الإعلام الأميركي: هيلاري كلينتون وسوريا واضطرابات عنصرية

ثلاث قضايا حازت التغطية الأسبوعية لوسائل الإعلام في بريطانيا

الإعلام الأميركي: هيلاري كلينتون وسوريا واضطرابات عنصرية
TT

الإعلام الأميركي: هيلاري كلينتون وسوريا واضطرابات عنصرية

الإعلام الأميركي: هيلاري كلينتون وسوريا واضطرابات عنصرية

بدأ الأسبوع الماضي في الإعلام الأميركي بهيلاري كلينتون، وانتهى بهيلاري كلينتون. وفي المجال الخارجي، بدأ بسوريا، وانتهى بسوريا.
في بداية الأسبوع، اهتم الإعلام الأميركي بخطاب مشترك أرسله إلى وزارة العدل (التي تشرف على مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»)، المفتش العام لوزارة الخارجية، والمفتش العام لمجموعة وكالات الاستخبارات، بأن بعض وثائق الخارجية التي احتفظت بها كلينتون، عندما كانت وزيرة للخارجية، في خدمة كومبيوترها الخاص، كان يجب أن تكون سرية.
فرحت بالخبر صحيفة «واشنطن تايمز» (اليمينية)، وأبرزته في صدر صفحتها الأولى. وتوقعت أن يحقق «إف بي آي» مع كلينتون، وأن يجرمها، وأن يكون ذلك سببا في انسحابها من معركة رئاسة الجمهورية.
في بداية الأسبوع أيضا، تابع الإعلام الأميركي زيارة الرئيس باراك أوباما إلى أفريقيا. ونقل تلفزيون «سي إن إن» مباشرة خطاب أوباما أمام مؤتمر القمة الأفريقي في أديس أبابا. ولوحظ اهتمام خاص بالزيارة من قبل قادة الأميركيين السود، كما أن أوباما كان دعا بعضهم للسفر معه إلى أفريقيا.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن أوباما أول رئيس أميركي خاطب القمة الأفريقية.
في بداية الأسبوع، أيضا، عادت الحرب في سوريا إلى الواجهة بعد اتفاق أميركي - تركي (بعد جدل سنوات) على أن تستعمل الطائرات الأميركية قاعدة إنجيرليك التركية لضرب تنظيم «داعش» في سوريا والعراق.
في منتصف الأسبوع، سيطرت الأخبار الداخلية على التغطية الإعلامية:
نقل مراسل تلفزيون «فوكس» من بورتوريكو أنها فشلت في سداد سندات قيمتها ستين مليون دولار. (بورتوريكو جزيرة في البحر الكاريبي يسكنها اللاتينيون. مواطنوها أميركيون. لكنها ليست ولاية). ولا بد أن تتدخل الحكومة الأميركية لإنقاذها من الإفلاس.
ونقل تلفزيون «إي بي سي» في صدر نشرته الإخبارية اتهام شرطي في جامعة سنسيناتي (ولاية أوهايو)، راي تنسنغ (أبيض) بقتل رجل أسود، هو صمويل دوبوي.
ومرة أخرى، عادت الاضطرابات العنصرية. غير أن عائلة الرجل الأسود ناشدت السود، وغيرهم، عدم التظاهر، وترك العدالة تأخذ مجراها.
في نهاية الأسبوع، عادت هيلاري كلينتون إلى واجهة الصحف والتلفزيونات، وذلك بمناسبة كشف مزيد من الوثائق التي كانت في حوزتها. لا يبدو أن فيها أسرارا قاتلة، لكن، كما قالت وكالة «أ.ب»، لا بد أن قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس سيفحصونها فحصا دقيقا.
وبالنسبة للحرب في سوريا، فقد انتهى الأسبوع بعودتها إلى الصفحات الأولى، وذلك بعد أن هجمت «جبهة النصرة» على «القوات السورية الجديدة» (التي دربها الأميركيون). ولاحظت صحيفة «واشنطن بوست» أن هذه أول مرة يستعمل فيها البنتاغون اسم «القوات الجديدة». ونقلت الصحيفة تصريحات مسؤولين كبار تشاءموا فيها من تعدد المنظمات والتحالفات في سوريا، ومن عدم قدرة الاستخبارات الأميركية على معرفة من يقف مع من. اهتمت بهذا الموضوع، أيضا، صحيفة «نيويورك تايمز»، وقالت إن الولايات المتحدة تتورط أكثر وأكثر في الحرب في سوريا.
ومع نهاية الأسبوع الماضي تناولت وسائل الإعلام البريطانية تحطم طائرة كانت تقل أقارب أسامة بن لادن، وقالت الصحف نقلا عن مصادر الشرطة البريطانية إن طائرة خاصة تحطمت في جنوب إنجلترا وإنها مسجلة في السعودية وكانت قد أقلعت من ميلانو بإيطاليا، مما أدى إلى مقتل كل من كانوا على متنها، وهم ثلاثة ركاب بالإضافة إلى قائد الطائرة. وقالت متحدثة باسم الشرطة كما جاء في تقارير صحافية مطبوعة ونقلتها أيضًا نشرات هيئة البث البريطاني «بي بي سي»: «نؤكد أننا نجري تحقيقا مشتركا مع مجلس التحقيق في حوادث الطيران لتحديد الظروف المحيطة بسبب الحادث. نؤكد أن أربعة أشخاص كانوا على متن الطائرة من بينهم قائدها. للأسف ليس هناك ناجون ولم تقع إصابات على الأرض». كما نقلت وسائل الإعلام ما جاء في بيان السفارة السعودية في لندن وأنها، أي السفارة، تعمل مع السلطات البريطانية للتحقيق في الحادث ولضمان سرعة تسليم جثامين الضحايا لدفنها في السعودية.
وعلى صعيد آخر تناولت وسائل الإعلام البريطانية بإسهاب طيلة أيام الأسبوع الماضي خبر وفاة الملا عمر والتكهنات بخصوص حركة طالبان الأفغانية ومما تردد من أنباء عن إجراء محادثات سلام مع حكومة كابل.
ونقلت الصحف ما جاء على لسان ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان الذي قال: «سمعنا من وسائل الإعلام أن الجولة الثانية من المحادثات بين الإمارة الإسلامية وإدارة كابل ستبدأ قريبا في باكستان أو الصين».
وعل الصعيد المحلي أدت محاولة يوم السبت من جانب مهاجرين لاقتحام نفق «يوروتانل» أو النفق الأوروبي الذي يربط بين فرنسا وبريطانيا إلى تجدد الدعوات لاتخاذ إجراء لحل أزمة مهاجرين آخذة في التفاقم في كاليه بفرنسا، وهذا ما أبرزته عناوين الصحف وتقاريرها خلال الأسبوع الماضي. وذكرت السلطات الفرنسية أن الرحلات تعطلت بعد أن حاول نحو 150 مهاجرا اقتحام النفق من الجانب الفرنسي. وبينت الصحف أن خدمات الشحن من خلال النفق توقفت مما تسبب في طوابير طويلة من الشاحنات على الجانب البريطاني. وقال متحدث باسم هيئة إدارة النفق البريطانية إن مجموعة من المهاجرين بميناء كاليه حاولوا الاختباء على متن شاحنات متجهة إلى بريطانيا في الساعات الأولى من صباح السبت الماضي.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».