سارة أبي كنعان لـ «الشرق الأوسط» : أحب الثنائيات التمثيلية البعيدة عن الرومانسية

استفزّتها طيبة شخصيتها في «الثمن»

الممثلة اللبنانية سارة أبي كنعان (خاص الممثلة)
الممثلة اللبنانية سارة أبي كنعان (خاص الممثلة)
TT

سارة أبي كنعان لـ «الشرق الأوسط» : أحب الثنائيات التمثيلية البعيدة عن الرومانسية

الممثلة اللبنانية سارة أبي كنعان (خاص الممثلة)
الممثلة اللبنانية سارة أبي كنعان (خاص الممثلة)

تشتهر الممثلة سارة أبي كنعان بأدائها التلقائي والطبيعي في الأعمال الدرامية التي تقدمها. فهي استطاعت رفع الكلفة بينها وبين متابعها بحيث يستمتع بعفويتها.
أثّرت سارة في ذاكرة الناس من خلال أدوار مختلفة قدمتها. ومؤخراً تألقت في عدد من الأعمال الدرامية كما في «بارانويا»، و«دانتيل»، و«داون تاون» وغيرها. وتعود اليوم في مسلسل «الثمن» لتحقق نجاحاً آخر يضاف إلى مسيرتها. ومع الممثلة رزان جمّال تؤلف ثنائية جديدة سبق وخاضتها مع نادين الراسي في «الشقيقتان»، ومع نادين نسيب نجيم في «لو»، ومع إيميه صياح في «ثورة الفلاحين». فهل هي تحبّذ هذا النوع من التعاون؟ تَردّ في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «صرت أحبها أكثر من ثنائيات الحب والغرام وفيها وجدت التجديد. هي أيضاً تدور في قالب الحب ولكن ضمن وجوه مغايرة تتعلق بالصداقة أو الأخوة. فالبطولات الجماعية بوجه عام تنعكس إيجاباً على المشاهد، فتتخللها علاقات اجتماعية جميلة نعيشها في حياتنا اليومية. والاتجاه نفسه يسود اليوم أعمالاً عالمية تركز عليها».
عادةً ما تتخلل علاقات النساء الزميلات الغيرة والمنافسة، وأحياناً تفرز مشكلات تتحدث عنها وسائل الإعلام، فهل واجهت سارة مواقف مشابهة في ثنائياتها التمثيلية؟ «هذا الموضوع لا يقتصر فقط على الثنائيات التمثيلية بين النساء، إذ يسود أيضاً، وعكس ما يعتقده كثيرون، ثنائيات بين زميل وزميلة. فعدم وجود تناغم بين شخصين أمر قد يحصل بين الجميع. ولكنني لم أواجه هذا الموضوع في أيٍّ من ثنائياتي».
يقلقها الأمر بدايةً كما تقول، خصوصاً إذا كانت تتعامل مع الآخر لأول مرة ضمن ثنائية معينة. ولكن وبفضل شخصيتها المسالمة تستطيع أن تتجاوز أي عقبة من هذا النوع: «أفصل تماماً بين انطباعاتي ومهنتي، وإذا ما واجهت هذا الأمر يوماً ما، عندي القدرة على تجاوزه، لأنني صاحبة شخصية مطواعة. فهناك دائماً طريق أستطيع أن أهرب منها إلى السلام».
وعن النقاط المشتركة بينها وبين جمّال تقول: «العلاقات الطويلة تحت سقف واحد تحثك على اكتشاف الآخر. هذا الأمر يولّد مشاعر الاهتمام به بشكل لا مباشر. ورزان صاحبة شخصية سلسة وتتمتع بالحرفية. أحببت التعاون معها».
النجاح الذي يحققه «الثمن» فاجأ سارة لأنها كغيرها من المشاركين فيه توقعوا له الانتشار، ولكن ليس بهذا القدر الكبير. «قصة المسلسل جميلة كما أن كل ممثل فيه وُضع في مكانه المناسب. وهما عاملان أساسيان لتحقيق الصدى الطيب». وهل ترددتِ في الموافقة على المشاركة فيه؟ تَردَ: «أيُّ عمل أقْدم عليه أدرسه بدقة، وفي (الثمن) حضرت جميع العناصر التي تشجعني على دخوله. فبدءاً من الشركة المنتجة (إم بي سي) مروراً بفريق العمل ونفس مخرج (عروس بيروت) فكرت القاضي، حفزني لخوض التجربة. فهذا الأخير شكل نموذجاً ناجحاً جداً في عالم الدراما المعرّبة. مما يعزز نجاح أي عمل آخر يدور في الفلك نفسه».
وتصف أبي كنعان هذه التجربة بالغنية والبعيدة عن الإيقاع التقليدي. «العمل بعيد عن أرضك وأهلك وأصدقائك يختلف تماماً عن آخر تقومين فيه محلياً. التجربة صعبة إلى حد ما، لا سيما أنها تطلبت الجهد والتعب بشكل يومي. ولكن الأجواء بحد ذاتها بيننا كفريق عمل أنستنا كل شيء، فاستمتعنا بهذه العلاقة التي نشأت بيننا كأننا عائلة واحدة عاشت بعضها مع بعض على مدى ثمانية أشهر. كما أن الشركة المنتجة أسهمت في ذلك من دون شك، لأنها حرصت على تأمين سبل الراحة لنا».
منذ عدة أعوام التقت سارة الممثل رفيق علي أحمد في حفل سحور وطلبت التقاط صورة تذكارية معه لأنها معجبة به ممثلاً، وشاءت الصدف أن تقف أمامه في «الثمن». فهل حالات الانبهار لا تزال تصيبها على الرغم من تجاربها الكثيرة مع ممثلين رائدين أمثاله؟ «كنت محظوظة في الوقوف أمامه والاستمتاع بأدائه فناناً وإنساناً. أحياناً نكوّن فكرة معينة عن شخص ما ولا نلبث أن نُحبط لأننا نكتشف العكس. ولكن مع رفيق علي أحمد كان الوضع برمته متكاملاً. فهو إضافةً إلى أنه ممثل من الطراز الرفيع فهو يتمتع بإنسانية عالية. وأتمنى أن أكرر التجربة معه مرة ثانية».
وعن الممثل المخضرم الذي تتمنى التعامل معه تردّ: «أحب كثيراً الممثل السوري بسام كوسا، وكنا بصدد المشاركة في عمل درامي معاً، إلا أن الظروف حالت دون ذلك».
سارة المتصالحة مع نفسها والمتعالية على تفاصيل قد تُدخلها في مواقف هي بغنى عنها، لا تتوانى كما ذكرت عن متابعة عملٍ ما كانت مرشحة لبطولته أو المشاركة فيه. «لا أتوقف عند هذه الأمور، وإذا ما وجدت وقتاً كافياً، أتابع العمل من دون شك. كما أني أفرح لنجاح أي زميل أو زميلة».
أما المسلسل العربي التي تفكر في متابعته قريباً فهو «دكة العبيد» الذي يحكي عن زمن الرّق وما تخلله من ظلم. «إنه من الأعمال التي تلاقي اليوم رواجاً كبيراً خصوصاً أن إنتاجه ضخم ويشارك فيه ممثلون عرب وأجانب». ومن الأعمال الأخرى التي أُعجبت بها «ستليتو»، وإذا ما قُدِّر لها اختيار ثنائية مع إحدى بطلاته فهي تتراوح بين ندى بوفرحات وديمة قندلفت.
وعمّا إذا هي راضية بوضعها اليوم كممثلة حرة غير ملتزمة بشركة إنتاج واحدة كما هي حال عدد لا يستهان به من زملائها توضح: «أعتقد أن الحرية تناسبني أكثر مع أن للالتزام حسناته، إذ يشعر الممثل بالأمان، وأن مكانه محفوظ دائماً. فأنا شخصياً أشعر بأن هذه الحرية تزوّدني بقدرة الإبداع بشكل أكبر».
وتختم سارة أبي كنعان حديثها عن دورها في «الثمن»: «أكثر ما استفزني في شخصية تيما هي هذه الطيبة الفائقة التي تتمتع بها، وخلال قراءتي للنص كنت أحدِّث نفسي وأقول لها كفى طيبة».



وقف النار لم ينهِ متاعب الصيادين في جنوب لبنان

صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)
صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)
TT

وقف النار لم ينهِ متاعب الصيادين في جنوب لبنان

صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)
صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)

أرخت الحرب الإسرائيليّة بظلالها على صيادي الأسماك الذين يعملون في جنوب لبنان، فباتوا من دون مصدر رزق، يعانون ظروفاً معيشية صعبة للغاية، وهم في الأصل متضررين من تبعات أسوأ أزمة اقتصاديّة واجتماعية عصفت بالبلاد منذ نحو 5 سنوات، ما زاد فقرهم ومعاناتهم أكثر.

ويشكو يوسف، الصياد البحري، سوء أحواله بعد أن قضى نحو 50 سنة في مهنة الصيد، ويقول: «لم يعد القطاع منتجاً كالسابق. الظروف جميعها اختلفت. وضع الصيادين مأساوي جداً ويشبه حال المدينة راهناً، بعد أن أنهكتها الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة. لم أبحر بمركبي الصغير منذ أكثر من شهرين، فالقصف كان فوق رؤوسنا».

400 صياد يعانون

يتحدَّث أمين سرّ نقابة صيادي الأسماك في مدينة صور، سامي رزق، عن معاناة الصيادين نتيجة الحرب الإسرائيلية؛ حيث توقف نشاطهم البحري طوال الشهرين الماضيين، «حتّى باتت أحوالهم صعبةً للغاية».

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تضررنا تدريجياً، حتّى بتنا نعيش واقعاً سيئاً للغاية؛ إذ تعطّلت سبل الصيد لدى أكثر من 400 صياد، في صور وحدها، وتوقف عمل الـ(جي بي إس) الذي يُمكِّننا من تحديد مكان الصيد، كما انخفضت أسعار السمك، وأقفلت المسامك أبوابها كلياً بعد مرور أيام قليلة على بدء الحرب».

أزمة قديمة جديدة

ويتحدَّث رزق عن أزمة الصيادين المستمرة منذ سنوات قائلاً: «معاناتنا سابقة للحرب الأخيرة، تعود تحديداً إلى العام الماضي، حين بدأت أحداث غزة ومعها الاشتباكات على الحدود الجنوبيّة بين (حزب الله) وإسرائيل، لتضع إسرائيل وقتها قيوداً على حرية حركة الصيادين، وتسمح لهم بالصيد ضمن مساحة ضيقة للغاية لا تتيح لهم الصيد بشكل مناسب في البحر».

الأوضاع العامة انعكست بدورها على أسعار السمك، وفق ما يقول رزق: «انتهت الحرب لكن لا شيء يبعث للحماسة لدى الصيادين، إذ إن سعر كيلوغرام السمك لا يزال دون المستوى المطلوب، فعلى سبيل المثال، انخفض سعر الكيلو من نوع اللقز إلى 700 ألف ليرة لبنانية (نحو 8 دولارات) بعدما كان يتخطى مليوني ليرة سابقاً (نحو 22 دولاراً)، وهو رقم متدنٍ جداً لا يكفي لتغطية تكلفة الصيد نفسه».

خوف من الإبحار

قبل 23 سبتمبر (أيلول)، أي قبل توسع الحرب الإسرائيلية على لبنان، كان بحر صور يعجّ بالصيادين الذين يبحرون يومياً، لكسب رزقهم وتأمين لقمة عيشهم من بيع السمك، ويعتمدون على الموسم السياحي، إذ لا مهنة أخرى لدى غالبيتهم.

اليوم ينشغل كثير من الصيادين في صور بإصلاح مراكبهم وتجهيزها من أجل العمل مجدداً عليها، لكن يجمع غالبيتهم على أن الإبحار راهناً فيه كثير من المخاطر ما دامت الخروقات الإسرائيلية مستمرة، والمسيَّرات تحلق في الأجواء فوق رؤوسهم، بحيث إن عدداً قليلاً منهم عاد للخروج إلى البحر.

وخلال الحرب، حاصرت الإنذارات الإسرائيلية الصيادين، محذِّرة إياهم من الاقتراب من المنطقة البحرية، فامتنعوا عن الإبحار؛ حفاظاً على أرواحهم.

قيود مستمرة رغم انتهاء الحرب

من على متن قاربه الذي كان يبحر به يومياً قبل الحرب، يُخبرنا محمود أحمد، البحار منذ أكثر من 35 سنة، كيف بقي صامداً في صور ولم يغادرها طوال فترة الحرب، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «بقيت هنا، أنا وعدد صغير من الصيادين، عاونا بعضنا وتخطينا هذه المرحلة».

ويضيف: «قدّموا لنا بعض المعونات الغذائية منها المعلبات، لكنها لم تكن كافية، وهو ما اضطرنا إلى أن نصطاد السمك خلسة وبحذر كي نقتات به. كانت مهمة صعبة للغاية ومخاطرها كبيرة».

لكن اليوم وبعد وقف إطلاق النار لا تزال مجموعة من المناطق ممنوعةً على الصيادين، إذ عادت وفرضت إسرائيل قيوداً على حركتهم في البحر، لا سيّما لجهة الناقورة، التي كان بحرها يشكِّل مقصداً لصيادي صور والجنوب، يبحرون بمراكبهم وزوارقهم إلى هناك. وهو ما يتحدَّث عنه محمد، قائلاً: «لقد تفاقمت معاناة الصيادين بفعل الحرب المدمّرة. والآن يمنعوننا من الوصول إلى الناقورة والبياضة، نحن محاصرون ومقيدون».

صيادون لبنانيون يفككون شبكة الصيد في مرفأ صور بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

صامدون في صور

وحال الصياد محمد أبو العينين ليس أفضل، يُخبرنا عن فترة الحرب: «بقيت هنا في صور، وعند كل تهديد بالإخلاء، أهرب إلى الميناء، حيث نلجأ نحن الصيادين ونختبئ إلى أن تنتهي جولة القصف المكثفة، وهكذا، بقيت إلى أن انتهت الحرب. أشكر الله أن منزلي لم يتضرر». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «خلال الحرب منعونا من الصيد والإبحار. تبلَّغنا رسمياً من قبل الجيش اللبناني بعدم الإبحار، التزمنا بالأمر ولم نخرج».

وتؤمّن مئات العائلات قوتها اليومي من البحر، لكنها أخيراً وجدت نفسها فجأة دون عمل، بعد أن تعطّل الصيد البحري خلال الفترة الماضية.

ولا تختلف حال الصيادين اليوم عن أحوال كل أبناء المدينة الذين يفتقرون لمقومات الحياة، «حالنا مثل حال أبناء المدينة؛ نعاني من أزمة انقطاع المياه والكهرباء»، يقول أحمد، مضيفاً: «نطلب من الدولة أن تنظر إلى حال الصيادين. معيشتنا متواضعة، ولا نملك سوى عملنا في البحر كي نربي أولادنا، لكن حالنا كانت أفضل بكثير في مرحلة ما قبل الحرب. نتمنى أن تنتهي الأزمة قريباً».