«أطباء بلا حدود» في الأردن بدأت بمعالجة الجرحى العراقيين.. والآن السوريين

موظفان في منظمة «أطباء بلا حدود» يتحدثان إلى عائلة سورية لاجئة في مخيم الزعتري (تصوير: إيناس أبو خلف)
موظفان في منظمة «أطباء بلا حدود» يتحدثان إلى عائلة سورية لاجئة في مخيم الزعتري (تصوير: إيناس أبو خلف)
TT

«أطباء بلا حدود» في الأردن بدأت بمعالجة الجرحى العراقيين.. والآن السوريين

موظفان في منظمة «أطباء بلا حدود» يتحدثان إلى عائلة سورية لاجئة في مخيم الزعتري (تصوير: إيناس أبو خلف)
موظفان في منظمة «أطباء بلا حدود» يتحدثان إلى عائلة سورية لاجئة في مخيم الزعتري (تصوير: إيناس أبو خلف)

تسعى منظمة «أطباء بلا حدود» حاليا إلى التعامل مع كل تبعات الأزمة السورية في الأردن، سواء كان ذلك للاجئين داخل المخيمات أو ممن يعيشون في المدن وبقية المناطق الأردنية أو الجرحى ممن هم بحاجة إلى إقامة في المستشفى بهدف التدخل الجراحي.
ويعمل الجراحون والفرق الطبية في مستشفى الهلال الأحمر الأردني في عمان، حيث تتخذ المنظمة جناحا لها للعمل من هناك، ساعات طويلة لعلاج الإصابات المعقدة وغير مألوفة والناجمة عن الحرب والتي في الغالب تتطلب جراحات ترميمية على عدة مراحل لكل الأنسجة الصلبة والرخوة. أما المرضى فإنهم يظهرون شجاعة استثنائية في مواجهة المعاناة المأساوية الناجمة عن العنف الذي تعرضوا له.
وخلال جولة في أقسام المستشفى شاهدت «الشرق الأوسط» عمليات تأهيل المصابين بالعلاج الفيزيائي والتمارين البدنية. وعلى سرير الشفاء يرقد إبراهيم (13 عاما) من المنطقة الغوطة الشرقية، أصيب بشظايا قذائف طيران عسكري. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه خلال عودته من المدرسة سقطت قذائف بالقرب منه، ويضيف: «أغمي علي ولم أستيقظ إلا وأنا في أحد المستشفيات الميدانية هناك ولم أجد ساقي إذ بترت نتيجة الإصابة».
ويقول الطبيب عز الدين الوحش، المشرف على علاج إبراهيم، إن الأخير بحاجة إلى تأهيل على المشي بساق اصطناعية وقد يستغرق العلاج أكثر من شهرين.
وبدوره، قال والد إبراهيم، الذي رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» خوفا من انتقام السلطات السورية: «بعد الحادث قدمت الإسعافات لإبراهيم حتى استقرت حالته الصحية بعدها نقلناه بسيارة عبر الصحراء حتى وصلنا إلى منطقة قريبة من مدينة الرويشد الأردنية، حيث واجهتنا دورية عسكرية أردنية، وقد أحضروا سيارة إسعاف لابني ثم نقل إلى المستشفى وبقيت ليلة عند الدوائر الأمنية والتي تأكدت من هويتي وأجريت لي عمليات فحص طبي وغيرها من الإجراءات اللازمة ثم حولت إلى المستشفى للالتحاق بابني إبراهيم».
أما محمد (35 عاما) من سكان حي القدم جنوب دمشق، فقد أبلغ «الشرق الأوسط» أنه أصيب جراء قذيفة دبابة دمرت بيته وأسعف من بعض أبناء الحي الذين أرسلوه إلى درعا ومن هناك إلى الحدود الأردنية «حيث حولت إلى المستشفى، وأنا الآن أستجيب للعلاج، حيث أجريت لي ثلاث عمليات جراحية في القدم والساق والذراع، وهناك برنامج علاجي لتأهيل ذراعي».
أما محمود (11 عاما) فقال: «أصبت جراء انفجار قذيفة هاون سقطت على منزلنا في درعا المخيم، حيث استشهد شقيقي ونجوت أنا وكنت مصابا بالقدم والذراع والآن أنا في المستشفى أتلقى العلاج من قبل الأطباء الذين أجروا لي أكثر من عملية جراحية ترميمية».
وترافق محمود والدته التي كانت في السابق تعمل ممرضة واتجهت للعمل في التجارة، حيث أبلغت «الشرق الأوسط» بأنها فقدت ابنها الصغير وحملت ابنها محمود إلى الشريط الحدودي وطلبت من القوات الأردنية مساعدتها لإسعاف ابنها الذي نقل إلى مستشفى الرمثا ومن هناك إلى المستشفى في عمان.
وفي صالة التمارين يجري عباس، من العراق، تمارين لساقيه بعد أن تعرض لإصابة جراء سيارة مفخخة في بغداد. وأشار إلى أنه يمكث في المستشفى منذ أربعة أشهر وتلقى علاجات كثيرة وعمليات جراحية حتى وصل الآن إلى مرحلة متقدمة.
وفي الجناح الذي يشغل الطابق الأول من مستشفى الهلال الأحمر الأردني تعمل مسؤولة التمريض سهير دعيبس وهي أردنية على الإشراف على الممرضات والعمل على مساعدة المرضى، حيث حاولت سهير مساعدتنا في الطلب من المرضى الحديث للصحافة، إلا أن غالبيتهم رفضوا خوفا على ذويهم هناك من السلطات السورية.
وقالت سهير، إن المرضى لهم خصوصية، إذ إنهم يخافون من بطش السلطات للحفاظ على ذويهم، وأكدت أن هناك مرضى عراقيين ويمنيين لهم نفس المعاناة، ولكن سبب الإصابة يختلف من شخص إلى آخر.
ويقول الدكتور شريف علم، مدير مشروع الجراحة التقويمية والتجميلية الذي يتخذ جناحا من مستشفى الهلال الأحمر الأردني في عمان، إن «منظمة أطباء بلا حدود تعمل منذ عام 2006 من خلال مشروع للجراحة التقويمية استهدف في بداياته علاج الجرحى العراقيين المتضررين جراء العنف في العراق، حيث نقدم الجراحة الترميمية والعلاج النفسي والعلاج الفيزيائي للمريض». ويضيف قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشروع اتسع لمعالجة الجرحى من اليمن وليبيا وقطاع غزة وسوريا، حيث يعمل فريق جراحي تابع للمنظمة على تقديم الرعاية الجراحية التقويمية لضحايا العنف في دول المنطقة».
وأشار إلى أنه منذ افتتاح المشروع في 2006 إلى تاريخه استقبل أكثر من 2595 حالة، بينها عدد من الحالات جاءت لاستكمال مراحل علاجية سابقة. وأنه في العام الماضي أجرى فريق عمل أطباء بلا حدود 1165 عملية جراحية للوجه والفكين والعظام ومضاعفات الحروق.
وأوضح أنه يوجد حاليا في المستشفى 258 مريضا على سرير الشفاء من الذكور والإناث والأطفال معظمهم من الجنسية السورية من المصابين في الحرب هناك، حيث يوجد حاليا 131 سوريا و85 عراقيا و42 يمنيا.
ويقول الدكتور علم، وهو من أفغانستان، إن منظمة أطباء بلا حدود تعالج المرضى المصابين مجانا وتوفر لهم ولذويهم الإقامة وتتكفل أيضا بتذاكر السفر وتؤمن تأشيرات الدخول للجنسيات التي تتطلب الحصول على تأشيرة من السلطات الأردنية التي تعمل على تسهيل ذلك.
وأشار إلى أن لدى المنظمة التي تتلقى التبرعات المالية من القطاع الخاص من جميع دول العالم عدا الحكومية، مستشفى أطفال في مخيم الزعتري للاجئين السوريين، حيث يحول المستشفى هناك المصابين من اللاجئين السوريين من مختلف الأعمار إلى مستشفى عمان لإجراء العمليات الترميمية والتجميلية للعظام والفكين والجلد.
وأكد أن من بين المشكلات التي تواجهه رفض السلطات الصحية الأردنية استيراد الأدوية الأجنبية أو تلقي المساعدات الدوائية من الخارج، لأن هذه المساعدات تصبح بحاجة إلى فحوصات قبل إدخالها، ولذلك تشترط شراء الأدوية الأجنبية من السوق المحلية، موضحا أن بعض العلاجات بحاجة إلى مضادات حيوية قوية وهي باهظة الثمن.
وقال إن «هناك مفوضات تجري مع وزارة التخطيط الأردنية من أجل السماح للمنظمة باستيراد هذه الأدوية ونأمل في التوصل لصيغة ترضي جميع الأطراف». وأشار إلى أنه يعمل في المشروع مائة من الكوادر الطبية منهم تسعة أطباء إخصائيين في الجراحة التجميلية والترميم من الجنسيات العراقية والسورية واليمنية والأردنية، إضافة إلى متطوعين، كما أن هناك 12 ممرضة، إضافة إلى عدد من الممرضين المؤهلين في العلاج البدني.
من جانبه، قال رئيس منظمة أطباء بلا حدود في الأردن جوليان كوليت إنه بهدف الاستجابة للاحتياجات الطبية للاجئين السوريين في مخيم الزعتري وكجزء من الاستجابة للأزمة بشكل عام من قبل الحكومة الأردنية، افتتحت منظمة أطباء بلا حدود في مارس (آذار) الماضي مستشفى للأطفال يعمل على مدار الساعة، يضم 30 سريرا و3 أسرة للحالات الطارئة.
وأضاف كوليت لـ«الشرق الأوسط»، أن المستشفى سوف يستقبل حالات الأطفال المرضى الذين تتراوح أعمارهم من شهر واحد إلى 10 سنوات، حيث قدم العلاج حتى الآن لأكثر من 10 آلاف حالة، مشيرا إلى أن الحالات المستعصية تحول إلى المستشفى في عمان.
وقال إن المنظمة بصدد افتتاح مشروع رعاية أمومة وطفولة في محافظة إربد بالتعاون مع وزارة الصحة الأردنية، حيث سيقدم المستشفى خدماته الطبية للاجئين السوريين بالإضافة إلى المرضى الأردنيين وسيتضمن المشروع أربعة أجزاء مختلفة هي عيادة خارجية لتقديم استشارات طب الأطفال ومستشفى للأطفال يضم 25 سريرا ومستشفى للأمومة وحديثي الولادة ويضم 15 سريرا، إضافة إلى عيادة خارجية لتقديم استشارات طبية بعد وقبل الولادة.



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.