النور والذهب والترحال... مضامين فلسفية تحلّق بالفن الإسلامي

3 معارض تقام في جدة تختزل الموروث الديني برؤية معاصرة

أعمال المصورة ريم الفيصل في المعرض (تصوير: إيمان الخطاف)
أعمال المصورة ريم الفيصل في المعرض (تصوير: إيمان الخطاف)
TT

النور والذهب والترحال... مضامين فلسفية تحلّق بالفن الإسلامي

أعمال المصورة ريم الفيصل في المعرض (تصوير: إيمان الخطاف)
أعمال المصورة ريم الفيصل في المعرض (تصوير: إيمان الخطاف)

أناس عابرون؛ لديهم الكثير من القصص التي تحكيها أعمال المصورة السعودية ريم الفيصل في معرضها الفوتوغرافي «أحوال النور»، المقام حالياً في جدة، والمستمر إلى 23 أبريل (نيسان) المقبل، حيث يلج الزائر إلى المعرض ليرى نفسه بصدد إعادة عيش تجربة متكاملة لإنسانة قضت حياتها في البحث والرؤية والتأمل.
"بداية مع تسمية المعرض، تقول الفيصل لـ"الشرق الأوسط" أن "الإنسان معلّق بين الظل والنور، يتأرجح بينهما"، مشيرة إلى أن هذا التأرجح ينفي حالة الكمال التي لا تعتري سوى الخالق، وتصف الفنانة أعمالها بأنه "تعابير روحانية"، شكلتها عبر صور التقطتها من دول مختلفة من أنحاء العالم، من الصين وأمريكا وإيران والإمارات وغيرها.
 تضيف الفيصل "في رحلتي، كانت العين تلتقط والقلب يرى، في محاولة لوصل تلك المسافة القريبة البعيدة بين البصر والبصيرة". مبينة أنها اختارت تتبع خيط النور طوال رحلتها الفنية، وهو ما يتجسد في صورها التي تظهر مزيجًا ثقافيًا غنيًا من شتى أصقاع المعمورة، تركز معظمها على إظهار الإنسان في حالة خشوع أو تأمل أو أثناء أداء طقوسه الدينية. 
وفي جولة «الشرق الأوسط» بين صور المعرض، يبدو لافتاً التفاوت اللوني في أعمال ريم الفيصل ما بين الأسود والأبيض وتدرجاتهما، عبر صورها التي تخترق الجموع، مع كونها أشبه بتسجيل لوقائع الحياة، ومشاعر البشر في لحظات فارقة يمرون بها، بشكل سلس يحاكي نزعة البشر نحو التوحد مع الذات ومناجاة الخالق أو تأمل عظيم صُنعه على كوكب الأرض.
«كلام من ذهب»
ويجاور معرض ريم الفيصل الذي يقام في مركز «وصل» بجدة، معرضاً آخر هو «كلام من ذهب» للخطاط الأردني نصار منصور، الذي يجمع فيه نحو 40 عملاً فريداً من نوعه، يعرضها في جولة لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «الخط هو فن الكلمة المنظورة، لذلك هو أحد الفنون الإسلامية المهمة جداً والتي تعكس جمال وقداسة وروعة الكلمة الإلهية وجمال وإيقاع الكلمة العربية المقروءة والمسموعة».
ويتابع: «إن عشقي لفن الخط وشغفي به، فهماً ودراسة وممارسة، ينقلني دائماً من فكرة إلى فكرة، ومن تكوين إلى آخر، ومن أسلوب إلى أسلوب، ومن تطبيق على مادة إلى أخرى، ومن هذه النقلات أجد التنوع والبساطة، والاستلهام من أعمال خالدة مليئة بالروحانية، والجمال والإبداع، والموسيقى الإلهية».
يستكمل قائلاً: «ترتبط أعمالي بشكل كبير بتراثنا العريق، فيلهمني النص كما يلهمني الشكل والتكوين. ولا أنفك أمعن النظر والتفكير في كل ما تلتقطه عيناي من أعمال أنجزها أساتذة على مر العصور، من أمثال: ابن البواب، والسرهودي، والأمير التيموري الشاب بايسنقر، وغيرهم. لا أحصر نفسي في مدرسة بعينها، أو أستاذ بذاته؛ لأنني أومن بأن فن الخط لا حد له».
وبسؤاله عن فكرة «كلام من ذهب»، يشير إلى المثل الدارج: «إذا كان الكلام من فضة؛ فالسكوت من ذهب»، مشيراً إلى أنه عكس المعنى كي يكون الكلام هو الذي من الذهب، مضيفاً: «من المعروف أن هناك الكثير من الكلام الذي يستحق أن يُكتب بالذهب، خاصة ذا المضمون المقدس والمعاني السامية الراقية؛ لذا اخترت أن يكون عنوان معرضي: (كلام من ذهب)، كما أن تنفيذ الأعمال كله بمادة الذهب، فكل ما هو باللون الذهبي جاء من الذهب الخالص».

أعمال معرض «ترحال - سفر» تستلهم من رحلة الحج

فن حداثي
يتابع نصار حديثه لـ«الشرق الأوسط»، مبيناً أن خطوط ونصوص الأعمال استوحى معظمها من القرآن الكريم، وبعضها أدعية دينية، وكذلك أقوال مأثورة ذات معانٍ سامية، قائلاً: «أحاول في فن الخط العربي ألا أبقي هذا الفن حبيساً للحبر والورق أو خط الذهب على الورق؛ لذا انتقلت لتنفيذه بمجسمات مختلفة المواد، ما بين الفضة والجرانيت والفيبرغلاس والحجر والرخام وغيرها».

عمل لنصار منصور من الذهب الخالص

«ترحال - سفر»
واستكمالاً لهذه الجولة الفنية الثرية، يأتي المعرض الثالث المصاحب للمعرضين السابقين، وهو «ترحال – سفر»، الذي تتناول فكرته السفر والتنقل باعتباره تجربة يتقاسمها كل كائن حي، عبر عدد من المنسوجات الغنية بالألوان الزاهية والخطوط والنقوش ذات البعد التاريخي والتي تحاكي حقباً زمنية تقارب بدايات ظهور الإسلام.
فمن خلال الغرز والخيوط والنسيج، وبالاعتماد على تقنية تُستخدم تقليدياً لإنتاج الخيام والمنسوجات الأخرى التي رافقت عابري الطريق في رحلاتهم عبر التاريخ؛ فإن هذا المعرض يشجع على التفكير في فكرة الرحلة كحالة متغيرة للعقلية، وينظر للرحلات بصفتها الطريق التي ترسل بها الحياة تحدياتها، ومن خلالها تنشأ الفرص للنمو.



الحرائق تلتهم لوس أنجليس وسط نقص في المياه

مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
TT

الحرائق تلتهم لوس أنجليس وسط نقص في المياه

مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)

واصلت الحرائق الهائلة في لوس أنجليس تمدّدها الخميس حيث أتت على منازل ومركبات وتسبّبت بإجلاء عشرات آلاف الأشخاص وبسقوط سبعة قتلى على الأقلّ.

وبقي الحريقان الرئيسيان المستعران في المدينة خارجين عن السيطرة الخميس. وفرّ أكثر من 130 ألف شخص من منازلهم بسبب الحرائق التي تزيد من شدّتها رياح عاتية في ثاني كبرى المدن الأميركية. وبعد ظهر الخميس لم تكن قد تمت بعد السيطرة على الحريق في حي باسيفيك باليساديس الراقي، حيث منازل أصحاب الملايين والمشاهير، الواقع بين ماليبو وسانتا مونيكا، وذلك رغم إرسال تعزيزات شملت مروحيات عملت على رش المياه.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يمضي آخر أيامه في منصبه، خلال اجتماع عُقد بعد ظهر الخميس في البيت الأبيض مع المسؤولين المعنيين بإدارة هذه الحرائق العنيفة، «هذه هي أكبر حرائق الغابات وأكثرها تدميرا في تاريخ كاليفورنيا». كما أصر بايدن على أن «التغير المناخي حقيقة واقعة».

وقالت السلطات المحلية الخميس إنه تم الإعلان عن تعزيزات عسكرية قوامها نحو 400 عنصر من الحرس الوطني لمكافحة الحرائق العنيفة التي تجتاح لوس أنجليس منذ ثلاثة أيام. وأوضحت السلطات «هناك نحو 400 عنصر من الحرس الوطني في جميع أنحاء الولاية (كاليفورنيا) مستعدون لدعمنا. ونتوقع أن يكونوا في الموقع في وقت مبكر من مساء اليوم (الخميس)».

وفي هوليوود، موطن صناعة السينما التي كانت مهددة لفترة من الوقت بسبب ألسنة اللهب، تمت السيطرة على الحريق في التلال، وفقا للسلطات المحلية، وتم رفع أمر الإخلاء صباح الخميس. وقال وليام غونزاليس الذي وضع كمامة سوداء أمام منزله الذي تحول رمادا في مدينة ألتادينا في شمال لوس أنجليس «فقدت كل شيء تقريبا. النيران أحرقت كل أحلامي ولم يبق سوى الرماد».

وقضى سبعة أشخاص على الأقلّ في هذه الحرائق الهائلة المستعرة في محيط لوس أنجليس والتي هدّدت حيّ هوليوود الشهير. وقالت رئيسة بلدية المدينة كارين باس خلال مؤتمر صحافي مساء الأربعاء إن لوس أنجليس تشهد «رياحا بقوة إعصار تترافق مع جفاف حاد جدا».

واندلع حريق أول صباح الثلاثاء على تلال حي باسيفيك باليسايدس الراقي الذي يضم منازل مشاهير وكثيرا من الدارات التي يقدر ثمنها بملايين الدولارات. وقد أتت الحرائق على 6500 هكتار وأكثر من ألف عمارة. وبدأت النيران تنتشر لاحقا في تلال هوليوود، على بعد مئات الأمتار من جادة هوليوود بولفارد ومسرح «تشاينيز ثياتر» الشهير.

مقارنة معبرة عن الحرائق التي تجتاح لوس أنجليس: (فوق) حي باسيفيك باليساديس الراقي بتاريخ 20 أكتوبر الماضي و(تحت) بعدما أتت النيران عليه (رويترز)

حرائق غير مسبوقة

وتكاثرت بؤر الحرائق وامتدت إلى الضواحي الشمالية للمدينة وراحت تنتشر أحيانا بسرعة فائقة. وتخشى السلطات ارتفاع حصيلة الضحايا. وقال أنتوني مارونه رئيس فرق الإطفاء في لوس أنجليس «ليس لدينا عدد كاف من عناصر الإطفاء في منطقة لوس أنجليس لمواجهة هذا الوضع». وأوضح الحاكم الديموقراطي لولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم مساء الأربعاء أن «أكثر من 7500 إطفائي» أتى بعضهم من ولايات أخرى، يكافحون هذه الحرائق «غير المسبوقة».

وأحد الضحايا السبع من سكان ألتادينا ويدعى فيكتور شو وقد حاول حتى النهاية حماية منزله من النيران. وقال صديقه آل تانر الذي عثر على جثته التي كانت لا تزال تمسك بقسطل الري لمحطة تلفزيونية «يبدو أنه حاول إنقاذ المنزل الذي يملكه والداه منذ أكثر من 55 عاما».

ودعت السلطات سكان كاليفورنيا إلى الاقتصاد في استهلاك المياه لأن ثلاثة خزانات تغذي محطات مكافحة الحرائق فرغت بسبب مكافحة النيران في باسيفيك باليسايدس.

ترامب يهاجم الديموقراطيين

ونشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب معلومات خاطئة عبر شبكته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال» بتأكيده أن كاليفورنيا تعاني نقصا في المياه بسبب السياسات الحكومية الديموقراطية التي تحول مياه الأمطار «لحماية نوع غير مفيد من الأسماك». وفي الواقع تستخدم غالبية المياه المستهلكة في لوس أنجليس والمتأتية من نهر كولورادو، في الزراعة كأولوية.

ويزور الرئيس جو بايدن كاليفورنيا راهنا. وبعدما خصص مساعدات فدرالية فورية، ألغى زيارة كانت مقررة لإيطاليا الخميس على ما أعلن البيت الأبيض. واستغلّ الرئيس المنتخب الحرائق لمهاجمة المعكسر الديموقراطي وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا الذي يعدّ من الشخصيات الواعدة في الحزب.

وكتب ترمب الخميس على «تروث سوشال» إنه ينبغي لحاكم كاليفورنيا «غافين نيوسوم أن يستقيل. فالذنب ذنبه». وهو كان قد ندّد في رسالة سابقة بـ«عدم الكفاءة وسوء الإدارة للثنائي بايدن/نيوسوم». وكان الملياردير الجمهوري الذي سينصّب رئيسا للولايات المتحدة للمرّة الثانية في 20 يناير (كانون الثاني) قد توعّد في السابق بأنه سيحرم الحاكم الديموقراطي لكاليفورنيا من المساعدات الفدرالية في حال اندلاع حرائق إذا ما عاد إلى البيت الأبيض.

أما حليف ترمب الكبير إيلون ماسك، فنشر رسائل على شبكة «إكس» تندّد بدور البشر في مفاقمة التغيّر المناخي وتربط بلا أيّ أدلّة بين نطاق الحرائق وسياسات التنوّع في توظيف عناصر الإطفاء في لوس أنجليس أو تستنكر الإعلان عن حزمة مساعدات أميركية جديدة بقيمة 500 مليون دولار لأوكرانيا.

السينما تأثرت

وتؤثر الحرائق في النشاط السينمائي في هوليوود. فقد توقف تصوير أفلام ومسلسلات عدة فيما أغلق متنزه «يونيفرسال ستوديوز» الترفيهي في هوليوود. وأرجئ إعلان الترشيحات لجوائز الأوسكار إلى 19 يناير (كانون الثاني) بدلا من 17 منه فضلا عن مراسم توزيع جوائز النقاد التي كان يفترض أن تقام الأحد. وبين من طلب منهم إخلاء المناطق المنكوبة العديد من نجوم هوليوود. وكشف مارك هاميل أحد أبطال سلسلة «ستار وورز» عبر إنستغرام أنه غادر الثلاثاء منزله في منطقة ماليبو الراقية.

والرياح التي تهب راهنا معروفة باسم «سانتا آنا» وهي مألوفة في فصلي الخريف والشتاء في كاليفورنيا. لكن خلال الأسبوع الحالي بلغت حدة غير مسبوقة منذ العام 2011، على ما أفاد خبراء الأرصاد الجوية. وتشكل هذه الرياح كابوسا للإطفائيين لأن كاليفورنيا عرفت سنتين ماطرتين جدا أدت إلى إنعاش الغطاء النباتي الذي يبس الآن بسبب الشتاء الجاف الذي تشهده المنطقة. ويشير العلماء بانتظام إلى أن التغير المناخي يزيد تواتر الظواهر الجوية القصوى.