الموت يغيّب «أم البطل» شريفة فاضل

صاحبة «حارة السقايين» و«لسه بدري يا شهر الصيام»

الفنانة الراحلة في شبابها (أرشيفية)
الفنانة الراحلة في شبابها (أرشيفية)
TT

الموت يغيّب «أم البطل» شريفة فاضل

الفنانة الراحلة في شبابها (أرشيفية)
الفنانة الراحلة في شبابها (أرشيفية)

غيّب الموت الفنانة المصرية، شريفة فاضل عن عمر ناهز 85 عاماً، بعد مسيرة حافلة قدمت خلالها عدداً من الأغاني الشهيرة منها «أم البطل» و«حارة السقايين» ونحو 20 فيلماً. وتم تشييع جنازة فاضل من مسجد السيدة نفيسة عصر الأحد، ودفنها بمقابر عائلتها بالقاهرة، وسط حضور أقاربها، وغياب نجوم الفن عن الجنازة.

ونعت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، الفنانة الراحلة، وقالت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «ألف رحمة ونور على روح الفنانة الكبيرة شريفة فاضل، (أم البطل) وعزاؤنا للعزيز سامي بدير، أحد أقطاب الجالية المصرية في دولة آيرلندا». ونشر عدد من الفنانين صور الراحلة على حساباتهم المختلفة بمواقع التواصل الاجتماعي، ونعوها بكلمات مؤثرة، منهم صفاء أبو السعود ولطيفة وفيفي عبده.


الفنانة شريفة فاضل (أرشيفية)

وعلى الرغم من أنها لم تكن في شهرة أم كلثوم أو ليلى مراد أو شادية أو نجاة، فإنها استطاعت تخليد اسمها بعدد من أغاني الأفراح والأعراس مثل «مبروك عليك يا معجباني»، فضلاً عن أغنية «لسه بدري يا شهر الصيام» التي تذاع عادة في الأسبوع الأخير من الشهر الكريم، وأصبحت من المفردات والثوابت الرمضانية التي تشير إلى قرب انتهاء شهر رمضان.

ويرى الناقد الفني محمد عبد الخالق في شريفة فاضل «مطربة وممثلة مختلفة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن لها شبيه سواء في لونها الغنائي الذي اختارته، حتى بين مطربات اللون الشعبي، حيث تعاونت مع قامات كبيرة من الشعراء والملحنين، منهم محمد الموجي، ورياض السنباطي، وبليغ حمدي، ومنير مراد الذي قدمها بشكل جديد في الأغنية الشعبية، مستخدماً الألوان الموسيقية الجديدة بآلاتها الغربية، وكانت أغنية (الليل) أكبر وأوضح صورة لهذا التعاون».

ووفق عبد الخالق، فإن «فاضل تركت تراثاً ضخماً في عالم الموسيقى والغناء عبر عديد من الأغاني التي عاشت حتى اليوم، ومنها الرومانسية مثل: (روح وإنساني) و(أمانة يا بكرة)، والشعبية مثل: (فلاح كان ماشي)، و(حارة السقايين)، التي حققت نجاحاً وصل إلى حد تقديم فيلم من بطولتها بالاسم نفسه».


الفنانة شريفة فاضل (أرشيفية)

سينمائياً، تركت الراحلة تراثاً لافتاً في عالم السينما والتمثيل، حيث وصل عدد الأفلام التي شاركت بها إلى 20 فيلماً، 15 منها قامت بالتمثيل والغناء بها، و5 شاركت بها بالغناء فقط، ومن أشهر أعمالها السينمائية: «أولادي»، و«وداعاً يا غرامي»، ولم يجد المخرج حسن الإمام أفضل منها لتقديم دور منيرة المهدية (سلطانة الطرب) في فيلم حمل الاسم نفسه.


الفنانة شريفة فاضل (أرشيفية)

وتُعد أغنية «أم البطل» من أشهر أغنيات الفنانة الراحلة، التي تحدثت عنها في تصريحات سابقة، قالت فيها: «توفي ابني قبيل حرب أكتوبر خلال تلقيه تدريبات على الطيران، وكان ابني الكبير وأول فرحتي، وتوقفت عن الغناء بعد هذه الصدمة، لكني بعد فترة طلبت من صديقتي الشاعرة نبيلة قنديل كتابة أغنية عن أم بطل شارك في حرب أكتوبر، ودخلت نبيلة غرفة ابني، دقائق عدة، ثم خرجت وفي يدها ورقة بكلمات الأغنية، التي هزتني بشدة، وشعرت بأنها تعبر عني بالفعل».

وبحسب عدد من مؤرخي الفن، فقد عاشت الراحلة حياة حافلة بالتحولات الدرامية، حيث وُلدت في سبتمبر 1938 وكان جدها أحد مشاهير تلاوة القرآن، وانفصل والداها وهي طفلة، وعاشت مع والدتها وزوجها في عوامة بالنيل، حيث كان يزورهم المشاهير، وجاء ظهورها الأول على الشاشة في فيلم «الأب» عام 1947 ومنحها الشاعر صالح جودت اسم الشهرة (شريفة فاضل) بدلاً من اسمها الحقيقي وهو فوقية ندا. وتزوجت من الشاعر والممثل السيد بدير، في خمسينات القرن الماضي، لكن سرعان ما وقع الطلاق بسبب غيرته الشديدة.


الفنانة شريفة فاضل (أرشيفية)



عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

TT

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

بينما تتواصل جلسات «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، بالعاصمة السعودية الرياض لليوم الثاني، أظهرت ردهات المكان، والمعرض المصاحب للمؤتمر بما يحتويه، تاريخاً من الريادة السعودية في هذا المجال على مدى 3 عقود، وفقاً لردود الفعل من شخصيات حاضرة وزوّار ومهتمّين.

جانب من المعرض المصاحب لـ«المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

 

على الجهة اليُمنى من مدخل مقر المؤتمر، يكتظ المعرض المصاحب له بالزائرين، ويعرّج تجاهه معظم الداخلين إلى المؤتمر، قُبيل توجّههم لحضور الجلسات الحوارية، وبين مَن يلتقط الصور مع بعض التوائم الموجودين ويستمع لحديثٍ مع الأطباء والطواقم الطبية، برزت كثير من المشاعر التي باح بها لـ«الشرق الأوسط» عددٌ من أشهر حالات التوائم السياميّة التي نجحت السعودية في عمليات فصلها خلال السنوات الأخيرة.

 

«أعمل في المستشفى حيث أُجريت عملية فصلنا»

السودانيتان التوأم هبة وسماح، من أوائل التوائم الذين أُجريت لهم عمليات الفصل قبل 3 عقود، وقد عبّرتا لـ«الشرق الأوسط» عن فخرهما بأنهما من أولى الحالات الذين أُجريت عملية فصلهما في السعودية.

قالت هبة عمر: «مَدّتنا عائلتنا بالقوة والعزيمة منذ إجرائنا العملية، وهذا الإنجاز الطبي العظيم ليس أمراً طارئاً على السعودية، وأرجو أن يجعل الله ذلك في ميزان حسنات قيادتها وشعبها».

 

التوأم السيامي السوداني هبة وسماح (تصوير: تركي العقيلي)

أما شقيقتها سماح عمر فتضيف فصلاً آخر من القصة :«لم نكن نعرف أننا توأم سيامي إلّا في وقت لاحق بعد تجاوزنا عمر الـ10 سنوات وبعدما رأينا عن طريق الصّدفة صورة قديمة لنا وأخبرنا والدنا، الذي كافح معنا، بذلك وعاملنا معاملة الأطفال الطبيعيين»، وتابعت: «فخورون نحن بتجربتنا، وقد واصلنا حياتنا بشكل طبيعي في السعودية، وتعلّمنا فيها حتى أنهينا الدراسة الجامعية بجامعة المجمعة، وعُدنا إلى السودان عام 2020 شوقاً إلى العائلة ولوالدتنا»، وبعد اندلاع الحرب في السودان عادت سماح إلى السعودية لتعمل في «مستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث»، وهو المستشفى نفسه الذي أُجريت لها ولشقيقتها فيه عملية الفصل.

ووجهت سماح عبر «الشرق الأوسط» رسالةً إلى التوائم السيامية طالبتهم فيها باستكمال حياتهم بشكل طبيعي: «اهتموا بتعليمكم وصحتكم؛ لأن التعليم على وجه الخصوص هو الذي سيقوّيكم لمواجهة صعوبة الحياة».

 

«وجدتُ العلاج في السعودية»

بوجهين تغشاهما البراءة، ويشع منهما نور الحياة، بينما لا يتوقع من يراهما أن هاتين الطفلتين قد أجرتا عملية فصل؛ إذ تظهرا بصحة جيدة جداً، تقف الباكستانيتان التوأم فاطمة ومشاعل مع أبيهما الذي يتحدث نيابةً عنهما قائلاً :«بحثت في 8 مستشفيات عن علاج للحالة النادرة لفاطمة ومشاعل، ولم أنجح في مسعاي، وعندما رفعت طلباً إلى الجهات الصحية في السعودية، جاء أمر العلاج بعد شهرين، وتوجهت إلى السعودية مع تأشيرة وتذاكر سفر بالإضافة إلى العلاج المجاني. رافقتني حينها دعوات العائلة والأصدقاء من باكستان للسعودية وقيادتها على ما قدمته لنا».

التوأم السيامي الباكستاني فاطمة ومشاعل (تصوير: تركي العقيلي)

 

«السعودية بلد الخير (...) فاطمة ومشاعل الآن بأفضل صحة، وأصبحتا تعيشان بشكل طبيعي مثل أخواتهما الثلاث الأخريات»؛ يقول الوالد الباكستاني... «أشكر القيادة السعودية والشعب السعودي الطيب والدكتور عبد الله الربيعة على الرعاية التي تلقيناها منذ كان عمر ابنتيّ عاماً واحداً في 2016».

وقبل أن تغادرا الكاميرا، فاضت مشاعر فاطمة ومشاعل بصوتٍ واحد لميكروفون «الشرق الأوسط»: «نحن فاطمة ومشاعل من باكستان، ونشكر السعودية والملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والدكتور عبد الله الربيعة».

 

عُماني فخور بالسعودية

أما محمد الجرداني، والد العُمانيتين التوأم صفا ومروة، فلم يُخفِ شعوره العارم بالفخر بما وصلت إليه السعودية من استخدام التقنيات الحديثة في المجال الطبي حتى أصبحت رائدة في هذا المجال ومجالات أخرى، مضيفاً أن «صفا ومروة وُلد معهما شقيقهما يحيى، غير أنه كان منفرداً».

الجرداني وهو يسهب في الحديث لـ«الشرق الأوسط»، وسط اختلاط المشاعر الإنسانية على وجهه، أكّد أن صحة ابنتيه اليوم «في أفضل حالٍ بعدما أُجريت لهما عملية الفصل في السعودية عام 2007، وأصبحتا تمارسان حياتهما بأفضل طريقة، ووصلتا في دراستهما إلى المرحلة الثانوية»، وأضاف: «نعزو الفضل في ذلك بعد الله إلى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، اللذين واصلا المسيرة الإنسانية للسعودية... وصولاً إلى هذا المؤتمر، وتحديد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عامٍ (يوماً للتوائم الملتصقة)».

الجرداني أشاد بجهود الدكتور عبد الله الربيعة في قيادة الفرق الطبية المختصة، وقال إنه «مدين بالشكر والعرفان لهذا المسؤول والطبيب والإنسان الرائع».

المؤتمر الذي يُسدَل الستار على أعماله الاثنين ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم، والتقنيات الطبية المستخدمة فيها، بالإضافة إلى استعراضٍ للقدرات والإمكانات الطبية الحديثة المرتبطة بهذا النوع من العمليات وبأنشطة «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».