رفض علمي «واسع» لنظرية العلاقة بين حركة الكواكب والزلازل

رغم تبني الجيولوجي المصري فاروق الباز لها

نظرية العلاقة بين اصطفاف الكواكب وحدوث الزلزال لم تحظَ بدعم علمي (غيتي)
نظرية العلاقة بين اصطفاف الكواكب وحدوث الزلزال لم تحظَ بدعم علمي (غيتي)
TT

رفض علمي «واسع» لنظرية العلاقة بين حركة الكواكب والزلازل

نظرية العلاقة بين اصطفاف الكواكب وحدوث الزلزال لم تحظَ بدعم علمي (غيتي)
نظرية العلاقة بين اصطفاف الكواكب وحدوث الزلزال لم تحظَ بدعم علمي (غيتي)

أعادت تصريحات للجيولوجي المصري فاروق الباز، الأستاذ في جامعة بوسطن الأميركية، الجدل مجدداً حول النظرية التي تربط بين حركة الكواكب وحدوث الزلازل على الأرض، التي لا تجد قبولاً في مجتمع علماء الزلازل.
ونظرية العلاقة بين الكواكب وحدوث الزلازل، ليست جديدة، فقد سبق مناقشتها علمياً ودحضها في دراسات علمية كثيرة، لكن تم إحياؤها من جديد، بعد حديث متنبئ الزلازل الهولندي فرانك هوغربتس، عن أن تنبؤاته للزلازل تستخدم هذا العلم، المعروف باسم «الكسمولوجي».
وتقوم فرضية المهتمين بعلم «الكسمولوجي» أو ما يعرف بـ«علم المسح الهندسي للكواكب في النظام الشمسي»، مثل فرانك هوغربتس، وصالح محمد عوض من جامعة بغداد، ومنصور باشا من البوسنة... وغيرهم، على أن جاذبية كواكب المجموعة الشمسية في حالة وضع معين، وهو وضع الاصطفاف أو المحاذاة الكوكبية، بإمكانها تغيير سرعة دوران الأرض، الأمر الذي يؤدي إلى تغييرات في سرعة الصفائح التكتونية في القشرة الخارجية للأرض الحاملة للقارات، وهو ما يؤدي إلى اصطدامها أو ابتعادها أو اندساسها، وبالتالي حدوث الزلزال.
وأعاد علماء الزلازل نقد تلك الفرضية، بعد رواج تغريدات متنبئ الزلازل الهولندي هوغربتس، المصاحبة لزلزال تركيا وسوريا، وحديثه عن تبنيها، مستخدمين مبررات علمية ومنطقية، ذكرها المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر في بيان نشره مطلع مارس (آذار) الحالي على موقعه الإلكتروني، منها أن «قوة جاذبية الكواكب أضعف بكثير من القوى التكتونية التي تسبب الزلزال، وتنتج هذه القوى من حركة الصفائح التكتونية في القشرة الأرضية وتصادمها أو انزلاقها على خطوط الصدع المتشكلة على حافات الصفائح من الحركة الذاتية داخل الكرة الأرضية نفسها، علاوة على ذلك فقد حدث كثير من ظواهر اصطفاف الكواكب والأرض، ولم تحدث أي زلازل كبيرة أو مدمرة في وقت الاصطفاف».
وأوضح البيان أن هذه النظرية تستند إلى أوراق بحثية نشرت في دوريات ليست قوية من الناحية العلمية، فضلاً عن وجود عدد كبير من الإخفاقات لأصحاب هذه النظرية دعمت وجهة النظر الرافضة لها، ومنها توقع «جون جريبين» و«ستيفن بالجمان» في كتابهما «تأثير المشتري» عام 1974. أن اصطفاف كواكب «عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو» على نفس الجانب من الشمس في 10 مارس عام 1982. سيحدث زلزالاً كبيراً في صدع «سان أندرياس» بولاية كاليفورنيا، ولم يحدث أي شيء.

ورغم هذا البيان الذي دعمه المعهد بالأوراق البحثية التي تشير إلى كل ما جاء فيه من تفاصيل، فإن تصريحات الباز، قللت من تأثير البيان المفصَّل الذي أصدره المعهد، حيث حملت تبنياً لتلك النظرية. وقال الباز في تصريحاته التلفزيونية، مساء أمس (الثلاثاء)، إن «هناك علاقة بين حركة الكواكب والنجوم والقمر بالزلزال، بالفعل»، مشيراً إلى أن «أول من بدأ الحديث في هذا الشأن هو عالم عراقي»، موضحاً أن «حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس تؤثر على بعض الكتل في الكرة الأرضية، وأنه عندما يكون هناك كواكب من المجموعة الشمسية على الخط نفسه بالنسبة للشمس، يتم جذب الأرض»، لافتاً إلى أن «هذا الجذب يسبب تحركات في القشرة الأرضية، تتسبب في حدوث الزلازل».
من جانبها، حاولت «الشرق الأوسط» حسم هذا الجدل من خلال خبراء متخصصين في الزلازل بالمراكز البحثية حول العالم، فاتفقوا جميعاً على رفض هذه النظرية، حيث أحالنا هارولد توبين، عالم الزلازل الأميركي بجامعة واشنطن، رئيس شبكة شمال غربي المحيط الهادي لرصد الزلازل، إلى دراسة نشرت في 17 يناير (كانون الثاني) 2018 بدورية «رسائل البحث الزلزالي» لعالمة الزلازل الأميركية سوزان هوغ، من برنامج مخاطر الزلازل بهيئة المسح الجيولوجي الأميركية. وقال في تعليق مقتضب: «هذه الورقة العلمية تؤكد أن ما قاله الباز ليس دقيقاً، وهناك أوراق علمية أخرى، فالأمر واضح جداً، وهو أنه لا توجد علاقة بين اصطفاف الكواكب والزلازل».
فيما ذكرت هوغ أنه «من الصعب، الإشارة إلى أن الكواكب الأخرى لها تأثير كبير على الضغوط على الأرض، لابتعاد تلك الكواكب لمسافات طويلة عن الأرض، وبالتالي فإن قوة الجاذبية التي تسببها ضعيفة جداً، بحيث تؤثر على الأرض». لكن هوغ، لم تنفِ حدوث تأثير من القمر على الأرض، باعتباره أقرب الأجرام السماوية للأرض. وقالت إن «قوى المد والجزر، التي يسببها القمر تؤثر بشكل طفيف على حدوث الزلازل الصغيرة، لكن محاولات إيجاد علاقات متبادلة بينها وبين الزلازل الكبيرة باءت بالفشل». وأضافت: «مع تقديري للدكتور الباز، فقد قدم مساهمات مهمة في برنامج أبولو في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ومن المؤكد أنه سيكون لديه تقدير لجوانب علم الكواكب، لكنه ليس عالم زلازل».
واتفق سيجورجون جونسون، أستاذ علوم الأرض والهندسة بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست)، مع ما ذهبت إليه هوغ. وقال: إن «الأكثر وضوحاً هو تأثير القمر، الذي يسبب المد المحيطي والأرضي وما ينتج عن ذلك من تغيرات كبيرة في الإجهاد ومعدلات متغيرة للضغط، ومع ذلك، فإن الأمر المثير للدهشة هو أن المد والجزر القمري له تأثير محدود على حدوث الزلازل، وهو أصغر بكثير مما قد يتوقعه المرء، والتفسير الرئيسي لذلك أن فترة المد والجزر القمرية قصيرة جداً لإحداث فرق، وبالتالي سيكون تأثير الكواكب الأخرى أصغر، لأنها تبعد عن القمر بمسافات طويلة».
وكان زميله في «كاوست»، بول مارتن ماي، أستاذ علوم الأرض والهندسة، قد قال إن «جميع الكواكب في نظامنا الكوكبي، بما في ذلك الشمس، تتفاعل مع بعضها بعضاً من خلال القانون الأساسي لقوى الجاذبية، وتعتمد هذه القوى على المسافة بين الأجسام (الشمس والكواكب والقمر) وكتلة (وزن) هذه الأجسام، تتسبب قوى الجاذبية للقمر والشمس على الأرض في مد المحيطات التي نراها في الحياة اليومية، ومع ذلك، فإن أي قوى من هذا القبيل تكون صغيرة جداً جداً، ولا يمكن أن تسبب الزلازل».
وأعاد أنيس أحمد بنجش، من قسم علوم الأرض بجامعة القائد الأعظم في باكستان، ما جاء في بيان المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية. وقال إن «العلاقة بين اصطفاف الكواكب والزلازل، مفهوم قديم، حيث كان بعض العلماء يرون أنه إذا كانت جميع الكواكب على خط واحد، فسيكون مجال الجاذبية كافياً لإحداث الزلازل، ولكن عندما جاءت جميع الكواكب في صف واحد قبل بضع سنوات لم يحدث شيء». وأضاف: «أعمل الآن على مفهوم أن زيادة سرعة اللب الخارجي بالقشرة الأرضية، يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الطاقة الحرارية التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع معدل تيارات الحمل في الوشاح الأرضي، ويمكن أن يسبب ذلك الزلازل، وعندما يتم نشر ذلك، سيوافق القليلون عليه، لأن النظرية ليست الحقيقة المطلقة، إلا عندما يتم اختبارها لتصبح قانوناً يوافق عليه الجميع، وهذا لم يحدث مع نظرية اصطفاف الكواكب».
من جهته، أكد شريف الهادي، رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، أنه «لو افترضنا أن هذه النظرية صحيحة، فهذا يعني أننا سنكون على موعد مع زلزال كبير مع انتقال القمر لطور البدر كل شهر، ومع كل اصطفاف للكواكب». وأضاف: «ما دامت هذه النظرية لا تفسر لماذا تحدث الزلازل في حالات أخرى للقمر مثل المحاق والهلال، فهذا كافٍ لنقضها».



نهاية دانيال شبوري «فنان الأطباق المتّسخة»

دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
TT

نهاية دانيال شبوري «فنان الأطباق المتّسخة»

دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)

مسَّت النهاية بحياة الفنان التشكيلي السويسري دانيال شبوري، أحد أبرز الأسماء في تيار «الواقعية الجديدة» الفنّي، ومعلّم الـ«إيت آرت» الذي يتمثّل بتعليق مخلّفات وجبة طعام على لوحة، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مركز «بومبيدو».

وكتب متحف الفنّ الحديث والمعاصر عبر منصة «إكس»: «ينتابنا حزن عميق لوفاة دانيال شبوري، العضو المؤسِّس للواقعية الجديدة».

وتابع: «نظرته الفريدة للفنّ من خلال لوحاته وتجميعاته غير المتوقَّعة، مكّنته من التقاط اللحظة وما هو عادي ومدهش. سيظلّ إرثه مصدراً للإلهام والتأمُّل الفريد».

واشتُهر الفنان السويسري من أصل روماني، المولود عام 1930 في منطقة على ضفاف نهر الدانوب بغالاتي (شرق رومانيا)، بلوحاته ثلاثية البُعد المرتبطة بفنّ المائدة.

مبدؤها بسيط، ففي نهاية الوجبة، يلصق شبوري كل ما يتبقّى على الطاولة (أدوات المائدة، والأطباق، وبقايا الطعام، والأغلفة...)؛ بهدف تجميدها على اللوحة.

ويُطلق على كل عمل فنّي يضيء على الأطعمة والعادات الغذائية «إيت آرت».

ومع هذا المفهوم، أسَّس الراقص السابق تيار «الواقعية الجديدة» عام 1960 إلى جانب فنانين من أمثال إيف كلاين، وأرمان، وريموند هاينز.

الراقص السابق أسَّس تيار «الواقعية الجديدة» (غيتي)

ووصل به الأمر حدّ تولّيه إدارة مطعم في دوسلدورف الألمانية بين 1968 و1972. وكان بإمكان الزبائن المغادرة مع عملهم الخاص.

وأنشأ شبوري صالة عرض «إيت آرت» التي أُقيمت فيها معارض لعدد من الفنانين، بينهم سيزار وبن وأرمان، مع إبداعات سريعة الزوال وصالحة للأكل، في حين يشارك رسامون مثل بيار سولاج في بعض الولائم.

لكنه سعى إلى التخلّص من تسمية «فنان الأطباق المتّسخة». وفي إحدى مجموعاته، وضع غرضاً فعلياً على قماش، وتساءل عن الحدود بين الواقع والوهم.

عُرضت أعماله في معارض استعادية نُظّمت في متاحف عدّة، بينها مركز «بومبيدو» في باريس خلال التسعينات.

وعام 2021، خصَّص متحف الفن الحديث والمعاصر «ماماك» في نيس معرضاً كبيراً له.