تعرف على الهند على خطى أفلام بوليوود

مواقع تصوير تحولت إلى ملاذ للسياحة والزوار من حول العالم

بحيرة بيتشولا من الأماكن الجميلة التي تجدها في الأفلام الهندية (شاترستوك)
بحيرة بيتشولا من الأماكن الجميلة التي تجدها في الأفلام الهندية (شاترستوك)
TT

تعرف على الهند على خطى أفلام بوليوود

بحيرة بيتشولا من الأماكن الجميلة التي تجدها في الأفلام الهندية (شاترستوك)
بحيرة بيتشولا من الأماكن الجميلة التي تجدها في الأفلام الهندية (شاترستوك)

لطالما اشتهرت بوليوود بإنتاج الأفلام المليئة بالألوان والممتعة والرائعة التي يشاهدها ملايين الأشخاص حول العالم؛ فإذا كنتَ قد شاهدتَ فيلماً هندياً من قبل، فستعلم أن ما رأيتَه لم يحتوِ على أي مبالغة، خصوصاً فيما يتعلق بعدد الرقصات الكبير الموجود في الفيلم.
كما أنك قد تكون لاحظت أيضاً وجود المواقع المذهلة التي يجري تصوير الأفلام فيها؛ من الجبال الوعرة إلى المناظر الطبيعية الخضراء، حيث تقوم أفلام بوليوود هذه بعرض أفضل ما في الهند للمشاهدين، إلى جانب تقديم الترفيه.
ومن المباني المعمارية غير المشهورة بشكل كبير إلى المناظر الطبيعية الرائعة، وضعت أفلام بوليوود العديد من الوجهات الهندية على خريطة السياحة العالمية؛ فقد كانت هذه الوجهات أماكن معروفة لدى الهنود، حتى أصبحت مواقع تصوير لمشاهد وأغاني بوليوود الشهيرة أيضاً.
ولذا، فإنه من خلال مشاهدة أفلام بوليوود، فإنك تستطيع أن تسافر معها عبر مختلف مناطق الهند.

«غولمارغ» من الأماكن التي تصور فيها الكثير من أفلام بوليوود (الشرق الأوسط)

ممر روهتانغ
يقع ممر روهتانغ على سلسلة جبال بير بانغال في جبال الهيمالايا، ويشتهر هذا الممر بجماله الخلاب، كما أن له أهمية استراتيجية للهند.
ويتميز هذا الممر بالمشاهد الجميلة للأنهار الجليدية والقمم ووادي لاهول ونهر شاندرا، كما يمكن من خلاله رؤية قمم التوأم في جيبان أيضاً.
وقد سُمي الممر باسم «روهتانغ»، وهو ما يعني «أرض الجثث»، وذلك نظراً لعدد الأشخاص الذين فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم عبوره.
وقام عدد من أفلام بوليوود الشهيرة مثل «Jab We Met» و«Dev D» و«Highway» بتخليد منظر المساحات الواسعة المكسوة بالثلج في ممر روهتانغ، مما جعله الخيار الأمثل لجميع عشاق ركوب الدراجات؛ ألم نفكر جميعاً في ركوب الدراجات في هذا المكان يوماً ما؟ بلى، بالتأكيد.

غوا
مع تمتُّعها بساحل مثالي وكنائس جميلة، فإنه لطالما لفتت غوا نظر صانعي الأفلام لتصوير الأعمال السينمائية فيها، مما أدى إلى رفع مكانتها السياحية، حيث يوفر هذا المزيج الجميل الموجود فيها، من الثقافتين البرتغالية والهندية، الشمس والبحر والرمال والروحانيات على ساحل بحر العرب.
ولطالما كانت غوا مألوفة في مشاهد أفلام بوليوود وهوليوود؛ فعلى الرغم من صغر حجمها، فإن أفلام بوليوود التي تم تصويرها في هذه الولاية الهندية جعلت بعض أماكنها المحددة مشهورة كالنجوم، بين عشية وضحاها، وعلى الرغم من أن العديد من الأجانب قد لا يعرفون أسماء كثير من هذه الأماكن، فإنه يكفي رؤيتها لمرة واحدة فقط، وبعدها ستعلق في ذاكرتهم.
وقد ظهرت رمال غوا الذهبية وحقولها غير المستخدَمة من قبل، وشوارعها المليئة بأشجار النخيل، والفيلات البرتغالية المهيبة خلفيةً خلابة في عدد من الأفلام.
وإذا كان هناك فيلم أيقوني تم تصويره في غوا فهو بالتأكيد «Dil Chahta Hai»، حيث إنها إلى جانب كونها واجهة لعدد لا يُحصى من الرحلات الجامعية التي ترغب في زيارة ولاية الشمس المشرقة، يتم تصوير العديد من الأفلام فيها أيضاً، مثل هذا الفيلم الذي يقدم قصة عن الصداقة والحب مع بعض العناصر الأخرى، مثل بعض الدراما البوليوودية والأغاني الخالدة والفكاهة الرائعة.
كما تم تصوير فيلم هوليوود «Seawolves» الذي يروي أحداثاً تاريخية من الحرب العالمية الثانية في غوا أيضاً؛ ففي هذا الفيلم يقوم عميل سري ألماني بتمرير سجلات حول منطقة سفن الحلفاء في ميناء غوا المحايد في الهند، الأمر الذي كانت له نتائج كارثية، وتم استخدام مناطق مختلفة في جميع أنحاء الولاية أثناء تصوير الفيلم.
وتم تصوير غالبية مشاهد الأجزاء الأولى من سلسلة أفلام «Bourne» الأميركية في غوا، حيث يمكن للمرء أن يكتشف بسهولة جسر نيرول وشاطئ بالوليم وعدداً من المواقع الموجودة في جميع أنحاء غوا في هذه الأفلام.
وكذلك فيلم «بانكوك هيلتون»، وهو أحد أفلام الممثلة نيكول كيدمان الأولى، حتى إنه بات يُطلق على مركز احتجاز في بانكوك اسم «بانكوك هيلتون».

بحيرة بانغونغ ـ وادي نوبرا ـ لاداخ
تقع أعلى بحيرة مالحة في العالم في لاداخ، عبر الحدود الهندية - الصينية، وترتفع نحو 4350 متراً فوق مستوى سطح البحر، وتشتهر بحيرة بانجونغ بتغيير لونها لتظهر باللون الأزرق والأخضر والأحمر في أوقات مختلفة من العام، وذلك في تناقض صارخ مع الجبال القاحلة المحيطة بهذه المنطقة البديعة.
ويبدو المكان هناك ساحراً للغاية، حتى إن عدداً من صانعي الأفلام حاولوا التقاط هذا السحر من خلال كاميراتهم، ولكن الأفلام التي استطاعت التقاط الجانب الأكثر زرقة من البحيرة هي «3 idiots» و«Jab Tak Hai Jaan».
وقد تحولت البحيرة إلى وجهة سياحية مهمة، فور عرض فيلم «idiots 3»، حيث جذب جمال هذه البحيرة الطبيعي وجاذبيتها الناس من كل حدب وصوب، وبجانب «idiots 3»، فقد ظهرت البحيرة كخلفية مذهلة في أحد مشاهد فيلم بوليوود «Jab Tak hai Jaan»، وهو المشهد الذي تلتقي فيه أنوشكا بشاروخان، وتم تصوير أغلب مشاهد الفيلم في لاداخ، كما تم التصوير في مجموعة متنوعة من المواقع بالمنطقة.
ويقع وادي نوبرا على مساحة شاسعة من الجبال القاحلة والأنهار الخصبة التي تجعله من أجمل الأماكن على وجه الأرض، ويُطلق على الوادي أيضاً اسم «Ldumra» وهو ما يعني «وادي الزهور»، ويقع عند التقاء نهري «Shyok» و«Siachen»، كما يفصل هذا الوادي المذهل بين لاداخ وسلسلة جبال كاراكورام، التي تقع على ارتفاع 10 آلاف قدم.
وهناك مشهد جميل آخر تم تصويره في هذه المنطقة؛ في الفيلم الذي يقدم السيرة الذاتية لميلكا سينغ، فعندما لم يتمكن ميلكا، الذي يلعب دوره فرحان أختار، من تحقيق هدفه، فإن مدربه يأخذه إلى مكان آخر من أجل ممارسة تدريب خاص، وقد تم تصوير هذا الجزء من رحلة ميلكا في وادي نوبرا، وصحيح أنه ليس من السهل المشي في لاداخ، ناهيك من الركض على مثل هذه الارتفاعات العالية، ولكن عندما تكون ميلكا سينغ، فإنه لا يُنظر إلى أي جبل على أنه مرتفع للغاية.

قصر مدينة أودايبور ـ راجستان
لطالما كانت أودايبور مكاناً معتاداً للعاملين في صناعة السينما، وذلك نظراً لتمتع هذه المدينة بمناظر طبيعية خلابة جعلتها من أكثر المواقع المفضلة في الهند لتصوير الأفلام.
واستغرق بناء «قصر أودايبور» ما يقرب من 400 عام، وهو يطل على المدينة الصاخبة منذ القرن السادس عشر، ويصعب على السياح تفويت زيارة هذا المعلم المهيب، ولكن بوليوود عرضت الهندسة المعمارية المذهلة في هذا القصر والمناظر الطبيعية المحيطة به للعالم من خلال ظهوره في أفلام لا حصر لها.
ويمكنك أن تشعر بأنك أحد الملوك في أودايبور من خلال الإقامة في أحد قصورها التاريخية الأخرى: قصر تاغ ليك، الذي يقع مبناه الكبير على جزيرة خاصة، وقد استضاف القصر الملوك والشعراء والكتَّاب على مر القرون، وهو الآن يرحب بجميع الضيوف لتجربة حقبة ماضية بأنفسهم.
ويوجد في المدينة العديد من المنتجين الهنود الذين تتمثل مهمتهم في التأكد من أن جميع الترتيبات جاهزة لتسهيل عملية التصوير، مما يُعد سبباً أساسياً آخر لظهور المدينة في أفلام هوليوود وبوليوود في كثير من الأحيان.
وقد فتح فيلم «Octopussy»، وهو جزء من سلسلة أفلام «جيمس بوند» الأميركية، أبواب مدينة أودايبور للعديد من السياح الأجانب، حيث تم تصوير الفيلم في مواقع مختلفة في جميع أنحاء المدينة، بما في ذلك قصر «تاغ ليك» وقصر «جاغ ماندير» و«جاغديش تشوك» وقصر «مونسون» والمزيد من الأماكن الأخرى التي تبرز جاذبية المدينة في كل مشهد منها.
كما تم تصوير الجزء الأخير من فيلم «Cheetah Girls» الشهير الذي عرضته قناة «ديزني» الأميركية في أودايبور أيضاً؛ إذ يمكن للمشاهدين اكتشاف «قصر المدينة» بعدما تم تزيينه بالزهور في الفيلم بسهولة، وذلك إلى جانب مواقع أخرى، مثل «Saheliyon ki Bari» و«Sukhadia Circle». وتم تصوير فيلم «ذا هيل» من بطولة لي بيس هناك أيضاً، وهو الفيلم الذي حصد إيرادات ضخمة قدرها 3.7 مليون دولار.

مبنى «سيتي هول» في العاصمة الإسبانية مدريد (شاترستوك)

مونار ـ ولاية كيرالا
تقع كشمير جنوب الهند في جبال غاتس الغربية بولاية كيرالا، وتحيط بها تلال متحدرة تنتشر فيها مزارع الشاي.
وهناك يمكنك حجز رحلة قطار طويلة مذهلة، وأثناءها سترى منظر شلالات Doodhsagar التي تشبه الحلم من نافذتك، وهو منظر يستحق التوقف للاستمتاع به، وإذا كنت ترغب في ذلك، يمكنك حجز مكان إقامة لطيف هناك تحيط به الغابات الكثيفة الخضراء، ثم تتجول عبر مزارع الشاي الأخضر الغنية في مونار، وتتنقل عبر التلال في كويمباتور.
وقد تم تصوير بعض من أكثر المشاهد شهرة في بعض الأفلام الرائجة، مثل «Bahubali» و«Dil Se» و«Guru» في شلالات «Athirapally»، كما تم تصوير أجزاء رئيسية من أول فيلم لدلكر سالمان في بوليوود، وهو «كروان» في «كوتشي» و«كوماراكوم».
وتعد قلعة «بيكال» وجهة مهمة أخرى لصانعي الأفلام، حيث تم تصوير بعض مشاهد أفلام مثل «Bombay» و«Rang De Basanti» في هذا الموقع البديع، ويبدو سحر ولاية كيرالا مغرياً للغاية، لدرجة أنه تم تصوير بعض مشاهد فيلم هوليوود الشهير «Life of Pi» في تلال مونار الساحرة الواقعة هناك.

غولمارغ ـ كشمير
ولطالما اهتمت بوليوود بالمروج الخضراء والجبال المغطَّاة بالثلوج المحيطة بمدينة غولمارغ. وعلى مر السنين، سلطت أفلام مثل «Highway» و«Jawaani Hai Deewani» و«Haider» و«Rockstar» الضوء على هذه الجوهرة الواقعة في كشمير، مما ساعد على جذب السياح لرؤية مناظرها الطبيعية الجميلة بشكل مباشر.
وعلى الرغم من أن وادي كشمير وسرينغار القريبة من أكثر المناطق التي تشهد وجوداً للقوات العسكرية في البلاد، كما أنها عرضة للاضطرابات المدنية، فإن الغالبية العظمى من السكان المحليين ودودون ومتعاونون ويرحبون بالزوار، ولكن عند التخطيط لزيارة هذه المنطقة التي يُطلق عليها «سويسرا الهند»، فإنه يجب التأكد من أن إقامتك ستكون في منطقة صديقة للسياح، كما يتعين عليك الاتفاق مع مرشد موثوق به للبقاء معك أثناء الرحلة.

دارجيلينغ
يمكنك في هذا المكان أن تذهب للاستمتاع بالمنظر الخلاب لسلسلة جبال كانشينجونغا العظيمة، أو مشاهدة قطار لعبة بداخله ركاب مبتسمون وهو يمر بجوارك مباشرةً على الطريق، حيث تتمتع دارجيلنغ، المعروفة أيضاً باسم ملكة التلال، بسحر غريب؛ إذ تُعد المباني التي تحمل ديكورات من الحقبة الاستعمارية، والمطاعم التراثية، وحدائق الشاي مترامية الأطراف، وأعلى محطة للسكك الحديدية في البلاد كلها جزءاً من جاذبيتها، وهي المناظر التي ظل صانعو الأفلام يلتقطونها للعرض على الشاشة لعدة سنوات.
وتعد دارجيلنغ المكان المفضل لدى صانعي الأفلام لسحرها الجذاب ومناظرها الطبيعية الخلابة، ويظهر فيلم «Barfi» مدى جمال هذه المنطقة؛ فلطالما كان يُنظر إلى دارجيلنغ على أنها منطقة رائعة، ومع ذلك فإن هذا الفيلم شجع المشاهدين على التوجه إليها لزيارة محطة التل المذهلة الموجودة بها، حيث قدم الفيلم محطة السكة الحديدية في دارجيلنغ الواقعة في جبال الهيمالايا وبرج الساعة ومقهى «Glenary›s» الشهير، مما أظهر مدينة المتحدرات في أفضل شكل لها، ولذا فإن الوجود في دارجيلنغ يمثل فرصة لقضاء عطلة هادئة ومنعزلة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».