الحوثيون يصادرون الأراضي في إب ويمنحونها لعناصرهم

ضمن مخطط شامل للتغيير الديموغرافي في مختلف المناطق

مزارعان يمنيان يعملان في مزرعة خضار على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)
مزارعان يمنيان يعملان في مزرعة خضار على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يصادرون الأراضي في إب ويمنحونها لعناصرهم

مزارعان يمنيان يعملان في مزرعة خضار على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)
مزارعان يمنيان يعملان في مزرعة خضار على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)

ضمن مخطط شامل لإحداث تغيير ديموغرافي في المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية في اليمن، وسّعت الجماعة الانقلابية من عمليات نهب السكان في محافظة إب (192 كيلومتراً جنوب صنعاء)، وصولاً إلى مضاعفة إيجار الأراضي الزراعية المملوكة للدولة بنسبة وصلت إلى 1000‎ في المائة، بعد أن استكملت السيطرة على أراضي الأوقاف في عاصمة المحافظة والمناطق المحيطة بها.
يأتي هذا ضمن النهج الذي تتبعه الميليشيات لخلق طبقة جديدة من الأثرياء، وجمع الأموال وتوجيهها لخدمة مقاتليها ولإثراء قادتها، وهو النهج الذي عرفته مناطق شمال اليمن أثناء نظام حكم الإمامة قبل الإطاحة به في مطلع الستينات من القرن الماضي.
وأوضح سكان في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» أن المدعو حارث راوح مدير الأراضي في مديرية ذي السفال، وبمشاركة مدير المديرية أبو إسحاق وجيه الدين، أقدما على سجن أكثر من 56 مزارعاً من منطقة حبير بعد أن رفضوا قرار الرجلين رفع إيجار الأراضي الزراعية التي ينتفعون بها وأسرهم منذ عشرات السنين بنسبة وصلت إلى 1000 في المائة‎ بموجب اتفاق مسبق مع القيادي الحوثي هاشم الشامي، المعين مسؤولاً لمصلحة أراضي الدولة في محافظة إب.
وبحسب رواية السكان فإن الشامي كان قد أصدر قراراً بعزل مسؤول فرع المصلحة في مديرية ذي السفال؛ بسبب تدني العائدات التي توّرد سنوياً، وإن الرجل طلب منحه مهلة جديدة، وتعهد برفع الإيرادات إلى مستوى لم تعرفه المصلحة من قبل، وهو ما حدث بالفعل، حيث تم تمديد عمله في المديرية، وبدأ بتنفيذ الخطة الجديدة التي أعادت التذكير بالممارسات التي كان نظام حكم الإمامة يعتمدها في المحافظة من خلال مضاعفة الجبايات حتى يعجز المزارعون عن دفعها، ثم يقوم بسجنهم وإجبارهم على التنازل عن أراضيهم؛ لتغطية مبالغ الجبايات التي فُرضت عليهم.
ويقول السكان، الذين ينتفعون بهذه الأراضي التي أصبحت أملاكاً عامة، إن القيادي الحوثي يريد من المُزارع الذي كان يدفع مبلغاً سنوياً قدره 5 آلاف ريال، أن يدفع الآن 5 ملايين ريال، ومن كان يدفع 50 ألف ريال مطالب الآن بدفع 5 ملايين ريال، إلا أنهم رفضوا ذلك فقام في المرحلة الأولى باقتحام المزارع ومصادرة ثلث المحاصيل مباشرة (الدولار نحو 540 ريالاً).
ووفق ما ذكروه، فإنهم قدموا شكوى إلى إدارة الشؤون القانونية، التي أصدرت قراراً بإيقاف مدير الفرع، ولكن القرار لم ينفذ بسبب تواطؤ مدير فرع مصلحة الأراضي معه، ولهذا ذهبوا للشكوى لدى النائب العام في سلطة ميليشيات الحوثي، ولدى مكتب مجلس الحكم، إلا أن ذلك لم يردع المسؤولين في المحافظة، بل إنهم أقدموا بعد ذلك على سجن العشرات من المزارعين؛ لإرغامهم على القبول بدفع المبالغ التي حددوها.
ويؤكد السكان أن ما تم هو محاولة استلاب أراضي المنطقة المشهورة بخصوبتها عن طريق مضاعفة الجبايات، ومن ثم مصادرتها وإعادة منحها للعناصر السلالية في المنطقة، وهو مخطط شامل يتم تنفيذه في أغلب المحافظات، ويهدف إلى تمكين العناصر المنتمية إلى سلالة الحوثي من الأموال والأراضي، وتشكيل طبقة من الأثرياء؛ لضمان استمرار سيطرتها ونفوذها الاجتماعي في مختلف المناطق، والاعتماد عليها مستقبلاً سواء في إيجاد قواعد شعبية وأنصار عند الذهاب للانتخابات، أو في حشد المقاتلين إذا لم يتم التوافق على تجديد الهدنة.
وذكرت مصادر سياسية في محافظة إب لـ«لشرق الأوسط» أن الميليشيات التي عينت على غالبية المؤسسات المهمة عناصر سلالية، تعمل بوتيرة عالية على خلق طبقة جديدة من الأثرياء عن طريق المصادرة والاستيلاء على أموال وممتلكات المعارضين، أو من خلال إعادة توزيع الأراضي في عاصمة المحافظة ومراكز المديريات، أو في المناطق عالية الخصوبة مثل مديريتي ذي السفال والمخادر؛ لأن غالبية الأراضي في المحافظة من أوقاف الملكة التاريخية أروى الصليحي أو أملاك دولة من تلك التي صادرها نظام حكم الإمامة نتيجة عجز ملاكها الأصليين عن سداد الجبايات التي كانت تفرض عليهم.
وبحسب ما يقوله السكان، فإن قيادة الميليشيات أبلغت المزارعين بأن عليهم الدفع أو تسليم الأراضي التي بحوزتهم من عشرات السنين ويعيشون على عائداتها، وأن شقيق مدير المديرية، ويدعى أبو الكرار وجيه الدين، يقتحم المَزارع بشكل مستمر ويصادر المزروعات برفقة مسلحين وبحماية أخيه، حيث يبلغهم بأنها أملاكهم، باعتباره يمثل سلطة الحوثيين، في تأكيد يوضح نوايا الميليشيات لمصادرتها وإعادة توزيعها بين عناصرها السلاليين.
وكانت الميليشيات صادرت مساحات شاسعة من الأراضي في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، ونزعت ملكيتها بحجة أنها أملاك دولة، أو أن بعضها من ممتلكات نظام حكم الإمامة.
كما صادرت الجماعة الانقلابية مساحات أخرى بزعم أنها من أملاك الأوقاف، وقامت بإعطائها لقادة في الميليشيات، ومكّنتهم من أموال المعارضين، كما عملت على نقل مجاميع كبيرة من سكان محافظة صعدة المنتسبين لتشكيلاتها العسكرية والأمنية وإعادة توطينهم في المدينة والمناطق المحيطة بها؛ بهدف تغيير التركيبة الديموغرافية ولما يخدم مشروعها الطائفي.


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.