حفتر يؤكد تمسكه بطرابلس «مهما كانت الظروف»

الطُعون تحاصر «التعديل الدستوري»... وصالح يدافع عنه

المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي (القيادة العامة)
المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي (القيادة العامة)
TT

حفتر يؤكد تمسكه بطرابلس «مهما كانت الظروف»

المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي (القيادة العامة)
المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي (القيادة العامة)

رغم تجاهله الإشارة إلى الوضع السياسي في ليبيا، قال المُشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المتمركز بشرق البلاد، إنه «لن يتخلى عن العاصمة طرابلس أبداً؛ مهما كانت الظروف»، فيما عده البعض «تلويحاً جديداً بالحرب».
وأضاف حفتر، حسب لقطات مصورة وزعها مكتبه، لدى اجتماعه مساء السبت بغرفة العمليات الرئيسية بـ«اللواء 106 مُجحفل»، الذي يقوده نجله الثالث خالد، أن «كل الضباط باللواء مميزون، وليسوا كضباط المنطقة الغربية، وطرابلس مثلاً؛ ودائماً ثقتنا كبيرة بجيشنا»، وحث على إعداد الجنود والضباط على كل المستويات للوصول إلى اللياقة اللازمة للحرب والاستعداد الدائم للتطورات كافة. ولم يكشف حفتر مزيداً من التفاصيل حول كيفية عدم تخليه عن العاصمة، مقر السلطة الانتقالية الممثلة بالمجلس الرئاسي، وحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وخاضت قوات «الجيش الوطني»، المتمركزة بشرق البلاد، اعتباراً من شهر أبريل (نيسان) 2019، ولمدة عام، «حرباً فاشلة لتحرير العاصمة طرابلس» من الميليشيات المسلحة التي تسيطر على مقاليد الأمور فيها، دون تحقيق ذلك. ولم يصدر أي تعليق رسمي من حكومة «الوحدة» أو المجلس الرئاسي حيال هذه التصريحات، التي عدّها مراقبون، اليوم (الأحد)، بمثابة محاولة من حفتر للضغط على الأطراف السياسية المحلية والدولة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وبدت هذه التصريحات أيضاً بمثابة رد غير مباشر على غمز الدبيبة مؤخراً من قناة حفتر، وإعلانه رفض حكم العسكريين، وضرورة تخليهم عن الزي العسكري قبل فترة من إتمام الانتخابات.
وتجاهل الدبيبة هذا الجدل اليوم (الأحد)، لكنه في المقابل دعا للعمل والاستعداد لتنفيذ العملية الانتخابية، ووضع استقرار ليبيا وحماية وحدتها في أولويات الاهتمامات. وقال الدبيبة في كلمة ألقاها بطرابلس بمناسبة تخريج دفعة جديدة تابعة لإدارة إنفاذ القانون بإدارة العمليات الأمنية في وزارة الداخلية، إن انضمام هذه الدفعة للقوة العمومية لإدارة العمليات الأمنية تأكيد على رفع جاهزية وزارة الداخلية عن طريق هذه الإدارة للقيام بالمهام المناطة بها، وتنفيذ الاستحقاقات في تأمين أمن الوطن والمواطن ووضعه فوق كل اعتبار. وتعهد مجدداً، في غياب لافت لعماد الطرابلسي وزير الداخلية المكلف، بدعم الحكومة للقوة الشرطية بكل الوسائل التقنية والفنية ورفع الكفاءات عملياً وعلمياً.
كانت حكومة الدبيبة أكدت مجدداً على لسان وزيرها للحكم المحلي بدر الدين التومي، جاهزيتها لتنفيذ الانتخابات، وفق أسس دستورية صحيحة، وعلى تطلعات الشعب الليبي وطموحه في إنهاء المراحل الانتقالية التي استمرت لسنوات، التي اعتبر أنه لم يعد من المقبول إعادة صناعتها. وقال التومي إنه ناقش مع وزيرة الدولة لوزارة الخارجية الألمانية كاتي كول، في برلين، مجموعة من القضايا المتعلقة بالمسارات السياسية، على رأسها الانتخابات. ونقل عنها تأكيدها على أهمية الإجراءات التي اتخذتها حكومة «الوحدة» في جميع المجالات، معتبرة أن ذلك يعكس إرادة حقيقية لتحقيق الاستقرار وتحقيق التنمية.
بموازاة ذلك، بحث خليل وهيبة مدير أمن طرابلس الجديد مع قياداتها الأمنية، خطة عملها للعام الحالي الهادفة لبسط الأمن وفرضه في العاصمة طرابلس. وأكد وهيبة خلال الاجتماع على أهمية دور المديرية في حفظ الأمن ومكافحة الجريمة، وبذل أقصى الجهود للمحافظة على أمن وسلامة المواطنين، كما طالب برفع وتيرة العمل في تنفيذ الخطط والتعليمات بكل جدية للارتقاء بمستوى الأداء الأمني.
ووزعت مديرية أمن طرابلس مجموعة من الصور الفوتوغرافية لتمركزات أمنية لأعضاء مراكز الشرطة داخل العاصمة طرابلس، مشيرة إلى تنفيذ حملة للأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية وجهاز دعم الاستقرار لضبط المركبات المخالفة لقانون الطرقات والسلامة المرورية والحفاظ على النظام العام. كما واصلت القوات الموالية لحكومة الدبيبة استعداداتها لمناورات عسكرية تعتزم تنفيذها قريباً.
وقالت رئاسة هذه القوات، إن اللواء الفيتوري غريبيل آمر قواتها البرية وعضو اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، حضر برفقة مسؤولين عسكريين آخرين تنفيذ مدرسة المدفعية والصواريخ، الرماية الفنية للدورات المنعقدة بمشاركة عدة كتائب، استعداداً لتنفيذ التمرين التعبوي «أسد الصحراء» خلال الفترة المقبلة.
بدوره، جدد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، دفاعه عن التعديل الدستوري الـ13 الذي أقره مجلسا النواب و«الدولة»، وسط تقدم عدد من أعضاء الأخير بطعون ضد التعديل، لكن صالح اعتبر أنه (التعديل) يلبي رغبات الليبيين في إجراء الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني.
من جانبه، شارك محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، في افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة الخامس بالدوحة والمعني بأقل البلدان نمواً بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».