ريدلي سكوت لـ «الشرق الأوسط»: كل أفلامي تعبير عن حبي للسينما الكبيرة

الأفلام التاريخية والخيال العلمي تجسيد لها

صورة نشرها ريدلي سكوت في صفحته في «فيسبوك» مع إيفا غرين في «مملكة السماء»
صورة نشرها ريدلي سكوت في صفحته في «فيسبوك» مع إيفا غرين في «مملكة السماء»
TT

ريدلي سكوت لـ «الشرق الأوسط»: كل أفلامي تعبير عن حبي للسينما الكبيرة

صورة نشرها ريدلي سكوت في صفحته في «فيسبوك» مع إيفا غرين في «مملكة السماء»
صورة نشرها ريدلي سكوت في صفحته في «فيسبوك» مع إيفا غرين في «مملكة السماء»

ريدلي سكوت (Blade Runner‪، ‬ Gladiator‪، ‬ Kingdom of Heaven و60 فيلماً غيرها) لا يرتاح من العمل. يعمل بجد وعلى نحو متواصل. ينتج ويخرج ويكتب ويقرأ. دائماً ما لديه ثلاثة أو أربعة مشاريع في البال اثنان منهما قيد التنفيذ.‬ ‬‬‬‬‬‬‬
خذ مثلاً انشغالاته الحالية: مسلسل تلفزيوني بعنوان «الربيع الغارق» (Sinking Spring) وفي الوقت ذاته يؤم آخر مراحل التوليف، وإضافة المؤثرات على فيلمه المقبل «نابليون». ويبدأ قريباً تصوير فيلمه الجديد «غلادياتور 2»، وعلى الطاولة أمامه سيناريو فيلم جديد من سلسلة Alein ستنتقل لما قبل الحلقة الأولى من سلسلة الفضاء المرعبة التي فتحت الباب عريضاً أمام حكايات الوحوش الفضائية التي تستطيع دخول جسم الإنسان عنوة.

ريدلي سكوت خلال تصوير أحد أفلامه (غيتي)

منذ أن بدأ الإخراج في سنة 1977 بفيلم The Duellists وهو يعمل بكل ما أوتي من نشاط. ذاك الفيلم كان تاريخياً (حول صراع بين محاربَين من القرن التاسع عشر تعاهدا على المبارزة كل ضد الآخر عبر سنين من الكر والفر).
ذلك الفيلم كان تاريخي النوع. كذلك ستة من أفلامه اللاحقة بما فيها 1432‪:‬ Conquest of Paradise وKingdom of Heaven وRobin Hood. مع «نابليون» و«غلادياتور 2» سيصل عدد أفلامه ذات النوع التاريخي إلى تسعة. ويمكن تقسيم أفلامه إلى ثلاثة: التاريخي والخيال العلمي والدراميات الباقيات كما The House of Gucci وThelma and Louise. رغم ذلك لا يعتقد، كما يقول هنا، إن حبّه للفيلم التاريخي له تأثير فعّال على قيامه بتحقيق «نابليون» و«غلادياتور 2» واحداً تلو الآخر.‬‬‬‬
> فيلمان تاريخيان واحد تلو الآخر، «نابليون» و«غلادياتور 2». هل من سبب؟
- كان الفيلمان على الرادار منذ فترة ليست بالقصيرة. «نابليون» هو حلم شخصي لقائد عسكري مهم في التاريخ. «غلادياتور 2» هو استكمال للحكاية التي لم أشعر بأنها انتهت عندما أنجزت «غلادياتور» الأول سنة 2000
> كيف سيختلف فيلمك عن عدّة أفلام سبقته في الحديث عن القائد الفرنسي؟
- سيختلف، لكني لست بصدد الحديث عن هذا الجانب لعدة أسباب، منها أنني لم أشاهد كل الأفلام التي أنتجت عنه.
> ماذا عن «غلادياتور 2»؟
- السيناريو صار جاهزاً. اشتغل ديفيد سكاربا عليه منذ عامين. قرأته أكثر من مرّة وكانت عندي ملاحظات وأعاد الكتابة وسلّمني النسخة النهائية في سبتمبر (أيلول) الماضي.
> عندما تقول النسخة النهائية تعني النسخة التي سيتم التصوير بناء عليها؟
- نعم. طبعاً قد يتم تعديل أو أكثر بحسب الحاجة. أحياناً يفرض اختيار الممثل عملية تصليح بسيطة أو ربما المكان نفسه يتدخل لتغيير سطرين أو ثلاثة في أحد المشاهد. لكن عملياً هو سيناريو جيد للبدء بالتصوير في أي وقت.
> هل سيعود راسل كرو للعب دور ماكسيموس، علماً بأنه قُتل في نهاية الفيلم الأول؟
- لا أستطيع الإفصاح عن ذلك بعد. هناك أولويات وخطوات وسيأتي الوقت المناسب لإعلان من سيتولون البطولة، لكن التفكير في استعادة كرو واردة، وعندي حل لكيف نستعيده في الجزء الثاني بعد موته في الجزء الأول.
> ما هو هذا الحل؟ هل يكون الحديث عنه في فترة سابقة لتاريخ أحداث الجزء الأول؟
- ربما. أحبّذ جداً التعاون مع كرو مجدداً. إنه ممثل جيد عموماً وجيد جداً في دور تاريخي.

لا تحبيذ
> ما سر حبّك للأفلام التاريخية؟
- ليس هناك من سر. كل أفلامي هي تعبير عن حبي للسينما، بالإضافة إلى رغبتي في التعليق على الحدث. أو المحور الذي يدور الحديث فيه. هو اتجاه متأثر بحبي لسينما أكبر من الحقيقة. النوع الذي كان سائداً في الخمسينات والستينات وحتى قبل ذلك. لا أذكر من قال إن القيمة في الفيلم التاريخي تتجاوز استعادة جزء من الماضي. إنها كناية عن استعادة الماضي بأسره. وربما أضيف أن هذه الاستعادة لا يمكن أن تكون فعلية إلا عبر الأفلام. الكتب تمنح القارئ صورة ذهنية. المسرح يوفر للمشاهد جزءاً محدوداً بسبب إمكانياته. لكن السينما هي من تعطيه الحياة من جديد.
> ذكرت لي مرّة أن أحداً لا يتعلم من التاريخ. هل ما زلت على رأيك؟
- (يضحك) أكثر من الأول. الشواهد كثيرة. كل الحروب التي اشتعلت عبر التاريخ وحتى اليوم هي تكرار لمشاكل وأغراض وطموحات تنتقل من قرن لآخر. لو تعلّمنا لما كررنا الحروب التي في رأيي هدر واضح للأنفس والممتلكات والقدرات المختلفة.
> إذ تعاملت أنت مع الأفلام التاريخية وأفلام الخيال العلمي عدة مرّات هل لديك تحبيذ لنوع على آخر؟
- الفيلم الذي أريد تنفيذه هو الفيلم الذي أحبذه. على أن أؤمن به بصرف النظر عن نوعه. لكن نعم أحب النوع التاريخي لأنه يحمل في ذاته تجسيداً للسينما الكبيرة كذلك الحال بالنسبة لأفلام الخيال العلمي.
> Alien كان فيلمك التالي بعد «المتبارزان» وكان أميركياً بالكامل. كيف حدث ذلك؟
- اتصل بي رئيس الإنتاج في «تونتييث سنتشري فوكس» آلان لاد جونيور وأخبرني عن مشروع فيلم خيال علمي بهذا العنوان. حين التقيته شرح لي أن سبب اختياري يعود إلى إعجابه بفيلم «المتبارزان». وهذا جيد بحد ذاته لأنه برهن لي باكراً أن الفيلم الجيد يقودك إلى فرص أخرى، بينما الفيلم الرديء لن يقودك إلى أي شيء.
> مر ذلك السيناريو على أيدي كثيرين من بينهم المخرج وولتر هِل الذي عرض على آلان لاد جونيور إخراجه. كيف يختلف العمل من مخرج لآخر حتى ولو كان السيناريو واحداً؟
- على أكثر من نحو. يُفترض بالمخرج أن يتمتع برؤية وبهدف. الأول يصيغ له كيف سيخرج الفيلم والثاني لمن. أعتقد أن مخرجاً بقيمة وولتر هِل يمكن له أن يحقق فيلماً جيّداً لكنه سيختلف في تلك التفاصيل المختلفة التي تحدد كيف ينتمي الفيلم لمخرجه حتى ولو كان السيناريو الذي يشتغل عليه هو ذاته الذي كان سيعتمد عليه مخرج آخر.
> ما رأيك في النقد الموجه إلى سينما الكوميكس والسوبرهيرو على أساس أنها نوع من سيادة النوع الواحد على الأنواع الأخرى وأنها تحرم السينمائيين الآخرين الذين لا يريدون تحقيق مثل هذه الأفلام من فرص النجاح؟
- أعتقد أنها شكوى صحيحة في المبدأ. كانت لي أفلام أعتقد أنها جيدة لكن اتجاه السوق الحالي طغى عليها ومنعها من النجاح.


مقالات ذات صلة

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

يوميات الشرق جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

احتفل صناع فيلم «الحريفة 2» بالعرض الخاص للفيلم في القاهرة مساء الثلاثاء، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء الأربعاء.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

أرزة ★★☆

دراجة ضائعة بين الطوائف

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة. هي تصنع الفطائر وابنها الشاب يوزّعها. تفكّر في زيادة الدخل لكن هذا يتطلّب درّاجة نارية لتلبية طلبات الزبائن. تطلب من أختها التي لا تزال تعتقد أن زوجها سيعود إليها بعد 30 سنة من الغياب، بيع سوار لها. عندما ترفض تسرق أرزة السوار وتدفع 400 دولار وتقسّط الباقي. تُسرق الدرّاجة لأن كينان كان قد تركها أمام بيت الفتاة التي يحب. لا حلّ لتلك المشكلة إلا في البحث عن الدراجة المسروقة. لكن من سرقها؟ وإلى أي طائفة ينتمي؟ سؤالان تحاول أحداث الفيلم الإجابة عليهما ليُكتشف في النهاية أن السارق يعيش في «جراجه» المليء بالمسروقات تمهيداً لبيعها خردة، في مخيّم صبرا!

قبل ذلك، تنتقل أرزة وابنها والخلافات بينهما بين المشتبه بهم: سُنة وشيعة ومارونيين وكاثوليك ودروز. كلّ فئة تقترح أن واحدة أخرى هي التي سرقت وتشتمها. حتى تتجاوز أرزة المعضلة تدخل محلاً للقلائد وتشتري العُقد الذي ستدّعي أنها من الطائفة التي يرمز إليها: هي أم عمر هنا وأم علي هناك وأم جان- بول هنالك.

إنها فكرة طريفة منفّذة بسذاجة للأسف. لا تقوى على تفعيل الرّمز الذي تحاول تجسيده وهو أن البلد منقسم على نفسه وطوائفه منغلقة كل على هويّتها. شيء كهذا كان يمكن أن يكون أجدى لو وقع في زمن الحرب الأهلية ليس لأنه غير موجود اليوم، لكن لأن الحرب كانت ستسجل خلفية مبهرة أكثر تأثيراً. بما أن ذلك لم يحدث، كان من الأجدى للسيناريو أن يميل للدراما أكثر من ميله للكوميديا، خصوصاً أن عناصر الدراما موجودة كاملة.

كذلك هناك لعبٌ أكثر من ضروري على الخلاف بين الأم وابنها، وحقيقة أنه لم يعترف بذنبه باكراً مزعجة لأن الفيلم لا يقدّم تبريراً كافياً لذلك، بل ارتاح لسجالٍ حواري متكرر. لكن لا يهم كثيراً أن الفكرة شبيهة بفيلم «سارق الدّراجة» لأن الحبكة نفسها مختلفة.

إخراج ميرا شعيب أفضل من الكتابة والممثلون جيدون خاصة ديامان بوعبّود. هي «ماسة» فعلاً.

• عروض مهرجان القاهرة و«آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

سيلَما ★★★☆

تاريخ السينما في صالاتها

لابن بيروت (منطقة الزيدانية) لم تكن كلمة «سيلَما» غريبة عن كبار السن في هذه المدينة. فيلم هادي زكاك الوثائقي يُعيدها إلى أهل طرابلس، لكن سواء كانت الكلمة بيروتية أو طرابلسية الأصل، فإن معناها واحد وهو «سينما».

ليست السينما بوصفها فناً أو صناعة أو أيّ من تلك التي تؤلف الفن السابع، بل السينما بوصفها صالة. نريد أن نذهب إلى السينما، أي إلى مكان العرض. عقداً بعد عقد صار لصالات السينما، حول العالم، تاريخها الخاص. وفي لبنان، عرفت هذه الصالات من الأربعينات، ولعبت دوراً رئيسياً في جمع فئات الشعب وطوائف. لا عجب أن الحرب الأهلية بدأت بها فدمّرتها كنقطة على سطر التلاحم.

هادي زكّاك خلال التصوير (مهرجان الجونا)

فيلم هادي زكّاك مهم بحد ذاته، ومتخصّص بسينمات مدينة طرابلس، ولديه الكثير مما يريد تصويره وتقديمه. يُمعن في التاريخ وفي المجتمع ويجلب للواجهة أفلاماً ولقطات وبعض المقابلات والحكايات. استقاه من كتابٍ من نحو 600 صفحة من النّص والصور. الكتاب وحده يعدُّ مرجعاً شاملاً، وحسب الزميل جيمي الزاخم في صحيفة «نداء الوطن» الذي وضع عن الكتاب مقالاً جيداً، تسكن التفاصيل «روحية المدينة» وتلمّ بتاريخها ومجتمعها بدقة.

ما شُوهد على الشاشة هو، وهذا الناقد لم يقرأ الكتاب بعد، يبدو ترجمة أمينة لكلّ تلك التفاصيل والذكريات. يلمّ بها تباعاً كما لو كان، بدُورها، صفحات تتوالى. فيلمٌ أرشيفي دؤوب على الإحاطة بكل ما هو طرابلسي وسينمائي في فترات ترحل من زمن لآخر مع متاعها من المشكلات السياسية والأمنية وتمرّ عبر كلّ هذه الحِقب الصّعبة من تاريخ المدينة ولبنان ككل.

يستخدم زكّاك شريط الصوت من دون وجوه المتكلّمين ويستخدمه بوصفه مؤثرات (أصوات الخيول، صوت النارجيلة... إلخ). وبينما تتدافع النوستالجيا من الباب العريض الذي يفتحه هذا الفيلم، يُصاحب الشغف الشعور بالحزن المتأتي من غياب عالمٍ كان جميلاً. حين تتراءى للمشاهد كراسي السينما (بعضها ممزق وأخرى يعلوها الغبار) يتبلور شعورٌ خفي بأن هذا الماضي ما زال يتنفّس. السينما أوجدته والفيلم الحالي يُعيده للحياة.

* عروض مهرجان الجونة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز