مر اليوم الأول للانتخابات الرئاسية النيجيرية بهدوء حذر، وسط ترقب وتوجس محلياً وإقليمياً لحوادث عنف محتملة قد تشوب الاقتراع.
ودُعي أكثر من 87 مليون ناخب إلى الإدلاء بأصواتهم في 176 ألف مركز تصويت لانتخاب خلف للرئيس الحالي محمد بخاري (80 عاماً) الذي حكم البلاد خلال ولايتين (4 سنوات للواحدة)، شهدتا بحسب تقديرات مؤسسات محلية وإقليمية زيادة في معدلات الفقر فضلاً عن انعدام الأمن، ويتنافس 18 مرشحا على الفوز بالمنصب.
وكان مقرراً بدء الاقتراع عند الساعة 08,30 بالتوقيت المحلي النيجيري (07,30 غرينيتش)، لكن مراكز عدة للاقتراع في لاغوس (جنوب غرب) وبورت هاركور (جنوب شرق) وكانو (شمال) لم تكن جاهزة لاستقبال الناخبين، بحسب ما أفادت وكالات الأنباء.
وبينما كان محدداً أن ينتهي التصويت عند الساعة 14,30 بالتوقيت المحلي للبلاد (13,30 بتوقيت غرينيتش)، على أن يُسمح للناخبين الواقفين في صف الانتظار، التصويت بعد الموعد النهائي، فإن بعض المراكز الانتخابية مددت التصويت لتلافي التأخر الذي شاب الساعات الأولى من التصويت.
وقال الكاتب النيجيري مكي أبو بكر، لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية الاقتراع إجمالاً في اليوم الأول سارت بشكل جيد من الناحية الأمنية، رغم اختراقات محدودة، تضمن محاولة شراء الأصوات، أو عدم التمكن من الوصول للصناديق».
وعاد أبو بكر للتأكيد على أن «تلك الوقائع لم ترق لكونها حوادث كبرى تعرقل العملية الانتخابية»، منوهاً بـ«الوجود الأمني المكثف والمنظم الذي منع الكثيرين من القيام بأعمال عنف أو سرقة للصناديق وغيرها».
وأشار إلى أن «الإقبال على التصويت لم يكن كبيراً في كثير من المناطق، وذلك بسبب نقص الغذاء والوقود والعملة ومعاناة الناس اليومية».
ويعاني النيجيريون من ندرة النقد وما يترتب عليها من صعوبة الحصول على الغذاء والوقود منذ أن أعلنت السلطات استبدال الأوراق النقدية بجيل جديد من القطع النقدية، وهو ما تسبب في احتجاجات عنيفة سبقت الانتخابات.
ويبرز عدد من المتنافسين لخلافة الرئيس بخاري، وهم حاكم لاجوس السابق بولا تينوبو (70 عامًا) من «حزب المؤتمر التقدمي الحاكم»، وأتيكو أبو بكر (76 عامًا) من حزب «الشعب الديمقراطي المعارض» الرئيسي والذي سبق أن
شغل منصب نائب الرئيس، وحاكم ولاية أنامبرا السابق بيتر أوبي (61 عامًا) من حزب «العمل الأصغر».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» توقع صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن تكون الانتخابات النيجيرية الحالية «الأكثر تنافسية في تاريخ البلاد». وأشار حليمة إلى أن الرئيس المحتمل «سيواجه التحديات الأضخم في تاريخ البلاد على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية».
ومن المتوقع أن تشكل نسبة المشاركة رهانا كبيرا في الانتخابات، حيث شهد آخر اقتراع رئاسي أجري عام 2019، نسبة إقبال لم تتجاوز 33%، وقد ارتفع عدد الناخبين المسجلين الجدد بعشرة ملايين شخص، لكن نسبة 76% منهم دون سن الـ34 والعديد من الشباب لا يبدون متحمسين للتصويت، بحسب بعض الاستطلاعات.
وتشكل شفافية العملية الانتخابية تحدياً آخر، حيث تأمل اللجنة الانتخابية، أن يسهم تحديد هوية الناخبين عن طريق التعرف على الوجه وبالوسائل الرقمية، في الحد من عمليات التزوير التي شابت الانتخابات السابقة، لكن استخدام التقنيات الجديدة غير المسبوق يثير أيضا مخاوف من فشله.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يعاني اقتصاد نيجيريا من تداعيات جائحة كوفيد- 19، حيث تسببت له في ركود منتصف العام 2020، وذلك للمرة الأولى منذ 4 سنوات.
وتعاني البلاد كذلك من تداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية، حيث تجاوزت نسبة التضخم 20%، كما تعاني كذلك من الفساد، حيث احتلت المرتبة 154 من أصل 180 في هذا المجال على لائحة منظمة الشفافية الدولية عام 2021.
وتبلغ نسبة البطالة في نيجيريا 33%، فيما ارتفع عدد النيجيريين الذين يعيشون في فقر إلى 133 مليوناً، وهو ما يمثل نسبة 63% من سكان نيجيريا في العام 2022، بحسب مكتب الإحصاءات الوطني.
وحاولت «بوكو حرام» المصنفة «إرهابية» مراراً عرقلة الانتخابات السابقة، بما في ذلك إجبار السلطات على تأجيل انتخابات 2015 الرئاسية لمدة 6 أسابيع، كما كررت الهجمات في عام 2019. من خلال موجة من الهجمات في يوم الانتخابات وعشيته.