الملح والطين لبناء منازل مطبوعة

مصممان معماريان يجسدان حُب الطبيعة في تصاميم البناء

مبنى «كازا كوفيدا»
مبنى «كازا كوفيدا»
TT

الملح والطين لبناء منازل مطبوعة

مبنى «كازا كوفيدا»
مبنى «كازا كوفيدا»

يعيد المهندسان المعماريان رونالد راييل وفيرجينيا سان فراتيلّو النظر في الطريقة التي نبني ونصنع من خلالها الأشياء. وقد نجحا في تجربة لتصميم بناء باسم «كازا كوفيدا» (منزل التعايش) في وادي سان لويس في ولاية كولورادو الأميركية، وذلك بجمع الطباعة الثلاثية الأبعاد مع مواد حقيقية بسيطة ومتوافرة.
وتشكّل الكرة الزهرية سقفاً هوائياً خفيف الوزن للبناء، مهمّته حماية الهيكل من الشتاء أو الثلج، والمساعدة في الحفاظ على الحرارة في المبنى الطيني.
التقى المصممان أثناء مرحلة الدراسات العليا في العمارة بجامعة كولومبيا، ولكنّهما علما سريعاً أن مصطلح «عمارة» لن يكون مناسباً لوصف عملهما.
يقول الاثنان على موقعهما الإلكتروني: «علينا أن نبتكر أوضاعاً غريبة تجذب الأنظار إلى عملنا، وإلا لن يعلم أحد من نحن وماذا نفعل». أطلق رون راييل وفيرجينيا سان فراتيلّو عام 2010 «بيئة» متخصصة بالطباعة الثلاثية الأبعاد سُميت «إمرجينغ أوبجكتس»، وهي شركة واحدة من مشاريع كثيرة تستهدف توسيع معنى بناء وصناعة الأشياء. ويعتمد نظام السقالات الذي يستخدمانه للبناء على الوصلات المطبوعة بالأبعاد الثلاثية، وقضبان زجاجية توفّرها شركة «سوليندرا» المتخصصة في صناعة الألواح الشمسية.
للقيام بالعمل الذي يهمّهما القيام به، أدرك المهندسان أنّه عليهما زعزعة المفاهيم الراسخة، وبدأ هذا الأمر بتحدّي وسائل البناء التقليدية، وكان هذا مدفوعاً بالطباعة الثلاثية الأبعاد في 2011، على حدّ تعبير رون.
ولكنّ تكلفة وتعقيد هذه التقنية في ذلك الوقت جعلتها بعيدة المنال، الأمر الذي دفعهما إلى ابتكار حلّ سُمي «بوتروير» Potterware، وهو تطبيق للتصميم مخصص لمتصفّحات الإنترنت يزيل الحاجة إلى تعلّم برمجيات نمذجة الطباعة الثلاثية الأبعاد. تقول سان فراتيلّو إنّ «هذا الأمر خفّض مستوى صعوبة دخول هذا المجال حتّى يتمكّن طلاب المدارس من تعلّم الطباعة الثلاثية الأبعاد في يومٍ واحد. نعمل على تسهيل الأشياء وتخفيض تكلفتها بدل تعقيدها».
وعن البناء المصنوع من الطوب الطيني المحلّي في منطقة فاينزا الإيطالية، تشرح سان فراتيلّو: «أتخيّل أن يتحوّل هذا المجمع المصنوع من الطوب المطبوع بالأبعاد الثلاثية... إلى نوعٍ من الآثار أو البقايا المستقبلية! يعتبر هذا الطوب أصلاً جزءاً من شيء تاريخي وجديد في الوقت نفسه».
بعدها، لاحظ المهندسان الزميلان أنّهما يملكان شيئاً فريداً يضيفانه إلى الطباعة الثلاثية الأبعاد. تقول سان فراتيلّو: «كلانا يتحدّر من خلفية ريفية، أي أنّنا كبرنا في الهواء الطلق ووسط المناظر الطبيعية، ولعبنا بالتراب حرفياً؛ لذا تمكنّا من إقحام تجاربنا التي عشناها في هذا الأمر - علاقتنا الخاصة بالأرض والزراعة. اجتمعت هذه التجربة مع هذه التقنيات المذهلة، ولهذا السبب قدّمنا عملاً مختلفاً. نحن نجلب حبّنا للأرض ونضعه في الطابعة».
أجرت «إمرجينغ أوبجكتس» تجارب في المواد، والبرمجيات، والأجهزة وجمعتها في هذا المنزل التجريبي. حصل المهندسان على تسهيلات لناحية المساحة استجابة لأزمة السكن التي تعيشها منطقة «باي أريا»، الأمر الذي ألهمهما لحلّ مشاكل السكن على نطاق واسع.
سواء كان الأمر يتعلّق ببناء مقصورة، أو بصناعة الطوب، أو حتّى مشروعٍ فنّي، يتمسّك المهندسان بمبدأ إعادة النظر في المواد الطبيعية من خلال عدسة التقنية. قد يستخدمان الطين، أو نشارة الخشب، أو الملح، أو حتّى قشور العنب الأخضر - كلّ موادهما تأتي من الأرض، أي أنّ الأمر يعتمد على التجربة وسؤال «لمَ لا؟».
ولكنّ المعماريين يحاربان أي محاولات للتصنيف. فكما يقولان على موقعهما: «من المستحيل أن نقول إننا نملك فلسفة استوديو. نحن نسعى للحفاظ على استمرار الصناعة».


مقالات ذات صلة

شركتان تابعتان لـ«السيادي» السعودي تعززان بناء مستقبل مستدام لصناعة الطيران 

الاقتصاد خلال توقيع مذكرة التفاهم بين شركتي «سرك» و«الطائرات المروحية» (إكس)

شركتان تابعتان لـ«السيادي» السعودي تعززان بناء مستقبل مستدام لصناعة الطيران 

وقّعت شركة «الطائرات المروحية»، والشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سرك)، يوم الاثنين، مذكرة تفاهم تُسهم في بناء مستقبل مستدام لصناعة الطيران والبيئة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رجل يحمل لافتة عليها صورة ترمب بينما يتجمع أنصاره خارج ساحة «كابيتال وان» تحضيراً للاحتفال بتنصيبه (رويترز)

ترمب يعتزم إحياء «تيك توك»... لكنه يريد ملكية أميركية بنسبة 50 %

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه سيعيد إحياء الوصول إلى تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بأمر تنفيذي، بعد أن يؤدي اليمين الدستورية، يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا تمتد المنشأة على مساحة 18.500 متر مربع وتتميز بنظام فرز آلي متقدم يضم 120 مركبة موجهة آلياً لمعالجة معالجة 4 آلاف شحنة/ ساعة (أرامكس)

«أرامكس»: نظام روبوتي بميناء جدة و«درون» لتوصيل الطرود

تمتد المنشأة على مساحة 18.500 متر مربع وتتميز بنظام فرز آلي متقدم لمعالجة 4 آلاف شحنة في الساعة.

نسيم رمضان (لندن)
تحليل إخباري يتخوف مراقبون من أن حظر «تيك توك» بالولايات المتحدة قد يدفع دولاً أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة (أدوبي)

تحليل إخباري ماذا يعني حظر «تيك توك» لـ170 مليون مستخدم أميركي؟

سيغيّر الحظر الطريقة التي يتفاعل بها ملايين المستخدمين مع المحتوى الرقمي بالولايات المتحدة.

نسيم رمضان (لندن)
عالم الاعمال «هونر» تُطلق هاتف «ماجيك 7 برو» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

«هونر» تُطلق هاتف «ماجيك 7 برو» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

أعلنت شركة «هونر» العالمية للتكنولوجيا عن إطلاق هاتفها الجديد «هونر ماجيك 7 برو» في أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


«محاصيل ذكية مناخياً»... استراتيجية علمية لتحقيق أعلى إنتاجية

الدكتور كاو شو وفريقه يفحصون ثمار الطماطم التي خضعت للتعديل الجيني ضمن الإستراتيجية الجديدة (الأكاديمية الصينية للعلوم)
الدكتور كاو شو وفريقه يفحصون ثمار الطماطم التي خضعت للتعديل الجيني ضمن الإستراتيجية الجديدة (الأكاديمية الصينية للعلوم)
TT

«محاصيل ذكية مناخياً»... استراتيجية علمية لتحقيق أعلى إنتاجية

الدكتور كاو شو وفريقه يفحصون ثمار الطماطم التي خضعت للتعديل الجيني ضمن الإستراتيجية الجديدة (الأكاديمية الصينية للعلوم)
الدكتور كاو شو وفريقه يفحصون ثمار الطماطم التي خضعت للتعديل الجيني ضمن الإستراتيجية الجديدة (الأكاديمية الصينية للعلوم)

بحلول عام 2050، من المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة، ما يتطلب زيادة في إنتاجية المحاصيل الزراعية بنسبة 60 في المائة، لتلبية احتياجات الغذاء. ومع ذلك، فإن الإنتاج الحالي لا يكفي، ومن المتوقع أن يتفاقم هذا العجز بسبب الضغوط الناتجة عن تغير المناخ.

على سبيل المثال، يؤدي ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين خلال موسم النمو إلى انخفاض في الإنتاجية يصل إلى 13 في المائة. لذا، يركز العلماء حالياً على تطوير محاصيل «ذكية مناخياً» قادرة على تحقيق إنتاجية أعلى في الظروف الطبيعية، مع الحفاظ على إنتاجية مستقرة تحت ضغوط الحرارة.

وفي خطوة نحو تحسين إنتاج المحاصيل في ظل الظروف المناخية المتغيرة، عمل علماء في الصين على تحسين أدوات التعديل الجيني لتطوير استراتيجية جديدة تعزز خصائص نمو وتطور النباتات.

وطوَّر فريق من معهد علم الوراثة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم استراتيجية تعتمد على تعديل جين، يلعب دوراً حاسماً في تنظيم آلية طبيعية في النباتات، تؤثر بشكل كبير على إنتاجية النبات وحلاوة الثمار وجودة الحبوب. ونُشرت نتائج الدراسة في عدد 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي من دورية «Cell».

«المصدَر والمستقبِل»

تحتاج النباتات إلى المياه والعناصر الغذائية والضوء لتنمو؛ حيث يعتمد كل جزء منها على هذه المكونات الأساسية. فالجذور تتطلب طاقة من عملية التمثيل الضوئي لامتصاص المياه والعناصر الغذائية من التربة، بينما تحتاج الأوراق للمياه والعناصر الغذائية التي تمتصها الجذور لتقوم بعملية التمثيل الضوئي، وتصنيع الغلوكوز الذي يعد المصدر الأساسي للطاقة في النبات.

وتُمتص هذه الموارد وتُنتَج في أماكن مختلفة داخل النبات، ما يتطلب نظاماً معقداً لنقلها بين الأماكن التي تُنتج أو تُستخدم فيها.

ويستخدم العلماء مصطلحَي «المصدَر» (Source) و«المستقبِل» (Sink) لوصف هذه العمليات؛ حيث يكون «المصدر» هو المكان الذي يتم فيه امتصاص أو إنتاج الموارد اللازمة لنمو النباتات، بينما «المستقبِل» هو المكان الذي تُستخدم فيه هذه الموارد. ويحدد التوازن في هذه العملية قدرة النباتات على النمو والإثمار.

ومع تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، تتعرض هذه العمليات الحيوية للخطر، ما يؤدي لتدهور إنتاجية وجودة المحاصيل.

يقول الدكتور كاو شو، الباحث الرئيسي للدراسة في المركز الوطني لبحوث جينات النبات، في معهد علم الوراثة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، إن علاقة «المصدَر والمستقبِل» هي نظرية كلاسيكية عمرها قرن من الزمان؛ لكنها ما زالت تحظى باهتمام مستمر في مجال علم الأحياء النباتية، وتعد مجالاً بحثياً مهماً وصعباً.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن هذه النظرية تركز على إنتاج وتوزيع المركبات الكربونية -مثل السكروز- التي تلعب دوراً محورياً في حياة النباتات، من أعضاء المصدر (كالأوراق) إلى المستقبِل (مثل الجذور والثمار والبذور) التي تخزن أو تستهلك هذه المركبات لتوفير الغذاء والمواد الأساسية للإنسان. وأشار إلى أن تحسين العلاقة بين «المصدَر والمستقبِل» يمكن أن يسهم في زيادة الإنتاجية بنسبة تتراوح بين 40 و60 في المائة.

تعديل جيني

تستند الاستراتيجية الجديدة على تحسين استجابة النباتات للحرارة، من خلال التحكم في توزيع الكربون على الأجزاء المستقبلة للطاقة في النباتات.

وركز الباحثون في دراستهم على جين يُعرف باسم «CWIN»، المسؤول عن تنظيم العلاقة بين «المصدَر» و«المستقبِل» في النبات. وعند تعرض النبات للإجهاد الحراري، ينخفض نشاط هذا الجين، ما يؤدي إلى فقدان التوازن بين «المصدر» و«المستقبل»، ويقلل توزيع الكربون على الثمار، ما يؤثر سلباً على نمو وجودة وإنتاجية المحاصيل.

ولحل هذه المشكلة، أجرى الفريق تعديلاً للجين، عن طريق إدخال تسلسل جيني خاص يتفاعل مع درجات الحرارة المرتفعة، في أصناف الأرز والطماطم، باستخدام تقنيات التحرير الجيني المتطورة.

وأوضح شو أن هذا التعديل يساعد على تنشيط التعبير عن الجين عند التعرض للحرارة العالية، ما يضمن استقرار تدفق الكربون إلى الثمار، ويعزز الإنتاجية. كما يعزز التعديل توزيع الكربون على الثمار في الظروف الطبيعية، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية.

وأظهرت الاختبارات المتعددة على الطماطم أن هذه الاستراتيجية زادت المحصول بنسبة تصل إلى 47 في المائة في الظروف العادية، وبنسبة 33 في المائة تحت الإجهاد الحراري. كما حسَّنت جودة الثمار من حيث توحيد الحجم ونسبة الحلاوة.

وطبَّق فريق البحث الأسلوب نفسه على الأرز، ما أدى إلى زيادة الإنتاجية بنسبة 13 في المائة في الظروف العادية، و25 في المائة تحت الإجهاد الحراري، ما ساهم بشكل كبير في تعويض خسائر الإنتاج الناتجة عن الحرارة العالية.

وفق شو، فإن الاستراتيجية الجديدة تعتمد على مجموعة شاملة من تقنيات التحرير الجيني لتحسين المحاصيل وتقييم الإنتاجية، ما يمهد الطريق لتطوير محاصيل ذكية مناخياً تحقق إنتاجية عالية في الظروف الطبيعية، وتقلل من خسائر الإنتاج تحت ظروف الإجهاد المختلفة. وطُبقت هذه الاستراتيجية أيضاً على محاصيل مثل فول الصويا والقمح والذرة.