وزير خارجية اليمن: على طهران وقف دعم التمرد الحوثي إذا أرادت علاقات طيبة

وزير خارجية اليمن: على طهران وقف دعم التمرد الحوثي إذا أرادت علاقات طيبة
TT

وزير خارجية اليمن: على طهران وقف دعم التمرد الحوثي إذا أرادت علاقات طيبة

وزير خارجية اليمن: على طهران وقف دعم التمرد الحوثي إذا أرادت علاقات طيبة

حث وزير خارجية اليمن رياض ياسين إيران على اغتنام فرصة توقيع الاتفاق النووي مع الدول الكبرى من أجل تغيير سياستها إزاء اليمن وأزمات الشرق الأوسط ودعاها إلى أن تثبت عمليا أنها تبدلت ولم تعد تتصرف كـ«دولة مارقة» ومثيرة للقلق لدى جيرانها. وبرأيه، فإن الفرصة سانحة اليوم أمامها وعليها ألا تفوتها.
وقال ياسين في لقاء صحافي في باريس مع مجموعة صغيرة من الصحافيين، عرض خلاله نتائج جولته الأوروبية وآخر محطاتها في باريس حيث التقى نظيره لوران فابيوس، إنه إذا فشلت طهران في إثبات تغيير أدائها إزاء أزمات المنطقة «البحرين، سوريا، لبنان..» وعلى رأسها الأزمة اليمنية، فإن ذلك «سيؤكد أن القلق الذي يساور الدول الخليجية والعربية من الدور الإيراني هو في محله». وكان دور العامل الإيراني في الأزمة اليمنية أحد محاور البحث بين ياسين وفابيوس خصوصا أن الوزير الفرنسي كان يتأهب لزيارة طهران. وقال ياسين إنه «أوضح لنظيره الفرنسي أن الحكومة الشرعية في اليمن تريد فتح صفحة جديدة وواقعية مع إيران يكون عنوانها علاقات متوازنة مع طهران لا تنجر فيها هذه الأخيرة إلى التعاون مع ميليشيات الحوثيين وصالح وتضع حدا لتعاونها معها وتكف عن التدخل في الشأن اليمني الداخلي».
وعندما يسأل ياسين عما تريده الحكومة اليمنية عمليا، فإن جوابه هو أن المطلوب من طهران أن توقف نقل السلاح إلى الحوثيين وصالح وأن تضع حدا لكل أنواع الدعم الذي تقدمه لهذين الطرفين المتحالفين بما في ذلك الدعم السياسي والدبلوماسي الذي «توفره لهم في بعض المحافل الدولية دون وجه حق». وتساءل ياسين: «إذا كان ما تقوم به الميليشيات شبيه بما تقوم به (داعش) و(بوكو حرام) أو ميليشيات طالبان سابقا في أفغانستان والتنظيمات الإرهابية الأخرى، فكيف تعمد طهران لتقديم الدعم لهم؟ وبأي حال، يرى وزير خارجية اليمن أن التحولات الميدانية الحاصلة على أرض المعركة في اليمن وعنوانها الأبرز تحرير محافظة عدن يعني أن إيران تخسر الكثير لأن طموحها بجعل اليمن في وضع يشبه وضع لبنان أو العراق لجهة تأثير طهران في شؤونه لن يتحقق».
ولذا، فإنه يدعو طهران لأن تستوعب أن ما كان بالأمس أمرا واقعا تريد فرضه لن يبقى قائما في المستقبل وأن فكرة تصدير الثورة يجب أن يوضع حد لها الآن وما نريده التعامل وفق مبدأ الندية والواقعية وليس من الأبواب الخلفية. وردا على الذين يعتبرون أن إيران خرجت أقوى بعد الاتفاق النووي مع الدول الست، يقول ياسين إنه «يرى العكس لأن الرقابة الدولية ستفرض على إيران أن تكون أكثر انضباطا. لذا، فإن المتغيرات على الأرض ستجعل طهران تفكر مليا قبل أن تقوم بخطوات أخرى تفقد فيها ما جنته من الاتفاق النووي من انفتاح على العالم».
أما في الموضوع الداخلي، فإن وزير الخارجية يبدو متصلبا لجهة رفض أي حوار جديد مع الحوثيين وصالح «قبل أن تستقر الأمور أي عندما يستظل الجميع الشرعية اليمنية ويعود كل إلى موقعه ويأخذ حجمه الطبيعي بحسب تمثيله وشعبيته». وعندها، «لن يكون الحوار تحت تهديد السلاح». أما الطريق إلى ذلك، وفق ياسين، فهو القرار الدولي 2216 الذي ينص على الخطوات والمراحل التي يتعين السير فيها وأولها انسحاب الحوثيين من المدن والمناطق التي احتلوها إذ لا يمكن التعاون مع الأمر الواقع. يؤكد الوزير اليمني أن الحل لن يكون إلا سياسيا. لكنه ينفي وجود أية وساطة غير تلك التي يقوم بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وعندما يسأل عن «وساطة عمانية» ينفي ذلك تماما إذ «ليست هناك لا وساطة عمانية ولا غير عمانية». لكنه يقول إن عمان «تبذل جهودا إنسانية وفي بعض المجالات» التي لم يحددها.
ويعرب ياسين عن «إيمانه» بتحقيق انتصارات ميدانية قريبة وعن انضمام وحدات إضافية من الجيش اليمني إلى الشرعية بعد التحولات الميدانية الأخيرة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.