«بيت روز» تروي هموم المرأة في جلسة واحدة

المسرحية المصرية تستعرض 4 حكايات نسائية

«بيت روز» تروي هموم المرأة في جلسة واحدة
TT
20

«بيت روز» تروي هموم المرأة في جلسة واحدة

«بيت روز» تروي هموم المرأة في جلسة واحدة

إذا كانت المظاهر يمكن أن تكون خادعة بشكل عام، فكيف ستكون النتيجة حين يتعلق الأمر بالمرأة؟ هل يكفي أن نرى حواء أنيقة، تشغل مركزاً مرموقا، حتى نحكم عليها؟ وهل تكفي نظرة عابرة إلى السطح حتى نتوهم أننا أصبحنا ندرك ما تحت الأعماق؟
تشكّل مثل هذه التساؤلات هاجساً مُلحاً لدى صناع مسرحية «بيت روز»، التي تعرض حالياً على مسرح «الطليعة» التابع لوزارة الثقافة، حيث يخرج المتلقي برسالة مفادها أن الفارق كبير بين أن تتظاهر حواء بالقوة والصلابة والتماسك ظاهرياً، كسلاح تواجه به الآخرين وبين حقيقة ما يعتمل في نفسها من الداخل من هشاشة وضعف ورغبة جارفة في البكاء.
يتناول العرض هموم المرأة المعاصرة من زاوية شديدة الحميمية والبساطة، تتمثل في أربع فتيات في الثلاثين من العمر تجمع بينهن الصداقة القوية التي تعود إلى مرحلة الجامعة أو ما قبلها. اعتاد هؤلاء أن يلتقين بصفة دورية في أحد محلات «الكوفي شوب» لتبادل الدردشة ومشاركة الأخبار والتعليقات العابرة، غير أنهن في إحدى المرات يتجاوزن المزاح والمداعبات وينخرطن في جلسة مفعمة بالمشاعر، حيث يكشفن عن أسرار وهموم وأوجاع لأول مرة فيما يشبه الاعترافات.
يبدو العرض عبارة عن جلسة واحدة تبدأ بموضوع مُلِح يخص (منار)، فقد رشحت لها خالتها «عريساً» على طريقة زواج الصالونات، دون سابق معرفة أو توفر الحد الأدنى من الإعجاب. تبدو منار مترددة، بل هي في الواقع محبطة، وتشعر بخيبة أمل، لقد كانت تحلم كأي فتاة بقصة حب عاصفة، ولكن العمر يتقدم بها دون أن تلوح في الأفق أي بوادر لفارس الأحلام. تبدي كل صديقة رأيها في الأمر، وتتوالى النصائح ووجهات النظر، لكن هذا الموضوع التقليدي يتحول إلى مجرد بداية في حوار عميق تكشف فيه كل فتاة عن مخاوفها وهواجسها التي تطاردها في الصحو والمنام فيما يتعلق بقوس واسع من الهموم والأوجاع التي تضغط على حواء في مجتمعاتنا العربية؛ مثل تأخر سن الزواج، والعنف الزوجي، والطلاق، ومعايير الفشل والنجاح، والتحرش بأشكاله المختلفة، وعمل المرأة.
تتنوع الشخصيات الرئيسية لتعكس العديد من النماذج الإنسانية، ما بين الحالمة البريئة، والزوجة التعيسة، والمطلقة للمرة الثالثة، والمحبطة عاطفياً. ويمر الحوار بين الصديقات بالعديد من المنعطفات؛ فلا يقتصر على الشجن والبكاء، وإنما هناك أيضاً محطات من الضحك والسخرية ولو على طريقة «شر البلية ما يضحك»، كما اتسم الحكي بالحميمية الشديدة والطابع العفوي، حتى أنك تشعر كما لو كنت تتابع نقاشاً حقيقياً، وهو ما يُحسب لمؤلف ومخرج العمل محمود حديني، وقدرته على توجيه الممثلات سالي سعيد، ونادية حسن، وسماح سليم، وهاجر حاتم.
ساعد على تعميق هذه الحالة من «التماهي» و«التوحد» بين الجمهور وفريق التمثيل عدم وجود خشبة مسرح بالمعنى التقليدي، فالقاعة تم تصميم ديكوراتها من جانب هبة الكومي، وإضاءتها من جانب محمود الحسيني، بحيث تصبح مقهى «مودرن» تحتل فيه الصديقات الأربع المائدة الرئيسية، بينما يجلس الجمهور على مقاعد متناثرة حولهن.
ولا تخفى الدلالة المهمة التي تنطوي عليها فكرة وجود شاشة تلفزيونية في المقهى مفتوحة على فيلم «الباب المفتوح»، بطولة فاتن حمامة وإخراج هنري بركات، فقد تم إنتاجه عام 1963 ولا تزال نفس القضايا النسوية التي يناقشها تشكل أزمة تنتظر، بعد مرور 60 عاماً، انفراجة مثل حرية الاختيار لدى المرأة وازدواجية المجتمع في نظرته إلى حواء.
ويؤكد محمود حديني أن «المسرحية تتخذ من الهموم النسائية مدخلاً لهموم إنسانية أكثر عمومية وشمولاً حيث إن قضايا مثل الخوف من المستقبل والفراغ والوحدة والبحث عن الحد الأدنى من السعادة وراحة البال هي هواجس تخص الرجل كما تخص المرأة»، مشيراً في تصريح إلى «الشرق الأوسط» إلى أنه «واجه أكثر من تحدٍ في هذه التجربة مثل تجاوز الحبكة التقليدية التي تقوم على بداية ووسط ونهاية ليجعل الحوار متدفقاً تلقائياً مفعماً بالحيوية والروح الصادقة، فضلاً عن محدودية المكان والزمان، لكن النتيجة النهائية كانت مدهشة من حيث تفاعل الجمهور، ولافتة كامل العدد، التي تؤكد الإقبال الكبير من جانب الناس المتعطشة لفن حقيقي يمزج المتعة بالقضايا الحقيقية».



مصر: خطة درامية لإصلاح «المزاج العام»

اجتماع لجنة الدراما برئاسة وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)
اجتماع لجنة الدراما برئاسة وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)
TT
20

مصر: خطة درامية لإصلاح «المزاج العام»

اجتماع لجنة الدراما برئاسة وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)
اجتماع لجنة الدراما برئاسة وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)

تسعى مصر إلى وضع خطة للإنتاج الدرامي، ووضع مسار متكامل لإصلاح المزاج العام، والعمل على بناء الشخصية المصرية في ضوء وعي ثقافي وفني وإنساني، بحسب ما أكده وزير الثقافة المصري، أحمد فؤاد هنو، مشدداً على أن هذا الأمر لا يتضمن وصاية على الفن، بل لاستعادة بريقه وبهائه.

وقال هنو خلال رئاسته للاجتماع الأول للجنة دراسة التأثيرات الاجتماعية للدراما المصرية والإعلام، المشكّلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن «الدراما المصرية قادرة على تقديم محتوى درامي يجمع بين الأصالة والحداثة، ويعبّر عن هوية متجذرة لبلد عريق، لتقدم شكلاً جمالياً يرتقي بذوق المشاهد ويصونه»، وفق بيان للوزارة، الأربعاء.

وناقشت اللجنة التي ضمت عدداً من الكتّاب والمخرجين وصنّاع الدراما وقيادات الإعلام التأثيرات الاجتماعية للدراما والإعلام على المجتمع المصري، ووضع آليات لتطوير المحتوى الدرامي المصري.

وخلال حفل إفطار جماعي خلال شهر رمضان الماضي، دعا الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، صنّاع الدراما، إلى تقديم «دراما إيجابية»؛ بوصفها عنصراً فعّالاً في تشكيل الوعي المجتمعي، وأكد على ضرورة ألا يكون المحتوى المقدم للجمهور مقتصراً على الغث أو الهزل فقط، أو ما لا يسهم في بناء الأمة، وتحدّث الرئيس المصري عن ضرورة إسهام الأعمال الدرامية والإعلام في تعزيز الأخلاق والقيم المصرية الأصيلة، مشيراً إلى أن الفن ليس مجرد وسيلة للتسلية، بل يجب أن تكون له أدوار أخرى.

جاء ذلك بعد انتقادات تعرّضت لها مسلسلات كانت تُعرض في الموسم الدرامي الرمضاني، إذ اتهمها البعض بالترويج للعنف والبلطجة، وغير ذلك من القيم السلبية في المجتمع المصري.

مريم نعوم وعبد الرحيم كمال خلال الاجتماع (وزارة الثقافة المصرية)
مريم نعوم وعبد الرحيم كمال خلال الاجتماع (وزارة الثقافة المصرية)

ووجّه رئيس الوزراء المصري، بتشكيل مجموعة عمل متخصصة لوضع صياغة ورؤية مستقبلية واضحة للإعلام والدراما المصرية، بما يسهم في تعزيز رسائلها الإيجابية تجاه الفرد والمجتمع، على خلفية ما تطرحه الأعمال الدرامية من مشاهد لا تعبِّر عن الواقع أو المجتمع المصري.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذه المجموعة ستضمُّ جميع الجهات المعنية بملف الإعلام والدراما في مصر، وهي وزارة الثقافة، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وكذلك الهيئة الوطنية للإعلام، والشركات المعنية بعملية الإنتاج ومن بينها الشركة المتحدة، بالإضافة إلى نخبة من المتخصصين في هذا المجال ومجالات أخرى؛ لوضع تصوُّر علمي وموضوعي لمستقبل الدراما المصرية، من دون تقييد حرية الإبداع والفكر، حسب بيان سابق لرئاسة مجلس الوزراء.

مبنى ماسبيرو استضاف قبل أيام مؤتمراً حول مستقبل الدراما (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى ماسبيرو استضاف قبل أيام مؤتمراً حول مستقبل الدراما (الهيئة الوطنية للإعلام)

و«تسير الدراما المصرية بخطى واثقة منذ ما يقرب من 110 أعوام من صناعة السينما، وأكثر من 65 عاماً من إنتاج الدراما التلفزيونية، لتخلق حكايات ملهمة تعبر عن هوية مصر العميقة، وتصبح مرآة حقيقية لملامح الشخصية المصرية»، وفق تصريحات وزير الثقافة، مشدداً على ضرورة تفعيل دور الدراما بوصفها أداة محورية في تشكيل وجدان المواطن، وتعزيز الانتماء في ظل التحديات الفكرية والاجتماعية الراهنة.

ونظّمت الهيئة الوطنية للإعلام مؤتمر «ماسبيرو للدراما»، في 22 أبريل (نيسان)، لمناقشة مستقبل الدراما في مصر بمشاركة نخبة من نجوم ونجمات مصر، وعدد من المؤلفين والمخرجين وممثلين عن الشركة المتحدة والنقابات الفنية، وتضمن المؤتمر تكريم الفنانة سميرة أحمد والفنان رشوان توفيق والمخرج محمد فاضل والكاتب محمد جلال عبد القوي.