تمييز عرقي ومناطقي يحكم تقدير الحوثيين لعائلات قتلاهم وجرحاهم

الميليشيات تمنح الامتيازات للمنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة

عناصر حوثيون في صنعاء يرفعون صورة زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون في صنعاء يرفعون صورة زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تمييز عرقي ومناطقي يحكم تقدير الحوثيين لعائلات قتلاهم وجرحاهم

عناصر حوثيون في صنعاء يرفعون صورة زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون في صنعاء يرفعون صورة زعيمهم (أ.ف.ب)

فوجئ سعيد بطلب أحد القادة الحوثيين الزواج من ابنته القاصر مقابل معالجة ملفه وتمكينه من الحصول على راتب لإعالة أسرته بعد إصابته في جبهة الساحل الغربي قبل 4 أعوام.
كان سعيد قد جمع أطفاله الخمسة وتوجه بهم إلى مقرات المؤسسات الحوثية لاستعطاف قادتها من أجل معالجة ملفه كجريح معاق، وحينما ظن أن هذا هو الحل الأخير؛ فوجئ أن طفلته تحولت إلى غنيمة حرب كما يقول، فبعد أن أخذت جماعة الحوثي عافيته؛ يريد أحد قادتها أن يأخذ مستقبل طفلته.
مضت 4 أعوام وسعيد يبحث عن راتب تقاعدي أسوة بنظرائه من المحسوبين على جماعة الحوثي من القتلى والجرحى، وخلال هذه السنوات اكتشف وجود تمييز عرقي ومناطقي تتفاوت بموجبه الامتيازات والإعانات التي تحصل عليها عوائل القتلى والجرحى المقاتلين، إلى جانب الابتزاز الذي تعرض له بطلب تزويج ابنته، بينما يتعرض آخرون لابتزاز من نوع آخر.
فوفقاً لرواية سعيد؛ طلب القادة الحوثيون من أحد زملائه الجرحى تجنيد أبنائه للقتال في صفوف الميليشيات، مقابل معالجة ملفه وإدراج اسمه ضمن قوائم المشمولين بالرعاية من المؤسسات الحوثية ومؤسسات الدولة المختصة بالتقاعد، والكيانات الموازية لها، أما هو، أي سعيد، فإن أكبر أطفاله الذكور لم يتجاوز السابعة.
وتفيد مصادر «الشرق الأوسط» في العاصمة صنعاء أن الميليشيات الحوثية تعمل على ترضية العائلات التي فقدت أفراداً منها في المعارك بإعانات دورية وسلال غذائية شهرية؛ وهو ما تصفه هذه المصادر بالفتات، مقابل ما تتحصل عليه عائلات القتلى المنتمين إلى سلالة الحوثي، وهي امتيازات كبيرة ترقى لأن تكون غنائم حرب، وتتمثل في المناصب والعقارات ورواتب تقاعدية ضخمة.
وطبقاً للمصادر، فإن وسائل الترضية لعائلات القتلى تتضمن استغلالاً لظروفها المعيشية، وقد تضطر لدفع أفراد آخرين منها للقتال في صفوف الميليشيات مقابل الحصول على المعونات المالية والغذائية.
وأكدت المصادر أنه من ضمن مظاهر الاستغلال التي تتعرض لها عائلات القتلى، إجبار أرامل القتلى على الزواج من قادة وعناصر حوثيين، بل تعدى الأمر ذلك إلى تزويج بناتهم القاصرات للقادة وأبنائهم.
المصادر ذكرت أن ما يسمى برنامج الحماية والتحصين في مؤسسة «الشهداء» في المؤسسة التي يديرها طه جران، وبالتعاون مع مؤسسة «يتيم»؛ هو المسؤول عن أعمال تزويج أرامل القتلى وبناتهم للقيادات الحوثية.
وتذكر المصادر أن كثيراً من القادة الحوثيين وأبنائهم أصبحوا يتنافسون على الزواج من أرامل وبنات القتلى والجرحى، بل تحولت هذه الزيجات إلى مجال للمفاخرة والاستعراض، وأن المقابل الذي تحصل عليه العائلات لا يتعدى رواتب تقاعدية أو إعانات شهرية.
ويتضمن «برنامج الحماية والتحصين» في المؤسسة أنشطة دعائية لصالح الميليشيات، كتقديم الدروس الطائفية للأطفال في المراكز الصيفية وإدارة فعاليات دورية لأبناء وعائلات القتلى وتعزيز الولاء لديهم، وتنظيم مراسيم الدفن والتشييع والإشراف على المقابر وتزيينها، وتنفيذ أنشطة دعوية لصالح الميليشيات داخل المقابر، تتضمن الدعوة إلى القتال والتضحية بالنفس.
وطبقاً للمصادر؛ فإن هناك إجراءات تمييز أخرى بين القتلى والجرحى من غير المنتمين عرقياً إلى السلالة الحوثية؛ فالقتلى المنتمون إلى قبائل قوية أو عائلات مشهورة يجري تشييعهم وتكريمهم في مراسيم لافتة ومكلفة مادياً، على عكس غيرهم ممن لا تحظى عائلاتهم بالمكانة الاجتماعية، حيث يجري تسليم جثثهم ومنح عائلاتهم مبلغاً بين 50 و100 ألف ريال (الدولار يساوي 560 ريالاً)، وسلة غذائية.
وفي تمييز آخر؛ فإن القتيل أو الجريح الذي لا يوجد في عائلته أو بين أقاربه ذكور يمكن استقطابهم أو تجنيدهم للقتال يتم إهماله وإهمال عائلته وعدم الالتفات إلى معاناتها، ومن ذلك المقاتلون غير المتزوجين والمهمشون اجتماعياً، ومن لم ينجب أطفالاً من الذكور، إلى جانب من لا يوجد لديه أشقاء ذكور.
وتوجد دائرة سرية داخل مؤسسة «الشهداء» الحوثية لدراسة الأوضاع والعلاقات الاجتماعية للقتلى والجرحى، وتحديد كيفية التعاطي معها ومع عائلاتهم.


مقالات ذات صلة

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

المشرق العربي أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

تقوم جماعة الحوثي بجريمة الإخفاء القسري لأكثر من 2400 مدني، منهم 133 امرأة، و117 طفلاً، في 17 محافظة يمنية منذ يناير (كانون الثاني) 2017.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

وافق الحوثيون على قطر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد ضوء أخضر إيراني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)

تغيير الحوثيين التقويم المدرسي يهدد حياة طلبة المدارس

تهدد الأمطار الموسمية طلبة المدارس في اليمن؛ بسبب قيام الحوثيين بتغيير التقويم الدراسي إلى السنة الهجرية بدلاً عن الميلادية، بينما تسببت السيول في خسائر كبيرة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يسعى إلى توسيع رقابته على السكان (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يشدّدون أعمال الرقابة والتجسس على السكان

شدّدت الجماعة الحوثية قبضتها الأمنية لتوسيع نفوذها وسطوتها على سكان مناطق سيطرتها، حيث تتجه لإنشاء أنظمة استخبارية جديدة؛ مع تعزيز رقابتها على السكان

وضاح الجليل (عدن)
خاص المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية باللغة العربية سام وريبرغ (تصوير سعد العنزي) play-circle 01:24

خاص واشنطن: لا مستقبل لـ«حماس» في حكم غزة بعد الحرب

وصف مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية انتقال المفاوضات بين حركة «حماس» وإسرائيل إلى مجموعات عمل تضم متخصصين لبحث الاتفاق بـ«التقدم الإيجابي».

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

وافقت الجماعة الحوثية في اليمن على طلب أوروبي لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، وغداة إعلان تعيين طهران مندوباً جديداً لها في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت اسم «سفير».

وكانت الناقلة تعرضت لسلسلة هجمات حوثية في غرب الحديدة ابتداء من يوم 21 أغسطس (آب) الحالي، ضمن هجمات الجماعة التي تزعم أنها لمناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تقوم بإشعال الحرائق على متنها، عقب إجلاء طاقمها المكون من 29 بحاراً بواسطة سفينة فرنسية.

الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

وتنذر الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد البترولية بأسوأ كارثة بحرية في حال انفجارها وتسرب النفط منها أو غرقها، وسط مساع لقطرها لإنقاذ الموقف.

وجاء الضوء الأخضر الإيراني عبر بعثة طهران في الأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ذكرت أن الحوثيين وافقوا على السماح لزوارق قطر وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط المتضررة بالبحر الأحمر سونيون.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول «تواصلت لتطلب من أنصار الله (الحوثيين) هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث، وأن الجماعة وافقت على الطلب (مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية)»، بحسب ما نقلته «رويترز».

وعقب الإعلان الإيراني، ظهر المتحدث باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس»، زعم فيها أن جهات دولية عدة تواصلت مع جماعته، خصوصاً الجهات الأوروبية، وأنه تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة «سونيون».

وفي نبرة تهديد، أكد المتحدث الحوثي أن احتراق سفينة النفط «سونيون» مثال على جدية جماعته في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ إسرائيل.

وأضاف المتحدث الحوثي أن على جميع شركات الشحن البحري المرتبطة بإسرائيل أن تدرك أن سفنها ستبقى عرضة للضربات أينما يمكن أن تطولها قوات الجماعة.

مندوب إيران الجديد لدى الحوثيين في صنعاء (يسار) يسلم أوراق اعتماده لوزير خارجية الجماعة (إعلام حوثي)

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية ذكرت أن وزير خارجية حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، استقبل في صنعاء من وصفته بالسفير الإيراني الجديد علي محمد رمضاني، الذي قدم نسخة من أوراق اعتماده.

وسبق أن عينت طهران في 2020 القيادي في الحرس الثوري حسن إيرلو مندوباً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء تحت اسم «السفير» قبل أن يلقى حتفه في نهاية 2021 في ظروف غامضة، ويتم إجلاء جثمانه إلى إيران.

كما قامت الجماعة الحوثية بتعيين ما تسميه سفيراً لليمن في طهران، حيث مكنت السلطات الإيرانية عناصر الجماعة لديها من السيطرة على المباني الدبلوماسية اليمنية في أراضيها.

لا يوجد تسرب

في أحدث بيانات أوردتها المهمة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس) ذكرت أن الأصول العاملة في المنطقة التابعة للمهمة أفادت، الأربعاء، بأنه تم اكتشاف حرائق في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة «سونيون» وأنه لا يوجد تسرب نفطي، وأن الناقلة لا تزال راسية ولا تنجرف.

وأضافت المهمة في بيان أنه «يجب على جميع السفن المارة في المنطقة أن تتحرك بأقصى درجات الحذر، حيث إن السفينة (سونيون) تشكل خطراً ملاحياً وتهديداً خطيراً وشيكاً للتلوث الإقليمي».

ولتجنب أزمة بيئية كارثية، قالت «أسبيدس»: «إن القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوم بالتنسيق مع السلطات الأوروبية، بتقييم الوضع وهي على استعداد لتسهيل أي مسارات عمل». وأضافت أن «التخفيف الناجح سوف يتطلب التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية».

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، كشف عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

دخان يتصاعد من جراء حرائق على متن ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.