«ليب» يرسم مستقبل العالم بالروبوتات البشرية والخدمية

مؤسسات حكومية سعودية وشركات مشاركة عرضت سلسلة من منتجاتها التقنية الحديثة

عدد من مقدّمي الروبوتات أعربوا عن تلقيهم عروضاً من قبل شركات وجهات حكومية للاستفادة من خدمات هذه الروبوتات (واس)
عدد من مقدّمي الروبوتات أعربوا عن تلقيهم عروضاً من قبل شركات وجهات حكومية للاستفادة من خدمات هذه الروبوتات (واس)
TT

«ليب» يرسم مستقبل العالم بالروبوتات البشرية والخدمية

عدد من مقدّمي الروبوتات أعربوا عن تلقيهم عروضاً من قبل شركات وجهات حكومية للاستفادة من خدمات هذه الروبوتات (واس)
عدد من مقدّمي الروبوتات أعربوا عن تلقيهم عروضاً من قبل شركات وجهات حكومية للاستفادة من خدمات هذه الروبوتات (واس)

سجّل مؤتمر «ليب 23» الذي نظّمته وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية بالتعاون مع الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز وشركة تحالف، وأسدل الستار على أعماله الخميس، نمطاً مختلفاً في النسخة الأخيرة من فعالياته.
وجذبت «الروبوتات» المعروضة بشكل كبير في عدد من أروقة المعرض المصاحب، الزوار والمهتمين بآخر التطورات التقنية الحديثة، بتنوّع تقنياتها ومهامها، غير أنها كانت دائماً «روبوتات خدميّة أو بشريّة» وفقاً لوصف تقني، حيث تقدم خدمات تقنية جديدة ونوعية على عدة صُعد من أبرزها الخدمات الحكومية.
وأعلن عدد من مقدّمي الروبوتات عن تلقيهم عروضاً للاستفادة من خدمات هذه الروبوتات من قبل شركات وجهات حكومية، فيما أفاد آخرون بأنهم قد أبرموا بالفعل اتفاقيات لتقديم خدمات هذه المنتجات التقنية لعدد من الجهات.
وهنا سرد لعدد من أبرز هذه الروبوتات التي تم عرضها منذ انطلاقة المؤتمر حتى نهايته:
روبوت من البيئة المحلّية
روبوت «سارة» الذي يتحدث باللهجة السعودية المحلية، وجرى صُنعه بأيادٍ سعودية، بالتعاون بين «السعودية الرقمية، وشركة Qss»، ويحتوي على نموذج مدرّب مسبقاً للتعرّف على اللهجات السعودية المختلفة وتحليل الجمل وفهم محتواها، ومن ثم تقديم الجواب المناسب وإرساله على شكل نص، كما يمكنه التواصل مع جميع الزائرين والتفاعل معهم، وتأدية جميع الرقصات الشعبية، والرد على استفسارات الزوار، ويحتوي في الوقت ذاته على كاميرا تعمل بالذكاء الاصطناعي، وبإمكانه التعرف على مسافة الأشخاص الذين يقفون أمامه، ويبدأ جلسة الحوار بعد أن يرحب به الزائر بجملة «هلا سارة».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1623433130588753921?s=20&t=dKDcMmJpS5TD0DVSMFCK_Q
الإنسان الرقمي أمين
وعلى هامش «ليب 23» أطلقت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السعودية، موظّفها الرقمي «أمين» الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي على مدار 24 ساعة، ويضطلع بمهام خدمة العملاء، ويمكنه التعامل مع آلاف المراجعين في آنٍ واحد، كما يفهم عدد من اللغات المختلفة.
موظّف بمهام متعددة
الروبوت بيبر، وهو روبوت بشري يقدّم حلولا تقنية جديدة، وذلك لتأدية ما يطلب منه من مهام مثل أمين المكتبة أو موظف الاستقبال أو سكرتير الأعمال.
المستودع الذكي
مجموعة من الروبوتات المتخصصة في الخدمات اللوجستية، وتحديداً في إدارة المستودعات، وتشمل مهامها التي تتم بدون تدخل بشري، النقل، والتخزين، والفرز، وكل العمليات اللوجستية، بهامش خطأ «صفر» تقريباً، ومن المتوقّع أن تتوفّر هذه الروبوتات في عدد من المشاريع القائمة والقادمة في مدينة نيوم شمالي غرب السعودية.
الطب الرقمي
وفي القطاع الصحي، لاحظ عدد من الزوّار منتجات طبية جديدة على غرار «التوأم الرقمي» الذي يمنح الطبيب المعالج بيانات صحيّة ورقمية من تاريخ المريض، للمساعدة في التشخيص وتقديم العلاج المناسب.
كما كان لافتاً المنتج المسمّى «هاندي ريهاب» وهو قفاز ذكي يستخدم لعلاج حركة اليد التي تأثّرت أعصابها جرّاء الحوادث المروريّة، والعمل على إعادة تأهيلها وشدّ أعصابها.
وفي أحد الأجنحة تأتي تقنية «ايكسوموتس إم 4» لتعطي بارقة أمل لمن تعرّضوا لحوادث مروريّة قويّة أثّرت في مقدرتهم على الحركة، حيث إن وظيفتها الرئيسية هي إعادة تأهيل الأطراف السفلية تحديداً، وتتميز بأنها تدمج بين التقنية الحديثة والطب التقليدي، للمساهمة في تسريع عمليّة الاستشفاء وتقويم الأطراف المتضررة من الجسم.
طائرات دون طيار لفحص المنشآت الهامّة
وبرزت الطائرات دون طيّار في أدوار مختلفة هذه المرّة، حيث لم تكن مهّامها في تصوير الفعاليات أو الرصد للأغراض العسكرية أو بقيّة مهامها المعتادة، بل جاءت هذه المرة في جناح شركة «أرامكو» التي تستخدمها في العمليات التشغيليّة وأعمال الفحص والمعاينة، بغرض تحسين الأداء والسلامة وتقليل التكاليف، وضمان الدقّة والكفاءة في أعمال النفط والغاز.
رؤية الكربون
وبرز المنتج التقني البيئة «رؤية الكربون» الذي يقدّم قراءات دقيقة يمكنها أن تساعد المنشآت الصناعية والنفطية، في احتساب الانبعاثات الكربونية التي تنتج من أعمالها، ويعرض حلولا كثيرة لتعويض تلك الأضرار



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.