3 ابتكارات علمية لتأمين المياه ضد الكوليرا

دعوات لاستخدامها بالمناطق المنكوبة في سوريا وتركيا

جهاز (فيركاب فاميلي) جرت تجربته في النيجر
جهاز (فيركاب فاميلي) جرت تجربته في النيجر
TT

3 ابتكارات علمية لتأمين المياه ضد الكوليرا

جهاز (فيركاب فاميلي) جرت تجربته في النيجر
جهاز (فيركاب فاميلي) جرت تجربته في النيجر

قبل الزلزال المدمِّر الذي ضرب تركيا وسوريا مؤخراً، كانت سوريا تعاني من تفشٍّ لم ينته لمرض الكوليرا، إذ تتداخل بعض المناطق الأكثر تضرراً من تفشي الوباء مع تلك التي تضررت بشدة من الزلزال، وهي المناطق المحيطة بمدينتي حلب وإدلب، والقريبة من الحدود مع تركيا، والمعرَّضة هي الأخرى لعبور المرض إليها.
وبينما يعاني العالم من نقص كبير في لقاحات الكوليرا، وهي إحدى أدوات الوقاية في المناطق الموبوءة، يصبح التأكد من نظافة المياه هو السبيل الوحيدة نحو الوقاية من هذا المرض البكتيري الذي ينتقل عن طريق المياه الملوثة، ولحلّ تلك المشكلة تطرح بعض المؤسسات حلولاً مبتكرة للتغلب على تلك المشكلة.
أحد الحلول أنتجتها مؤسسة «فيركاب»؛ وهي مؤسسة بريطانية، ويتمثل في جهاز صغير سهل الاستخدام وعالي التدفق ومنخفض التكلفة لتنقية المياه يسمى «فيركاب فاميلي»، ويمكن تثبيته أو تكييفه مع حاويات المياه الموجودة مثل البراميل المتوفرة محلياً أو الجراكن أو خزانات المياه.
ووفق الموقع الإلكتروني للمؤسسة، فإن «فيركاب فاميلي» هو نظام مرشح غشائي يعمل بالجاذبية ويتكون من قطعتين؛ إحداهما لإزالة الفيروسات ومسبِّبات الأمراض الكبرى، والأخرى تقوم بتصفية البكتيريا والميكروبات الكبيرة، بالإضافة إلى تقليل التعكر. والعمر المتوقع لهذا الجهاز من 1 إلى 3 سنوات، حسب مصدر المياه.
وكانت المؤسسة قد استخدمت «فيركاب فاميلي»، بالتعاون مع منظمة «أطباء بلا حدود»، لمواجهة مرض الكوليرا في النيجر، وأثبت كفاءة عالية، وفق ما جاء في الموقع الإلكتروني للمؤسسة.
ومن الحلول العائلية إلى الحلول الفردية، حيث أنتجت المؤسسة نفسها «فيركاب ميني»؛ وهي وحدة معالجة محمولة عبارة عن زجاجة بلاستيكية قياسية وتساعد في توفير مياه آمنة، حيث تُزيل ما يصل إلى 99.99 % من مسببات الأمراض الميكروبيولوجية مثل البكتيريا والرواسب، مما يحوِّل المياه العكرة إلى مياه شفافة وخالية من مسببات الأمراض التي يمكن أن تسبِّب أمراض الجهاز الهضمي.
واستخدمت «اليونيسف» هذه الأداة لتوفير المياه الصالحة للشرب لـ6 آلاف لاجئ من أميركا الوسطى وهايتي، كما تستخدمها منظمة «أوكسفام»، ومنظمة «العمل ضد الجوع» في مخيمات اللاجئين.
وتدخّل الذكاء الاصطناعي في ابتكار حل ثالث لمشكلة تلوث المياه من خلال الأداة التي وفّرها باحثون من «معهد داهديله لأبحاث الصحة العالمية»، التابع لجامعة يورك البريطانية، وكلية لاسوند للهندسة، وهي منصة إلكترونية لتحسين المياه «SWOT» من شأنها أن تساعد العاملين في مجال الإغاثة على الكشف عن بيانات جودة المياه التي يجري جمعها بانتظام في البيئات الإنسانية.
وأنشئت هذه المنصة الإلكترونية مفتوحة المصدر ومجانية الاستخدام، بالشراكة مع «أطباء بلا حدود»، وقد ثبت أنها «تزيد بشكل كبير من سلامة المياه للأشخاص الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين»، وعالجت أخطاء كبيرة حول مستويات الكلور المناسبة لتطهير المياه، التي استمر استخدامها لعقود.
ووُلدت هذه الأداة من تجربة الباحث الرئيسي سيد عمران علي، في إنتاجها، خلال عمله مع منظمة «أطباء بلا حدود»، اختصاصياً في المياه والصرف الصحي في مخيمات اللاجئين بجنوب السودان.
ويقول علي، وهو يعمل الآن زميل باحث في «معهد داهديله»، وأستاذاً مساعداً في كلية لاسوند للهندسة: «كنا نلاحظ أنه على الرغم من اتباع الإرشادات المتوافقة مع معايير الصناعة بشأن معالجة المياه بالكلور، فإن المياه كانت لا تزال غير آمنة في منازل الناس أثناء تفشي مرض التهاب الكبد (E)؛ وهو مرض خطير ينتقل عن طريق المياه، ويمكن أن يؤدي إلى معدل وفيات يصل إلى 25 % بين الحوامل».
وبناءً على العمل الذي بدأ في جنوب السودان، درس علي وفريقه البحثي مستويات الكلور عند توزيع المياه وفي المنازل بمخيمات اللاجئين حول العالم، وأدركوا أنه يمكنهم استخدام هذه البيانات، التي يجري جمعها بشكل روتيني لأغراض المراقبة؛ لنمذجة تحلل الكلور بعد التوزيع، وتوليد أهداف خاصة بالموقع ومستندة إلى أدلة لمعالجة المياه بالكلور، وأجروا دراسة على هذه الأداة لإثبات المفهوم في مخيم كبير للاجئين في بنغلاديش.
ويقول محمد مهدي، مدرس الصحة العامة بجامعة الزقازيق (شمال شرقي القاهرة)، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يميز تلك الأدوات أنها خرجت من النطاق البحثي إلى التجريبي»، مؤكداً أهمية توافرها لدى جهات الإغاثة الدولية، في ظل وجود دراسات تؤكد أنه في حال تفشي المرض، فإن الجهود التي تبذلها منظمات الإغاثة لتطهير المياه لا تكون كافية لتجنب المرض.
ويضيف: «إذا كان هناك نقص في اللقاحات، فيجب العمل على منع المشكلة في الأساس من خلال توفير المياه النظيفة».
ويبلغ مخزون الطوارئ من لقاح الكوليرا لدى منظمة الصحة العالمية، نحو 5 ملايين جرعة، ويجري إنتاج نحو 2.5 مليون جرعة شهرياً، ولكن هذه الكمية غير كافية في ظل تفشي المرض في أكثر من دولة، كما قال حسن قمرول، رئيس وحدة اللقاحات بمكتب إقليم شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، في تصريحات سابقة، لـ«الشرق الأوسط».
وأضاف: «لأن مصنِّعي اللقاحات ينتجون بأقصى طاقتهم الحالية، فلا يوجد حل قصير الأجل لزيادة الإنتاج».


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
TT

الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)

توصلت دراسة من جامعة إمبريال كوليدج لندن في بريطانيا إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز فرص الحمل لدى السيدات الخاضعات للتلقيح الصناعي.

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تسلط الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين نتائج العلاج وتقديم رعاية أكثر دقة للمريضات، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية (Nature Communications).

ويذكر أن التلقيح الصناعي إجراء طبي يساعد الأزواج الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب على تحقيق الحمل. وفي هذا الإجراء، يتم استخراج البويضات من المبايض لدى السيدات بعد تحفيزها بواسطة أدوية هرمونية، ثم يتم تخصيبها بالحيوانات المنوية للرجال في المختبر. وبعد التخصيب، يتم مراقبة نمو الأجنة في المختبر، ثم يتم اختيار أفضل الأجنة لنقلها إلى رحم المرأة في أمل حدوث الحمل.

وتمر العملية بخطوات أولها تحفيز المبايض باستخدام أدوية هرمونية لزيادة إنتاج البويضات، ثم مراقبة نمو الحويصلات التي تحتوي على البويضات عبر جهاز الموجات فوق الصوتية. وعند نضوج البويضات، تُجمع بواسطة إبرة دقيقة وتُخصّب في المختبر. وبعد بضعة أيام، تنُقل الأجنة المتطورة إلى الرحم لتحقيق الحمل.

ويُعد توقيت إعطاء حقنة الهرمون أمراً حاسماً في نجاح العملية، حيث يستخدم الأطباء فحوصات الموجات فوق الصوتية لقياس حجم الحويصلات، لكن تحديد التوقيت المناسب يعد تحدياً.

وفي هذه الدراسة، استخدم الباحثون تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات أكثر من 19 ألف سيدة خضعن للعلاج. ووجدوا أن إعطاء حقنة الهرمون عندما يتراوح حجم الحويصلات بين 13 و18 ملم كان مرتبطاً بزيادة عدد البويضات الناضجة المسترجعة، مما أدى إلى تحسن ملحوظ في معدلات الحمل.

وبينما يعتمد الأطباء حالياً على قياس الحويصلات الأكبر فقط (أكثر من 17-18 ملم) لتحديد توقيت الحقن، أظهرت الدراسة أن الحويصلات المتوسطة الحجم قد تكون أكثر ارتباطاً بتحقيق نتائج إيجابية في العلاج.

كما أظهرت النتائج أن تحفيز المبايض لفترات طويلة قد يؤدي لارتفاع مستويات هرمون البروجستيرون، مما يؤثر سلباً على نمو بطانة الرحم ويقلل من فرص نجاح الحمل.

وأشار الفريق إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتيح للأطباء اتخاذ قرارات أكثر دقة في توقيت هذا الإجراء، مع الأخذ في الاعتبار أحجام الحويصلات المختلفة، وهو ما يتجاوز الطرق التقليدية التي تعتمد فقط على قياس الحويصلات الكبرى.

وأعرب الباحثون عن أهمية هذه النتائج في تحسين فعالية التلقيح الصناعي وزيادة نسب النجاح، مشيرين إلى أن هذه التقنية تقدم أداة قوية لدعم الأطباء في تخصيص العلاج وفقاً لاحتياجات كل مريضة بشكل فردي.

كما يخطط الفريق لتطوير أداة ذكاء اصطناعي يمكنها التفاعل مع الأطباء لتقديم توصيات دقيقة خلال مراحل العلاج؛ ما سيمكنهم من تحسين فرص نجاح العلاج وتحقيق نتائج أفضل.