ليست دور النشر وحدها المستأثرة بالاهتمام في معرض الشرقية للكتاب 2023، الذي يقام حالياً شرق السعودية، إذ يحظى البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض بحصة وافرة من الاهتمام، ليثير العديد من الأسئلة ويبعث على الفضول في عدة مواضيع، ويبدو تسيد المحتوى والإعلام كبيراً في البرنامج الذي يضم أكثر من 30 ندوة حوارية، ويستمر إلى يوم الجمعة المقبل.
ومن عوالم الكتب وشؤون النشر المصاحبة دائماً لندوات معارض الكتب، يطرق معرض الشرقية للكتاب الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة باب مواضيع أكثر حيوية، تمس منصات التأثير، إن كانت الإعلامية منها أم الإلكترونية، من خلال البرنامج الثقافي الذي يحمل عنوان «برنامج مركز إثراء الثقافي»، الأمر الذي جعل المعرض ليس جاذباً لهواة القراء فقط، بل أيضاً للمهنيين والممارسين في قطاع الإعلام ومنصات التأثير بشتى أنواعها.
الصحافة الثقافية
ربما يظن البعض أن الصحافة الثقافية فقدت بريقها بفعل اكتساح شبكات التواصل الاجتماعي التي تنافس بشراسة الجذب والتأثير، وهو ما تحفظ عليه إعلاميون عرب في ندوة «ماذا تحتاج الصحافة الثقافية لتجديدها؟»، حيث يرى الصحافي اللبناني عبده وازن، أن الصحافة العربية تشهد حالة من التراجع بشكل عام، مبيناً أن المشكلة الأولى تكمن في عدم تخصص الممارسين.
أما الصحافي المصري سيد محمود، فيرى ضرورة أن تلحق الصحافة الثقافية بالتطورات المتسارعة، في تطوير أدواتها والتوجه نحو المحتوى المرئي والسمعي، قائلاً: «الذكاء الصناعي وشبكات التواصل الاجتماعي أوجدتا تحديات مهنية كبيرة جداً»، في المقابل يرى أن مضمون الصحافة الثقافية ذاته صار يقترب من التسطيح والتقليدية، مضيفاً: «مؤسسات صحافية كبرى لم تنخرط في معطيات اللحظة الجديدة».
صناعة المحتوى
حول تداخل المهام ما بين دور الصحافي وصانع المحتوى، يرى الصحافي السعودي ميرزا الخويلدي، أن بالضرورة على كل صحافي أن يتحول إلى صانع محتوى، مضيفاً: «هناك سوء فهم لدى بعض الصحافيين ممن يربطون أنفسهم بالورق، ويعتقدون أن انتهاء عصر الورق يهدد مستقبلهم المهني، وهذا غير صحيح، فما دام العالم يمضي قُدماً فهناك حاجة للإعلام والصحافة، سواء بشكل ورقي أو إلكتروني».
وفي شؤون الإعلام أيضاً، أقيمت أمس ندوة حول «فلسفة الحوار: منهج وإعداد»، ضمت مجموعة من الإعلاميين الذين اعتبروا أن الحوار أصبح عنصراً أساسياً في استخراج الإجابات المنتظرة واستحضار المعلومات المهمة في أي موضوع كان. في حين تقام يوم الخميس المقبل ندوة «دور الإعلام في تصدير الثقافة العربية» بمشاركة مجموعة إعلاميين، لبحث مدى قدرة الإعلام العربي على نشر مخرجات الثقافة ومنتوجاتها بما يضمن حضورها في المشهد العالمي.
دهاليز المحتوى
كما طغت مواضيع المحتوى ومطبخ إعداده على ندوات المعرض المقام في «الظهران إكسبو»، فتزامناً مع انطلاقة الدورة الثانية لمبادرة إثراء المحتوى العربي التي ينظمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، أقيمت ندوة حول «منح الكتابة ودورها في إثراء المحتوى العربي»، حيث بحثت جدوى المبادرة والمشاركين فيها ونتائجها المتحققة حتى الآن، علاوة على ما تغير في مفهوم المحتوى العربي من ناحية الكم والجودة.
ويوم الثلاثاء المقبل تقام ندوة بعنوان «في دهاليز صناعة المحتوى المعرفي» تلقي الضوء على الجهد المبذول خلف الستار في إظهار ذلك المحتوى، والسؤال عن كيفية تمكن صناع المحتوى من ذلك، وهو سؤال يوجهه الإعلامي السعودي ياسر العمرو، إلى صناع المحتوى: بدر الحمود، وهدى حمد، وفاطمة الشملان.
ويمتد ذلك أيضاً إلى اليوم الذي يليه، في ندوة «صناعة المحتوى بين أحلام الشباب وتحديات الواقع» التي تقدم نصائح المتبحرين في هذا المجال إلى المهتمين في خوض غمار تجربة صناعة المحتوى، ويرافق كل ذلك ورش عمل متنوعة تولي هي الأخرى عناية بالغة في شؤون المحتوى وسبل تطويره.