المشهد

المشهد
TT

المشهد

المشهد

‫* بعد كتابة المادة النقدية حول فيلم «الميدان» في الأسبوع ما قبل الماضي، وخلال مهرجان «كان»، حام الحديث حول الفيلم أكثر من مرّة بيني وبين عدد من الزملاء. معظمهم معجب بالفيلم وكثير منهم معجب به من دون تحفظ، على عكس الموقف الذي تبدى من نقدنا له. هذا ممتع وصحّـي خصوصا بين أصدقاء تثق بهم ويثقون بك. لكن حين دار الحديث حول الضمادة التي انتقلت من يد إلى يد ثم عادت إلى اليد الأولى‬، وهي الملاحظة التي استهللت بها نقدي، احتد الخلاف.
* أحد الزملاء قال: إن هذا الخطأ لا يزعجه وإنه ليس مدعاة لتغيير موقفه من الفيلم. وآخر قال لاغيا إنه مجرد خطأ في تسجيل التتابع خلال التصوير. وهناك من ذكر أن الملاحظة ليست صحيحة وبالتالي ليس هناك من خطأ.
* لكن الخطأ موجود (ولاحظه غيري)، كذلك لا يمكن تبسيط فحواه على أساس أنه خطأ في التتابع فالفيلم ليس روائيا لكي يقع فيه هذا الخطأ. في الفيلم الروائي قد يتم تصوير لقطة لامرأة وهي تقود سيارة فنلاحظ أن أظافرها مدهونة بلون أحمر، بعد قليل وفي لقطة أخرى داخل السيارة ومن دون فترة زمنية بعيدة، ها هي أظافرها مدهونة بلون برتقالي مثلا. الممثل الأول بنظارة شمسية يتكلم. لقطة للآخر يجيبه. لقطة للأول من دون نظارة. لقطة للآخر. لقطة للأول بنظارة. هذا هو خطأ تتابع. لكن في الفيلم التسجيلي (والميدان هو فيلم تسجيلي بلا ريب) هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت المخرجة تدخلت في الواقع عنوة. الضمادة على يد الإخواني اليمنى، ثم في لقطة أخرى تنتقل إلى اليسرى ثم تعود إلى اليمنى.
* إذا لاحظت، ستجد أيضا أن اليد اليسرى سليمة عندما كانت الضمادة على اليد اليمنى، وستلاحظ أن اليد اليمنى سليمة عندما انتقلت الضمادة إلى اليد اليسرى… الجواب الوحيد على هذا كلّـه أن الرجل سليم تماما وأن المخرجة (جيهان نجيم) طلبت أن تبدو يده اليمنى كما لو كانت مصابة، ثم اختلط الأمر بعد حين فتم إعادة الضمادة على اليد اليسرى وتصويرها هناك…
* هل السبب هو محاولة استعطاف المشاهدين؟ أو للتأكيد على أن الإخوان، خلال فترة ما قبل مجيء الحكومة العسكرية، كانوا محط هجوم متعمّـد ما يدحض فكرة أنهم كانوا موالين للحكومة ريثما يسيطرون على السُـلطة؟ ليس من جواب جاهز سوى أنه بصرف النظر عن السبب في هذا الخطأ، إلا أنه فادح في فيلم تسجيلي من المفترض به أن لا يلغي الحقيقة بل يثبتها. وأن يلتزم بالواقع أمامه ولا يحاول التأليف فيه إلا إذا كان العمل يصب في خانة مصلحة فيخسر بذلك مبدأه.
* في عام 1922 قام الأميركي روبرت فلاهرتي بتصوير واحد من أعماله التسجيلية الجيدة تحت عنوان «نانوك الشمال». صوّره حول حياة ومصاعب وظروف حياة قبيلة في ألاسكا. بعد عقود تبيّـن للباحثين أنه قام بتأليف بعض تلك المشاهد فغيّـر في واقعها وذلك لكي ينجز تأثيرا أعلى. قيمة الفيلم هبطت إلى النصف تلقائيا. هل لا يستطيع مخرج الفيلم الوثائقي الطلب من شخصه الأول أن يمشي في الطريق ليصوّره وهو عائد إلى البيت أو متوجّـه إلى المقهى؟ طبعا ممكن. هذا طبيعي لأن لا شيء هناك مضاد لواقعية ما يقوم به ذلك الشخص. لكن إذا طلب منه أن يمشي حافيا لكي يؤكد الفيلم نقطة ما فإن ذلك تزييف. و«الميدان» لا يخلو منه.



«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
TT

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)

عندما يتساءل البعض أين هم النجوم الكبار؟ فهناك أكثر من جواب.

إذا كان السؤال عن عمالقة التمثيل في الفن السابع، أمثال مارلون براندو، وكلارك غيبل، وباربرا ستانويك، وجاك نيكلسن، وصوفيا لورِين، وجوليانو جيما، وهمفري بوغارت، وجيمس ستيوارت، وكاثرين دينوف، وأنتوني كوين، وعشرات سواهم، فإن الجواب هو أن معظمهم وافته المنية ورحل عن الدنيا. القلّة الباقية اعتزلت أو تجهدُ لأن تبقى حاضرة. المثال الأبرز هنا، كاثرين دينوف (81 سنة) التي شوهدت خلال عام 2024 في 3 أفلام متعاقبة.

أما إذا كان السؤال مناطاً بنجوم جيل الثمانينات والتسعينات ممن لا يزالون أحياء، أمثال سيلفستر ستالون، وأرنولد شوارتزنيغر، وسيغورني ويڤر، وسوزان ساراندون، وأنتوني هوبكنز، وميل غيبسن، وجيسيكا لانج، وكيم باسنجر، وغلين كلوز، وهاريسون فورد، وستيفن سيغال، وروبرت دي نيرو، وآل باتشينو وسواهم من الجيل نفسه، فحبّهم للبقاء على الشاشة مثالي يدفعهم للظهور إمّا في أدوار مساندة أو في أفلام صغيرة معظمها يتوفّر على منصات الاشتراكات.

أما بالنسبة للزمن الحالي، فإن الأمور مختلفة، فعلى الأقل تمتّع من ذُكروا أعلاه بأدوارٍ خالدة لا تُنسى في أنواع سينمائية متعدّدة (أكشن، دراما، كوميديا، ميوزيكال... إلخ).

الحال أنه لم يعد هناك من ممثلين كثيرين يستطيعون حمل أعباء فيلمٍ واحدٍ من نقطة الانطلاق إلى أعلى قائمة النجاح. أحد القلّة توم كروز، وذلك بسبب سلسلة «Mission‪:‬ Impossible» التي قاد بطولتها منفرداً، ولا تزال لديه ورقة واحدة من هذا المسلسل مفترضٌ بها أن تهبط على شاشات السينما في مايو (أيار) المقبل.

بطولات جماعية

بكلمة أخرى: لم يعد هناك نجوم كما كان الحال في زمن مضى. نعم هناك توم هانكس، وروبرت داوني جونيور، وجوني دَب، وسكارليت جوهانسون، ودانيال كريغ، ونيكول كيدمان، لكن على عكس الماضي البعيد، عندما كان اسم الممثل رهاناً على إقبالٍ هائل لجمهور لا يفوّت أي فيلم له، لا يستطيع أحد من هؤلاء، على الرغم من ذيوع اسمه، ضمان نجاح فيلمٍ واحدٍ.

ما يُثبت ذلك، هو استقراءُ حقيقة سقوط أفلامٍ أدّى المذكورة أسماؤهم أعلاه بطولاتها منفردين، لكنها أثمرت عن فتورِ إقبالٍ كما حال توم هانكس، وجنيفر لورنس، وجوني دَب، وروبرت داوني جونيور.

الحادث فعلياً أن «هوليوود» قضت على نجومها بنفسها.

كيف فعلت ذلك؟ وما المنهج الذي اتبعته ولماذا؟

الذي حصل، منذ 3 عقود وإلى اليوم، هو أن هوليوود أطلقت، منذ مطلع القرن الحالي، مئات الأفلام ذات الأجزاء المتسلسلة بحيث بات اهتمامُ الجمهور منصبّاً على الفيلم وليس على الممثل الذي لم يَعُد وحده في معظمها، بل يؤازره ممثلون آخرون من حجم النجومية نفسها.

كثير من هذه المسلسلات يضعُ ممثلين مشهورين في البطولة كما حال سلسلة «The Avengers»، التي ضمّت روبرت داوني جونيور، وسكارليت جوهانسن، وجوينيث بالترو، وصامويل ل. جاكسون، ومارك رافالو، وكريس إيڤانز تحت مظلّتها.

في مسلسل «كابتن أميركا»، وإلى جانب داوني جونيور، وسكارليت جوهانسون، وإيڤنز، أيضاً تناثر بول رود، وتوم هولاند، وإليزابيث أولسن. كلُ واحدٍ منهم قدّم في هذا المسلسل وسواه من أفلام الكوميكس والسوبر هيروز نمرته، وقبض أجره ومضى منتظراً الجزء التالي.

أيّ فيلم خارج هذه المنظومة مرجّح فشله. بذلك تكون «هوليوود» قد ساهمت في دفن نجومها عبر توجيه الجمهور لقبولهم الجميع معاً على طريقة «اشترِ اثنين واحصل على الثالث مجاناً».

ولا عجب أن أعلى الأفلام إيراداً حول العالم كسرت إمكانية تعزيز العودة إلى أيامٍ كان اسم ممثلٍ كبيرٍ واحدٍ، (لنقل كلينت إيستوود أو أنتوني هوبكنز)، كفيلاً بجرِّ أقدام المشاهدين إلى صالات السينما بسببه هو.

الأفلام العشرة التي تقود قائمة أعلى الأفلام رواجاً حول العالم، تتألف من 4 أفلام من «الأنيميشن» هي، «Inside Out 2»، و«Despicable Me 4»، و«Moana 2»، و«Kung Fu Panda 4».

بعض هذه الأفلام جاءت بممثلين مجهولين، وأُخرى جلبت بعض الأسماء المعروفة. في «إنسايد آوت 2»، اعتُمد على عددٍ من الممثلين غير المعروفين أمثال مايا هوك، وليزا لابيرا، وتوني هايل، ولويس بلاك.

في «مونا 2»، استُعين باسم معروف واحد هو، دواين جونسون الذي تقاضى 50 مليون دولار وأُحيط بممثلين مجهولين. نعم الإقبال على هذا الفيلم أثمر عن 441 مليونَ دولارٍ حتى الآن (ما زال معروضاً)، لكن ليس بسبب اسم بطله جونسون، بل بسبب تطبيع جمهور مستعدٍ لأن يرى الفيلم حلقةً مسلسلةً أكثر مما يهتم لو أن جونسون أو دنزل واشنطن قام بالأداء الصوتي.

سقوط وونكا

أحد الأفلام العشرة كان من بطولة وحشين كاسرين هما غودزيللا وكينغ كونغ. معهما من يحتاج لممثلين معروفين، أشهر المشتركين كانت ريبيكا هول، أما الباقون فهم مجموعة جديدة أخرى لم يعد باستطاعة كثيرين حفظ أسمائهم.

يتمتع الفيلم الخامس في القائمة «Dune 2»، بوجود ممثلين معروفين أمثال تيموثي شالامي، وزيندايا، وخافيير باردم. لكن الكل يعرف هنا أنه لو لم يكن شالامي أو زيندايا أو باردم لكان هناك آخرون لن يقدّموا أو يؤخّروا نجاح هذا الفيلم، لأن الإقبال كان، كما كل الأفلام الأخرى، من أجله وليس من أجل ممثليه.

لهذا نجد أنه عندما حاول شالامي تعزيز مكانته ببطولة منفردة في «Wonka»، سقط الفيلم وأنجز أقلَّ بكثيرٍ ممّا وعد به.

ما سبق يؤكد الحالة الحاضرة من أن نظام إطلاق أفلام الرُّسوم والمسلسلات الفانتازية أثمر عن إضعاف موقع الممثل جماهيرياً. غداً عندما ينتهي كروز من عرض آخر جزءٍ من «المهمّة: مستحيلة» سينضمُّ إلى من أفُلَت قوّتهم التجارية أو كادت. سينضم إلى جوني دَب، مثلاً، الذي من بعد انقضاء سلسلة «قراصنة الكاريبي» وجد نفسه في وحول أفلام لا ترتفع بإيرادها إلى مستوى جيد.