أكاديميون يناقشون في «منتدى أصيلة» مآل الإعلام العربي في العصر الرقمي

ماضي الخميس: الإعلام لا يتغير وإنما تتبدل أدواته واستراتيجياته

جانب من المشاركين في ندوة «الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي» بـ«منتدى أصيلة الـ37» («الشرق الأوسط»)
جانب من المشاركين في ندوة «الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي» بـ«منتدى أصيلة الـ37» («الشرق الأوسط»)
TT

أكاديميون يناقشون في «منتدى أصيلة» مآل الإعلام العربي في العصر الرقمي

جانب من المشاركين في ندوة «الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي» بـ«منتدى أصيلة الـ37» («الشرق الأوسط»)
جانب من المشاركين في ندوة «الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي» بـ«منتدى أصيلة الـ37» («الشرق الأوسط»)

أجمع أكاديميون ومهنيون في قطاع الإعلام العربي أن الثورة التكنولوجية أحدثت تطورا كبيرا في وسائل الإعلام العربي، وفرصة للانتقال إلى إعلام جديد أكثر انتشارا وتفاعلا، مؤكدين أن تأثير ذلك لن يحسم الخلاف حول انتصار أو قضاء الإعلام الرقمي على الإعلام التقليدي.
وشهدت الندوة الثانية من فعاليات «منتدى أصيلة الـ37»، التي حملت عنوان «الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي»، والتي اختتمت جلساتها ليلة أول من أمس، تباينا في المواقف والآراء حول مدى مهنية ومصداقية الصحافة الإلكترونية والصحافة الورقية؛ إذ قال ماضي عبد الله الخميس، أمين عام منتدى الإعلام العربي في الكويت، ورئيس تحرير جريدة «الكويتية»، إن الانتقال إلى الإعلام الرقمي شكل انتقالا من محدودية الإعلام العربي إلى انتشاره وسهولة الاستفادة منه، وكثرة التواصل معه، لكن هذا الانتقال تميز، في نظره، بغياب حقوق الملكية.
ويرى أمجد المنيف، وهو متخصص في الإعلام الرقمي بالسعودية، أنه لا توجد أي إشكالية بين الإعلام التقليدي والإعلام الرقمي، موضحا أن كثيرا من الناس لا يفرقون بين التأثير والانتشار، حيث ترى الغالبية أن «ما لدى مواقع التواصل الاجتماعي انتشار وليس تأثيرا، والتأثير لا يمكن قياسه بأشياء انطباعية، وليس كل ما هو منتشر بشكل كبير يكون مؤثرا». ورأى أن «هناك من يختزل الإعلام الرقمي في مواقع التواصل الاجتماعي، بينما هي جزء من الإعلام الورقي، وحتى الشبكات الاجتماعية ما زالت في طور التشكل والتمدد، ولذلك لا يمكن أن نحكم عليها في الوقت الحالي».
واعتبر عضوان محمد الأحمري، مسؤول تحرير موقع جريدة «الشرق الأوسط» الإلكتروني في لندن، أن ما حدث اليوم هو تغيير في الوسائل وفي الصيغة المكتوبة للجمهور، مضيفا أن الذي حدث هو «هجوم قاس على الصحافة الورقية، لكنه هجوم غير منطقي لأسباب كثيرة؛ منها أن أكثر المهاجمين للصحف التقليدية، أو الذين يرفضونها، لهم حس ثوري ضد الحكومات والمسؤولين، وهم يريدون أن ينشروا كل شيء يريده جمهورهم، وأن يكسبوا جمهورا، ولكننا سنخسر بذلك الرصانة واللغة الرصينة التي لا تخرج في الصحافة الورقية إلا بعد تدرجها عبر سكرتارية التحرير والمدققين اللغويين».
ويرى الأحمري أن الذي تغير في المتلقي هو أنه أصبح صانع الخبر، ومصدرا لسلطته، مشيرا إلى أن الإعلام الرقمي تسارع بطريقة أو بأخرى لدرجة أنه أنسى الناس التعمق في القراءة.
من جهتها، قالت الكاتبة والصحافية المغربية سناء العاجي، إن «الإعلام الإلكتروني يتوفر اليوم على مجموعة من الخصائص التي لا تتوفر في الإعلام الكلاسيكي، خاصة الصحافة المكتوبة، مثل التفاعل وسرعة التجاوب، والحصول على الخبر»، لكنها أوضحت أن «الإعلام الإلكتروني لا يقدم حلا سحريا لإشكالية احترام المهنية».
وترى الدكتورة فاطمة السالم، أستاذ مساعد في وسائل الإعلام الجديدة والتكنولوجيا والصحافة بقسم الإعلام بجامعة الكويت، أنه «ما زلنا نستعمل الإعلام التقليدي، لكننا غير واعين بهذا الاستعمال»، وقالت إن «المواطنين في الكويت يستعملون مواقع التواصل الاجتماعي لأنها كسرت حواجز التواصل بين الرجل والمرأة، وحواجز الخوف والخوض في تابوهات كثيرة»، مضيفة أن الناس يعتقدون أن المصداقية تكون لمواقع التواصل الاجتماعي لأنها تتحدث بحرية.
ورأى المختار لغزيوي، مدير نشر جريدة «الأحداث المغربية»، وموقع «أحداث إنفو»، أن «الصحافة الورقية أو المكتوبة هي اليوم الوحيدة التي يمكن أن نعتد بها ونعتبرها مصدرا موثوقا به، أما مواقعنا الإلكترونية العربية فرغم أنها مواقع محترمة وتتميز بالجرأة، فإنها ما زالت تعاني في المصداقية».
وتحدث يوسف ججيلي، ناشر ورئيس تحرير موقع «360» في المغرب، عن أن هامش الحرية في المغرب يعد أوسع بكثير مقارنة مع باقي الدول العربية. وقال إن «الصحافة الإلكترونية لن تقصي الصحافة الورقية لأن المنافسة بينهما تظل ضعيفة، وإنما المنافسة الحقيقية توجد بين الصحافة المكتوبة الإلكترونية والتلفزيون»، وعزا ذلك إلى أن إنتاج البرامج والاستطلاعات والتحقيقات بالفيديو أسهل بكثير في المواقع الإلكترونية الإخبارية من إنجازه في التلفزيون.
من جانبه، أشار عادل عيدان، مدير مكتب قناة «العربية» في الكويت، إلى أن الرهان الأساسي لتطوير الإعلام الجديد في المجتمع هو الارتقاء بدور المواطن النشيط، بحيث لا يتلقى الخبر أو المعلومة بشكل سلبي، وإنما يتعرض له بشكل انتقائي وينتقده، ويبحث دوما في الوسائل ويقارن بينها.
وذكر الصحافي العراقي شاكر نوري أن العالم العربي لم يصل إلى تأسيس بنية تحتية سليمة تؤهله للدخول إلى العالم الرقمي الرحب الذي تحول إلى قرية صغيرة، وخلص إلى القول إن «صحافتنا الورقية لا تزال تدور في فلك الصحافة الورقية، ولكنها تأخذ منها كل العوائق والشوائب».
وقدمت هبة أمين أحمد شاهين، مدير المركز الإعلامي وأستاذة الإعلام بجامعة عين شمس في مصر، دراسة ميدانية حول استخدام الجمهور المصري الصحافة الإلكترونية، موضحة أن الصحافة الإلكترونية فرضت نفسها على الساحة الإعلامية منافسا قويا للصحافة الورقية، واستنتجت أن ظهور الصحافة الإلكترونية لم يؤد إلى إلغاء نظيرتها الورقية، و«لكنه قلص إلى حد كبير من جمهور الصحافة الورقية، مما يبرز خطورة التحدي الذي يواجه الصحافة المطبوعة في ظل نمو الصحف الإلكترونية وازدياد مستخدميها».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.