صادق الصبّاح ﻟ«الشرق الأوسط»: «الهيبة» و«2020» و«صالون زهرة» وصلت إلى العالمية

«وأخيراً» و«الأجهر» من أبرز أعمال شركة الإنتاج اللبنانية في رمضان 2023

رئيس مجلس إدارة شركة «الصبّاح» للإنتاج، صادق الصبّاح (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس إدارة شركة «الصبّاح» للإنتاج، صادق الصبّاح (الشرق الأوسط)
TT

صادق الصبّاح ﻟ«الشرق الأوسط»: «الهيبة» و«2020» و«صالون زهرة» وصلت إلى العالمية

رئيس مجلس إدارة شركة «الصبّاح» للإنتاج، صادق الصبّاح (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس إدارة شركة «الصبّاح» للإنتاج، صادق الصبّاح (الشرق الأوسط)

من مقر شركته في وسط العاصمة اللبنانية، يراقب صادق الصبّاح الماراثون الدرامي العالمي، واجتياح منصات البث مشهديّة قطاع الترفيه العربيّ. لا يكتفي المنتج اللبناني ورئيس مجلس إدارة «شركة الصبّاح للإنتاج الفني – Cedars Art»، بالجلوس خلف مكتبه البيروتيّ حيث يبدأ يومه بنغماتٍ فيروزيّة. فهو لا يفوّت فرصةً للمشاركة في ملتقى هنا أو منتدى هناك، للاطّلاع على كل جديد في عالم الإنتاج التلفزيوني والسينمائي. يحضر المهرجانات والمعارض العالمية، من لوس أنجليس إلى أقصى القارة الآسيوية. يجول كذلك على مكاتب الشركة المنتشرة في بعض العواصم العربية، ليتابع عن كثب تطوّرات العمل.
منذ 4 عقود، يتشارك الصباح وشقيقه علي إدارة المؤسسة. الأمر أبعد من «بيزنس» وأوسع من شركة إنتاج؛ هي قصة شغفٍ ورثه الشقيقان الصبّاح عن جدّهما وأورثاه لأولادهما والأحفاد. يتقاسم الجيلان اليوم المهام فيما بينهما، ليقدّما أبرز المسلسلات العربية. بعض تلك المسلسلات ﻛ«الهيبة» و«صالون زهرة» سلك طريقه إلى الغرب، حسب ما يقول الصبّاح ل"الشرق الأوسط". والبعض الآخر آتٍ في رمضان 2023 ليثبت أن العالمية ليست مهمة مستحيلة بالنسبة إلى المسلسلات العربية.

على قائمة رمضان 2023: «المدّاح» و«النار بالنار» وأكثر

دخلت شركة «الصبّاح» إلى السوق المصرية من خلال مسلسلات عدة؛ أبرزها «أزمة منتصف العمر». وهي تعود بإنتاجات رمضانية مصرية من بينها «المدّاح، أسطورة العشق»، و«الأجهر» من بطولة عمرو سعد، و«تغيير جوّ» مع منّة شلبي. وفي جعبة الشركة للشهر الكريم كذلك إنتاجاتٌ ضخمة، منها «وأخيراً» مع نادين نجيم وقصي خولي، و«الزند - ذئب العاصي» مع تيم حسن، و«النار بالنار» مع عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز.


تجد الشركة نفسها اليوم في قلب الحقبة الذهبيّة للشاشة الصغيرة، هي التي عرفت كيف تواكب صعود البث الرقمي. فقد حجز القيّمون عليها مساحةً واسعة لإنتاجاتهم على المنصات، وهم لاقَوا في منصة «شاهد» المنبثقة عن مجموعة MBC شريكاً في رحلة الصعود والنجاح.
يقول المنتج صادق الصبّاح في هذا الإطار، إنّنا «في أوج عصر البث والمنصات والتطبيقات. هذا القطاع في تطوّر سريع ويوميّ. وقد كانت خطوة ذكية من MBC بأن تستبق هجمة المنصات الغربية على العالم العربي، وأن تخلق علاقة متينة مع المشاهد العربي من خلال (شاهد)».


امتدت علاقة الشركة المُنتجة مع المنصات إلى خارج الحدود العربية. ففي عام 2018 اختارت «نتفليكس» أن تبثّ مسلسل «الهيبة». لحق ذلك بعد سنة فيلم «دولار» الذي أنتجه الصبّاح وتبنّته المنصة العالمية كأحد أعمالها الأصلية (Netflix Originals). مع الوقت، توسّعت الدائرة وباتت إنتاجات الصبّاح موجودة على معظم منصات البث، العربية منها والعالمية.

حكاية «جبل شيخ الجبل» صارت عالمية

لا يجد صادق الصبّاح أي مانعٍ يحول دون دخول المسلسلات العربية إلى بيوت الغرب عن طريق المنصات. إنها فترة ملائمة جداً للوصول إلى مشاهدين من جنسيات غير عربية. وقد حصل ذلك فعلاً من خلال مسلسلات مثل «الهيبة»، و«2020»، و«صالون زهرة»، و«تشيللو» وغيرها، والتي تُرجمت إلى لغاتٍ عدة كالإسبانية والبرتغالية.
بالعودة إلى «الهيبة»، فقد شكّلت هذه الخُماسيّة ظاهرة في عالم الدراما العربيّة. يختصر الصبّاح الظاهرة قائلاً: «حكاية (الهيبة) كانت جاذبة عالمياً. إذ غالباً ما تلاقي قصص الشخصيات الخارجة على القانون صدىً، خصوصاً إذا كان البطل يخبّئ جوانب إنسانية تحت الظاهر العنيف والإجراميّ. يضاف إلى ذلك، النص المتقن والإخراج والعناصر التقنية، التي رفعت المسلسل إلى مستوى عالميّ. من دون أن ننسى الضجّة التي أثارها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تَحوّل بموجبها إلى ترند على مرّ المواسم».

أحبَّ الناس «جبل شيخ الجبل»، وكل مَن وما يحيط به من قرية وعائلة وحبيبات ورفاق. تعاطفوا معه رغم اهتماماته المثيرة للجدل، ونبذوا أعداءه. بسرعة قياسية، تحوّلت شخصية «جبل» إلى أسطورة دراميّة جرت دبلجتها إلى لغاتٍ عدّة. وبعد 5 مواسم تبدّلت فيها بعض الشخصيات وتطوّرت خلالها الحبكة، ها هي إحدى أبرز شركات الإنتاج في تركيا تشتري بنية (format) المسلسل من الصبّاح لتعيد تصويره، إنما بنسخة تركية مقتبسة عن العربية. وقد توّجت شركة الصبّاح خماسيّة «الهيبة» بفيلم جاء بمثابة النهاية لأحد أهمّ إنتاجات الشركة.
«ليست العالمية هاجساً بالنسبة إلينا»، يلفت الصبّاح. ويضيف: «لم يكن هدفنا الوصول إليها من خلال مسلسلاتنا، لكننا تفاجأنا بالأصداء وبالمهرجانات الدولية التي كرّمت تلك الأعمال». المنتج الذي يتابع مسلسلات غربية كثيرة، ويبدي إعجابه بـ«ذا كراون» و«كوينز غامبيت»، يعتبر أن الخلطة السحرية التي قد تأخذ عملاً درامياً إلى العالمية تتألّف من المكوّنات التالية: نص ممتاز، تقنيات متطوّرة، إخراج وتمثيل ذَوَا مستوى، وميزانية كبيرة.
«قصصنا حلوة كتير لكن بدها ميزانية أعلى»، يتحسّر الصبّاح. في مكتبة الشركة نصوصٌ من كل الأنواع: روايات عالمية وعربية، قصص رعب وتشويق وحب اشترت الشركة حقوقها، وهي تنتظر فقط الميزانية الكافية لإنتاجها، واللحظة المناسبة لإطلاقها إلى جمهورٍ متحوّل الأمزجة وصعب الإقناع.

مستقبل الدراما العربية بعيون الصبّاح

يوافق صادق الصبّاح على أنّ الدراما العربية شهدت قفزة نوعيّة في السنوات الأخيرة، وبرأيه «أثبتت الجهات العربية المنتجة أنها قادرة على تقديم محتوى ينافس الغرب بجدارة. أضف إلى ذلك التقنيات التي صارت سهلة المنال وأقل كلفةً، إلى جانب الميزانيات التي تحسّنت قليلاً مقارنةً مع الماضي».
تعتمد الشركة كذلك على دراسات وإحصائيات تُجريها لجسّ نبض الشارع، وفهم المزاج العام والقضايا التي تشغله، فيجري على أساسها اختيار مواضيع المسلسلات؛ من حقوق المرأة، إلى مواهب ذوي الاحتياجات الخاصة، مروراً بقضايا التهريب والمخدرات. أما المعالجة، فتخضع لرقابة ذاتية، ويؤكد الصبّاح في هذا الإطار أنّ «الشركة جريئة في معالجة المواضيع كافةً، لكنها تحرص على ألا تخدش المجتمعات والتقاليد العربية». يقول: «لا يمكننا أن نشرّع ما يشرّعه الغرب في الدراما. نحاول أن نداري مجتمعنا قدر المستطاع».


يتوقّع الصبّاح أن يتمّ تدريجياً خرق المحظورات وتقديم دراما تُقنع الجيل الصاعد أكثر بواقعيتها وحريتها، كما ستكون الحال في مسلسل «وتر» الذي ما زال في مرحلة الكتابة، وهو يحاكي المراهقين والشباب بتفاصيله الجريئة.
إلى جانب تحدّي جذب الجمهور الشاب، يبرز تحدٍ من نوعٍ آخر وهو تجنّب التطويل والوصول إلى صيغة المسلسل أو الموسم الذي يضم حلقات قليلة، والخروج من هاجس اﻟ30 حلقة. وقد نجحت هذه التجربة في مسلسل «بطلوع الروح» الذي عُرض في رمضان 2022، وكان عبارة عن 15 حلقة.

يبدو صادق الصبّاح مطمئناً إلى مستقبل الدراما العربية، وما خليّةُ النحل داخل شركته سوى انعكاسٍ لذلك الاطمئنان. ففي الشركة 5 منتجين، وكلٌ منهم ينجز ما بين عملَين و3 سنوياً.



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.