تقوم وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية المتنقلة المضادة للطائرات بمطاردة الطائرات والصواريخ الروسية كل يوم فوق أجواء أوكرانيا، في الوقت الذي تشكل فيه الهجمات الجوية على المدن والبنية التحتية المدنية الأوكرانية جزءاً من استراتيجية الشتاء للجيش الروسي. وتلعب هذه الوحدات، وفق قائد عسكري أوكراني، دور الملائكة الحراس لكييف، وفق تقرير نشرته أمس (السبت) صحيفة «لوموند» الفرنسية.
ويعطي التقرير مثالاً عن شن جيش موسكو، الجمعة 10 فبراير (شباط)، هجوماً جوياً كبيراً جديداً على مدن في أوكرانيا. فبحسب هيئة الأركان الأوكرانية، استهدف 71 صاروخاً روسياً من نوع «كروز» و31 صاروخ «أرض - أرض» و7 طائرات «كاميكازي» التي تعمل من دون طيار، أراضي أوكرانيا. وقد استطاع الدفاع الجوي الأوكراني إسقاط 61 صاروخ «كروز»، وخمس طائرات من دون طيار أثناء الطيران، لكن منطقتي زابوريجيا (جنوب أوكرانيا) وخاركيف (شمال شرقي البلاد) تأثرتا بشكل خاص بالصواريخ التي أفلتت من الدفاع الجوي الأوكراني، وضُربت مواقع للطاقة في ست مناطق، كما أن 10 صواريخ روسية طالت العاصفة كييف.
رسائل سياسية
شكلت الهجمات الجوية الروسية على المدن والبنى التحتية المدنية جزءاً من استراتيجية الشتاء للجيش الروسي منذ موجة القصف في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2022. في ذلك الوقت، كانت موسكو قد سجلت للتو هزيمتين ساحقتين في ساحة المعركة، مع إعادة احتلال إيزيوم ثم ليمان، في شمال شرقي البلاد، على يد القوات الأوكرانية، وفق تقرير «لوموند».
ولمدة أربعة أشهر، تستمر روسيا في إطلاق الصواريخ على فترات منتظمة نحو أوكرانيا. وقد حرمت ملايين الأوكرانيين من الكهرباء والتدفئة. كما أن الهجمات هي أيضاً رسالة سياسية في بعض الأحيان؛ ففي حين أن آخر صاروخ أطلقته روسيا على كييف جاء بعد إعلان ألمانيا عن اتفاق بشأن شحنات الدبابات إلى أوكرانيا، وقع هجوم الجمعة على أوكرانيا في اليوم التالي لجولة أوروبية قام بها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي حث فيها حلفاءه على إمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى وطائرات مقاتلة.
وقد أشار التقرير إلى أن مواجهة أبناء كييف هذه الهجمات الصاروخية الروسية، تعتمد إلى حد كبير على عمل وحدات الدفاع الجوي، وعلى دفاعات الأنظمة الواردة من حلفاء أوكرانيا.
الحاجة إلى المزيد من الذخائر
يقول الضابط «كانساس» في الفوج 1129 المضاد للطائرات ﻟ«لوموند» إن كييف مدينة آمنة تقريباً الآن، على الرغم من عدم تمكن النظام المضاد للطائرات من اعتراض جميع الأهداف. المشكلة، حسب قوله، «تكمن في عدد البطاريات والذخائر المضادة للطائرات التي حصلت عليها أوكرانيا». ويوضح: «سنحتاج إلى المزيد (من الذخائر المضادة للطائرات) لحماية جميع مدن البلاد، مثلما نحمي مدينة كييف».
ويشير إلى أن هجوم الجمعة على زابوريجيا، أصابها بـ17 صاروخاً، «وهو العدد الأكبر منذ بداية الحرب»، حسب ما أفاد به مجلس المدينة.
يروي القائد العسكري في الدفاع الجوي الأوكراني، كيف يتعرف الدفاع المضاد للطائرات الأوكراني على كل صاروخ «كروز» يتم إطلاقه، وكل طائرة قاذفة روسية تحلّق، ثم تصدر التنبيهات على الفور، سواء من خلال مكبرات الصوت، أو من خلال تطبيق على الهواتف المحمولة، بينما يتم إخبار الوحدات المتنقلة مثل تلك الخاصة بالوحدة 1129، المنتشرة في جميع أنحاء أوكرانيا، بما إذا كانت ستطلق صاروخاً مضاداً للطائرات أم لا، اعتماداً على مسار الهدف.
ويشرح القائد العسكري في الدفاع الجوي الأوكراني قائلاً: «لدينا، اعتماداً على نوع الصاروخ، ما بين دقيقتين وثلاثين دقيقة لاعتراض الصاروخ». والأسوأ، حسب الضابط، هو أنه عندما «تطلق طائرات ميغ 41 الروسية صواريخ كينغال... يصعب (عندئذ) رصد هذه الصواريخ، لأنها سريعة وقادرة على الوصول إلى كييف في أقل من دقيقتين».
مشاكل هجمات موسكو الصاروخية
يقول الضابط «كانساس»، إنه يرى أنه إضافة إلى أن تسليم أنظمة الدفاع الجوي الغربية إلى أوكرانيا سيكون نقطة تحوّل في الحرب، فإن الجيش الروسي لديه «مشكلات مع مخزونات الصواريخ عالية الجودة».
ويشير «كانساس» إلى حقيقة أنه مقارنة بالصواريخ اﻟ84 التي تم إطلاقها على كييف في 10 أكتوبر 2022، فإن هجوم 10 فبراير يتعلق بإطلاق 10 صواريخ (بدل 84) على العاصمة (ما يدل على تراجع مخزون هذه الصواريخ عند الروس).
ويلفت الضابط الأوكراني، في وصفه مشكلات الهجمات الصاروخية الروسية، إلى أن «بعض الصواريخ (الروسية) تسقط أحياناً على الأراضي الروسية، في إشارة إلى أن هذه الصواريخ (الروسية) يجب أن تكون آتية (بالتالي) من مخزونات قديمة منتهية الصلاحية...»، مشيراً أيضاً إلى حاجة موسكو كذلك إلى استخدام طائرات «كاميكازي» الإيرانية التي تعمل من دون طيار.