الأسواق تفشل في لملمة جراحها مع انتكاسة جديدة للبنوك

تجدد المخاوف بسبب {كريدي سويس}

شعار بنك كريدي سويس كما يبدو على واجهة أحد فروعه في مدينة جنيف السويسرية (رويترز)
شعار بنك كريدي سويس كما يبدو على واجهة أحد فروعه في مدينة جنيف السويسرية (رويترز)
TT

الأسواق تفشل في لملمة جراحها مع انتكاسة جديدة للبنوك

شعار بنك كريدي سويس كما يبدو على واجهة أحد فروعه في مدينة جنيف السويسرية (رويترز)
شعار بنك كريدي سويس كما يبدو على واجهة أحد فروعه في مدينة جنيف السويسرية (رويترز)

لم يستمر الاستقرار طويلا في الأسواق بعد أيام عصيبة جراء أزمة انهيار عدد من البنوك الأميركية المتخصصة في تمويل قطاعي التكنولوجيا والعملات المشفرة. وبعد ساعات قليلة من الصحوة، عادت الانتكاسة مجددا إلى الأسواق.
وفتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على انخفاض يوم الأربعاء، إذ جدد اضطراب في بنك كريدي سويس المخاوف من أزمة مصرفية، في حين أبقت بيانات اقتصادية أميركية الآمال على تحرك السياسة النقدية بحدة أقل من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.
وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي 395.53 نقطة بما يعادل 1.23 في المائة إلى 31759.87 نقطة. وفتح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منخفضا 42.55 نقطة أو 1.09 في المائة إلى 3876.74 نقطة، في حين نزل المؤشر ناسداك المجمع 136.98 نقطة أو 1.20 في المائة إلى 11291.17 نقطة.
وفتحت الأسهم الأوروبية بدورها على انخفاض يوم الأربعاء متأثرة بتراجع أسهم «إنديتكس» و«إتش آند إم»، وهما من أكبر تجار الأزياء بالتجزئة في العالم، وتفاقمت الخسائر لاحقا مع تهاوي أسهم «كريدي سويس». وهبط المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 2.53 في المائة بحلول الساعة 14:57 بتوقيت غرينيتش.
وسجلت الأسهم الأوروبية أكبر مكاسب يومية فيما يقرب من ثلاثة شهور يوم الثلاثاء، على خلفية تنامي الآمال بأن يبطئ مجلس الاحتياطي الفيدرالي وتيرة رفع أسعار الفائدة في أعقاب انهيار بنك سيليكون فالي.
لكن بعد افتتاح السوق صباح الأربعاء، توقف التداول على أسهم بنك كريدي سويس في أواخر جلسة التعاملات الصباحية، إذ هبطت الأسهم بنسبة 20 في المائة لتسجل مستويات متدنية جديدة، وذلك على خلفية تقرير سنوي نشره البنك السويسري مساء الثلاثاء، قائلا فيه إنه رصد «نقاط ضعف جوهرية» في الضوابط على التقارير المالية ولم يستطع بعد وقف خروج أموال العملاء. ثم هبطت أسهم البنك لاحقا بأكثر من 30 في المائة، بعد أن قال المساهم الرئيسي فيه إنه لن يقدم المزيد من المساعدة المالية للعملاق المصرفي السويسري المتعثر. وزاد حجم خروج أموال العملاء من البنك في الربع الأخير إلى 110 مليارات فرنك سويسري (120 مليار دولار).
ونقلت وكالة «بلومبرغ» الأربعاء عن أكسيل ليمان، رئيس بنك كريدي سويس، استبعاده اللجوء لمساعدة الدولة، قائلا إنها «غير مطروحة» للبنك الذي يسعى للتعافي من سلسلة فضائح قوضت ثقة المستثمرين والعملاء.
ونقل تقرير «بلومبرغ» عن ليمان قوله أيضا في كلمة بمؤتمر القطاع المالي بالمملكة العربية السعودية إنه ليس من الدقة مقارنة مشكلات كريدي سويس مع الانهيار الأخير لبنك سيليكون فالي، لا سيما وأن البنكين يخضعان للوائح مختلفة.
ونجت أسواق الأسهم الآسيوية من الانحدار كونها أغلقت قبل بدء التهاوي، وأغلقت أسهم البنوك اليابانية على ارتفاع الأربعاء، مما ساعد مؤشر نيكي على إنهاء سلسلة خسائر استمرت ثلاثة أيام متتالية. وارتفع مؤشر البنوك في بورصة طوكيو 3.3 في المائة بقيادة أسهم بنكي سوروغا وشيمان اللذين ارتفع كل منهما بأكثر من خمسة في المائة. وكان أداء المؤشر خلال الجلسة متقلبا، لكنه تعافى في آخر 15 دقيقة من التداول ليغلق عند 27229.48 نقطة. وكان المؤشر قد تراجع على مدى الأيام الثلاثة الماضية خمسة في المائة تقريبا.
وارتفع المؤشر توبكس الأوسع نطاقا، والذي يتأثر بشكل أكبر بأسهم البنوك، 0.7 في المائة إلى 1960.12 نقطة.
ومن جانبه، ارتفع الذهب يوم الأربعاء بما يزيد على واحد في المائة، لأعلى مستوى منذ أوائل فبراير (شباط) الماضي، إذ أدت أزمة في القطاع المصرفي إلى عزوف المستثمرين عن الأصول الأكثر مخاطرة وقادتهم إلى المعدن الأصفر كملاذ آمن.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية 1.1 في المائة إلى 1923 دولارا للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 13:53 بتوقيت غرينيتش، وزادت العقود الآجلة الأميركية للذهب 0.9 في المائة مسجلة 1928.60 دولار.
وزاد الذهب على الرغم من قفزة حادة في الدولار عادة ما تضع ضغوطا على الطلب على الذهب المقوم بالعملة الأميركية. ولا يزال التركيز منصبا على التحرك المقبل من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. وعادة ما يعتبر الذهب وسيلة تحوط في مواجهة التضخم، لكن أسعار الفائدة الأكثر ارتفاعا تزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدا.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، زادت الفضة في المعاملات الفورية 2.1 في المائة إلى 22.15 دولار للأوقية، بينما تراجع البلاتين 2.6 في المائة إلى 957.01 دولار، والبلاديوم 2.6 في المائة إلى 1467.73 دولار.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».