رغم الانتشار الأمني الكثيف.. آلاف العراقيين في مظاهرة «الكهرباء» في بغداد

تضارب مواقف سياسية ودينية بشأن التجاوب مع المحتجين بحجة «المندسين»

آلاف المتظاهرين تحت نصب الحرية وسط بغداد يحتجون بسبب سوء الخدمات أمس («الشرق الأوسط»)
آلاف المتظاهرين تحت نصب الحرية وسط بغداد يحتجون بسبب سوء الخدمات أمس («الشرق الأوسط»)
TT

رغم الانتشار الأمني الكثيف.. آلاف العراقيين في مظاهرة «الكهرباء» في بغداد

آلاف المتظاهرين تحت نصب الحرية وسط بغداد يحتجون بسبب سوء الخدمات أمس («الشرق الأوسط»)
آلاف المتظاهرين تحت نصب الحرية وسط بغداد يحتجون بسبب سوء الخدمات أمس («الشرق الأوسط»)

لم تستفق الحكومة العراقية من صدمة الأربعاء الماضي حين قطعت عدة قطارات من محطة السكك الرئيسية ببغداد لتقطع جانب الكرخ بوصفه أحدث أساليب الاحتجاج على سلسلة النواقص التي يعانيها المواطن العراقي وفي المقدمة منها نقص الكهرباء والرواتب والخدمات البلدية.
وزير النقل العراقي باقر جبر الزبيدي الذي التقى ممثلين عن متظاهري السكك بسبب التأخير في تسليم رواتبهم إلا أنه وطبقًا للتصريحات الصحافية التي أدلى بها عقب اللقاء الذي اعتذر فيه قائدو القطارات عما حصل جراء استخدامهم موارد الدولة في قطع الطرقات فإن هناك عقوبات يؤمل أن تصدر بعد غد (الاثنين) بحق من وصفهم بـ«الغرباء» الذين رافقوا القادة الذين أخرجوا عربات القطار لكي يغلقوا بها جانب الكرخ من العاصمة بغداد، وهو ما جعل قائد عمليات بغداد الفريق الركن عبد الأمير الشمري إلى أن يحضر بسرعة إلى مكان الحادث بعد أن راجت نظرية مؤامرة مفادها أن هناك نية لقطع مدينة الكاظمية شمال بغداد.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه سلسلة الإجراءات التي تنوي وزارة النقل اتخاذها بحق المخالفين فإن المظاهرات الخاصة بالنقص الحاد في الكهرباء والذي تزامن مع موجة حر غير مسبوقة في عموم العراق بلغت فيها درجات الحرارة نصف درجة الغليان فقد امتدت المظاهرات من البصرة التي قتل أحد متظاهريها الأسبوع الماضي إلى الناصرية ومن ثم إلى بغداد التي احتضنت أكبر وأشهر ميادينها (ساحة التحرير) مظاهرة كبرى حضرها الآلاف من العراقيين عنوانها الوحيد كما قال لـ«الشرق الأوسط» أحد منظميها نبيل جاسم: «نقص الطاقة والخدمات»، مضيفًا أن «المظاهرات حق مكفول دستوريًا ونحن لا نتظاهر من أجل شيء غير مشروع، بل من أجل أن تستجيب الحكومة لمطالب الشعب، لا سيما الكهرباء التي هي أحد الحقوق الأساسية للمواطنين على أي حكومة، سواء هذه الحكومة أو الحكومات السابقة التي أنفقت عشرات المليارات على ملف الطاقة ولم يحصل أي تحسن».
وأكد جاسم أن «مما يؤسف له أن الفهم السائد للمظاهرات بات فهما غير صحيح، حيث كثيرًا ما باتت تنسب لها الأجندات والتسييس ودخول المندسين، وهذه الأمور كلها غير صحيحة، ومن الممكن فرزها بسهولة»، متسائلاً: «أين هو التسييس في من شعاره فقط هو توفير الطاقة وإحالة المقصرين إلى القضاء طبقًا للبيان الذي أعددناه لأننا لا نريد أن نتظاهر ونمضي، بل نضع آليات وحلولاً لمواجهة هذه الأزمة وأول هذه الحلول هو عدم الصمت عن سنوات الفشل الكهربائية الماضية»، مشيرًا إلى أن «ملف الإخفاق هذا لا تتحمله الحكومة الحالية فقط، بل كل الحكومات السابقة، حيث نتحدث عن 12 عامًا».
ولم تمنع الإجراءات الحكومية بتكليف القوات الأمنية إغلاق بالطرق المؤدية إلى موقع المظاهرة في ساحة التحرير وسط بغداد من مناطق العلاوي والصالحية وجسر الجمهورية وشارع السعدون آلاف المتظاهرين من الوصول إلى ساحة التحرير مشيًا على الأقدام على الرغم من حرارة الجو وانتشار قوات مكافحة الشغب بكثافة في محيط موقع المظاهرة، حيث تم منع سيارات البث المباشر التي كانت تروم نقل المظاهرة على الهواء. ورفع المتظاهرون شعارات وهتافات نددت بالفشل الحكومي، لا سيما على صعيد ملف الطاقة والكهرباء، مطالبين بإقالة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي.
لكن المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسؤولية لا تتعلق بوزارة الكهرباء فقط، بل هي أزمة عامة في البلد وأسبابها مختلفة من بينها بناء محطات طاقة على الغاز، بينما نعاني نقصا في الغاز، بالإضافة إلى موضوع الوقود الذي هو من مسؤولية وزارة النفط».
وأوضح أن «هناك لجنة طاقة هي المسؤولة عن هذا الملف بالكامل ووزارة الكهرباء تنفذ ما يقع عليها وهي تتحمل جزءًا من المسؤولية، لكن ليس كل المسؤولية بحيث يجري اختزال الأزمة بالوزارة والوزير».
الناشطة المدنية يسرى مجيد قالت من جانبها لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه المظاهرات حقيقية ليس فيها تسييس أو أجندات، بل هي من أجل الشعب الذي ظلم كثيرًا بسلسلة طويلة من الوعود ولم يعد أمامه من وسيلة للاحتجاج سوى المظاهرات التي كفلها الدستور العراقي، ومع ذلك يريدون مصادرتها منا».
إلى ذلك، تضاربت مواقف المرجعيات الدينية الشيعية من المظاهرات. ففي الوقت الذي دعا فيه خطيب مسجد الكوفة التابع للتيار الصدري إلى أن حل أزمة الكهرباء يتطلب رفع المولدات العملاقة عن منازل ومقرات عمل الوزراء ليشعروا بمعاناة المواطنين وجعلهم يعيشون بين معاناة الكهرباء الوطنية والمولدة الأهلية ليجدوا الحلول السريعة لمشكلة الطاقة الكهربائية، فإن خطيب جمعة النجف التابع للمجلس الأعلى الإسلامي صدر الدين القبانجي حذر مما سماه استغلال المظاهرات بسبب الأزمة الخدمية والكهرباء سياسيًا، كما حذر من اندساس عناصر لها مآرب تهدف لإسقاط التجربة العراقية ونقل صورة أن العراق غير مستقر.
من جهته، شن ممثل المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني هجومًا على الجهات المسؤولة بسبب التقصير في حل أزمة الكهرباء. وقال ممثل المرجعية في كربلاء أعبد المهدي الكربلائي: «يعاني الموطنون في معظم المناطق من نقص كبير في الخدمات العامة، ولا سيما الكهرباء التي تمس الحاجة إليها للحد الضرورة القصوى مع ارتفاع درجات الحرارة إلى درجات قياسية في الصيف الحالي». وأضاف: «كان من المتوقع من الحكومات المتعاقبة أن تولي اهتمامًا خاصًا لحل المشكلة وأن تقرر وتنفذ خططًا صحيحة لسد النقص من هذه الخدمة الأساسية، ولكن المؤسف أن كل حكومة تضع اللوم على قبلها وهي لا تقوم بما يلزمها لتخفيف معاناة المواطنين الذين يعانون من جوانب أخرى، ومنها عدم توفير فرص العمل المناسب الذي يحقق لهم العيش الكريم، حيث إن هناك نسبة عالية من البطالة في البلد كما هو معلوم». وأشار الكربلائي إلى أن «الحكومات المتعاقبة أغفلت وضع خطط استراتيجية لمعالجة المشكلة رغم الإمكانيات الكبيرة في العراق ولو استغلت بشكل صحيح لما بقيت بطالة بالإضافة إلى الفساد المالي والإداري الذي هو أم البلايا، وكذلك الإرهاب والوضع الأمني».



الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
TT

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، الخميس، أنها فخخت ثم فجرت ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجموها في البحر الأحمر، ما تسبب باندلاع حرائق عدة على متنها.

وفي 21 أغسطس (آب)، تعرّضت السفينة التي ترفع علم اليونان، لهجوم نفّذه الحوثيون وأدى، بحسب هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، إلى اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة محرّكها. ودفع ذلك مهمة الاتحاد الأوروبي في المنطقة إلى إجلاء طاقمها المؤلف من 25 شخصاً.

ونشر الحوثيون على وسائل إعلام تابعة لهم، مساء الخميس، مقطع فيديو يُظهر شخصاً ملثماً ومسلحاً يعدّ جهاز تفخيخ على متن «سونيون». وسرعان ما يتمّ تفجيرها فتندلع حرائق عدة على متنها وتتصاعد أعمدة الدخان الأسود منها.

أحد عناصر جماعة «الحوثي» على سطح ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوعي، الخميس، إن قواته نفذت «عملية جريئة وشجاعة» هذا الأسبوع عبر «اقتحام» السفينة سونيون «وتدمير ما فيها من الشحنات واستهداف السفينة نفسها وتفخيخها وتفجيرها».

وأشار، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن الناقلة «كانت تخالف قرار الحظر وتحمل شحنات للعدو الإسرائيلي».

وبحسب سلطة الموانئ اليونانية، فإن السفينة مملوكة لشركة «دلتا تانكرز» اليونانية للشحن، وقد أبحرت من العراق وكانت متجهة إلى ميناء قريب من أثينا.

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأظهر الفيديو أيضاً أضراراً في هيكل السفينة، إضافة إلى أغراض مبعثرة داخل غرفة القيادة.

يأتي ذلك غداة إعلان بعثة إيران لدى «الأمم المتحدة» موافقة الحوثيين على إنقاذ الناقلة سونيون، التي تحمل 150 ألف طن من النفط، «نظراً للمخاوف الإنسانية والبيئية».

وكتب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، على منصة «إكس»، في وقت متأخر الأربعاء: «بعد تواصل جهات دولية عدة معنا، خصوصاً الأوروبية، تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون».

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأفادت مهمة «أسبيدس» الأوروبية في البحر الأحمر، الخميس، أن «(سونيون) مشتعلة منذ 23 أغسطس (آب)» مع «رصد حرائق في مواقع عدة على السطح الرئيسي للسفينة».

وأشارت إلى «عدم وجود تسرب نفطي، وأن السفينة لا تزال راسية ولا تنجرف». وأكدت، على منصة «إكس»، أنها تستعدّ «لتسهيل أي مسارات عمل، بالتنسيق مع السلطات الأوروبية والدول المجاورة، لتجنب أزمة بيئية كارثية».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، يستهدف الحوثيون سفناً تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، ما يعدّونه دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس».

وأثّرت هجمات الحوثيين على حركة الشحن في المنطقة الاستراتيجية، التي يمرّ عبرها 12 في المائة من التجارة العالمية.