البرهان: نمتلك «مسيّرات» لحسم التهديدات الداخلية والخارجية

توعّد جهات «تقدح في سيرة الجيش» وتعهد توحيد القوات المسلحة

البرهان خلال تسليمه شهادات بعد تمرين «عزم الرجال» الأربعاء (سونا)
البرهان خلال تسليمه شهادات بعد تمرين «عزم الرجال» الأربعاء (سونا)
TT

البرهان: نمتلك «مسيّرات» لحسم التهديدات الداخلية والخارجية

البرهان خلال تسليمه شهادات بعد تمرين «عزم الرجال» الأربعاء (سونا)
البرهان خلال تسليمه شهادات بعد تمرين «عزم الرجال» الأربعاء (سونا)

كشف رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، عن امتلاك القوات المسلحة السودانية تكنولوجيا تسليح حديثة وطائرات «مسيّرة»، تجعلها قادرة على حسم أي تهديد «داخلياً أو خارجياً»، وتوعد بأنه لن يقبل من «أي شخص» أن يمس أو «يقدح في سيرتها»، وتعهد بالحفاظ على وحدتها.
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب «تهدئة» للحرب الكلامية بين البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) قبل أيام، بعد تبادلهما «اتهامات» بالتشبث بالسلطة، والنكوص عن العهود التي قطعها الرجلان على نفسيهما في الاتفاق الإطاري الموقّع مع المدنيين في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي نص على تسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية، وخروج «القوات العسكرية»، وتوحيد القوات وفق جداول زمنية محددة.
وقال البرهان، الذي يشغل بحكم منصبه السياسي، منصب القائد العام للقوات المسلحة، في مخاطبة لقواته بمنطقة المرخيات العسكرية، اليوم (الأربعاء): إنه لن يفرط في وحدة الجيش وتماسكه، وحذر من «الإنصات للأحاديث المتداولة عن الجيش»، وأضاف «لا تسمعوا الأحاديث والكلام الكثير الذي يقوله الناس عن الجيش... نحن سنتمسك بالجيش وندافع ولن نفرّط في وحدته وتماسكه، ولن يصيبه أو يمسه شيء».
وفي تلميحات تحذيرية لجهات لم يسمّها، توعد البرهان بعدم قبول «أي قدح في الجيش من أي شخص»، وتابع مخاطباً القوات «معكم وبكم إن شاء الله نعبر بالسودان... ونكون قوات مسلحة محترفة يشيد بها الجميع»، وأضاف «أطمئن القوات بأنها ستجد الاهتمام والعناية الكافية، بما يجعل منها قوات ضاربة تمتلك ناصية التقنية الحربية» تحت رعايته الشخصية بصفته القائد العام.
وقال البرهان: إن الجيش يسعى لامتلاك التكنولوجيا العسكرية الحديثة و«الطيران المسيّر»، وأضاف «نحن أصبحنا الآن قادرين على امتلاك ناصية هذه التقنية». واستطرد «لدينا الآن إمكانية جيدة من الطيران المسيّر للاستطلاع أو للقتال»، وتعهد بمضاعفة «الطيران المسيّر»، وقال «بذلك ستكون عندنا قوة ضاربة قادرة على مواجهة وحسم أي تهديد داخلي أو خارجي».
ووصف الوحدات الحديثة بـ«وحدات السلاح الاستراتيجي»، وقال «القوات الخاصة وحدة قتال استراتيجي وليس قتالاً تقوم به الوحدات العادية؛ لذلك ستكون مميزة... وبرعاية مباشرة وتابعة للقائد العام، أعلى سلطة في الجيش؛ لكونها آخر ما يمكن استخدامه لحسم المعركة والقتال، وتمكين الجيش من استعادة زمام المبادرة».
وقال مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة في نشرة صحافية: إن البرهان شهد بمنطقة المرخيات العسكرية ختام فعاليات تمرين عسكري حمل اسم «عزم الرجال»، نفذه دارسون لدورتين، واحدة في القوات الخاصة، والأخرى في الطيران المسير.
ووفقاً للنشرة، فإن تمرين «عزم الرجال» يمثل عملية افتراضية تنفذها مجموعات خاصة عالية التدريب تسندها المسيّرات ضد عناصر إرهابية وتخريبية. وكانت منظومة الصناعات الدفاعية السودانية، قد كشفت عن إطلاق الطائرات المسيّرة الانتحارية «كامكازي» من طراز «كامن – 25»، والطائرة من دون طيار من طراز «Z3 – M»، ونقل موقع «Military Africa» عن مسؤول بهيئة التصنيع العسكري، أن طائرة «كامن - 25» تستطيع حمل رأس حربي مضاد للدبابات زنة 5 كلغ، ورأس مضاد للأفراد زنة 7 كلغ، بإجمالي وزن 25 كلغ.
ووفقاً للموقع، فإن المسيّرة السودانية تستطيع الطيران لمدة تتراوح بين 45 و60 دقيقة اعتماداً على بطاريتها، ويصل مداها إلى 50 كيلومتراً، وهي مزودة بكاميرا رؤية ليلة ونهارية، ويتم التحكم بها من محطة أرضية، وتستطيع متابعة الهدف تلقائياً حتى إصابته بنجاح، وتمتلك آلية تدمير ذاتي تنتقل بموجبها لمنطقة آمنة محددة مسبقاً، وتقوم بتفجير رأسها الحربي عندما تنخفض طاقتها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.