أثارت تحركات القشرة الأرضية في تركيا مجدداً جدلاً علمياً بين علماء الزلازل، إثر وقوع زلزال جديد (مساء الاثنين) تأثرت به بشكل كبير مدينة أنطاكيا، وتباينت الآراء حول هل هو هزة ارتدادية نتيجة الزلزال الكبير الذي شهدته تركيا يوم 6 فبراير (شباط) الجاري، أم أنه زلزال جديد؟
وأُثير هذا الجدل بعد زلزال 6 فبراير الجاري، الذي ضرب شرق تركيا بقوة (7.8) على مقياس ريختر، وتلاه بعده ساعات زلزال بقوة (7.5)، ووصفه حينها علماء بأنه «هزه ارتدادية»، فيما ذهب آخرون، إلى القول إنه زلزال جديد.
وذهب وقتها عدد كبير من العلماء إلى وصفه بالزلزال الجديد، مستشهدين بما ذهب إليه عالم الزلازل الياباني الرائد فوساكيشي أوموري عام 1894، حيث وضع نظرية مفادها أن حجم أكبر تابع للزلزال الأول سينقص عنه درجة واحدة، ثم تبدأ الهزات التالية في معدلات أكبر من التناقص، ولكن ما حدث أن الزلزال الأول كانت قوته «7.8»، وبعده بعشر دقائق وقعت هزة ارتدادية بالمفهوم الذي وضعه أوموري، حيث كانت قوتها (6.7) درجة، لكن بعد ساعات وقعت هزة بقوة أقل قليلاً عن الزلزال الأول (7.5) درجة، وهو ما دفع العلماء حينها إلى تبني رأي أنها زلزال جديد، لا هزة ارتدادية.
لكن ذهب آخرون حينها إلى أنه ورغم قوة هذه الهزة الأرضية فإنها حدثت على «فالق شرق الأناضول» نفسه، لذلك فهي ليست زلزالاً جديداً، بل هزه ارتدادية.
وبعد نحو أسبوعين من الزلزال الأول استبقت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إثارة هذا الجدل مجدداً، ووصفت، فور تسجيل زلزال (الاثنين) الذي ضرب مدينة أنطاكيا، الهزة الأرضية الجديدة بأنها زلزال جديد، معللةً ذلك بأنها بعيدة بدرجة كبيرة عن مصدر الزلزال الأول (140 كيلومتراً تقريباً جنوب غربي مصدر الزلزال الأول).
غير أن زكريا هميمي، نائب رئيس الاتحاد الدولي لأخلاقيات علوم الأرض، التابع للجمعية الجيولوجية الدولية، يرفض هذا الوصف، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ما دامت وقعت الهزة الأرضية على الفالق نفسه، حتى وإن ابتعدت المسافات، فهي هزة ارتدادية، وليست زلزالاً جديداً».
ويخرج رومان جوليفيت، أستاذ علوم الأرض بجامعة السوربون، من هذا الجدل، بالقول إنه «سواء كان زلزالاً جديداً أو هزة ارتدادية، فأغلب الظن أنه ناتج عن الزلزال الأول»، وهذا ما يشير إليه تاريخ الزلازل على فالق آخر، وهو «فالق شمال الأناضول».
ويقول في تعليق كتبه على موقع «ذا كونفرسيشن»: «عندما ينزلق صدع (كسر في الكيلومترات الأولى من قشرة الأرض) بسرعة، في غضون ثوانٍ، يطلق فجأة الطاقة التي كانت تنمو على مدى عشرات إلى مئات السنين بسبب الحركة البطيئة للصفائح التكتونية، وعندما يحدث هذا، تؤدي الطاقة المنبعثة إلى اهتزاز الأرض، محدثةً الزلزال، وعندما ينكسر الصدع، تطلق الزلازل جزءاً من الطاقة وتعيد تنظيم جزء منها في قشرة الأرض، مما قد يؤدي إلى حدوث زلازل جديدة».
ويضيف: «على سبيل المثال، يمكن أن نأخذ في الاعتبار سلسلة الزلازل التي بلغت قوتها أكثر من 7، والتي انحدرت من الشرق إلى الغرب لنحو 800 كيلومتر على مدار القرن العشرين على طول صدع شمال الأناضول، فكل زلزال جعل جزء الصدع القريب من صدع شمال الأناضول أقرب إلى التمزق، وإذا كان جزء الصدع (قريباً من التمزق)، فعندما يضرب زلزال كبير، فقد يؤثر ذلك في جزء الصدع القريب من التمزق، فيحدث زلزال ثانٍ».
زلزال أنطاكيا... هزة ارتدادية أم حدث جديد؟
جدل علمي حول تحركات القشرة الأرضية في تركيا
زلزال أنطاكيا... هزة ارتدادية أم حدث جديد؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة