فنانة مصرية تعيد إحياء تراث الأقراط وجمالياتها تشكيلياً

كردان عش العروسة أحد المشغولات الذهبية المميزة (الشرق الأوسط)
كردان عش العروسة أحد المشغولات الذهبية المميزة (الشرق الأوسط)
TT

فنانة مصرية تعيد إحياء تراث الأقراط وجمالياتها تشكيلياً

كردان عش العروسة أحد المشغولات الذهبية المميزة (الشرق الأوسط)
كردان عش العروسة أحد المشغولات الذهبية المميزة (الشرق الأوسط)

في إطار توثيق ملامح الهوية عبر العلاقة بين المرأة والحلي الشعبية، تبحر الفنانة التشكيلية المصرية، أميمة السيسي، إلى الماضي، قاصدة التراث الشعبي المصري، لتستعيد صورة من صور الذاكرة البصرية، بما تحمله من جماليات وإبداعات.
وخلال معرضها «حلق وكردان» الذي يستضيفه غاليري أوديسي بالقاهرة حالياً، تحاول الفنانة بأدواتها التشكيلية إحياء أحد جوانب التراث المصري، ممثلا في المصاغ والمشغولات الذهبية الشعبية، وهي الإكسسوارات والحلي التي كانت المرأة المصرية قديما تتزين بها في الريف والصعيد والأحياء الشعبية، وأبرزها الكردان والأقراط (الحلقان).
ويعد الكردان بشكل خاص إحدى أيقونات الحلي الشعبية في الريف، وهو قلادة تصنع من الذهب أو الفضة، وتلبس حول الرقبة ويتدلى على الصدر، وكان منتشرا قديماً في دلتا وصعيد مصر.
يأتي المعرض كأحدث حلقات مشروع الفنانة، الذي تستلهم فيه من التراث ما يوثق لملامح الهوية المصرية، عبر رؤية تشكيلية حديثة ترصد بها ملامح اجتماعية أوشكت على الاندثار، محاولة إحياءها عبر المفردات التشكيلية، بعد أن قدمت من قبل رؤيتها للأبواب الخشبية القديمة والأزياء الريفية.

الحلق والكردان يكرسان جمال وأناقة المصرية (الشرق الأوسط)

وتقول صاحبة المعرض لـ«الشرق الأوسط»، «أعشق كل ما له علاقة بالقديم، ولدي شغف بجوانب الحياة المصرية وتراثها العريق، وهو ما ينعكس على موضوعات أعمالي، التي تحمل دوماً رسالة تتمثل في نقل التراث المصري أمام الثقافات الأخرى، وهذه المرة اخترت أن أعبر عن الحلي كجزء لا يتجزأ من الوضع الاجتماعي والحياتي في مصر، ورغم أني لم أغفل هذه الحلي عند تقديم بطلات لوحاتي في معارض سابقة؛ إلا أنني اخترت هذه المرة أن تكون بطلا للوحات، بما يعبر عن ملمح جديد من ملامح الحياة الشعبية، ومن بينها آثرت تقديم الحلق والكردان تحديداً بما يحملانه من جماليات وأناقة، تتميز بدقة صنعتها وثراء تفاصيلها، كما أن تصميمها يظهر التأثر بمفردات البيئة الريفية والشعبية».
وتوضح «لم أترك العنان لخيالي ليرسم الكردان والحلق؛ بل رسمت ما رأيت بالفعل، وهذا البحث أفادني لكي أنقل للمتلقي لمحة حقيقية من عالم واسع من الجمال، ومراعاة كافة الأشكال عند التعبير عنها، فمن خلال بحثي وجدت أن الأكثر شيوعا في الدلتا والصعيد، هو الكردان الهلالي الشكل، ومنه نجد الهلالي ذا الصف الواحد أو ثلاثي الصفوف، كما نجد له وظيفة اجتماعية أخرى في الثقافة الشعبية بخلاف التزين وهي درء الحسد في اعتقاد من ترتديه، كما وجدت أن كردان السمكة كان منتشرا في النوبة (جنوب مصر)، إضافة إلى كردان عش العروسة، وكذلك بالنسبة للأقراط، فمنها المخروطي (الخرطة) والذي كانت ترتديه عندما تتزوج، فيما تختلف الزينة الملحقة بالأقراط والتي كان يطلق عليها الدناديش، والتي نجدها دائرية أو مثلثة الشكل».
بخلاف الحلي، وظفت الفنانة الموتيفات الشعبية بشكل زخرفي على سطح اللوحات، حيث يطل الكردان بطلا بينما تظهر بجواره مفردات «الخمسة والخميسة» و«كف فاطمة» و«الخرزة الزرقاء» وغيرها. وتقول: «أدخلت مفردات حياتنا الشعبية، التي لها مدلولات اجتماعية في مصر، وكذلك الخطوط العربية عبر اختيار بعض الكلمات الشعبية، كما كتبت بعض الأبيات بالعامية المصرية إلى جانب الزخارف الفلكلورية، كما لجأت أحياناً إلى التعبير بالمشربيات والنخيل كملامح للمنازل المصرية في مختلف البيئات، وقمت بترتيب كل ذلك برؤيتي الخاصة، لتكون اللوحة متكاملة ومكثفة بجمعها كافة المفردات الحياتية، وبالتالي تظهر بمكوناتها كأنها تقص حدوتة شعبية متكاملة».
ونقلت أميمة ألوان الكردان والأقراط عبر الألوان الذهبية والفضية، كما اعتمدت على الألوان الدافئة، التي تفضلها دوماً في أعمالها، لنقل طبيعة البيئة الريفية الخلابة، كما تظهر الألوان الزاهية عبر ملابس المرأة، التي تطل عبر لوحات المعرض مرتدية الحلي في المناسبات المختلفة كالأعراس والأعياد، التي تتباهى فيها بما تملكه من مشغولات ذهبية وأزياء، وهو ما تطلب أن تكون الباليتة اللونية مستمدة من روح البهجة في تلك المناسبات.



باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
TT

باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)

تشكل الفكرة القائلة إنّ «المناطق الزرقاء» المشهورة في العالم بطول عمر سكانها وارتفاع نسبة المعمرين فيها، مجرد خدعة تستند إلى بيانات غير صحيحة، كما يؤكد أحد الباحثين.

هذه العبارة التي استُحدثت للإشارة إلى منطقة من العالم يقال إن سكانها يعيشون لفترة أطول من غيرهم ويتمتعون بصحة أفضل من قاطني مناطق اخرى. وكانت جزيرة سردينيا الإيطالية أوّل منطقة تُصنّف «زرقاء» عام 2004.

أدت الرغبة في العيش لأطول مدة ممكنة إلى ظهور تجارة مزدهرة، مِن وجوهها نصائح غذائية، وأخرى لاتباع أسلوب حياة صحي، بالإضافة إلى كتب وأدوات تكنولوجية ومكملات غذائية يُفترض أنها تساهم في طول العمر.

لكنّ الباحث البريطاني في جامعة يونيفرسيتي كوليدج بلندن سول جاستن نيومان، يؤكد في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ البيانات المتوافرة عن الأشخاص الأكبر سنّا في العالم «زائفة لدرجة صادمة جدا».

ودقق بحثه الذي يخضع حاليا لمراجعة، في البيانات المتعلقة بفئتين من المعمّرين: أولئك الذين تتخطى أعمارهم مائة عام، ومَن يبلغون أكثر من 110 سنوات، في الولايات المتحدة وإيطاليا وإنكلترا وفرنسا واليابان.

وفي نتيجة غير متوقعة، وجد أن «المعمّرين الذين تتخطى أعمارهم 110 سنوات» هم عموما من مناطق قطاعها الصحي سيئ وتشهد مستويات مرتفعة من الفقر فضلا عن أنّ سجلاتها غير دقيقة.

يبدو أنّ السر الحقيقي وراء طول العمر هو في «الاستقرار بالأماكن التي تُعدّ شهادات الميلاد نادرة فيها، وفي تعليم الأولاد كيفية الاحتيال للحصول على راتب تقاعدي»، كما قال نيومان في سبتمبر (أيلول) عند تلقيه جائزة «آي جي نوبل»، وهي مكافأة تُمنح سنويا للعلماء عن أبحاثهم التي تُضحك «الناس ثم تجعلهم يفكرون».

كان سوجين كيتو يُعدّ أكبر معمّر في اليابان حتى اكتشاف بقاياه المحنّطة عام 2010، وتبيّن أنه توفي عام 1978. وقد أوقف أفراد من عائلته لحصولهم على راتب تقاعدي على مدى ثلاثة عقود.

وأطلقت الحكومة اليابانية دراسة بيّنت أنّ 82% من المعمّرين الذين تم إحصاؤهم في البلاد، أي 230 ألف شخص، كانوا في الواقع في عداد المفقودين أو الموتى. ويقول نيومان «إن وثائقهم قانونية، لقد ماتوا ببساطة».

فالتأكّد من عمر هؤلاء الأشخاص يتطلّب التحقق من المستندات القديمة جدا التي قد تكون صحتها قابلة للشك. وهو يرى أن هذه المشكلة هي مصدر كل الاستغلال التجاري للمناطق الزرقاء.

* سردينيا

عام 2004، كانت سردينيا أول منطقة تُصنّف «زرقاء». وفي العام التالي، صنّف الصحافي في «ناشونال جيوغرافيك» دان بوتنر جزر أوكيناوا اليابانية ومدينة لوما ليندا في كاليفورنيا ضمن «المناطق الزرقاء». لكن في أكتوبر (تشرين الأول)، أقرّ بوتنر في حديث إلى صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه صنّف لوما ليندا «منطقة زرقاء» لأنّ رئيس تحريره طلب منه ذلك، إذ قال له عليك أن تجد منطقة زرقاء في الولايات المتحدة.

ثم تعاون الصحافي مع علماء سكان لإنشاء «بلو زونز» التي أضيفت إليها شبه جزيرة نيكويا في كوستاريكا وجزيرة إيكاريا اليونانية.

إلا أنّ سجلات رسمية لا تنطوي على موثوقية كبيرة مثل تلك الموجودة في اليابان، أثارت الشك بشأن العمر الحقيقي للمعمّرين الذين تم إحصاؤهم في هذه المناطق.

وفي كوستاريكا، أظهرت دراسة أجريت عام 2008 أن 42% من المعمرين «كذبوا بشأن أعمارهم» خلال التعداد السكاني، بحسب نيومان. وفي اليونان، تشير البيانات التي جمعها عام 2012 إلى أن 72% من المعمرين ماتوا. ويقول بنبرة مازحة «بقوا أحياء حتى اليوم الذي يصبحون اعتبارا منه قادرين على الاستفادة من راتب تقاعدي».

ورفض باحثون مدافعون عن «المناطق الزرقاء» أبحاث نيومان ووصفوها بأنها «غير مسؤولة على المستويين الاخلاقي والأكاديمي». وأكد علماء ديموغرافيا أنهم «تحققوا بدقة» من أعمار «المعمرين الذين تتخطى اعمارهم 110 سنوات» بالاستناد إلى وثائق تاريخية وسجلات يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر.

لكنّ نيومان يرى أنّ هذه الحجة تعزز وجهة نظره، ويقول «إذا انطلقنا من شهادة ميلاد خاطئة منسوخة من شهادات أخرى، فسنحصل على ملفات مترابطة جيدا... وخاطئة بشكل تام».

ويختم حديثه بالقول «كي تعيش حياة طويلة، ما عليك أن تشتري شيئا. استمع إلى نصائح طبيبك ومارس الرياضة ولا تشرب الكحول ولا تدخن... هذا كل شيء».