تنبؤات الزلزال تُواصل إرباك العرب بشأن ما يحدث في مارس

عراقي يقترح موعداً مخالفاً لفرانك هوغيربيتس

جانب من الدمار الذي لحق بمحافظة هاتاي التركية جراء زلزالي 6 فبراير 2023 (رويترز)
جانب من الدمار الذي لحق بمحافظة هاتاي التركية جراء زلزالي 6 فبراير 2023 (رويترز)
TT

تنبؤات الزلزال تُواصل إرباك العرب بشأن ما يحدث في مارس

جانب من الدمار الذي لحق بمحافظة هاتاي التركية جراء زلزالي 6 فبراير 2023 (رويترز)
جانب من الدمار الذي لحق بمحافظة هاتاي التركية جراء زلزالي 6 فبراير 2023 (رويترز)

في حين لا تحظى فيديوهات وتغريدات متنبئي الزلازل باهتمام غربي، فإنها تقفز في العالم العربي إلى صدارة اهتمامات الناس إلى الدرجة التي تجعلها تتصدر قائمة الموضوعات الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يرجعه استشاري في الطب النفسي إلى انشغال الشخصية العربية منذ زمن بعيد بسؤال «متى؟».
وقال أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق لـ«الشرق الأوسط»: «نحن غارقون منذ القدم في الاهتمام بسؤال (متى؟)، وإهمال سؤال (ماذا؟)، وهو ما يوفر بيئة خصبة لرواج التنجيم الزلزالي».
ومنذ كارثة سوريا وتركيا، حظيت تغريدات متنبئ الزلازل الهولندي فرانك هوغيربيتس باهتمام عربي منقطع النظير، لأنه غرّد قبل وقوعها قائلاً: «إن آجلاً أو عاجلاً سيكون هناك زلزال بقوة 7.5 في هذه المنطقة (جنوب وسط تركيا والأردن وسوريا ولبنان)»، وهي تغريدة (غامضة) لا تعطي أي معلومة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» قبل أيام، بل وزاد هؤلاء الخبراء على ذلك بقولهم، إنها مستقاة مما يعرفه خبراء الزلازل من أن صدع شرق الأناضول سيكون على موعد مع زلزال ضخم، ومع ذلك، فقد أعطته تلك التغريدة اهتماماً عربياً، لفت اهتمام أكاديمي عراقي، فدخل هو الآخر على خط التنبؤ بالزلازل.
وتوقع أستاذ الجيولوجيا العراقي صالح محمد عوض، حدوث زلزال يوم 8 مارس (آذار) الجاري في منطقة الصفيحة الأناضولية، التي شهدت زلزال تركيا المدمر، فيما كان المتنبئ الهولندي فرانك هوغربيتس، قد سبقه إلى اقتراح موعد آخر، وهو الأسبوع الأول من مارس الجاري.
وهنا يقول عبد الله إن «الغرب أصبح مدركاً أن مثل هذه الكوارث تفوق قدرات الحكومات، فأصبح هناك اهتمام بالتدريب على كيفية تغيير نتائجها الكارثية، عبر الاهتمام بأكواد البناء المقاوم للزلازل، والتدريب على كيفية التصرف وقت حدوث زلزال، بينما نحن ما زلنا غارقين بـ(متى سيحدث الزلزال)».
ويعيد رينيه فيلتريس، أستاذ علوم الأرض بجامعة ستراسبورغ الفرنسية، الذي سبق وعمل في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا بالسعودية (كاوست)، التأكيد على ما سبق وأكده العلماء من أن المتنبئ الهولندي، ومؤخراً زميله العراقي، لم يأتيا بجديد. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة من صدع شرق الأناضول لا تزال نشطة بعد زلزال 6 فبراير (شباط) الماضي، فإن توقع حدوث زلزال بها، فهذا ليس معلومة تستحق الاهتمام سواء حدث الزلزال أو لم يحدث».
وتابع: «إذا كنت تريد أن تكون مثلهما، فابحث عن منطقة على طول أي حدود صفيحة حدث فيها زلزال كبير في الماضي، واكتب بيانات على مواقع التواصل الاجتماعي عن حدوث زلزال إن عاجلاً أو آجلاً، فقد تكون محظوظاً (رغم صعوبة استخدام هذه الكلمة مع وقوع العديد من الضحايا)، وتصبح مثل فرانك هوغيربيتس».
وأرجع فيلتريس انتشار التنبؤات غير العلمية، على نطاق واسع، إلى مجموعة من عدة عوامل بما في ذلك التكلفة العالية للوصول إلى المجلات العلمية (أحياناً لا تكون في متناول حتى الجامعات)، وقصور المجتمع العلمي في مشاركة نتائجه بطريقة تروق لعامة الناس، حيث يفتقد حديثه للمزيد من «اللغة الواضحة» و«الرسائل المباشرة التي تدخل إلى صلب الموضوع».
ومع ذلك بدا فيلتريس متفائلاً. وقال: «لحسن الحظ، هذا يتغير نحو مستقبل أفضل مع المزيد والمزيد من العلماء الذين ينضمون إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والعديد من الجهود للمجلات مفتوحة المصدر التي يتم تنفيذها الآن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».