كلاب الإنقاذ... أنوف حساسة تنتزع الحياة من تحت الأنقاض

تحتاج وقتاً وجهداً شاقاً في التدريب وتعمل في أقسى الظروف

صورة موزعة من وزارة الدفاع التركية لوزير الدفاع خلوصي أكار مع كلبة الإنقاذ «سيلا»
صورة موزعة من وزارة الدفاع التركية لوزير الدفاع خلوصي أكار مع كلبة الإنقاذ «سيلا»
TT

كلاب الإنقاذ... أنوف حساسة تنتزع الحياة من تحت الأنقاض

صورة موزعة من وزارة الدفاع التركية لوزير الدفاع خلوصي أكار مع كلبة الإنقاذ «سيلا»
صورة موزعة من وزارة الدفاع التركية لوزير الدفاع خلوصي أكار مع كلبة الإنقاذ «سيلا»

يقول خبراء الزلازل، إن الكلاب المدربة هي أفضل وسيلة وأكثر فاعلية في أنشطة البحث والإنقاذ في مواقع الكوارث... وهو ما برهنت عليه بالفعل كارثة زلزالي كهرمان ماراش اللذين ضربا 10 ولايات في جنوب وشرق وجنوب شرقي تركيا.
جذبت مجموعة من الكلاب المدربة «ذات الأنوف الحساسة» الأنظار وهي تقود فرق الإنقاذ التركية والأجنبية إلى المواقع التي يوجد فيها أحياء تحت ركام الزلزال. وتعمل الكلاب ذات الأنوف الحساسة، ضمن وحدة معروفة بـ«كي 9»، وتظهر رفقة فرق الإنقاذ وقوات الجيش والدرك والشرطة، وتتطلب وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً في تدريبها حتى تصل إلى مستوى العمل في مواقع الإنقاذ.
تمتلك تركيا 27 من هذه الكلاب ذات القدرات الخاصة، وأفضل أنواعها «كلاب الراعي» البلجيكية، والكلاب الألمانية. وفي 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قبل أشهر من زلزال كهرمان ماراش، عقدت وزارة الداخلية التركية امتحاناً تحت إشراف لجان متخصصة في «المركز الإقليمي لإدارة الكوارث والطوارئ» التركية (أفاد) في ولاية سكاريا، غرب البلاد، لاختيار مجموعة من الكلاب ذات الأنوف الحساسة المؤهلة للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ مع مدربيها، للعمل في مناطق الكوارث المحتملة. و«كتبت» مجموعة من الكلاب المدربة من تركيا ومن خارجها قصص نجاح ستظل عالقة بالأذهان، كلما تذكر الناس في أنحاء العالم كارثة زلزال كهرمان ماراش في تركيا.
«نكتار» و«بينيا» اثنان من الكلاب المدربة، حصلت عليهما إدارة قوات الدرك في أنقرة، وخاضا من قبل تجارب في انتشال جثث من تحت الماء، ونجحا في الإرشاد إلى وجود 140 شخصاً تحت حطام المباني المنهارة في أنطاكيا في ولاية هاتاي، وقامت فرق الإنقاذ بإخراجهم سالمين.
«نكتار» و«بينيا» هما الوحيدان في العالم، اللذان سُجل باسمهما العثور على جثث تحت الماء، ورغم إصابتهما بجروح في الأقدام خلال عمليات البحث والإنقاذ، فإنهما واصلا العمل بعد أن قام الأطباء بخياطة الجروح ولفها بضمادات.
الكلبة «سيلا» هي كلبة مدربة تابعة لكتيبة الإنقاذ من الكوارث الطبيعية في الجيش التركي، نجحت، بحسب بيان لوزارة الدفاع، في العثور على 12 شخصاً أحياء تحت الأنقاض خلال عمليات البحث والإنقاذ في ولاية مالاطيا شرق تركيا، وساهمت في إخراجهم.
وأيضا أصيبت «سيلا» بجروح في أقدامها بسبب قطع الزجاج والمعادن المتناثرة، وخضعت للعلاج من قبل الأطباء البيطريين المتطوعين، وتواصل المشاركة في أعمال البحث والإنقاذ رغم إصابتها.
«أسكو» و«بيا» هما أيضاً من مجموعة «كي 9» المدربة، قدما من ألمانيا بصحبة فريق إنقاذ، وساهما رغم جراحهما العميقة التي أصيبا بها في إنقاذ حياة 10 أشخاص علقوا تحت الأنقاض في كهرمان ماراش في الأيام الخمسة الأولى لوقوع الزلزال. كما نجحت الكلاب المرافقة للبعثة الإماراتية في إنقاذ شخصين من العالقين تحت الأنقاض، بالتعاون مع فريق الإنقاذ الفرنسي بعد مرور 9 أيام من الزلزال.
كلاب البحث والإنقاذ ليست كغيرها، كما يقول جوكتان إيكار رئيس «جمعية تدريب الكلاب» في تركيا لـ«الشرق الأوسط»... فمنذ عملية «اختيارها إلى مشاركتها في عمليات البحث والإنقاذ، رحلة طويلة مليئة بالجهد والتعب في التدريبات».
وأضاف إيكار أن عملية الاختيار «تبدأ قبل مولد هذه الكلاب عن طريق اختيار الأب والأم ورعاية الكلاب الوليدة، ثم متابعة سماتها الشخصية، وأهمها أن يكون الكلب اجتماعياً ويمتلك روح الإصرار والمثابرة». وتابع، أنه «يوجد 27 كلباً فقط من هذا النوع في تركيا، وهو عدد غير كاف، ونقوم باختبارات كل عام لاختبار مدى الصلاحية للاستمرار، ويعمل الكلب في الخدمة لمدة 8 سنوات فقط».
وأشار إلى أن الكلب «الذي يتمتع بأنف حساسة لديه القدرة على القيام بعملية الشم لفترة تتراوح بين 15 و20 دقيقة، ثم يُعطى راحة لمدة ساعتين بعد كل عملية يشارك فيها، ويجب أن يتحلى الكلب بالإصرار». وأوضح أن «التدريب يقوم على تحفيز الكلاب عن طريق الألعاب، حيث ندربها على العثور على الهدف داخل صندوق، وتكون مكافأتها هي الحصول على لعبة في النهاية. وفي حالات البحث تحت الأنقاض أحياناً، نعطي نحن الهدية أو نجعل الشخص الناجي يمنحها للكلب».



اكتشاف رأس تمثال لأحد كبار الشخصيات بالعصر البطلمي في الإسكندرية

الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)
الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)
TT

اكتشاف رأس تمثال لأحد كبار الشخصيات بالعصر البطلمي في الإسكندرية

الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)
الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر اكتشاف رأس تمثال رخامي لرجل طاعن في السنّ يعود إلى العصر البطلمي بمدينة الإسكندرية (شمال البلاد)، السبت. واكتشفت الرأس البعثة الأثرية الفرنسية من جامعة ليون والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة؛ وذلك ضمن أطلال أحد المنازل العائد تاريخه إلى القرن الـ7 الميلادي، خلال أعمال حفائر البعثة بمنطقة «تابوزيرس ماجنا» على بُعد 45 كيلومتراً غرب الإسكندرية، وفق تصريح وزير السياحة والآثار شريف فتحي.

ويصل ارتفاع الرأس المكتشف إلى 38 سنتيمتراً، وهو أكبر من الحجم الطبيعي لرأس الإنسان؛ ما يشير إلى أنه كان جزءاً من تمثال ضخم قائم في مبني ضخم ذي أهمية سياسية عامة وليس منزلاً خاصاً، كما ورد في بيان للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد.

ووصف رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، الرأس المكتشف بأنه «منحوت بدقة فنّية عالية بملامح واقعية، وينتمي إلى فنّ التصوير الواقعي الذي ازدهر وانتشر في نهاية الحقبة الهلنستية».

وتشير ملامح الرأس إلى أنه لرجل مسنّ، حليق الرأس، وجهه مليء بالتجاعيد وتظهر عليه الصرامة وعلامات المرض، وفق دراسات مبدئية، أوضحت كذلك أن صاحبه كان من كبار الشخصيات العامة وليس ملكاً، الأمر الذي يشير إلى أهمية موقع «تابوزيريس ماجنا» منذ عصر بطليموس الرابع، فصاعداً.

ويُجري فريق عمل البعثة الأثرية مزيداً من الدراسات على الرأس للتعرُّف على صاحبه، فضلاً عن البدء بأعمال الصيانة والترميم اللازمة له، إذ ذكر رئيسها جواكيم لوبومين أنّ تاريخه يعود إلى 700 عام قبل بناء المنزل الذي وُجد فيه.

وموقع «تابوزيريس ماجنا» من أهم المواقع الأثرية بالساحل الشمالي لمصر، وكانت له قدسية كبيرة في العصرين اليوناني الروماني والبيزنطي. ويحتوي على معبد ضخم خُصِّص لعبادة الإله «أوزير» الذي اشتقَّ منه اسم المدينة.

أطلال المنزل الذي وجدت فيه البعثة الآثارية الرأس (وزارة السياحة والآثار)

وعدّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، اكتشاف رأس تمثال في الإسكندرية «دليلاً جديداً على ثراء العصر البطلمي الفنّي والتاريخي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدراسة العلمية الدقيقة ستكشف مزيداً عن تفاصيل هذا التمثال ودوره في تشكيل الهوية الثقافية لمصر البطلمية».

ويحتوي الموقع الأثري «تابوزيريس ماجنا» على عدد من الآثار الثابتة، من بينها معبد أبو صير، ومقابر البلانتين، والجبانة الضخمة الواقعة غرب المعبد وشرقه؛ وكذلك فنار أبو صير الشاهد على هيئة فنار الإسكندرية القديم.

ووصف عبد البصير الرأس المكتشف بأنه «إضافة مهمة لدراسة العصر البطلمي وفنونه. فمن خلال التحليل العلمي المتقدّم، يمكن استكشاف مزيد عن طبيعة ذلك الرأس، سواء كان يمثّل شخصية من البيت المالك أو النخبة الحاكمة. كما يمكن أيضاً مقارنته مع تماثيل أخرى محفوظة في المتاحف العالمية، مثل المتحف اليوناني الروماني في الإسكندرية أو المتحف البريطاني».

ويمثّل فنّ النحت البطلمي أحد أبرز إنجازات تلك الحقبة، إذ استطاع الجمع بين الواقعية اليونانية والرمزية المصرية لخلق أسلوب فنّي مبتكر وجديد. وأوضح عالم الآثار المصري أنّ «رأس التمثال المكتشف حديثاً يسهم في إثراء فهم ذلك الفنّ وتقديم صورة أوضح عن دوره في توثيق التفاعل الثقافي بين مصر واليونان».

وكانت إحدى البعثات الآثارية العاملة في موقع «تابوزيريس ماجنا» قد أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن اكتشاف مجموعة من اللقى الأثرية والقطع الجنائزية والطقسية التي تبوح بمزيد عن أسرار هذه المنطقة خلال العصر البطلمي المتأخر؛ وكان من بين القطع المُكتشفة رأس تمثال من الرخام لسيدة ترتدي التاج الملكي، ظنَّ مسؤولون في البعثة أنه للملكة كليوباترا السابعة، وهو ما نفاه علماء آثار لعدم تطابق الملامح.