أذربيجاني تحوّل إلى أيقونة إنسانية... وشابة تنقل مساعدات من فرنسا بشاحنة

نماذج ناصعة من قلب كارثة الزلزال في تركيا

الأذري بشيرلي وسيارته القديمة (مواقع التواصل)
الأذري بشيرلي وسيارته القديمة (مواقع التواصل)
TT

أذربيجاني تحوّل إلى أيقونة إنسانية... وشابة تنقل مساعدات من فرنسا بشاحنة

الأذري بشيرلي وسيارته القديمة (مواقع التواصل)
الأذري بشيرلي وسيارته القديمة (مواقع التواصل)

كشفت كارثة زلزالي 6 فبراير (شباط) في تركيا عن قصص توضع في خانة البطولات، تحرك أصحابها بحسهم الإنساني من دون التفكير في أي مشاق سيتكبدونها للقيام بدورهم في مساعدة المنكوبين في واحدة من كبرى المآسي التي يشهدها العالم على مدى قرن من الزمان.
وأصبح مواطن من أذربيجان أيقونة للتضحية ورمزاً للإنسانية لا يتوقف الحديث عنه في تركيا، سواء في وسائل الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن جمع ما استطاع من ألحفة وحشايا وبطاطين وأحذية وملابس، وأي نوع من المساعدات البسيطة من قريته، ليحملها فوق سيارته القديمة ويقطع بها آلاف الأميال إلى أن وصل إلى ولاية أديامان؛ إحدى الولايات المنكوبة بالزلزال في جنوب تركيا.
ما إن سمع سيرفر بشيرلي (33 عاماً)، وهو من سكان قرية جيلانباتان في شمال العاصمة الأذربيجانية باكو، بوقوع كارثة الزلزال في تركيا حتى همّ لطرق أبواب البيوت في قريته ليجمع الألحفة والحشايا وأي مواد غذائية متوفرة يمكن أن يساعد بها الناس، وحملها فوق سيارته القديمة جداً ووضع عليها العلمين التركي والأذري رمزاً للصداقة بين البلدين، وأخذ طريقه إلى تركيا.
أخذت الرحلة بشيرلي إلى أديامان... جاء ووزع ما جمع، ثم بدأ العمل متطوعاً في جهود الإغاثة، عمل بكل طاقته لمدة 14 يوماً مع فرق البحث والإنقاذ وإقامة الخيام، ولا يزال يشارك في عمليات إقامة الحاويات لاستيعاب المتضررين.
اكتسب بشيرلي شهرة واسعة في تركيا، بعد أن سلطت وسائل الإعلام الضوء على قصته... يقول الشاب الأذري: «يعيش الناس في خيام هنا. نحاول تقديم المساعدة الممكنة... أتيت لأشارك في المساعدة. البلد الشقيق بحاجة إلى المساعدة. في اليوم الأول قمت بجمع الملابس والحشايا والألحفة والأحذية، ثم تحركت». وأضاف: «تركيا وأذربيجان دولتان كأنهما دولة واحدة. نشعر بالألم بشدة في أذربيجان. العديد من الأذربيجانيين؛ من كبار السن إلى الأطفال، شاركوا في جهود الإغاثة هنا. نحن نشارك تركيا آلامها رداً للجميل؛ فقد شاركتنا آلامنا كثيراً».
سيارة بشيرلي القديمة أصبحت رمزاً لفت الانتباه في تركيا وفي أذربيجان أيضاً، حيث سارع رجل أعمال يملك معرضاً للسيارات في أذربيجان، إلى تقديم سيارة حديثة إليه هديةً وتقديراً لما فعل، لكنه رفض قبولها، قائلاً إنه فعل ما فعل «بدافع الشعور بألم الناس في تركيا، ولا يريد مكافأة في المقابل».
أصر رجل الأعمال على منح بشيرلي السيارة الجديدة، ولما رفض سلمها لوالده، راسم بشيرلي، في أذربيجان.
قصة الشابة الفرنسية من أصل تركي، غولفام زنجين (24 عاماً)، هي أيضاً من القصص الناصعة في كارثة الزلزال، فقد قطعت 4 آلاف و300 كيلومتر بشاحنتها الخاصة محملة بمساعدات جُمعت بواسطة إحدى الجمعيات، ونقلتها إلى كهرمان ماراش.
زنجين؛ التي ولدت في يوزغات بشرق تركيا وتعيش في فرنسا منذ سنين طويلة، لم تعبأ بطول الطريق أو التعب، وقررت قطع المسافة كلها لنقل المساعدات.
وقالت: «لقد سافرت 4 آلاف و300 كيلومتر. رأيت بعض المنازل في الطريق دمرها الزلزال جميعاً. لا أشعر بالتعب أو التوتر».
غولفام زنجين؛ ابنة العائلة التركية المغتربة في فرنسا، تقود الشاحنة وتعمل في النقل داخل فرنسا، ولديها شركة صغيرة للشاحنات منذ 4 سنوات، لكنها قررت أن تعبر حدود 6 دول لنقل المساعدات، حيث رأت أن هذا هو الشيء الوحيد الذي كان بإمكانها أن تفعله.
تشعر زنجين بالحزن على من فقدوا في كارثة الزلزال، قائلة: «سمعنا عن الزلزال... الأقارب والزملاء والأصدقاء... كلنا نشعر بحزن عميق. كانت الأيام الأولى صعبة للغاية. عندما شاهدنا حجم الكارثة من خلال مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي نشرات الأخبار انفطرت قلوبنا... لديّ شركة شاحنات، كل ما يمكنني فعله هو جلب المساعدة من فرنسا إلى تركيا. قطعت حدود 6 دول. تم إرسال 5 شاحنات أمامي. خرجنا في اليوم التالي مباشرة لوقوع الزلزال، استغرقت الرحلة 4 أيام... الشاحنات كانت محملة بالمعاطف والفساتين والملابس... كلها جديدة تماماً، وأيضاً المساعدات الطبية والمواد الغذائية، وصولاً إلى طعام القطط والكلاب، كل شيء كان موجوداً».
واختتمت: «لم أشعر بأي تعب أو توتر، لكن رؤية الدمار على الشاشات شيء، وعلى الطبيعة شيء آخر. كنت دائماً أشارك في الأنشطة الخيرية؛ لكن هذه أول مرة أحضر فيها إلى منطقة كوارث، وما زاد من حزني أنها في بلدي الأصلي».


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

الولايات المتحدة​ رجل يحمي نفسه من المطر أثناء سيره على طول رصيف شاطئ هنتنغتون (أ.ب)

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

ألغت الولايات المتحدة التحذير من خطر حدوث تسونامي، الذي أصدرته في وقت سابق الخميس في كاليفورنيا، بعدما ضرب زلزال بقوة 7 درجات.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )
شؤون إقليمية فرق الإنقاذ التي تبحث عن ناجين وسط الركام بعد الزلزال الذي ضرب مدينة كاشمر في شمال شرقي إيران يونيو الماضي (أرشيفية - إيسنا)

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب غرب إيران

قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن زلزالاً بقوة 5.6 درجة ضرب غرب إيران، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا عمارات على النيل في وسط العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)

هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب شمال مصر

سجلت مصر اليوم هزة أرضية بقوة 4.8 درجة على بعد 502 كيلومتر شمالي دمياط في شمال شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

يعكف علماء على مراقبة سلوك الحيوانات باستخدام أجهزة تعقب متطورة تُثبّت على أجسادها، وترتبط بقمر اصطناعي جديد يُطلق العام المقبل

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».