز حاجز الـ30 هدفاً، مع 33 هدفاً في 25 مباراة في «دوري الأبطال».
وقال هالاند، بعد مباراة لايبزيغ: «أشعر بالتعب من كثرة الاحتفالات، قوتي الكبرى هي تسجيل الأهداف... كانت مباراة رائعة والأفضل التي خضتها في مسيرتي على هذا المستوى. سبق لي أن سجلت 9 أهداف في مباراة واحدة».
وأشاد به مدرب لايبزيغ ماركو روزه، الذي أشرف عليه عندما كان في دورتموند، بقوله: «لقد كان متعطشاً جداً. هو يسجل بالقدمين، بالرأس يفوز بالكرات الثانية، يقوم بالركض في العمق. بدت الأمور سهلة، بالنسبة إليه، لقد كانت أمسية رائعة له، وصعبة علينا». ولم يرغب روزه في التحدث عن ركلة الجزاء المثيرة للجدل التي احتسبت على فريقه في بداية اللقاء بسبب لمسة يد على بنيامين هنريكس، والتي مهّدت الطريق لمانشستر سيتي وهالاند. وأوضح: «إنه ليس الوقت المناسب للبحث عن أعذار، سيتي استحق الفوز، حتى من دون القرارات الخاطئة. لم يكن لدينا أي إيقاع لعب».
سيموني مدرب إنتر يحتفل مع لاعبه فيدريكو بالتأهل لربع النهائي (أ.ب)
وكان باستطاعة هالاند أن يسجل المزيد من الأهداف والانفراد بالرقم القياسي في عدد الأهداف في مباراة واحدة من «دوري الأبطال»، لكن مدربه ارتأى إخراجه بعد مرور 63 دقيقة. وعلّق النرويجي على ذلك بقوله: «قلت له إنني كنت أرغب في تسجيل ثنائية من الهاتريك، لكن ماذا بوسعي أن أفعل؟».
وردّ غوارديولا مازحاً على استبدال نجمه قائلاً: «ستكون حياته مملة لو حطَّم جميع الأرقام قبل احتفاله بعيد ميلاده الثالث والعشرين، تركنا له مساحة لمواصلة التحدي».
وأضاف المدرب الإسباني: «لم أكن أعرف متى فعل ميسي ذلك ضد ليفركوزن، لقد أخبروني في المقابلة الأولى، لكنني أجريت التبديل؛ لأنه عادةً عندما تنتهي المباراة عملياً، أريد أن أمنح أكبر عدد من اللاعبين فرصة المشاركة في المباريات. هالاند عادَلَ الرقم القياسي لميسي، لكنه فعل ذلك في 60 دقيقة، الأمر مختلف. من يدري إذا لعب 90 دقيقة؟».
واعتبر المدرب الإسباني أن هالاند تأقلم مع أسلوب لعب سيتي، وبات مهاجماً متكاملاً لا يكتفي بتسجيل الأهداف، بل المشاركة باللعب. وأوضح: «لقد سجل 5 أهداف، وأعتقد أنه لمس الكرة 30 أو 35 مرة (30). هذا ما نصبو إليه لأننا نعتقد أنه عندما تشارك أكثر من الناحيتين الدفاعية والهجومية وعندما تصلك الكرة تكون أكثر دقة».
وتابع: «يستطيع القيام بذلك، لكن من الصعب تسجيل الأهداف عندما لا تلمس الكرة لـ40 أو 50 دقيقة. في بعض الأحيان يكون هالاند المخطئ لأنه لا يتحرك، وفي أحيان أخرى المسؤولية تقع علينا لأننا لا نجده».
لطالما افتقد سيتي النجاعة الهجومية، ولا سيما في الأدوار المتقدمة من «دوري الأبطال» في المواسم السابقة، لكن الأمور قد تختلف مع وجود هالاند في صفوفه. وقد تكون الرسالة وصلت إلى الفرق المنافِسة.
على الجانب الآخر قدَّم ماكس إيبرل، المدير الرياضي لفريق لايبزيغ، تقييماً صادقاً لخَسارة فريقه، الكبرى التي يتلقاها فريق ألماني في تاريخ «دوري أبطال أوروبا»، قائلاً: «في النهاية، فقدنا ماء الوجه، لم يكن ينبغي أن ينتهي الأمر بهذه الطريقة، اللاعبون أفضل بكثير مما ظهروا به. المحصلة النهائية هو أننا نستحق الخروج». وأضاف: «لم تُتَح لنا أي فرصة. عليك أن تقول هذا ببساطة».
ومع خسارة دورتموند أمام تشيلسي، الأسبوع الماضي، وتأخر آنتراخت فرانكفورت بهدفين أمام نابولي قبل مباراة الإياب، يشعر ماتياس سامر، لاعب المنتخب الألماني السابق، بالقلق بشأن فرص أندية البوندسليغا في «دوري الأبطال»، حيث بايرن ميونيخ وحده الذي ضمن الوجود بدور الثمانية.
يعتقد سامر أن مزايا كرة القدم الألمانية، المتمثلة في العزيمة القوية والقوة الدفاعية والسيطرة البدنية، فُقدت من أجل استقطاب لاعبين على أساس جداول البيانات وإحصاءات التمرير. وأوضح: «من أجل المُضيّ قدماً، يجب أن نأخذ خطوة للوراء وأن نعمل على الأشياء الأساسية مرة أخرى».
وبلغ إنتر الإيطالي الدور ربع النهائي أيضاً للمرة الأولى منذ 12 عاماً بانتزاعه التعادل السلبي من بورتو البرتغالي في عقر دار الأخير؛ ملعب دراغاو، ومستفيداً من فوزه ذهاباً 1-0، الشهر الماضي.
ويعود آخِر ظهور لإنتر في هذا الدور إلى موسم 2010 - 2011 عندما خرج بطريقة مفاجئة أمام شالكه الألماني، بعد عام فقط من تتويجه باللقب على حساب بايرن بقيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، عندما أحرز الثلاثية ليضيفه إلى لقبين آخرين عامي 1964 و1965.
وأشاد سيموني إنزاغي، مدرب إنتر، بوحدة فريقه وصلابتهم في الدفاع عن نظافة الشِّباك والتأهل للدور التالي، وقال: «لعبنا مباراة رائعة، تماسك اللاعبون معاً. قدَّمنا شوطاً أول ممتازاً. وعانينا في الجزء الأخير من المباراة... كل الاحترام لهذه المجموعة». وأضاف: «في كرة القدم، الحظ مهم نسبياً، ولكن في مجمل المباراتين، نستحق العبور لدور الثمانية. الآن، من حقّنا أن نستمتع بحلم كان مفقوداً منذ فترة طويلة».