قيود الحوثيين تدفع النساء إلى الفقر وتمنع وصول المساعدات إليهن

امرأة يمنية في صنعاء تتخذ من صناعة البخور حرفة لكسب العيش (رويترز)
امرأة يمنية في صنعاء تتخذ من صناعة البخور حرفة لكسب العيش (رويترز)
TT

قيود الحوثيين تدفع النساء إلى الفقر وتمنع وصول المساعدات إليهن

امرأة يمنية في صنعاء تتخذ من صناعة البخور حرفة لكسب العيش (رويترز)
امرأة يمنية في صنعاء تتخذ من صناعة البخور حرفة لكسب العيش (رويترز)

على الرغم من المطالبات الحكومية اليمنية بإدانة دولية للممارسات القمعية الحوثية ضد النساء، أصدرت محكمة استئناف حوثية قراراً مؤيداً للحكم بحق الفنانة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي وزميلتها محلية البعداني، بسجنهما خمس سنوات، فيما ذكرت دراسة محلية أن إجراءات الانقلابيين تحد من وصول النساء إلى المعونات الغذائية، وفرص العمل الأخرى.
وتسبب اشتراط الانقلابيين الحوثيين وجود المحرم (قريب من الذكور) برفقة المرأة خلال تنقلها في مناطق سيطرتهم، في مزيد من المعاناة للنساء وعائلاتهن، حيث أدى هذا الشرط إلى تقييد حركة النساء حتى في الأحياء والقرى التي يعشن فيها، ومنعهن الانقلابيون الحوثيون من مزاولة العمل والخروج بمفردهن.
وأخيرا، أكدت وكالة التنمية الأميركية في تقرير لها حول الوضع الإنساني في اليمن؛ أن النساء والفتيات يواجهن تحديات إضافية بسبب القيود الكبيرة على حركتهن، فيما تحدث تقرير محلي عن فشل الأطر الإنسانية وأطر السلام في الاستجابة للعنف ضد النساء.
ويقول المركز اليمني للسياسات في دراسة له حول العنف القائم على النوع الاجتماعي «القديم والجديد»، إن النساء يواجهن انتهاكات المجالين العام والخاص، وتحديداً العنف القائم على النوع الاجتماعي، الذي، وإن لم يكن جديداً على اليمن؛ فإن حدته زادت بسبب النزاع ووباء كوفيد - 19 وتغير المناخ.
- عنف اقتصادي ضد النساء
ويشير المركز في دراسته إلى أن المنتهكين، الذين قد يكونون من أفراد الأسرة أو الأقارب أو أفراد المجتمع، يستغلون انهيار أنظمة إنفاذ القانون وهشاشة آليات الحماية الاجتماعية لزيادة خطورة جرائمهم ونطاقها، كما يلجأ من يديرون أجهزة الدولة والأفراد والجماعات إلى استخدام العنف الجسدي والتعذيب لترهيب النساء للبقاء خارج المجال العام.
وتستخدم الدراسة مصطلح «العنف الاقتصادي» للتعبير عن أشكال حرمان المرأة من الحقوق والموارد، كالحرمان من التعليم، والسيطرة على الراتب أو الدخل، والحرمان من الميراث.
وطبقاً للدراسة؛ فقد واجهت المرأة اليمنية مستوياتٍ مقلقة من القيود على الحركة، في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، وحددت محافظات الحديدة وحجة وصنعاء، حيث تفرض الميليشيات عليهن اصطحاب المحرم من أجل السفر داخليا وخارجيا، وفي عام 2019، أصدرت الميليشيات توجيهات إلى شركات الحافلات المحلية بمنع ركوب النساء دون وجود المحرم.
وأدت هذه الممارسات - كما تذكر الدراسة - إلى تكلفة باهظة لتنقل النساء حيث يتعيَّن عليهن دفع ثمن تذكرة المحرم، ولا يُسمح لهن بالبقاء في الفنادق إلا برفقته، وتطلب الميليشيات من النساء إبراز تصريح الوصاية وحضور ولي أمرهن، الأب أو الأخ أو الزوج أو الابن، للحصول على الأوراق الثبوتية، وهو ما لا يشترطه القانون. وأشارت الدراسة إلى أن التمويل الموجه إلى النوع الاجتماعي ما يزال ضئيلاً للغاية مقارنة بالقطاعات الأخرى، مما ترك 4.1 مليون امرأة و4.3 مليون فتاة دون دعمٍ، وتم تحقيق 22 في المائة فقط من الأهداف المقصودة.
وتبين بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه في عام 2020، فقدت 350 ألف امرأة إمكانية الوصول إلى خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي، بعد إغلاق 12 مكانا آمنا للنساء والفتيات بسبب نقص التمويل، ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تم تأمين 54 في المائة فقط من 27 مليون دولار أميركي مطلوبة لبرامج حماية المرأة.
- العزل والطرد من العمل
وتكشف الناشطة المجتمعية وداد عبده لـ«الشرق الأوسط» عن تطورات جديدة في الممارسات ضد النساء العاملات في مناطق سيطرة الميليشيات، فقد سلطت الضوء على تجربة الميليشيات في صعدة، حيث شرعت في عزل النساء عن الرجال في مؤسسات الدولة التي سيطرت عليها بحجة عدم الاختلاط، مبدية خشيتها من أن يتطور الأمر إلى إقصائهن وطردهن من وظائفهن.
كما تسعى الميليشيات الحوثية إلى تقييد وعرقلة أنشطة المنظمات المجتمعية والإنسانية ما عدا تلك التابعة لها، أو التي يديرها ناشطون وناشطات يتبعون الميليشيات، وتفسر عبده هذه القيود والعراقيل بتوجه الميليشيات للسيطرة على هذا القطاع، وتحويله لخدمة مشروعها من جهة، والسيطرة على التمويلات والتبرعات الموجهة له سواء من الداخل أو من الخارج، من جهة أخرى.
وفي هذا السياق توضح الناشطة أن الميليشيات خصت بقيودها العاملات في المجال الإنساني، فلم يعد بمقدورهن مزاولة أعمال المسح والرصد وجمع البيانات، حيث من المعروف أن مثل هذه المهام تؤديها النساء أفضل من الرجال، بحكم عادات وتقاليد المجتمع، وقدرة العاملات على معاينة الحالات الإنسانية، والتي أغلبها من النساء أو عائلات فقدت رجالها.
- تغيير قيم المجتمع
وروت وداد عبده تجربتها في المؤسسة التي تديرها، والتي دفعتها إلى نقل نشاطها إلى العاصمة المؤقتة عدن، بعد حرمانها من تجديد ترخيص مزاولة النشاط، وفرض شرط الحصول على ترخيص لكل نشاط وفعالية تنفذها، ومساءلتها عن كل ما يقال في الفعاليات والأنشطة التي تنفذها، حتى وإن كان صادراً عن شخصيات من خارج المؤسسة، إضافة إلى ابتزازها وممارسة الجبايات عليها، ودفعها إلى الإغلاق.
ووفقاً لناشطة مجتمعية أخرى في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين؛ اضطرت النساء إلى كسر القيود المفروضة عليهن اجتماعيا بسبب الأعباء الاقتصادية التي فرضها الانقلاب والحرب على الأسر، واضطرت كثير من النساء إلى مواجهة القيود المجتمعية والخروج إلى العمل، وهو الأمر الذي تسامح معه المجتمع؛ لكن الانقلابيين رفضوا السماح به.
وتشير الناشطة التي فضلت عدم ذكر اسمها؛ نظراً لإقامتها في العاصمة صنعاء، إلى أن المجتمع عادة ما تجبره الأوضاع الاقتصادية على تقديم التنازلات إزاء الحريات العامة والخاصة، وخصوصا تلك المتعلقة بالمرأة، لكن السلطات ذات النهج المتطرف تفرض قيودها الخاصة من أجل حماية نفسها من تحرر المجتمع، وهو ما يحدث لدى الميليشيات الحوثية.
وتفيد بأن النساء اللاتي واجهن قيود المجتمع وتحدينها من أجل تحسين ظروفهن الاقتصادية والمعيشية؛ اضطررن، بسبب ممارسات الميليشيات وإجراءاتها التعسفية؛ إلى الانكفاء مرة أخرى والعودة إلى بيوتهن في انتظار المساعدات والتبرعات سواء من المنظمات والجهات الدولية والمحلية، أو من التجار ورجال الأعمال والجمعيات الخيرية، وهو ما يحولهن عالة، عوضا عن أن يكنّ منتجات.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.