مجازر جمع الكمأ تتواصل في شرق سوريا

العشرات بين قتيل وجريح بانفجار لغم في شاحنة

بائع كمأ في أحد شوارع دمشق، أول من أمس (أ.ف.ب)
بائع كمأ في أحد شوارع دمشق، أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مجازر جمع الكمأ تتواصل في شرق سوريا

بائع كمأ في أحد شوارع دمشق، أول من أمس (أ.ف.ب)
بائع كمأ في أحد شوارع دمشق، أول من أمس (أ.ف.ب)

قُتل 8 مدنيين، وأصيب أكثر من 35 آخرين بجروح، أمس الخميس، جراء انفجار لغم بشاحنة كانت تُقلّهم أثناء توجههم لجمع الكمأة في شرق سوريا، وفقاً لما أكده «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، من جهتها، بمقتل «5 مواطنين، وإصابة أكثر من 40 بجروح في انفجار لغم من مخلَّفات إرهابيي داعش، بالشاحنة التي تُقلهم أثناء توجههم لجمع الكمأة في منطقة كباجب في ريف دير الزور الجنوبي الغربي».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مدير مستشفى الأسد بدير الزور؛ الدكتور مأمون حيزة، قوله إن المستشفى استقبل أكثر من 45 شخصاً كانت تُقلهم الشاحنة التي تعرضت لانفجار لغم، مما أدى إلى وفاة 5، وإصابة الآخرين بكسور وجروح متفاوتة، أحدهم بحالة حرِجة، وجرى تقديم الإسعافات اللازمة للمصابين.
وقبل 3 أيام، قُتل 10 مدنيين، وأصيب 12 آخرون بانفجار لغمين أرضيين من مخلَّفات تنظيم «داعش» في محافظة حماة بوسط سوريا. وأفادت وكالة «سانا» بأنهم كانوا يجمعون الكمأة أيضاً، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي منتصف فبراير (شباط)، قُتل 68 شخصاً في هجوم نُسب إلى «داعش» في البادية شرق محافظة حمص، وفقاً لما أكده «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وكان الضحايا يجمعون الكمأة في الصحراء. والكمأة الصحراوية تقطف عموماً بين فبراير، وأبريل (نيسان)، وتُباع بسعر مرتفع، إذ يبلغ سعر الكيلوغرام من الكمأة حوالي 100 ألف ليرة سورية (ما يعادل 14 دولاراً)، ويجمع العامل في اليوم الواحد حوالي 10 كيلوغرامات، وفي بعض الأحيان تتضاعف الكمية، مما يدفع عائلات بكاملها للتوجه إلى البادية للبحث عن الكمأة.
ويستغل «داعش» حاجة المواطنين؛ من مدنيين وعسكريين على حد سواء، للإيقاع بهم في فخ الكمأة التي تنمو في البادية السورية والمناطق الصحراوية.
ويعيش حوالي 10.2 مليون سوري في مناطق مزروعة بالألغام، مما أسفر عن مقتل حوالي 15 ألف شخص بين 2015 و2022، وفقاً للأمم المتحدة.
ومنذ عام 2014، سيطر تنظيم «داعش» على مناطق واسعة في سوريا تضم معظم مناطق محافظة دير الزور، قبل أن يجري طرده منها في مارس (آذار) 2019.
وفي 17 فبراير، قُتل 61 مدنياً من أبناء منطقة السخنة شرق حمص، إضافة لمقتل 7 من عناصر حاجز تابع لقوات النظام في منطقة الضبيات بريف السخنة، ضمن بادية حمص، جراء الهجوم العنيف الذي شنّه عناصر تنظيم «داعش». ووفقاً لمصادر، شنّ عناصر التنظيم هجوماً يُعدّ الأكثر دموية منذ مطلع العام الحالي مستقلّين دراجات نارية باستخدام الأسلحة المتوسطة والخفيفة، استهدف مدنيين كانوا يعملون في جمع الكمأة، كما استهدف الهجوم حاجزاً لقوات النظام، مما أسفر عن سقوط 61 ضحية من المدنيين، بينما تمكّن عدد منهم من الهروب دون معرفة مصيرهم حتى اللحظة.
يُشار إلى أن منطقة الضبيات تحتوي على حقل لإنتاج الغاز الطبيعي، وتوجد ضِمنها حامية للميليشيات الإيرانية.


مقالات ذات صلة

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.