نتنياهو يهدم بنايتين للمستوطنين ويعوضهم بـ300 وحدة سكنية

بعد أن اضطرته محكمة العدل العليا إلى هدم بنايتين في مستعمرة بيت إيل، استجاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لطلب المستوطنين، وقرر بناء 300 وحدة سكنية جديدة في المستوطنة نفسها، وبناء مئات الوحدات السكنية في الأحياء اليهودية الكبيرة القائمة في ضواحي القدس الشرقية المحتلة. ومع ذلك لم يكتف المستوطنون، وواصلوا، أمس، عرقلة عملية الهدم إذ صادموا قوات الشرطة الإسرائيلية.
وكان نتنياهو قد رضخ لإرادة المستوطنين، الممثلين داخل حكومته وائتلافه البرلماني بنحو 20 وزيرا ونائبا، فتوجه إلى محكمة العدل بتصريح يقول فيه، إنه يؤيد طلب المستوطنين الإبقاء على البنايتين، مع أنهما بنيتا بلا ترخيص. لكن المحكمة تجاهلت طلبه، وقررت أن البنايتين أقيمتا على أرض فلسطينية خاصة بطريقة النهب والتزوير، ولا بد من هدمهما حتى لا تتكرر مثل هذه الأعمال غير القانونية، وحددت 30 يوليو (تموز)، اليوم، كآخر موعد لهدمهما. وتوجهت جرافات الجيش لتنفيذ أمر المحكمة، فتصدى لها المستوطنون ومعهم عدد من وزراء حزبي الليكود والبيت اليهودي الحاكمين، الذين هاجموا قرار المحكمة واعتبروه «خطأ فاحشا». وقال أحدهم إن هذا القرار هو المسمار الأخير في نعش المحكمة العليا. ونشر عدد من نشطاء اليمين المتطرف على الشبكات الاجتماعية، هجوما شرسا على قضاة المحكمة العليا، تضمن تهديدات بالقتل. كما كشف عن تعرض قاض عربي من النقب، لتهديد مماثل بسبب قرار اتخذه ضد المستوطنين الذين سيطروا على أرض عربية في منطقة الخليل.
وتوجه وزيرا التعليم، نفتالي بنيت، والزراعة، أوري أريل، إلى نتنياهو طالبين أن يقر عددا من مشاريع البناء المجمدة، تعويضا عن هدم البنايتين في بيت إيل. ومنحاه ساعة واحدة فقط ليتخذ القرار، مهددين بالبحث في الانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال تأخره عن ذلك. فرضخ نتنياهو على الفور، وعقد اجتماعا على عجل في ديوان رئيس الوزراء. وحسب الوزير ارئيل فإن نتنياهو قرر عقب هذا الاجتماع بناء 300 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «بيت إيل» شرقي مدينة رام الله وكذلك البدء بالتخطيط لبناء نحو 500 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، على النحو التالي: الإسراع في الإعداد لبناء 115 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «بسغات زئيف» في القدس الشرقية وبناء 300 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «رموت» شمال مدينة القدس، و70 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «غيلو» (بيت جالا) جنوب القدس و19 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «جبل أبو غنيم» جنوب مدينة القدس.
يشار إلى أن العمارتين المذكورتين أقيمتا على أرض فلسطينية خاصة. وكانت محكمة العدل العليا في إسرائيل قد أقرت قبل 8 أشهر، هدم المبنيين لأنهما أقيما بصورة غير قانونية، وبضرورة إخلائهما وهدمهما قبل نهاية شهر يوليو، أي اليوم. وقد راهن المستوطنون على النجاح في إقناع أصحاب الأرض الفلسطينيين بالموافقة على بيع قطعة الأرض، لكي ينتفي السبب الذي دعا المحكمة إلى إصدار أمر الهدم. غير أن أصحاب الأرض الفلسطينيين رفضوا العرض حتى اللحظة الأخيرة، رغم المبالغ التي عرضت عليهم. ولهذا أكدت المحكمة العليا الإسرائيلية حكمها الصادر منذ 8 أشهر بعدم وجود معطيات جديدة تستدعي النظر في قرارها السابق.
من جهة ثانية، واصل نحو 200 مستعمر يهودي، الاعتصام على سطح مبنى قديم من بقايا مستوطنة «سانور»، شمالي الضفة الغربية، وذلك بمناسبة الذكرى العاشرة لخطة فك الارتباط الإسرائيلي مع غزة عام 2006. التي تم خلالها أيضا إخلاء 4 مستوطنات شمالي الضفة الغربية. وأعلنوا أنهم يريدون إبطال قرار إخلاء المستعمرات الأربع، التي تم إخلاؤها في ذلك الوقت وهي «كاديم» و«غانيم» و«حومش» و«سانور». وأعلن الجيش أنه سيخليها من هناك، لكنه ينتظر اللحظة المناسبة.
وقد كتبت صحيفة «هآرتس»، أمس، مقالا افتتاحيا بعنوان «الدولة ضد القانون»، قالت فيه، إن «الأحداث في بيت إيل وفي سانور، تشير إلى نوع جديد من الفصل بين السلطات: الكنيست، السلطة التشريعية تنتخب من صفوفها سلطة تنفيذية، والحكومة التي تقف ضد القانون، الذي تملك السلطة الثالثة، القضائية، صلاحية تفسيره والأمر بتطبيقه. يمكن فهم تحريض رئيس البيت اليهودي نفتالي بينت، الذي قال: (إن وزير الأمن ينجر إلى ألوية متطرفة ومحرضة)، على أنه جزء من محاولاته إظهار الولاء لناخبيه المستوطنين. ولكن من الغريب أن وزير التعليم، الشخص الذي اؤتمن على تمرير القيم الديمقراطية إلى الجيل الشاب، يتآمر علنا على القانون وضد المحكمة. كما أن وزيرة القضاء اييلت شكيد، التي تتوجه إلى المحكمة العليا باسم الدولة (لمنع الهدم)، تجعل من منصبها محل سخرية، وتفرغه من مضمونه».