كييف لا «تشاطر الرأي» مع واشنطن وتؤكد أن لا مؤشّر على إمداد بكين لموسكو بأسلحة

دعوات تطالب بايدن بتوفير «إف 16» لأوكرانيا كجزء ضروري من «استراتيجية الردع» ضد روسيا

TT

كييف لا «تشاطر الرأي» مع واشنطن وتؤكد أن لا مؤشّر على إمداد بكين لموسكو بأسلحة

أعلنت كييف أن الصين لا تعتزم إمداد روسيا بالأسلحة، خلافا لما كررته واشنطن وعدة دول غربية حول نية بكين تزويد حليفتها موسكو بالأسلحة. وقال رئيس الاستخبارات الأوكرانية كيريلو بودانوف في مقابلة بثّتها إذاعة «صوت أميركا» أنّه لا يرى «أي مؤشّر» على أنّ الصين تعتزم إمداد روسيا بأسلحة. وفي معرض حديثه عن التصريحات التي صدرت عن مسؤولين أميركيين أخيراً، ومفادها أنّ الصين تعتزم تزويد الجيش الروسي بأسلحة لمساعدته في غزوه لأوكرانيا، في اتّهامات نفتها بكين بشدّة، قال بودانوف: «أنا لا أشاطر هذا الرأي».
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الثلاثاء إن واشنطن لن تتردد في استهداف الشركات والأفراد الصينيين بالعقوبات إذا انتهكت بكين العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا. وأوضح بلينكن لصحافيين خلال رحلة إلى خمس دول في آسيا الوسطى أنه إذا أقدمت الصين على إمداد موسكو بعتاد فتاك لاستخدامه في الصراع، فإن هذا سيضع بكين في مشكلة خطيرة في علاقتها مع دولٍ في شتى أنحاء العالم.
وفي المقابلة التي أجرتها الإذاعة الأميركية معه في 25 الماضي، أضاف المسؤول الأوكراني «في الوقت الحالي، لا أعتقد أنّ الصين ستوافق على نقل أسلحة إلى روسيا... لا أرى أي مؤشّر على أنّ مثل هكذا أمور يتمّ حتّى البحث فيها».
وبعدما ألحّت عليه «صوت أميركا» بالسؤال عن الاتّهامات الأميركية، قال بودانوف: «أنا رئيس جهاز الاستخبارات وأنا، مع كلّ الاحترام الذي أكنّه لكم، لا أستند على آراء أفراد بل على حقائق فقط. أنا لا أرى حقائق من هذا القبيل».
وأجريت المقابلة مع المسؤول الأوكراني عشيّة تصريحات أدلى بها مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» ويليام بيرنز في مقابلة بثّتها شبكة «سي بي إس» مساء الأحد واتّهم فيها الصين بالتفكير في إمداد روسيا بأسلحة فتّاكة. وقال بيرنز للشبكة الأميركية: «نحن واثقون من أنّ المسؤولين الصينيين يدرسون تزويد روسيا بأعتدة فتّاكة». وفي مقابلته مع الإذاعة الأميركية أكّد بودانوف أنّ إيران هي «عملياً الدولة الوحيدة التي تنقل أسلحة خطرة إلى روسيا». وأضاف «كانت هناك معلومات تفيد بأنّ شيئا ما جاء من كوريا الشمالية، لكن ليس لدينا تأكيد على ذلك. ليست هناك أي حالة رصدنا فيها هنا سلاحاً من كوريا الشمالية». وبالنسبة لرئيس الاستخبارات الأوكرانية فإنّ «روسيا تحاول فحسب شراء كلّ ما تيسّر لها من أي مكان تيسّر لها، لأنّ مشاكلها كبيرة».
وفي سياق متصل قال كيريلو بودانوف إن «الحكومة الصربية رفضت إرسال أسلحة إلى موسكو هي الأخرى». وأضاف بودانوف «روسيا تحاول شراء أي شيء من أي مكان، لأن مشاكلها كبيرة بالفعل. وصربيا، التي كان الجميع في روسيا يعلقون آمالا كبيرة عليها رفضت إرسال أسلحة إليهم»، بحسب وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية «يوكرينفورم». وأضاف بودانوف أن هناك بعض الجهود التي تبذلها روسيا لشراء أسلحة عبر دول ثالثة على نطاق واسع إلى حد ما. وقال بودانوف: «إنهم يحاولون الآن مع ميانمار. وسنرى ما سيحدث مع مرور الوقت. ولكن في الواقع، فيما يتعلق بإمدادات الأسلحة، فإن روسيا تقتصر على إيران».
وقال بودانوف إن الاتحاد الروسي هو في الواقع دولة «فقاعة». وقال بودانوف: «القادة الروس يفهمون بوضوح الشيء الرئيسي: وهو أن الأسلحة النووية ليست أسلحة، ولكنها وسيلة للردع الاستراتيجي، وأن استخدام رادع نووي، من قبل أي شخص في العالم، سيؤدي إلى عواقب وخيمة بالنسبة لكل من يفعل ذلك».
وفي سياق متصل، ازدادت الدعوات لتوفير طائرات «إف - 16» المقاتلة الأميركية المتقدمة للقوات الأوكرانية. سؤال طرحته صحيفة «واشنطن بوست». وقالت الصحيفة، إنه إذا أصرت إدارة بايدن على موقفها المتردد في تقديم هذه الطائرات، على الرغم من توصيات قادة البنتاغون وحلفاء الناتو، فمن المرجح أن يترجم التردد إلى طريق مسدودة، وهو ما يخدم مصالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فهو يعتقد أن تصميمه على إخضاع أوكرانيا سوف يدوم أكثر من صبر الغرب للوقوف بثبات مع كييف. وإذا كان على حق، فسوف تتضرر صدقية الولايات المتحدة وحلف الناتو ونفوذهما ومكانتهما بشكل لا يمكن إصلاحه. ومن خلال حجبه تلك الطائرات، يعمق الرئيس بايدن خطر هذا الضرر، حيث يمكن أن توفر الحماية للقوات الأوكرانية، وتساعد في ردع المزيد من العدوان الروسي.
وقالت الافتتاحية: لسوء الحظ، على الغرب أن يفكر من منظور السنوات، وليس الأشهر. وحتى لو تم دفع القوات الروسية إلى الخطوط التي كانت سائدة قبل الغزو الروسي الشامل قبل عام، وحتى لو تم طردهم بالكامل من أوكرانيا، سيكون من الحكمة أن ينظر الغرب إلى التهديد من موسكو على أنه سمة غير محددة بالمشهد الأمني الحالي. وهذا يعني أن تزويد أوكرانيا بقوة ردع في المستقبل المنظور، يجب أن يكون هدفا استراتيجيا، في إشارة إلى تقديرات وتحليلات تتحدث عن مستقبل العلاقة الأميركية بأوكرانيا، بأنها قد تكون حجر الزاوية في أمن القارة الأوروبية مستقبلا، عبر تحويلها إلى قاعدة دفاع متقدمة، حتى على ألمانيا وفرنسا ودول أوروبا الشرقية كلها.
تقول هيئة التحرير إنه بحثا عن حلول، على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين تكثيف دعمهم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي لكييف. وبينما يأمل الرئيس بوتين في الوصول إلى طريق مسدودة، يحتاج الغرب إلى تأجيج تحول يغير قواعد اللعبة في الزخم. وأضافت أن كل الحروب تنتهي، لكن التاريخ مليء بالحروب التي تطول أو تتوسع أو تتراجع، من دون توقف حقيقي للأعمال العدائية. وإذا كان هذا هو السيناريو الذي تواجهه أوكرانيا، وهناك سبب للاعتقاد بذلك، تحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى البدء في التفكير فيما بعد هجمات الربيع أو الاعتمادات السنوية أو دورة الانتخابات المقبلة. تتطلب المعارك الطويلة تخطيطا ورؤية على المدى الطويل، والقوة الجوية الفعالة ضرورية في هذا الأفق. ويمكن تقديمها على أساس أن أوكرانيا لن تستخدمها لمهاجمة أهداف في الأراضي الروسية، حيث، على أي حال، قد تجعل أنظمة الدفاع الجوي الروسية مثل هذه الطلعات الجوية خطيرة للغاية. لكن داخل المجال الجوي الأوكراني، يمكن لطائرات «إف - 16» تضييق الفجوة بين القوة الجوية لموسكو وقوة كييف، وتعمل بأمان نسبي بالتنسيق مع الأسلحة الأخرى التي يزودها بها الغرب. ومن بين تلك الأسلحة، صواريخ «هارم» الأميركية، التي تدمر الرادارات، ومن شأنها أن تحد من قدرة روسيا على استخدام صواريخ أرض جو لإسقاط الطائرات المقاتلة. كما أن تلك الطائرات، أصبحت أكثر توفرا، مع تحول عدد من دول الناتو إلى طائرات «إف - 35» الأكثر تقدما. ورغم ذلك، ومن دون تصريح رسمي من واشنطن، لا يمكن تزويد أوكرانيا بطائرات «إف - 16».


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».