المشاريع الجديدة تضغط على أسعار العقارات في دبي نحو الهبوط

3 % انخفاضا في أسعار الإيجارات خلال الربع الثاني

جانب من عقارات دبي («الشرق الأوسط»)
جانب من عقارات دبي («الشرق الأوسط»)
TT

المشاريع الجديدة تضغط على أسعار العقارات في دبي نحو الهبوط

جانب من عقارات دبي («الشرق الأوسط»)
جانب من عقارات دبي («الشرق الأوسط»)

تشهد العمليات العقارية في إمارة دبي هدوءا خلال الفترة الحالية، وذلك بسبب عدد من العوامل التي أشارت لها تقارير بنكية وبحثية يتمثل أبرزها في دخول المزيد من الوحدات العقارية للعرض، مما رفع حجم المعروض في مقابل الطلب خلال الربع والنصف الأول من العام الحالي.
وقال تقرير عقاري لمصرف أبوظبي الإسلامي إن أسعار إيجارات العقارات السكنية في دبي انخفضت بنسبة 3 في المائة خلال الربع الثاني من عام 2015، في الوقت الذي شهدت فيه السوق طرح 6750 وحدة سكنية جديدة في الفترة ذاتها، ليرتفع بذلك إجمالي المحفظة العقارية السكنية للمدينة إلى 479 ألف وحدة.
وتقع معظم الوحدات الجديدة على شارع الشيخ محمد بن زايد، حيث تحتضن «المنطقة العالمية للإنتاج الإعلامي» 26 في المائة من إجمالي المعروض الجديد. كما شهدت أسعار الشقق السكنية المكتملة انخفاضا بنسبة 3.5 في المائة على أساس ربع سنوي، فيما سجّل معدل أسعار المبيع في منطقة الخليج التجاري أعلى نسبة انخفاض بمقدار 5 في المائة.
وقال بول مايسفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة «إم بي إم» العقارية، ذراع إدارة العقارات التابعة لمصرف أبوظبي الإسلامي: «تشهد سوق دبي إطلاق عدد كبير من المشاريع العقارية الجديدة، الأمر الذي يشير إلى أهمية أن تتمتع العقارات بالمواصفات القادرة على جذب المشترين المحتملين وإقناعهم بقيمتها الاستثمارية، وهذا يعني بالضرورة التحوّل إلى عقارات السوق المتوسطة المتكاملة والمُدارة بشكل جيد، وبالأخص الواقعة في مكان قريب من الموقع الذي سيستضيف معرض (إكسبو 2020)». وأضاف مايسفيلد «نلاحظ أيضا تركيزا متزايدا على الحوافز والمواصفات الفريدة خصوصا بالنسبة لشريحة المنازل الفاخرة، ونتوقع أن يستفيد المشترون من هذه التوجهات وتحظى باستحسانهم».
ويواصل قطاع العقارات المكتبية في دبي أداءه المتوازن رغم الارتفاع الكبير في عدد العقارات المكتبية الجديدة مع بقاء أسعارها مستقرة عموما. وتوقع التقرير أن تدخل السوق 2.5 مليون قدم مربعة إضافية من المساحات المكتبية بحلول نهاية عام 2015، علما بأن عددا قليلا من المطورين والمستثمرين يقفون وراء معظم المعروض الجديد.
وفي المقابل، حافظت مشاريع التجزئة الرئيسية على أدائها الجيد في ظل النمو السليم لعدد سكان الإمارة وأعداد السياح القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي والصين والهند، وشهد معدل إيجارات محلات التجزئة الرئيسية ارتفاعا بنسبة 6.4 في المائة في الربع الثاني، على خلفية الصعوبة التي تواجهها شركات التجزئة في العثور على مواقع في المراكز الرئيسية.
وأضاف قطاع الضيافة وفقا لتقرير لمصرف أبوظبي الإسلامي إلى محفظته أكثر من 1200 غرفة فندقية من فنادق وشقق فندقية جديدة خلال الربع الثاني من 2015، معظمها في منطقة الخليج التجاري بنسبة 68 في المائة، وتأثرت الشريحة الفاخرة من السوق عموما على نحوٍ ملموس، بتراجع عدد السياح من روسيا، وقد أدى الارتفاع الكبير في أعداد السياح القادمين من الهند والصين وعدد من الدول الأفريقية إلى الحفاظ على استقرار أداء الشريحة الاقتصادية.
من جهته، قال كريغ بلومب، رئيس دائرة الأبحاث في مجموعة «جيه إل إل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»: «تواصل سوق دبي العقارية مواجهة ضغوط هبوطية خلال الربع الثاني من السنة، فقد ظل مؤشر الإيجارات السكنية ثابتا نسبيا في حين تراجعت أسعار البيع بمتوسط 8 في المائة سنويا حتى 2015، ويأتي هذا في وقت تظهر فيه سجلات دائرة الأراضي والأملاك في دبي انخفاضا بنسبة 69 في المائة في عدد الصفقات السكنية خلال الربع الأول من العام مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2014». وأضاف بلومب: «تصحيح الأسعار بأرقام فردية يأتي في تناقض حاد مع التراجعات التي شهدناها في عامي 2008 و2009، ويمثل مؤشرا واضحا على أن السوق في اتجاهها إلى مرحلة النضوج، ونتوقع أن يتراجع حجم الصفقات ومن ثم أسعار البيع خلال النصف الثاني من العام».
وبحسب تقرير «جيه إل إل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، فقد أشار إلى أنه في ظل المعروض الجديد والزيادة المحدودة في صافي معدل الاستيعاب، فإن الشريحة التجارية تتسم بالاستقرار، وينبغي أن تظل كذلك على المدين القصير والمتوسط. وتوقع دخول 1.2 مليون متر مربع من المساحة الإجمالية القابلة للتأجير إلى السوق على مدار العامين المقبلين. في الوقت الذي أوضح فيه أن خطط مركز دبي المالي العالمي الرامية إلى مضاعفة حجمه ثلاث مرات بحلول 2024 سوف تعزز وضعية دبي كمركز تجاري إقليمي وسيكون لها أثر إيجابي على أداء الشريحة المكتبية على المدى الطويل.
وتابع كريغ بلومب: «كان أداء شريحة عقارات تجارة التجزئة مستقرا خلال الربع الثاني، دون أي زيادات ملحوظة في أسعار الإيجارات عبر مختلف أنواع المراكز التجارية. تباطأت أسعار عقارات تجارة التجزئة، لا سيما في شريحة العقارات الترفيهية، وهذا يرجع في المقام الأول إلى التراجع في أعداد السائحين الوافدين من روسيا، في حين أن المستوى الحالي لتشبع السوق في شريحة الأغذية والمشروبات من المتوقع له أن يمثل ضغطا على تجار التجزئة ويدفعهم إلى تمييز عروضهم في ظل احتدام المنافسة».
وأضاف شهاب بن محمود، رئيس مجموعة الفنادق والضيافة في مجموعة «جيه إل إل الشرق الأوسط وأفريقيا»، قائلا: «تحافظ الشريحة الفندقية في دبي على مكانتها باعتبارها الأقوى في المنطقة، في ظل التراجع المستمر لمؤشرات النشاط، ولا يزال الربع الثاني يعكس أثر التراجع في عدد السياح الوافدين من روسيا ومنطقة اليورو. وقد كان من شأن التعديلات على متوسط سعر الغرفة في الليلة جعل تأثير معدل الإشغال بالمدينة محدودا نسبيا، حيث استمر في نطاق المتوسط السائد على مدار السنوات العشر السابقة، وانخفض سعر الغرفة في الليلة على مدار الربع الثاني من عام 2015 بنسبة 7.2 في المائة عن المتوسط السائد على مدار السنوات العشر السابقة، وذلك في ترجمة واضحة لاحتدام المنافسة، مما يبرز الحاجة إلى أن يركز ملاك الفنادق على الكفاءات التشغيلية».
وظلت الشريحة المكتبية بسوق دبي العقارية مستقرة على مدار الربع الثاني، حيث سجل متوسط أسعار الإيجارات في منطقة الأعمال المركزية 1.860 درهم للمتر المربع، وتراجعت معدلات الشغور بنسبة هامشية بلغت 23 في المائة، مع تسليم 162 ألف متر مربع من المساحة الإجمالية القابلة للتأجير.
في الوقت الذي أشار فيه التقرير إلى أن الشريحة السكنية لا تزال تواجه ضغطا هبوطيا في ظل تراجع أسعار الإيجارات والمبيعات، ورغم أن مؤشر الإيجارات ظل مستقرا في يونيو (حزيران) 2015 مقارنة بالسنوات السابقة، فإن مؤشر المبيعات تراجع بنسبة 8 في المائة على مدار الفترة ذاتها، إذ تجاوزت التراجعات في أسعار مبيعات الشقق أسعار الفيلات. وقد تم استكمال 1200 وحدة إضافية في الربع الثاني، مما أفضى إلى زيادة المعروض الإجمالي بواقع 397 ألف وحدة. ومن المتوقع أن تدخل 16 ألف وحدة أخرى إلى السوق بنهاية 2015، غير أن تسليم بعض المشاريع قد يتأخر حتى عام 2016 وما بعده، وذلك في ظل استمرار تراجعات السوق.
وظلت شريحة العقارات التجارية في دبي مستقرة إلى حد كبير خلال الربع الثاني في ظل عدم تسليم أي مشروعات جديدة. وقد ظل أداء شريحة عقارات التجزئة ثابتا عبر جميع المراكز التجارية في الإمارة، مع تباطؤ مستويات نمو الإيجارات السنوية ومبيعات عقارات التجزئة، مدفوعة إلى حد كبير بالتراجع في عدد السياح الوافدين من روسيا. ومن المتوقع تسليم 167 ألف متر مربع من المساحة الإجمالية القابلة للتأجير خلال ما تبقى من عام 2015، وهي تتألف بصفة أساسية من أعمال توسعة على المراكز التجارية الإقليمية الكبرى القائمة.
وذكرت «جيه إل إل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» أن الشريحة الفندقية تواصل مواجهة ضغوط هبوطية خلال الربع الثاني من السنة، ورغم زيادة إجمالي مخزون الفنادق إلى 65 ألف غرفة مع تسليم 132 غرفة في فندق «إنتركونتيننتال مارينا»، فإن متوسط الأسعار اليومية شهد انخفاضا بواقع 6 في المائة ليصل إلى 249 دولارا من بداية السنة وحتى مايو (أيار) الماضي. وإلى جانب التراجع الطفيف في معدلات الإشغال سجلت الإيرادات لكل غرفة متاحة 208 دولارات من بداية السنة وحتى مايو الماضي، بتراجع سنوي 9 في المائة.
وتتوقع «جيه إل إل» أن متوسط السعر اليومي قد يشهد تراجعا آخر على المدى القصير إلى المتوسط، وذلك استجابة لإضافة 30.9 ألف غرفة من المقرر تسليمها على مدار العامين المقبلين، فضلا عن تراجع حركة السياح الوافدين من روسيا ومنطقة اليورو.
وكانت دائرة الأراضي والأملاك في دبي قد أعلنت أن قيمة إجمالي التصرفات العقارية التي سجلتها في النصف الأول من العام الحالي من أراض وشقق وفيلات وإجراءات بيع ورهن و«إجارة منتهية بالتملك» بلغت نحو 129 مليار درهم (35 مليار دولار) من خلال 23 ألف معاملة.
وأفاد تقرير فصلي صدر عن إدارة البحوث والدراسات العقارية في دائرة الأراضي والأملاك بدبي بأن نصيب معاملات بيع أراض وشقق وفيلات خلال الشهور الستة الأولى من العام الحالي وصل إلى نحو 53 مليار درهم (14.4 مليار دولار) وعمليات رهن بقيمة 65 مليون درهم (17.6 مليون دولار)، بينما كان نصيب تعاملات الأخرى نحو 11 مليار درهم (2.9 مليار دولار).
وقال سلطان بن مجرن، مدير عام دائرة الأراضي والأملاك بدبي، إن التقرير يوضح أن القطاع العقاري في دبي يتجه إلى حالة النمو المستدام، لا سيما بعد تسجيل زيادات متواصلة من فترة ربع سنوية للأخرى طوال السنتين الماضيتين.
وأكد أن حالة النمو المستدام في دبي تمكن المستثمرين والمطورين من صياغة استراتيجيتهم على المديين القصير والمتوسط، بناء على هذه المعطيات الموثوقة، من أجل تلبية احتياجات القطاع استنادا إلى توقعات أصيلة والابتعاد عن المغالطات التي تحاول بعض الجهات بثها في السوق من أجل تحقيق مآرب خاصة.
وجاء في التقرير أن إجمالي تصرفات الأراضي بلغ أكثر من 106 مليارات درهم (28.8 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي، إذ استحوذت على 8240 إجراء، بينما حققت الأراضي التجارية - المبني عليها - أعلى القيم من حيث نوع العقار الفرعي للأراضي بنسبه 47 في المائة من إجمالي التصرفات الأراضي الأخرى، بما في ذلك الزراعية والصناعية والاستخدامات المدنية المتعددة. وبلغ إجمالي قيمة تصرفات المباني والوحدات أكثر من 20 مليار درهم (5.4 مليار دولار) خلال الفترة نفسها.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»