جنود الاحتياط الروس الرافضون للقتال... بين الاختباء والفرار

جنود روس ينزلون من حافلة بعد تبادل أسرى حرب مع أوكرانيا في ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
جنود روس ينزلون من حافلة بعد تبادل أسرى حرب مع أوكرانيا في ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

جنود الاحتياط الروس الرافضون للقتال... بين الاختباء والفرار

جنود روس ينزلون من حافلة بعد تبادل أسرى حرب مع أوكرانيا في ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
جنود روس ينزلون من حافلة بعد تبادل أسرى حرب مع أوكرانيا في ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)

بعد إعلان فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) الماضي تعبئة عسكرية، تلقى مئات الآلاف من جنود الاحتياط، وهم مدنيون، استدعاءاتهم، لكنّ كثراً تجاهلوا النداء؛ بعضهم بقي مختبئاً في روسيا والبعض الآخر فرّ منها.
في دفتره للخدمة العسكرية؛ يظهر «ديميتري»، وهو اسم مستعار، وضعه بصفته جندي احتياط في الجيش الروسي، مما منحه الأولوية في حملة التجنيد للانضمام إلى القوات الروسية والمشاركة بالقتال في أوكرانيا.
لكن ديميتري يقول إنه تجاهل هذا الاستدعاء، وأوضح: «أعتقد أن المشاركة في هذا العمل الشائن تعني أن تلحق بنا وصمة مدى الحياة».
وبالتالي، يعيش الشاب؛ العالق في بلده، منذ 4 أشهر في خطر التعرض للتوقيف. وفي بادرة استثنائية، وافق على سرد قصته لوكالة الصحافة الفرنسية شرط عدم الكشف عن اسمه ومن دون ذكر موقعه في روسيا.
وعندما تسلم مئات الآلاف من جنود الاحتياط المدنيين أوامر استدعائهم عند إعلان التعبئة العسكرية، فضل عدد غير معروف منهم عدم الاستجابة للاستدعاء على غرار ديميتري، واختار بعضهم الهرب إلى خارج روسيا كي لا يجازفوا بإرسالهم إلى الجبهة؛ إذ إنه من غير المضمون حصولهم على إعفاء لأسباب طبية أو مهنية.
وينبغي على الأشخاص الذين لا يستطيعون المغادرة أو لا يرغبون فيها، ابتكار حيل أخرى لتجنب التجنيد القسري أو السجن.
وهذه حال ديميتري الذي يعدّ الهجوم الروسي على أوكرانيا «عملاً همجياً وجريمة مطلقة».
ويقول إن أمر الالتحاق بصفوف الجيش الروسي صدر نهاية سبتمبر الماضي، لكنه أُرسل إلى عنوان منزل سابق في منطقة روسية لم يعد يعيش فيها.
ويضيف: «حارس المبنى هو من تلقى أمر استدعائي وحاول تسليمي إياه، لكنه لم يتمكن من ذلك؛ لأنني لم أعد أقيم هناك منذ أكثر من 3 أشهر».
ويتابع: «كان يجب أن يشطبوني من السجل العسكري (لهذه المنطقة)، وهو ما لم يفعلوه، لذلك حاولوا بطريقة غير قانونية إعطائي أمر الاستدعاء، وتجاهلته بكل بساطة».
وأدى ديميتري، وهو في العشرينات من العمر، جزءاً من خدمته العسكرية مع المظليين، وهي وحدة من وحدات النخبة، وهو ما يفسر استدعاءه المبكر.
يعيش ديميتري في حالة ترقب، ولا يتنقل إلا داخل منطقته، ويعمل من بُعد لصالح شركة معلوماتية مقرها في الخارج.
ويقول إنه يتبع «نظافة رقمية» صارمة، عبر استخدام أدوات معلوماتية لتجنب تعقبه سواء عبر هاتفه وجهاز الكومبيوتر الخاص به.
كذلك؛ يتجنب كاميرات المراقبة في مدينته المجهزة بنظام التعرف على الوجوه؛ لأنه «كانت هناك حالات أوقف فيها أشخاص بفضل هذه الكاميرات».
ووفقاً لديميتري، هناك تكتيكات أخرى لتجنب الالتحاق بصفوف القوات الروسية؛ منها «عدم الإبلاغ عن تغيير عنوان السكن» و«الإقامة في منطقة نائية» و«التواري في مدينة كبيرة» من خلال تجنب الأماكن التي يمكن الشرطة إجراء عمليات تفتيش فيها. لكن رغم ذلك؛ فإن القلق يبقى موجوداً.
لم يغادر ديميتري روسيا عندما كان باستطاعته ذلك؛ لأنه أراد البقاء مع أحبائه، خصوصاً شريكته التي لديه منها طفل. والآن، أصبحت محاولة المغادرة خطرة جداً؛ إذ تملك أجهزة الأمن الروسية قوائم بأسماء الأشخاص الذين لم يستجيبوا للاستدعاء، حتى يتم توقيفهم على الحدود.
يشعر هذا الشاب بالقلق جراء الشائعات المنتشرة حول احتمال إعلان تعبئة جديدة قريباً، وما يزيد مخاوفه أن مراكز الشرطة العسكرية المكلّفة التعبئة «أصبحت أكثر فاعلية» في القبض على المتمنّعين.
كما يخشى ديميتري أن يجري التبليغ عنه. فإذا قبض عليه؛ فقد يحكم على ديميتري بالسجن بتهمة «العصيان». ويقول: «إذا لم أستطع مقاومة الدولة، فأفضل الذهاب إلى السجن. وإذا انتهى القتال وانتصرت أوكرانيا، فسأبقى هنا في روسيا وسأبذل قصارى جهدي لضمان عدم حدوث ذلك مجدداً».
لدى ديميتري أقارب في أوكرانيا لم تسنح له الفرصة للقائهم. ويوضح: «قد يكون الأمر سخيفاً، لكن كنت دائماً أحلم بالذهاب إلى كييف؛ إلى أوديسا، لملاقاة هؤلاء الأقارب».
لكنه حلم دمّره «رجل واحد»... فلاديمير بوتين.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.