مجلس الأمن «قلق للغاية» من الاستيطان... ولا يدين إسرائيل

صفقة أميركية «تجمّد» الخطوات الأحادية 6 أشهر بين الفلسطينيين والإسرائيليين

رياض منصور المراقب الدائم لفلسطين يحيي مندوبة مالطا الرئيسة الحالية لمجلس الأمن في جلسة مناقشة الاستيطان الإسرائيلي (رويترز)
رياض منصور المراقب الدائم لفلسطين يحيي مندوبة مالطا الرئيسة الحالية لمجلس الأمن في جلسة مناقشة الاستيطان الإسرائيلي (رويترز)
TT

مجلس الأمن «قلق للغاية» من الاستيطان... ولا يدين إسرائيل

رياض منصور المراقب الدائم لفلسطين يحيي مندوبة مالطا الرئيسة الحالية لمجلس الأمن في جلسة مناقشة الاستيطان الإسرائيلي (رويترز)
رياض منصور المراقب الدائم لفلسطين يحيي مندوبة مالطا الرئيسة الحالية لمجلس الأمن في جلسة مناقشة الاستيطان الإسرائيلي (رويترز)

عبر مجلس الأمن، الاثنين، في بيان رئاسي أقر بعد وساطة الولايات المتحدة، عن «قلق بالغ» من إضفاء إسرائيل شرعيتها على 9 مستوطنات في الضفة الغربية، محذراً بأن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 يمثل «عقبة» أمام السلام ويعرض حل الدولتين للخطر.
وبعد جهود مكثفة بذلت خلال الأسبوع الماضي؛ لاتخاذ موقف قوي من الخطوات الأخيرة لتشريع الاستيطان، عبر مشروع قرار أعدته الإمارات العربية المتحدة بالتنسيق الوثيق مع السلطة الفلسطينية، وتبنته الصين، نجحت الولايات المتحدة والاتصالات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في «الاستعاضة عن (مشروع القرار) بـ(بيان رئاسي)»، وفقاً لمصدر دبلوماسي وثيق الصلة بتلك الجهود؛ أوضح أن المفاوضين الإماراتيين «نزلوا عند رغبة الجانبين الأميركي والفلسطيني في هذه الخطوة».
وقال دبلوماسيون إن الإدارة الأميركية «تمكنت من إقناع كل من إسرائيل والفلسطينيين بالموافقة من حيث المبدأ على التجميد لمدة 6 أشهر أي إجراء أحادي يمكن اتخاذه» من الطرفين، مما سيعني التزاماً من إسرائيل بعدم توسيع المستوطنات حتى أغسطس (آب) المقبل في الأقل. أما على الجانب الفلسطيني؛ فسيعني ذلك «التزاماً حتى أغسطس المقبل بعدم متابعة أي تحرك ضد إسرائيل في الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى، مثل المحكمة الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، ومجلس حقوق الإنسان».
وأفادت تقارير بأنه جرى التوصل إلى الاتفاق، مساء الأحد، بعد أيام من المحادثات المحمومة لكبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مع قادة فلسطينيين وإسرائيليين وإماراتيين. وقال دبلوماسيون إن الجهود المكثفة شملت وزير الخارجية أنتوني بلينكن، والمندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ونائبه لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، وكبيرة الدبلوماسيين لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، والمبعوث الخاص لشؤون الفلسطينيين هادي عمرو.
وبالفعل؛ أصدر مجلس الأمن بياناً رئاسياً، علماً بأن بيانات كهذه تحتاج إلى موافقة كل الأعضاء الـ15 من دون استثناء، بخلاف القرارات التي تحتاج لإقرارها ما لا يقل عن 9 أصوات بشرط عدم استخدام «حق النقض (الفيتو)» من أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. وبذلك تجنبت إدارة الرئيس جو بايدن أزمة دبلوماسية محتملة حيال المستوطنات الإسرائيلية، في وقت كانت واشنطن تقود فيه الجهود الغربية في الأمم المتحدة وخارجها لتسليط الضوء على غزو روسيا أوكرانيا في الذكرى السنوية الأولى للحرب.
وبدلاً من «القرار» الذي كان يمكن أن تستخدم الولايات المتحدة «النقض» لإسقاطه لأنه «يمكن أن يشكل صداعاً سياسياً للرئيس جو بايدن مع اقترابه من الانتخابات الرئاسية لعام 2024»، تبنى مجلس الأمن «البيان الرئاسي» الأضعف وغير الملزم بصيغة «تعيد تأكيد حق كل الدول في العيش بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها دولياً». كما تؤكد أن «كلا الشعبين؛ الإسرائيلي والفلسطيني، له الحق في تدابير متساوية من الحرية والأمن والازدهار والعدالة والكرامة».
وكذلك أكد المجلس «التزامه الراسخ رؤية حل الدولتين حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان؛ إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة». وعبر عن «قلقه واستيائه البالغين من إعلان إسرائيل في 12 فبراير (شباط) 2023 عن مزيد من البناء والتوسع في المستوطنات وتشريع البؤر الاستيطانية»، مكرراً أن «استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية يهدد بشكل خطير جدوى حل الدولتين على أساس خطوط 1967». وأعلن أنه «يعارض بشدة كل الإجراءات الأحادية التي تعرقل السلام، بما في ذلك، ضمن أمور أخرى، البناء الإسرائيلي وتوسيع المستوطنات، ومصادرة أراضي الفلسطينيين، وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية، وهدم منازل الفلسطينيين وتشريد المدنيين الفلسطينيين».
وكذلك ندد المجلس بـ«أعمال العنف ضد المدنيين؛ بما في ذلك الأعمال الإرهابية»، داعياً إلى «تعزيز الجهود الجارية لمكافحة الإرهاب بطريقة تتفق مع القانون الدولي»، مشيراً إلى «التزام السلطة الفلسطينية التخلي عن الإرهاب ومكافحته». وحض كل الأطراف على «التزام الهدوء وضبط النفس، والامتناع عن الأعمال الاستفزازية والتحريضية والخطاب التحريضي، بهدف جملة أمور؛ منها تهدئة الوضع على الأرض، وإعادة بناء الثقة، والتظاهر من خلال السياسات واتخاذ إجراءات التزام حقيقي بحل الدولتين، وتهيئة الظروف اللازمة لتعزيز السلام». ولاحظ مجلس الأمن «بقلق بالغ حالات التمييز والتعصب وخطاب الكراهية بدافع العنصرية أو الموجه ضد الأشخاص المنتمين إلى طوائف دينية، لا سيما حالات بدافع كراهية الإسلام، أو معاداة السامية، أو كره المسيحية»، داعياً إلى «الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة في القدس؛ قولاً وفعلاً دون تغيير»، مع تأكيده في هذا الصدد على الدور الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية.
وعلق مدير دائرة الأمم المتحدة لدى منظمة «هيومان رايتس ووتش»، لويس شاربونو، على البيان الرئاسي، بأنه «فيما يساعد أن ينتقد مجلس الأمن الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين»، فإن البيان الرئاسي الذي «خفف بضغط» من الولايات المتحدة وإسرائيل «يبتعد كثيراً عن الإدانة الكاملة التي يستحقها الوضع الخطير». ورأى أنه ينبغي على أعضاء مجلس الأمن أن «يقروا في الحد الأدنى قراراً يندد بوضوح بالمستوطنات الإسرائيلية بوصفها غير قانونية، ويطالبوا بتفكيكها».


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
TT

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)

رأت أنقرة أنَّ الرئيس السوري، بشار الأسد، لا يريد السلام في بلاده، وحذرت من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب في الشرق الأوسط بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية آستانة»، التي أوقفت إراقة الدماء في سوريا. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنَّ جهود روسيا وإيران، في إطار «مسار آستانة» للحل السياسي مهمة للحفاظ على الهدوء الميداني، لافتاً إلى استمرار المشاورات التي بدأت مع أميركا بشأن الأزمة السورية.

وقال فيدان، خلال كلمة في البرلمان، إنَّ تركيا لا يمكنها مناقشة الانسحاب من سوريا إلا بعد قبول دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، مضيفاً أن موقف إدارة الأسد يجعلنا نتصور الأمر على أنه «لا أريد العودة إلى السلام».