هل أنصفت السينما أدب يوسف إدريس؟

قدم أعمالاً بارزة من بينها «الحرام» و«النداهة» و«قاع المدينة»

الدكتورة نسمة يوسف إدريس بين المخرجين مجدي أحمد علي وماجي مرجان والقاص أحمد أبو خنيجر خلال الندوة (إدارة المهرجان)
الدكتورة نسمة يوسف إدريس بين المخرجين مجدي أحمد علي وماجي مرجان والقاص أحمد أبو خنيجر خلال الندوة (إدارة المهرجان)
TT

هل أنصفت السينما أدب يوسف إدريس؟

الدكتورة نسمة يوسف إدريس بين المخرجين مجدي أحمد علي وماجي مرجان والقاص أحمد أبو خنيجر خلال الندوة (إدارة المهرجان)
الدكتورة نسمة يوسف إدريس بين المخرجين مجدي أحمد علي وماجي مرجان والقاص أحمد أبو خنيجر خلال الندوة (إدارة المهرجان)

استلهمت أعمال سينمائية مصرية شهيرة أحداثها من قصص الأديب المصري الراحل يوسف إدريس، على غرار «الحرام» للمخرج هنري بركات، و«لا وقت للحب»، لصلاح أبو سيف، و«النداهة» لحسين كمال، و«قاع المدينة» لحسام الدين مصطفى، لكن هل أنصفت السينما المصرية أدب يوسف إدريس؟

يوسف إدريس علي، كاتب قصصي، مسرحي، وروائي مصري ولد سنة 1927 في البيروم التابعة لمركز فاقوس، محافظة الشرقية، (دلتا مصر) وتوفي في 1 أغسطس (آب) عام 1991 عن عمر يناهز 64 عاماً.


يوسف إدريس (أرشيفية)

وفي حين رأى المشاركون في ندوة «المرأة في أدب يوسف إدريس» التي أقيمت ظهر الأربعاء، ضمن فعاليات مهرجان أسوان السينمائي الدولي لأفلام المرأة، أن الأفلام التي قدمت عن رواياته وقصصه لم تنجح في التعبير عن رأيه ووجهة نظره، فإنهم يعتبرون أن الأمل في الشباب الذين يمتلكون رؤية مختلفة، ويحاولون إعادة اكتشاف أعماله الأدبية، ويتمتعون بجرأة للتعبير عن آرائه التي قدمها في رواياته ومسرحياته وقصصه القصيرة.

وأوضحت ابنة الأديب الراحل الدكتورة نسمة يوسف إدريس، وهي أستاذة مسرح بالجامعة الأميركية، أن والدها كان يحب أن تطرح أعماله في السينما عبر جمهور أكبر وأكثر تنوعاً، لكنه كان يضطر للتدخل عند كتابة السيناريو لأن المخرجين يجدون صعوبة في توصيل إحساسه، فقد تناول في أعماله شخصيات من قاع المجتمع المصري، وكسر الحدود لأجل ذلك، وقدم شخصيات غير تقليدية، مشيرة إلى أن «السينما ظلمت أدب إدريس وأن الأمل في الشباب الذين يقبلون على تقديم أفلام قصيرة ومسرحيات عن أعماله»، وتمنت الدكتورة نسمة أن تتصدى امرأة لإخراج أعماله، لأن أغلب رواياته بطلاتها نساء بمختلف طبقاتهن وثقافتهن.


ابنة يوسف إدريس خلال ندوة أسوان السيمائي (إدارة المهرجان)

ومن العام إلى الخاص، تحدثت نسمة عن الأب يوسف إدريس، مؤكدة أن علاقته بالمرأة كانت ملتبسة حتى أنجبها بعد ولدين، وبدأ ينظر للمرأة نظرة مختلفة وأكثر عمقاً»، موضحة أن «علاقته بوالدتها كانت الأكثر تأثيراً في حياته، وليس في أدبه فقط، فقد عاشا معاً لأكثر من ثلاثين عاماً. كانت أمي تعامله خلالها كطفل، وكان يكتب أعماله في ورق ولا يقوم بحفظه، فتتولى أمي هذه المهمة لذا فقد قال عنها (لولا رجاء ما عشت أصلاً وليس فقط ما كتبت)».

وقال المخرج المصري مجدي أحمد علي إنه تأثر كثيراً بكتابات إدريس، مشيراً إلى أنه وجيله من المخرجين يعتبرون قصص إدريس القصيرة رواية مختصرة في التعبير عن لمحة زمنية أو نفسية رسخها إدريس في صفحة تتضمن براعة الاستهلال والدراما المشوقة والحوار.
وأشار إلى أن «إدريس يستحق أكثر من نوبل، غير أن ما قُدم عن أعمال إدريس على شاشة السينما أقل بكثير مما يستحق أدبه وأفكاره».


غلاف "النداهة" ليوسف إدريس (أرشيفية)

وأضاف علي: «لقد علّمنا إدريس عبقرية الاختصار بأقل الكلمات والتعبير بالانفعال. ففي فيلم (النداهة)، جاء المشهد الافتتاحي مذهلاً بجملة (مات حامد) ثم نعرف بعد ذلك أنه مات بعد اكتشاف خيانة زوجته، وعبر فيه إدريس عن قدرة المدينة على سحب أرواح الناس، لكن الفيلم الذي أخرجه واحد من أهم المخرجين المصريين وهو حسين كمال، صار في طريق آخر، وظهرت بطلته بماكياج وملابس غير ملائمة، وكذلك الفيلم القصير (أكان من الضروري أن تضيئي النور يا لي لي) لم يرتكن للفكرة الأساسية، وهي سقوط الشيخ في الغواية، وللأسف في السينما أحياناً لا يكون كتاب السيناريو والمخرجون على قدر الكتابة، وكانت هذه أحد أسباب تدخل يوسف إدريس في أعماله عند تحويلها لأفلام».


لقطة من فيلم النداهة (أرشيفية)

ويرى مجدي أن «المرأة هي البطلة معظم الوقت في كتابات إدريس كما في النداهة، وبيت من لحم، والحرام».
واعتبر القاص أحمد أبو خنيجر أن «جرأة كتابات يوسف إدريس لا تتوافق مع مصطلح السينما النظيفة الذي صار منتشراً في الأفلام. فمن الصعب أن يتم تقديم بيت من لحم، لكن يظل سر تميزه هو أنه يطرح قضايا الإنسان في كل مكان منطلقاً من بيئة مصرية، ما يجعله أديباً عالمياً بامتياز».

وأكدت المخرجة ماجي مرجان، التي أدارت الندوة، أن الأفلام التي اعتمدت أدب إدريس يعد بعضها علامات في تاريخ السينما المصرية، ومن بينها: «الحرام» لهنري بركات، و«لا وقت للحب» لصلاح أبو سيف، و«النداهة» لحسين كمال، و«قاع المدينة» لحسام الدين مصطفى.


أفيش فيلم "الحرام"



نهاية دانيال شبوري «فنان الأطباق المتّسخة»

دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
TT

نهاية دانيال شبوري «فنان الأطباق المتّسخة»

دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)

مسَّت النهاية بحياة الفنان التشكيلي السويسري دانيال شبوري، أحد أبرز الأسماء في تيار «الواقعية الجديدة» الفنّي، ومعلّم الـ«إيت آرت» الذي يتمثّل بتعليق مخلّفات وجبة طعام على لوحة، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مركز «بومبيدو».

وكتب متحف الفنّ الحديث والمعاصر عبر منصة «إكس»: «ينتابنا حزن عميق لوفاة دانيال شبوري، العضو المؤسِّس للواقعية الجديدة».

وتابع: «نظرته الفريدة للفنّ من خلال لوحاته وتجميعاته غير المتوقَّعة، مكّنته من التقاط اللحظة وما هو عادي ومدهش. سيظلّ إرثه مصدراً للإلهام والتأمُّل الفريد».

واشتُهر الفنان السويسري من أصل روماني، المولود عام 1930 في منطقة على ضفاف نهر الدانوب بغالاتي (شرق رومانيا)، بلوحاته ثلاثية البُعد المرتبطة بفنّ المائدة.

مبدؤها بسيط، ففي نهاية الوجبة، يلصق شبوري كل ما يتبقّى على الطاولة (أدوات المائدة، والأطباق، وبقايا الطعام، والأغلفة...)؛ بهدف تجميدها على اللوحة.

ويُطلق على كل عمل فنّي يضيء على الأطعمة والعادات الغذائية «إيت آرت».

ومع هذا المفهوم، أسَّس الراقص السابق تيار «الواقعية الجديدة» عام 1960 إلى جانب فنانين من أمثال إيف كلاين، وأرمان، وريموند هاينز.

الراقص السابق أسَّس تيار «الواقعية الجديدة» (غيتي)

ووصل به الأمر حدّ تولّيه إدارة مطعم في دوسلدورف الألمانية بين 1968 و1972. وكان بإمكان الزبائن المغادرة مع عملهم الخاص.

وأنشأ شبوري صالة عرض «إيت آرت» التي أُقيمت فيها معارض لعدد من الفنانين، بينهم سيزار وبن وأرمان، مع إبداعات سريعة الزوال وصالحة للأكل، في حين يشارك رسامون مثل بيار سولاج في بعض الولائم.

لكنه سعى إلى التخلّص من تسمية «فنان الأطباق المتّسخة». وفي إحدى مجموعاته، وضع غرضاً فعلياً على قماش، وتساءل عن الحدود بين الواقع والوهم.

عُرضت أعماله في معارض استعادية نُظّمت في متاحف عدّة، بينها مركز «بومبيدو» في باريس خلال التسعينات.

وعام 2021، خصَّص متحف الفن الحديث والمعاصر «ماماك» في نيس معرضاً كبيراً له.