تعرف على الهند على خطى أفلام بوليوود

مواقع تصوير تحولت إلى ملاذ للسياحة والزوار من حول العالم

بحيرة بيتشولا من الأماكن الجميلة التي تجدها في الأفلام الهندية (شاترستوك)
بحيرة بيتشولا من الأماكن الجميلة التي تجدها في الأفلام الهندية (شاترستوك)
TT

تعرف على الهند على خطى أفلام بوليوود

بحيرة بيتشولا من الأماكن الجميلة التي تجدها في الأفلام الهندية (شاترستوك)
بحيرة بيتشولا من الأماكن الجميلة التي تجدها في الأفلام الهندية (شاترستوك)

لطالما اشتهرت بوليوود بإنتاج الأفلام المليئة بالألوان والممتعة والرائعة التي يشاهدها ملايين الأشخاص حول العالم؛ فإذا كنتَ قد شاهدتَ فيلماً هندياً من قبل، فستعلم أن ما رأيتَه لم يحتوِ على أي مبالغة، خصوصاً فيما يتعلق بعدد الرقصات الكبير الموجود في الفيلم.
كما أنك قد تكون لاحظت أيضاً وجود المواقع المذهلة التي يجري تصوير الأفلام فيها؛ من الجبال الوعرة إلى المناظر الطبيعية الخضراء، حيث تقوم أفلام بوليوود هذه بعرض أفضل ما في الهند للمشاهدين، إلى جانب تقديم الترفيه.
ومن المباني المعمارية غير المشهورة بشكل كبير إلى المناظر الطبيعية الرائعة، وضعت أفلام بوليوود العديد من الوجهات الهندية على خريطة السياحة العالمية؛ فقد كانت هذه الوجهات أماكن معروفة لدى الهنود، حتى أصبحت مواقع تصوير لمشاهد وأغاني بوليوود الشهيرة أيضاً.
ولذا، فإنه من خلال مشاهدة أفلام بوليوود، فإنك تستطيع أن تسافر معها عبر مختلف مناطق الهند.

«غولمارغ» من الأماكن التي تصور فيها الكثير من أفلام بوليوود (الشرق الأوسط)

ممر روهتانغ
يقع ممر روهتانغ على سلسلة جبال بير بانغال في جبال الهيمالايا، ويشتهر هذا الممر بجماله الخلاب، كما أن له أهمية استراتيجية للهند.
ويتميز هذا الممر بالمشاهد الجميلة للأنهار الجليدية والقمم ووادي لاهول ونهر شاندرا، كما يمكن من خلاله رؤية قمم التوأم في جيبان أيضاً.
وقد سُمي الممر باسم «روهتانغ»، وهو ما يعني «أرض الجثث»، وذلك نظراً لعدد الأشخاص الذين فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم عبوره.
وقام عدد من أفلام بوليوود الشهيرة مثل «Jab We Met» و«Dev D» و«Highway» بتخليد منظر المساحات الواسعة المكسوة بالثلج في ممر روهتانغ، مما جعله الخيار الأمثل لجميع عشاق ركوب الدراجات؛ ألم نفكر جميعاً في ركوب الدراجات في هذا المكان يوماً ما؟ بلى، بالتأكيد.

غوا
مع تمتُّعها بساحل مثالي وكنائس جميلة، فإنه لطالما لفتت غوا نظر صانعي الأفلام لتصوير الأعمال السينمائية فيها، مما أدى إلى رفع مكانتها السياحية، حيث يوفر هذا المزيج الجميل الموجود فيها، من الثقافتين البرتغالية والهندية، الشمس والبحر والرمال والروحانيات على ساحل بحر العرب.
ولطالما كانت غوا مألوفة في مشاهد أفلام بوليوود وهوليوود؛ فعلى الرغم من صغر حجمها، فإن أفلام بوليوود التي تم تصويرها في هذه الولاية الهندية جعلت بعض أماكنها المحددة مشهورة كالنجوم، بين عشية وضحاها، وعلى الرغم من أن العديد من الأجانب قد لا يعرفون أسماء كثير من هذه الأماكن، فإنه يكفي رؤيتها لمرة واحدة فقط، وبعدها ستعلق في ذاكرتهم.
وقد ظهرت رمال غوا الذهبية وحقولها غير المستخدَمة من قبل، وشوارعها المليئة بأشجار النخيل، والفيلات البرتغالية المهيبة خلفيةً خلابة في عدد من الأفلام.
وإذا كان هناك فيلم أيقوني تم تصويره في غوا فهو بالتأكيد «Dil Chahta Hai»، حيث إنها إلى جانب كونها واجهة لعدد لا يُحصى من الرحلات الجامعية التي ترغب في زيارة ولاية الشمس المشرقة، يتم تصوير العديد من الأفلام فيها أيضاً، مثل هذا الفيلم الذي يقدم قصة عن الصداقة والحب مع بعض العناصر الأخرى، مثل بعض الدراما البوليوودية والأغاني الخالدة والفكاهة الرائعة.
كما تم تصوير فيلم هوليوود «Seawolves» الذي يروي أحداثاً تاريخية من الحرب العالمية الثانية في غوا أيضاً؛ ففي هذا الفيلم يقوم عميل سري ألماني بتمرير سجلات حول منطقة سفن الحلفاء في ميناء غوا المحايد في الهند، الأمر الذي كانت له نتائج كارثية، وتم استخدام مناطق مختلفة في جميع أنحاء الولاية أثناء تصوير الفيلم.
وتم تصوير غالبية مشاهد الأجزاء الأولى من سلسلة أفلام «Bourne» الأميركية في غوا، حيث يمكن للمرء أن يكتشف بسهولة جسر نيرول وشاطئ بالوليم وعدداً من المواقع الموجودة في جميع أنحاء غوا في هذه الأفلام.
وكذلك فيلم «بانكوك هيلتون»، وهو أحد أفلام الممثلة نيكول كيدمان الأولى، حتى إنه بات يُطلق على مركز احتجاز في بانكوك اسم «بانكوك هيلتون».

بحيرة بانغونغ ـ وادي نوبرا ـ لاداخ
تقع أعلى بحيرة مالحة في العالم في لاداخ، عبر الحدود الهندية - الصينية، وترتفع نحو 4350 متراً فوق مستوى سطح البحر، وتشتهر بحيرة بانجونغ بتغيير لونها لتظهر باللون الأزرق والأخضر والأحمر في أوقات مختلفة من العام، وذلك في تناقض صارخ مع الجبال القاحلة المحيطة بهذه المنطقة البديعة.
ويبدو المكان هناك ساحراً للغاية، حتى إن عدداً من صانعي الأفلام حاولوا التقاط هذا السحر من خلال كاميراتهم، ولكن الأفلام التي استطاعت التقاط الجانب الأكثر زرقة من البحيرة هي «3 idiots» و«Jab Tak Hai Jaan».
وقد تحولت البحيرة إلى وجهة سياحية مهمة، فور عرض فيلم «idiots 3»، حيث جذب جمال هذه البحيرة الطبيعي وجاذبيتها الناس من كل حدب وصوب، وبجانب «idiots 3»، فقد ظهرت البحيرة كخلفية مذهلة في أحد مشاهد فيلم بوليوود «Jab Tak hai Jaan»، وهو المشهد الذي تلتقي فيه أنوشكا بشاروخان، وتم تصوير أغلب مشاهد الفيلم في لاداخ، كما تم التصوير في مجموعة متنوعة من المواقع بالمنطقة.
ويقع وادي نوبرا على مساحة شاسعة من الجبال القاحلة والأنهار الخصبة التي تجعله من أجمل الأماكن على وجه الأرض، ويُطلق على الوادي أيضاً اسم «Ldumra» وهو ما يعني «وادي الزهور»، ويقع عند التقاء نهري «Shyok» و«Siachen»، كما يفصل هذا الوادي المذهل بين لاداخ وسلسلة جبال كاراكورام، التي تقع على ارتفاع 10 آلاف قدم.
وهناك مشهد جميل آخر تم تصويره في هذه المنطقة؛ في الفيلم الذي يقدم السيرة الذاتية لميلكا سينغ، فعندما لم يتمكن ميلكا، الذي يلعب دوره فرحان أختار، من تحقيق هدفه، فإن مدربه يأخذه إلى مكان آخر من أجل ممارسة تدريب خاص، وقد تم تصوير هذا الجزء من رحلة ميلكا في وادي نوبرا، وصحيح أنه ليس من السهل المشي في لاداخ، ناهيك من الركض على مثل هذه الارتفاعات العالية، ولكن عندما تكون ميلكا سينغ، فإنه لا يُنظر إلى أي جبل على أنه مرتفع للغاية.

قصر مدينة أودايبور ـ راجستان
لطالما كانت أودايبور مكاناً معتاداً للعاملين في صناعة السينما، وذلك نظراً لتمتع هذه المدينة بمناظر طبيعية خلابة جعلتها من أكثر المواقع المفضلة في الهند لتصوير الأفلام.
واستغرق بناء «قصر أودايبور» ما يقرب من 400 عام، وهو يطل على المدينة الصاخبة منذ القرن السادس عشر، ويصعب على السياح تفويت زيارة هذا المعلم المهيب، ولكن بوليوود عرضت الهندسة المعمارية المذهلة في هذا القصر والمناظر الطبيعية المحيطة به للعالم من خلال ظهوره في أفلام لا حصر لها.
ويمكنك أن تشعر بأنك أحد الملوك في أودايبور من خلال الإقامة في أحد قصورها التاريخية الأخرى: قصر تاغ ليك، الذي يقع مبناه الكبير على جزيرة خاصة، وقد استضاف القصر الملوك والشعراء والكتَّاب على مر القرون، وهو الآن يرحب بجميع الضيوف لتجربة حقبة ماضية بأنفسهم.
ويوجد في المدينة العديد من المنتجين الهنود الذين تتمثل مهمتهم في التأكد من أن جميع الترتيبات جاهزة لتسهيل عملية التصوير، مما يُعد سبباً أساسياً آخر لظهور المدينة في أفلام هوليوود وبوليوود في كثير من الأحيان.
وقد فتح فيلم «Octopussy»، وهو جزء من سلسلة أفلام «جيمس بوند» الأميركية، أبواب مدينة أودايبور للعديد من السياح الأجانب، حيث تم تصوير الفيلم في مواقع مختلفة في جميع أنحاء المدينة، بما في ذلك قصر «تاغ ليك» وقصر «جاغ ماندير» و«جاغديش تشوك» وقصر «مونسون» والمزيد من الأماكن الأخرى التي تبرز جاذبية المدينة في كل مشهد منها.
كما تم تصوير الجزء الأخير من فيلم «Cheetah Girls» الشهير الذي عرضته قناة «ديزني» الأميركية في أودايبور أيضاً؛ إذ يمكن للمشاهدين اكتشاف «قصر المدينة» بعدما تم تزيينه بالزهور في الفيلم بسهولة، وذلك إلى جانب مواقع أخرى، مثل «Saheliyon ki Bari» و«Sukhadia Circle». وتم تصوير فيلم «ذا هيل» من بطولة لي بيس هناك أيضاً، وهو الفيلم الذي حصد إيرادات ضخمة قدرها 3.7 مليون دولار.

مبنى «سيتي هول» في العاصمة الإسبانية مدريد (شاترستوك)

مونار ـ ولاية كيرالا
تقع كشمير جنوب الهند في جبال غاتس الغربية بولاية كيرالا، وتحيط بها تلال متحدرة تنتشر فيها مزارع الشاي.
وهناك يمكنك حجز رحلة قطار طويلة مذهلة، وأثناءها سترى منظر شلالات Doodhsagar التي تشبه الحلم من نافذتك، وهو منظر يستحق التوقف للاستمتاع به، وإذا كنت ترغب في ذلك، يمكنك حجز مكان إقامة لطيف هناك تحيط به الغابات الكثيفة الخضراء، ثم تتجول عبر مزارع الشاي الأخضر الغنية في مونار، وتتنقل عبر التلال في كويمباتور.
وقد تم تصوير بعض من أكثر المشاهد شهرة في بعض الأفلام الرائجة، مثل «Bahubali» و«Dil Se» و«Guru» في شلالات «Athirapally»، كما تم تصوير أجزاء رئيسية من أول فيلم لدلكر سالمان في بوليوود، وهو «كروان» في «كوتشي» و«كوماراكوم».
وتعد قلعة «بيكال» وجهة مهمة أخرى لصانعي الأفلام، حيث تم تصوير بعض مشاهد أفلام مثل «Bombay» و«Rang De Basanti» في هذا الموقع البديع، ويبدو سحر ولاية كيرالا مغرياً للغاية، لدرجة أنه تم تصوير بعض مشاهد فيلم هوليوود الشهير «Life of Pi» في تلال مونار الساحرة الواقعة هناك.

غولمارغ ـ كشمير
ولطالما اهتمت بوليوود بالمروج الخضراء والجبال المغطَّاة بالثلوج المحيطة بمدينة غولمارغ. وعلى مر السنين، سلطت أفلام مثل «Highway» و«Jawaani Hai Deewani» و«Haider» و«Rockstar» الضوء على هذه الجوهرة الواقعة في كشمير، مما ساعد على جذب السياح لرؤية مناظرها الطبيعية الجميلة بشكل مباشر.
وعلى الرغم من أن وادي كشمير وسرينغار القريبة من أكثر المناطق التي تشهد وجوداً للقوات العسكرية في البلاد، كما أنها عرضة للاضطرابات المدنية، فإن الغالبية العظمى من السكان المحليين ودودون ومتعاونون ويرحبون بالزوار، ولكن عند التخطيط لزيارة هذه المنطقة التي يُطلق عليها «سويسرا الهند»، فإنه يجب التأكد من أن إقامتك ستكون في منطقة صديقة للسياح، كما يتعين عليك الاتفاق مع مرشد موثوق به للبقاء معك أثناء الرحلة.

دارجيلينغ
يمكنك في هذا المكان أن تذهب للاستمتاع بالمنظر الخلاب لسلسلة جبال كانشينجونغا العظيمة، أو مشاهدة قطار لعبة بداخله ركاب مبتسمون وهو يمر بجوارك مباشرةً على الطريق، حيث تتمتع دارجيلنغ، المعروفة أيضاً باسم ملكة التلال، بسحر غريب؛ إذ تُعد المباني التي تحمل ديكورات من الحقبة الاستعمارية، والمطاعم التراثية، وحدائق الشاي مترامية الأطراف، وأعلى محطة للسكك الحديدية في البلاد كلها جزءاً من جاذبيتها، وهي المناظر التي ظل صانعو الأفلام يلتقطونها للعرض على الشاشة لعدة سنوات.
وتعد دارجيلنغ المكان المفضل لدى صانعي الأفلام لسحرها الجذاب ومناظرها الطبيعية الخلابة، ويظهر فيلم «Barfi» مدى جمال هذه المنطقة؛ فلطالما كان يُنظر إلى دارجيلنغ على أنها منطقة رائعة، ومع ذلك فإن هذا الفيلم شجع المشاهدين على التوجه إليها لزيارة محطة التل المذهلة الموجودة بها، حيث قدم الفيلم محطة السكة الحديدية في دارجيلنغ الواقعة في جبال الهيمالايا وبرج الساعة ومقهى «Glenary›s» الشهير، مما أظهر مدينة المتحدرات في أفضل شكل لها، ولذا فإن الوجود في دارجيلنغ يمثل فرصة لقضاء عطلة هادئة ومنعزلة.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.