الصومال يكثف حربه ضد «الشباب» بدعم أميركي

مقتل 10 بينهم قادة بـ«الحركة الإرهابية»

إعلان برنامج المكافآت الأميركي عن مكافأة لاعتقال الناطق باسم «حركة الشباب» (الخارجية الأميركية)
إعلان برنامج المكافآت الأميركي عن مكافأة لاعتقال الناطق باسم «حركة الشباب» (الخارجية الأميركية)
TT

الصومال يكثف حربه ضد «الشباب» بدعم أميركي

إعلان برنامج المكافآت الأميركي عن مكافأة لاعتقال الناطق باسم «حركة الشباب» (الخارجية الأميركية)
إعلان برنامج المكافآت الأميركي عن مكافأة لاعتقال الناطق باسم «حركة الشباب» (الخارجية الأميركية)

كثّفت الحكومة الصومالية حربها ضد «حركة الشباب» المتطرفة، معلنة مقتل أكثر من 10 من عناصر الحركة، بينهم قادة في عملية عسكرية، في حين تعهد شركاء الصومال الدوليون بدعم الحرب ضد الإرهاب، تزامناً مع عرض السلطات الأميركية مكافاة مالية بقيمة 5 ملايين دولار، مقابل معلومات لاعتقال الناطق الرسمي باسم الحركة المرتبطة بتنظيم «القاعدة».
وقال جهاز المخابرات الصومالية في بيان مقتضب، مساء الثلاثاء، إن العملية تمت بمساعدة الأصدقاء الدوليين، في منطقة «بوروين» في منطقة حيران بوسط الصومال.
بدورها، أعلنت وزارة الإعلام الصومالية في بيان «مقتل 10 عناصر إرهابية من ميليشيات الخوارج المرتبطة بتنظيم (القاعدة) في هذه العملية العسكرية التي استهدفت قائد الحسبة، ومسؤول الصحة، وقائد ميداني، وثمانية آخرين من المتشددين». وبحسب البيان، «استهدفت غارة جوية سيارة كانت تقل عناصر من مقاتلي (الشباب) التي كانت تتعقبها أجهزة المخابرات».
وأطلق الجيش الصومالي في يوليو (تموز) الماضي عملية عسكرية لتحرير وسط البلاد من عناصر الحركة بدعم جوي تنفذه القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وطبقاً لوكالة الأنباء الصومالية الرسمية فمنذ انطلاق العمليات العسكرية أغسطس (آب) الماضي، قتل أكثر من 2000 من العناصر والقيادات الإرهابية في الأشهر الماضية، كما فقدت الخلايا الإرهابية أكثر من 50 منطقة رئيسية كانت خاضعة لسيطرتها بجنوب ووسط البلاد.
وجاءت هذه التطورات، في حين أعلنت وزارة الدفاع الصومالية هبوط طائرتين عسكريتين أميركيتين تحملان 61 طناً من الأسلحة والذخيرة من الولايات المتحدة في مطار بالعاصمة مقديشو، مشيرة إلى أنه سيتم تسليم هذه الشحنة العسكرية إلى القوات الخاصة للجيش الصومالي المعروفة باسم «دانب». بدورها، أدرجت السفارة الأميركية في مقديشو، هذه الشحنة في إطار دعم الولايات المتحدة للجيش الصومالي في الكفاح لتحرير شعبه من عنف «حركة الشباب» الإرهابية.
ولفت تيم ترينكل، القائم بأعمال السفارة الأميركية، خلال تسليمه الشحنة لوزير الدفاع الصومالي عبد القادر نور، إلى الأهمية الخاصة لهذه المعدات في تنمية قدرات الجيش، مشيراً إلى أن نجاح قواته يرجع لاستخدام المعدات العسكرية الحديثة في القتال ضد عناصر الميليشيات الإرهابية.
ونقلت وكالة الصومال الرسمية عن نور، شكره لحكومة الولايات المتحدة على دعمها للجيش الصومالي، الذي أكد مواصلته ما وصفه بعمليات التصفية، ضد الخلايا الإرهابية في المناطق الواسعة بجنوب ووسط البلاد.
من جهة أخرى، ناقش ممثلو قطر، والصومال، وتركيا، والإمارات، وبريطانيا وأميركا في العاصمة واشنطن، أولويات الصومال الأمنية، وبناء الدولة، والتنمية، والأولويات الإنسانية. وأعرب الشركاء في بيان مشترك وزّعته الخارجية الأميركية، عن دعمهم تركيز الحكومة الصومالية على مكافحة الإرهاب وبناء القدرات، ولفتوا إلى مناقشة كيفية دعم قتال الصومال بشكل أفضل ضد «حركة الشباب» والاستعداد لانسحاب بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال، والاتفاق على تعزيز تنسيق المساعدة الأمنية الدولية.
كما اتفق الشركاء على أهمية ضمان إيصال مساعدات الاستقرار في الوقت المناسب إلى المناطق المحررة حديثاً، والتزموا بدعم جهود الصومال للوفاء بالمعايير المتعلقة بإدارة الأسلحة والذخيرة لتمكين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من الرفع الكامل للرقابة على الأسلحة عن الحكومة الفيدرالية الصومالية.
وبعدما أعربوا عن قلقهم إزاء الأزمة الإنسانية المستمرة الناجمة عن أسوأ موجة جفاف سجلت في الصومال، رحّبوا بالدعم إلى جانب الجهات الفاعلة الدولية لتلبية الاحتياجات العاجلة للشعب الصومالي، مع تعزيز قدرة الصومال على تحمل الصدمات المناخية في المستقبل.
إلى ذلك، عرض برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع لوزارة الخارجية الأميركية، مكافأة بقيمة 5 ملايين دولار للحصول على معلومات تؤدي إلى تحديد هوية القيادي بـ«حركة الشباب» علي محمد ريج أو مكانه، وقال، إن ريج المعروف أيضاً باسم علي دهيري، المتحدث الرسمي باسم «حركة الشباب» منذ مايو (أيار) عام 2009، هو قائد بارز في هذه المنظمة الإرهابية، وشارك في التخطيط لهجمات في كينيا والصومال.
وكانت الخارجية الأميركية صنفته في أغسطس 2021، على أنه «إرهابي عالمي بشكل خاص»، كما أضافته في فبراير (شباط) 2022، لجنة الجزاءات المفروضة على الصومال التابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى قائمة العقوبات لمشاركته في أعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في الصومال أو تقديم الدعم لها.
ومنذ إنشائه عام 1984، دفع برنامج المكافآت الأميركي أكثر من 250 مليون دولار لأكثر من 125 شخصاً في جميع أنحاء العالم، قدموا معلومات عملية ساعدت في حل التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».