شركات النفط العالمية تعاني تحت وطأة انهيار الأسعار

مخاوف جديدة دفعتها لخفض التكاليف وتأجيل المشاريع وتقليص فرص العمل

شركات النفط العالمية تعاني تحت وطأة انهيار الأسعار
TT

شركات النفط العالمية تعاني تحت وطأة انهيار الأسعار

شركات النفط العالمية تعاني تحت وطأة انهيار الأسعار

بعد أسبوع مضطرب عانى فيه الاقتصاد العالمي وسط انهيار سوق المال في الصين، مما أثار المخاوف بشأن النظام المالي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يبدو أن أسعار النفط قد عقدت العزم على إثارة القلق في الأسواق العالمية بشأن مواصلة الانخفاض، بعد فترة استقرار مائلة للصعود، قاربت الخمسة أشهر امتدت منذ يناير (كانون الثاني) 2015، حتى مايو (أيار) الماضي.
لكن بنظرة أبعد من سوق الأوراق المالية الصينية، فالاقتصاد الصيني، ثاني أكبر مستهلك للنفط على مستوى العالم، يتباطأ بشكل ملحوظ. وبعض الشركات العملاقة تعبر عن مخاوف بشأن تباطؤ مفاجئ في المبيعات للمرة الأولى منذ 25 عامًا. وتراجع نشاط المصانع بشكل حاد في شهر يوليو (تموز)، مما يعزز من المخاوف بشأن الطلب الصيني على النفط.
ويقول خبراء السلع في بنك «غولدمان ساكس»، إن أسعار النفط يمكن أن تمسك بقوة عند مستوى 50 دولارًا للبرميل حتى عام 2020، مما أثار مخاوف جديدة لدى شركات الطاقة التي بدأت بالفعل في خفض التكاليف وتأجيل المشاريع وتقليص فرص العمل لمواجهة تراجع الإيرادات.
ووسط معاودة التراجع في أسعار النفط العالمية ليتداول خام برنت وخام تكساس الأميركي عند 53 و48 دولارًا للبرميل على التوالي، أعلنت الكثير من شركات النفط والغاز الكبرى خلال الأسبوع الماضي أنها تعتزم تقديم تخفيضات أخرى في محاولة للبقاء في الصناعة وسط بيئة غارقة.
وقالت شركة «رويال داتش شل»، عملاق النفط الفرنسي، إنها تعتزم تسريح نحو 6500 موظف خلال العام الحالي، من إجمالي مائة ألف عامل تقريبًا، بعد هبوط أرباح بنحو 37 في المائة خلال الربع الثاني من العام 2015.
وعلى النهج نفسه الذي اتبعته كل من شركة «بي بي» و«شتات أويل» و«توتال»، أعلنت «شل» عن خفض استثماراتها الرأسمالية للمرة الثانية خلال العام الحالي لتقلصها بواقع ثلاثة مليارات أخرى في ميزانية 2015 إلى 30 مليار دولار. يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه «شل» عن عرض بنحو 55 مليار جنيه إسترليني للاستحواذ على مجموعة «بي جي» البريطانية في أبريل (نيسان) الماضي.
وليست «شل» الشركة الوحيدة التي قد تضطر لخفض العمالة والتكاليف، فشركة «سنتريكا» البريطانية، أعلنت هي الأخرى عن عزمها إجراء خفض للعمالة بنحو 6000 وظيفة، فضلاً عن تقليص عمليات التنقيب عن الغاز وبيع جزء من مزارع الرياح في إطار عملية إعادة هيكلة جذرية.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أعلنت «شيفرون»، شركة الطاقة الأميركية العملاقة، أنها ستخفض العمالة بنحو 1500 وظيفة لخفض التكاليف. وذلك بعد أن تراجعت إيرادات الشركة بنحو 90 في المائة في الربع الثاني حيث أدت انخفاض أسعار النفط الخام إلى انخفاض قيمة الأصول المنتجة للنفط والمملوكة للشركة. وتستعد الشركة لمواجهة أطول انكماش في تاريخها. وقال جاي جونسون، نائب الرئيس التنفيذي لوحدة المنبع لشركة «شيفرون»، إن الشركة تُخطط لتخفيض النفقات الاستثمارية خلال العام الحالي بنحو 5 مليارات دولار، مما كان عليه خلال العام الماضي، وتخطط الشركة أيضًا لخفض ميزانيتها في عامي 2016 و2017.
وبلغ صافي دخل الشركة 571 مليون دولار، بما يعادل 30 سنتًا للسهم من إجمالي الأرباح في الربع الثاني من العام الحالي، وهو أسوأ أرباحها الفصلية منذ 13 عامًا، بانخفاض من 5.670 مليار دولار أي ما يُعادل 3 دولارات للسهم في الفترة نفسها من أبريل إلى يونيو (حزيران) من العام الماضي.
وأضاف جونسون، خلال مؤتمر عبر الهاتف عُقد أول من أمس (الجمعة) مع مجموعة من المستثمرين، قائلاً: «المشكلة بالنسبة لـ(شيفرون) أنها قريبة من استكمال الكثير من المشروعات العملاقة، لذلك لن يسقط الإنفاق بسرعة كافية. فالوصول لأهداف الإنتاج في 2017 وتغطية التوزيعات النقدية للمساهمين، المستحقة في مارس (آذار)، يعتمد على سعر 70 دولارًا للبرميل».
وليست شركة «إكسون موبيل» الأميركية أفضل حالاً بكثير من «شيفرون»، بل حققت الشركة تراجع في أرباحها بنحو 50 في المائة بعدما سجلت صافي دخل بلغ 4.2 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي مُقابل 8.8 مليار دولار خلال الربع نفسه من العام الماضي.
كذلك تراجعت الأرباح الفصلية لشركة «بي بي» البريطانية، بأكثر من الثلثين لتُسجل 1.3 مليار دولار مقابل 3.6 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الماضي.
وقال المدير المالي للشركة بريان جيلافري، إن «بي بي» وضعت خطط لخفض الإنفاق الرأسمالي للمرة الثانية خلال العام الحالي ليصل إلى أقل من 20 مليار دولار متراجعًا من نحو 22 مليار دولار في العام الماضي.
ويرى المحللون أن إعلان الشركات العالمية عن عزمها تخفيض العمالة والنفقات الاستثمارية، يأتي نتيجة لمخاوف جديدة من انزلاق الأسعار لما هو أبعد من المستويات الحالية، حيث أظهرت البيانات وضع المنتجين الأميركيين المزيد من الحفارات للعمل.
وارتفع عدد منصات الحفر العاملة في النفط في الولايات المتحدة الأميركية بنحو 5 منصات إلى 664 منصة خلال الأسبوع المنتهي، الجمعة الماضي، بعد زيادة بنحو 20 منصة خلال الأسبوع السابق له، وفقًا لبيانات «بيكر هيوز»، شركة أبحاث النفط الأميركية.
وقال محللون إنه جنبًا إلى جنب مع عودة منصات الحفر الأميركية للعمل، يُظهر الإنتاج الأكبر من المتوقع من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أن الفترة المتبقية من العام الحالي ستشهد وفرة من النفط، مما يزيد من التراجع في الأسعار.
وهبطت أسعار النفط بأسوأ وتيرة شهرية منذ الأزمة المالية عام 2008، بعد علامات على أن كبار المنتجين في منطقة الشرق الأوسط ما زالت مستمرة في ضخ مستويات قياسية على الرغم من التخمة العالمية.
وأظهر مسح لـ«رويترز»، نشرت نتائجه الأسبوع الماضي، أن الدول الأعضاء في «أوبك» أنتجت نحو 31.35 مليون برميل يوميًا في الربع الثاني بما يزيد نحو ثلاثة ملايين برميل عن حجم الطلب اليومي.
وأشار المسح إلى أن معروض الإمدادات من «أوبك» ارتفع إلى 32.01 مليون برميل في يوليو 2015 من 31.87 مليون برميل يوميًا بعد التعديل في يونيو. ويستند المسح إلى بيانات ملاحية ومعلومات من مصادر بشركات نفط و«أوبك» وشركات استشارية.
وأغلق الخام الأميركي بانخفاض 21 في المائة ليسجل 47.12 دولار للبرميل خلال يوليو، وهى أكبر انخفاض شهري له منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2008، وهبط سعر برنت 18 في المائة ليغلق عند مستوى 52.21 دولارًا للبرميل خلال الشهر نفسه.
ويرى بنك «غولدمان ساكس» الأميركي، أن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين إيران والقوى العالمية الكبرى خلال يوليو الماضي، يزيد من خطر الهبوط لأسعار النفط إذ إن احتياطيات إيران الضخمة من النفط ستبدأ تدريجيًا للعودة إلى السوق على الأكثر في عام 2016.
وتوقع «غولدمان ساكس»، في مذكرة بحثية اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، أن يسجل خام برنت متوسط 58 دولارا للبرميل في عام 2015، و62 دولارًا في العام المقبل، في حين أنه يتوقع أن يبلغ متوسط سعر الخام الأميركي 52 و57 دولارًا للبرميل خلال العام الحالي وعام 2016 على التوالي.
وقال المحلل جون كيلدوف، إن التخمة العالمية المتنامية من وقود الديزل يمكن أن يكون حافزًا في دفع أسعار النفط نحو 30 دولارًا للبرميل خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية والصين تقومان بتسريع قدرتهما التكريرية، مما يعني أننا ننتظر فيضانات من الديزل في السوق الآسيوية.
وأضاف كيلدوف، في حواره مع قناة «CNBC»، أن التطورات الأخيرة في الصين وإيران قد تُسهم أيضًا في انزلاق آخر في أسعار النفط.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



«المركزي الصيني» يضيف المزيد من الذهب إلى احتياطياته

منظر جوي لمجمعات سكنية عملاقة في جزيرة هونغ كونغ الصينية (رويترز)
منظر جوي لمجمعات سكنية عملاقة في جزيرة هونغ كونغ الصينية (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يضيف المزيد من الذهب إلى احتياطياته

منظر جوي لمجمعات سكنية عملاقة في جزيرة هونغ كونغ الصينية (رويترز)
منظر جوي لمجمعات سكنية عملاقة في جزيرة هونغ كونغ الصينية (رويترز)

أظهرت بيانات رسمية صادرة عن بنك الشعب الصيني يوم الثلاثاء أن البنك المركزي الصيني أضاف الذهب إلى احتياطياته في ديسمبر (كانون الأول) للشهر الثاني على التوالي، مستأنفاً تحركه في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد توقف دام ستة أشهر.

وبلغت احتياطيات الصين من الذهب 73.29 مليون أوقية في نهاية ديسمبر، من 72.96 مليون أوقية في الشهر السابق. ورغم الزيادة في الكمية، انخفضت قيمة احتياطيات الصين من الذهب إلى 191.34 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي، من 193.43 مليار دولار في نهاية نوفمبر.

وأوقف بنك الشعب الصيني حملة شراء الذهب التي استمرت 18 شهراً في مايو (أيار) 2024، والتي أثرت سلباً على طلب المستثمرين الصينيين. وقد يعزز قرار البنك باستئناف عمليات الشراء طلب المستثمرين الصينيين.

وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع الأساسية في «ساكسو بنك»: «نظراً لضعف الذهب في نهاية العام بسبب قوة الدولار على نطاق واسع، وارتفاع العائدات، فإن الشراء الإضافي من بنك الشعب الصيني في ديسمبر من شأنه أن يرسل رسالة مريحة إلى السوق، مفادها بأن الطلب من المشترين غير الحساسين للدولار مستمر بغض النظر عن الرياح المعاكسة للدولار والعائدات».

وفي عام 2024، دفعت دورة تخفيف أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وعمليات الشراء القوية من جانب البنوك المركزية والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، السبائك إلى مستويات قياسية متوالية، ومكسب سنوي بنسبة 27 في المائة، وهو الأكبر منذ عام 2010.

وقال يوان دا، المسؤول عن التخطيط الحكومي في الصين، في مؤتمر صحافي يوم الجمعة، إن اقتصاد الصين سيواجه العديد من الصعوبات والتحديات الجديدة في عام 2025، وهناك مجال واسع للسياسات الاقتصادية الكلية.

وفي مقابل زيادة الاحتياطيات من الذهب، أظهرت بيانات رسمية يوم الثلاثاء أن احتياطيات النقد الأجنبي الصينية هبطت أكثر من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول) بفعل قوة الدولار المستمرة.

وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي للبلاد - وهي الأكبر في العالم - بمقدار 64 مليار دولار الشهر الماضي إلى 3.202 تريليون دولار، وهو ما يقل عن توقعات «رويترز» البالغة 3.247 تريليون دولار، وانخفاضاً من 3.266 تريليون دولار في نوفمبر.

وانخفض اليوان 0.7 في المائة مقابل الدولار في ديسمبر، بينما ارتفع الدولار الشهر الماضي 2.6 في المائة مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى.

وفي سياق منفصل، أصدرت الهيئة الوطنية للتنمية والإصلاح، وهي أعلى سلطة للتخطيط في الصين، يوم الثلاثاء، توجيهاً لبناء سوق موحدة صينية.

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن هذه الخطوة جزء من جهود تستهدف تنفيذ مهام محددة تم عرضها في مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الصيني في ديسمبر الماضي، الذي ركز على أهمية صياغة توجيه لإقامة سوق وطنية موحدة.

ويستهدف التوجيه تشجيع كل السلطات المحلية والإدارات الحكومية على تسريع تكاملها في سوق وطنية موحدة مع دعم تنميتها بنشاط، بحسب الهيئة الوطنية للتنمية والإصلاح.

وحدد التوجيه إجراءات أساسية مطلوبة، ومنها توحيد المؤسسات والقواعد الأساسية للسوق، وتحسين اتصال البنية التحتية للسوق عالية المستوى، وبناء سوق موحدة للعناصر والموارد، وتعزيز التكامل عالي المستوى لأسواق السلع والخدمات، وتحسين التنظيم العادل والموحد، والحد من المنافسة غير العادلة في السوق والتدخلات غير المناسبة.