قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه، بالنسبة له، «لا يمكن لأوكرانيا ولا لروسيا الفوز بالكامل» في الحرب في أوكرانيا، مضيفاً أنه إذا كان على أوكرانيا أن تفوز، فإن فرنسا لا تريد «سحق روسيا».
ففي مقابلة خاصة نشرتها صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، اليوم، من فوق متن الطائرة الرئاسية التي أعادته إلى باريس، بعد مشاركته في مؤتمر ميونيخ الأمني، مساء الجمعة، تحدّث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لصحافيين ثلاثة مرافقين، وقال إنه يرى أنه لا يمكن لأوكرانيا ولا لروسيا الفوز بالكامل في الحرب في أوكرانيا، مضيفاً أنه إذا كان على أوكرانيا أن تفوز، فإن فرنسا لا تريد «سحق روسيا».
وصرح ماكرون، في حديثه قائلاً: «أريد أن تُهزم روسيا في أوكرانيا، وأريد أن تكون أوكرانيا قادرة على الدفاع عن موقفها، لكنني مقتنع بأن الأمر (الحرب) لن يُحسَم عسكرياً في النهاية». وأضاف: «لا أعتقد، مثل البعض، أنه يجب هزيمة روسيا بالكامل، والهجوم على أراضيها. هؤلاء المراقبون يريدون قبل كل شيء سحق روسيا. لم يكن هذا موقف فرنسا قط ولن يكون أبداً».
ووفق التقرير، أشار ماكرون بذلك إلى دول شرق أوروبا التي تَعتبر أن هذه الحرب الرابعة لفلاديمير بوتين منذ تولّيه السلطة في روسيا، بعد الشيشان وجورجيا والقرم، ويجب أن تكون الأخيرة له. وربما تكون فرصة لوضع حد، مرة واحدة، لكل الغطرسة الإمبريالية لسيد الكرملين. واعتبر ماكرون أن الستار الجديد الذي فصل القارة الأوروبية، منذ 24 فبراير (شباط) 2022 (بداية الحرب في أوكرانيا)، هو بين معسكر السلام (بين روسيا وأوكرانيا) بقيادة باريس وبرلين من ناحية، ومعسكر النصر (نصر أوكرانيا الكامل) الذي تجسده بولندا ودول البلطيق، من ناحية أخرى، وأن هذا الستار لم يُرفع بعد بشكل كامل بين المعسكرين.
ويرى ماكرون أنه لا يمكن لأوكرانيا استعادة أراضيها بمفردها؛ لأنه لا يوجد حليف لها على استعداد، حتى من بين الأكثر تحمساً في شرق أوروبا، لإرسال قوات على الأرض. كما أن للولايات المتحدة أيضاً حدودها. فماكرون، وفق التقرير، مقتنع بأنه في النهاية، سيكون من الضروري التفاوض (بين روسيا وأوكرانيا)، وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل؛ لأن الأوروبيين سيكونون الخاسرين الرئيسيين في صراع لا نهاية له.
وعن سؤاله عن وسيلة ملموسة لفرض هذه العودة إلى مفاوضات السلام، أجاب ماكرون: «المطلوب، اليوم، أن تقود أوكرانيا هجوماً عسكرياً يُقلق الجبهة الروسية؛ من أجل العودة إلى المفاوضات». وأوضح أن الهدف هو إيذاء فلاديمير بوتين، بما فيه الكفاية، دون إظهار الرغبة في الانتقام.
ورداً على سؤال عما إذا كان السلام ممكناً مع فلاديمير بوتين، بعد ما فعله في أوكرانيا، يقول ماكرون: «هل نعتقد بصدق أن حلاً ديمقراطياً سينبثق من المجتمع المدني الروسي الموجود بعد هذه السنوات من التصلب ومن الصراع الكامل؟!». ويتابع: «أنا حقاً أريد ذلك، لكنني لا أصدّق (احتمال) ذلك حقاً. وجميع الخيارات بخلاف فلاديمير بوتين داخل النظام الحالي (في روسيا) تبدو أسوأ بالنسبة لي». ويلمّح الرئيس الفرنسي، في هذا الإطار، إلى رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين، الذي يتألق نجمه السياسي أكثر من ذي قبل، وإلى رئيس مجلس الأمن الروسي الذي لا يقل تطرفاً، نيكولاي باتروشيف، وفق تقرير «لوفيغارو».
ووفق التقرير، من خلال دعوة حلفائه الأوروبيين الشرقيين بشكل غير مباشر لمزيد من الاعتدال، يريد إيمانويل ماكرون، الذي يقول إنه متوافق مع جو بايدن بشأن الموضوع الأوكراني، إشراكهم في ديناميكية أوروبية جديدة. برأي ماكرون، فإنه يجب على أوروبا أن تتعافى لردع روسيا والبقاء في التاريخ.
وقال: «ما نقوم به هو الردع من خلال إعادة التسلح في أوروبا. في أوروبا لا يمكن اختصار ذلك في شراء الأسلحة، يجب أن نكون قادرين أيضاً على إنتاجها وبناء هيكلنا الأمني دون الحاجة إلى تفويضه للآخرين؛ الأميركيين أو الصينيين. ستحظى أوروبا بالاحترام بسهولة أكبر إذا امتلكت أسلحة...».
وأضاف ماكرون: «الطريقة الوحيدة لصنع السلام في أوروبا هي الخروج من تاريخ الإمبراطوريات. الشخص الذي لم يفهم هذا هو فلاديمير بوتين! (المتأثر بالإمبراطوريتين الروسية والسوفياتية حسب الحديث). يجب علينا، نحن الأوروبيين، أن نبني هذه السيادة الأوروبية التي ستضمن وحدها استقلالنا وأمننا».